ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم (الحلقة الرابعة عشرة)
أ.د. إسماعيل خليل إبراهيم
نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
البطولة الثالثة عشرة – المكسيك / 1986
هي البطولة رقم 13 في تاريخ بطولات كأس العالم لكرة القدم ، في عام 1976 اختار الاتحاد الدولي لكرة القدم كولومبيا لاستضافتها بناءً على طلبها لكن السلطات الكولومبية أعلنت في تشرين الثاني عام 1982 عدم استطاعتها تحمل نفقات أستضافة كأس العالم لأسباب اقتصادية ليتم يوم 20 مايو 1983 اختيار المكسيك لاستضافة الكأس بعدما لاقى ملفها استحساناً كبيراً وتغلب على ملف كل من كندا والولايات المتحدة وبذلك أصبحت المكسيك أول دولة تستضيف بطولتين من كأس العالم بعد بطولة عام 1970. في سبتمبر عام 1985 وقبل ثمانية أشهر من المونديال ضرب زلزال شديد المكسيك وألقى ظلالاً من الشك حول قدرة المكسيك على استضافة البطولة لكن الملاعب لم تتأثر وقررت المكسيك المضي قدما في استعداداتها للبطولة التي أقيمت في الفترة من 31 مايو وحتى 29 يونيو .
نظراً لإعلان الأمم المتحدة أن سنة 1986 هي السنة الدولية للسلام عُرِضَت على لوحات الإعلانات في جميع الملاعب شعارات الفيفا والأمم المتحدة جنبا إلى جنب وهي ( كرة القدم من أجل السلام – السلام العام ) ، وتم تصميم شعار كتب باللغتين المكسيكية و الإنكليزية معناه باللغة العربية ( كرة القدم تُوَحِد العالم ) . أما التميمة الرسمية لكأس العالم 1986 فهي ( بيكي ) أريد من خلالها إظهار هوية المكسيك التي تشتهر بالفلفل الحار الذي يعد من علاماتها حيث ظهرت صورة الفلفل الحار وهو يرتدي القبعة المكسيكية الشهيرة ( سومبريرو ) إضافة إلى شارب طويل يشتهر به رجال المكسيك وتوجد كرة بجانب يده اليمنى .
ثلاثة منتخبات تأهلت لكأس العالم لأول مرة هي كندا والدانمارك والعراق ، تأهل كندا جاء بعد فوزها في المباراة النهائية على هندوراس 2-1 في سانت جونز . لعب منتخبنا جميع مبارياته على أرض محايدة بسبب الحرب بين إيران والعراق و خاض مباراتي التأهل الحاسمتين أمام سوريا حيث جرت الأولى على ملعب العباسيين في دمشق وانتهت بالتعادل دون أهداف ، بينما جرت المباراة الثانية الفاصلة في الطائف وفاز فيها منتخبنا بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف واحد ليتأهل للنهائات . سجل أهداف منتخبنا كل من ( حسين سعيد و شاكر محمود و خليل محمد علاوي ) .
شهدت البطولة تأهل ثلاث منتخبات عربية هي العراق لأول مرة في تاريخه ، والجزائر والمغرب . واستطاع منتخب المغرب التأهل لدور الستة عشر ليصبح أول منتخب عربي وإفريقي يصل لهذا الدور .
ترشحت عن أوربا منتخبات إيطاليا حاملة لقب البطولة السابقة و ألمانيا الغربية و بولندا و فرنسا و انكلترا و الاتحاد السوفيتي و أسبانيا و الدانمارك و بلجيكا و المجر و ايرلندا الشمالية و البرتغال و اسكتلندا و بلغاريا . وعن أمريكا الجنوبية الارجنتين و البرازيل و الارغواي و البارغواي ، وعن أمريكا الشمالية المكسيك مستضيفة البطولة و كندا وعن أسيا العراق و كوريا الجنوبية وعن أفريقيا الجزائر و المغرب .
تغير نظام البطولة عن البطولة السابقة عام 1982 ، حيث تأهل 24 منتخب للنهائيات و تم تقسيم المنتخبات لست مجموعات بحيث يصعد للدور الثاني أول و ثاني كل مجموعة بالإضافة لأحسن أربعة منتخبات أصحاب المركز الثالث ، كما قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم إقامة مباريات الجولة الثالثة من المباريات في كل مجموعة في وقت واحد لمنع التلاعب بنتائج المباريات .
لعب المنتخب العراقي في المجموعة الثانية مع منتخبات المكسيك و بارغواي و بلجيكا و خسر جميع مبارياته أمام المكسيك و البارغواي بنتيجة هدف واحد مقابل لاشيء وأمام بلجيكا بنتيجة هدفين مقابل هدف واحد سجله المرحوم ( أحمد راضي ) ، و استطاع المنتخب الجزائري أن يحقق نقطة واحدة من تعادل أمام إيرلندا الشمالية بهدف واحد سجله ( جمال زيدان ) ، بينما احتل منتخب المغرب المركز الأول في مجموعته وجمع أربع نقاط من تعادلين أمام بولندا و انكلترا بدون أهداف وفوز على البرتغال بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد سجلها ( عبد الرزاق خيري هدفان و عبد الكريم ميري هدف واحد ) . ليكون أول منتخب عربي أفريقي يتأهل إلى الدور الثاني في تأريخ البطولة ، لكنه واجه مباراة صعبة في الدور الثاني أمام ألمانيا الغربية و خسر بهدف دون مقابل .
ترشحت لدور الستة عشر منتخبات الارجنتين وإيطاليا عن المجموعة الأولى و المكسيك و باراغواي عن الثانية و الاتحاد السوفيتي و فرنسا عن الثالثة و البرازيل و أسبانيا عن الرابعة و الدانمارك و ألمانيا الغربية عن الخامسة و المغرب و انكلترا عن المجموعة السادسة ، فيما ترشحت منتخبات بلجيكا و بولندا و بلغاريا و الارغواي كأفضل من احتل المركز الثالث . وترشحت لدور الثمانية منتخبات الارجنتين و انكلترا و إيطاليا و بلجيكا و البرازيل و فرنسا و ألمانيا الغربية و المكسيك . في دور الثمانية حسمت ثلاث
مباريات من أصل أربعة بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي و الإضافي بالتعادل إذ تغلبت فرنسا البرازيل وتخطّت ألمانيا الغربية المكسيك و فازت بلجيكا على إسبانيا ، فيما فازت الارجنتين على انكلترا بهدفين مقابل هدف واحد .
في الدور نصف النهائي فازت الارجنتين على بلجيكا بهدفين دون رد و ألمانيا الغربية على فرنسا بالنتيجة ذاتها فترشح الفائزان للمباراة النهائية و الخاسران لمباراة تحديد المركزين الثالث و الرابع .
أقيمت المباراة النهائية بين منتخبي ألمانيا الغربية و الارجنتين على ملعب ( أزتيكا ) في العاصمة مكسيكو سيتي بتاريخ 29 حزيران 1986 وحضرها أكثر من مئة وأربعة عشر ألف متفرج .
افتتح ( خوسيه لويس براون ) التسجيل للأرجنتين في الدقيقة الثالثة والعشرين بضربة رأس بعد ركلة حرة من الجهة اليمنى وبقيت النتيجة على حالها حتى نهاية الشوط الأول . بعد عشرة دقائق من الشوط الثاني ضاعف ( خورخي فالدانو ) تقدم الأرجنتين بتسجيله الهدف الثاني ، و سجل ( كارل هاينتس رومنيغه ) الهدف الأول لألمانيا الغربية في الدقيقة الرابعة والسبعين وهو هدفه الأول في البطولة ، ثم أدركت ألمانيا الغربية التعادل في الدقيقة الثالثة والثمانين عن طريق ( رودي فولر ) . وبينما كانت المباراة في لحظاتها الأخيرة سجل ( خورخي بوروتشاجا ) هدف الارجنتين الثالث لتفوز بلاده بكأس العالم للمرة الثانية في تأريخها . إشهر حكم المباراة البرازيلي ( روموالدو أربي فيلهو ) ست بطاقات صفراء في هذه المباراة وهو رقم قياسي اثنتان منها بسبب إضاعة الوقت . بهذه النتيجة باتت ألمانيا الغربية ثاني منتخب بعد هولندا يصل إلى نهائي كأس العالم مرّتين على التوالي ويفشل برفع الكأس في أي منها إذ خسر الألمان نهائي النسخة السابقة 1982 أمام إيطاليا وفي كأس العالم 1986 خسرت أمام الأرجنتين بينما خسرت هولندا نهائي 1974 أمام ألمانيا الغربية و 1978 أمام الأرجنتين .
أحرزت فرنسا المركز الثالث بفوزها على بلجيكا بأربعة أهداف مقابل هدفين في الوقت الإضافي .
من الاحداث الغريبة و الطريفة التي حصلت في البطولة : كان على اسكتلندا الخروج أمام ويلز بنقطة التعادل على الأقل في التصفيات من أجل ضمان الوصول إلى مباراة الملحق المؤهل للنهائيات وبالفعل حقق لاعبو المدرب ( جوك ستين ) التعادل في ملعب ويلز ، لكن قلب المدرّب لم يحتمل فرحة التعادل فأصيب بأزمة قلبية فور إطلاق الحكم صافرة النهاية ، أزمةٌ أودت بحياته بعد ذلك بساعات .
احتشد أكثر من مئة وأربعة عشر ألف متفرّج في ملعب الآزتيكا بالمكسيك لمشاهدة المباراة النهائيّة لكأس العالم 1986 وهو رقم قياسي لمباراة نهائيّة في كأس العالم إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن اللقاء الختامي بين الأوروغواي والبرازيل في الماراكانا عام 1950 لم يكن مباراة نهائيّة بسبب نظام البطولة تلك بل كانت المباراة الأخيرة في المجموعة حيث اجتمع في ذاك اللقاء أكثر من 200 ألف متفرّج .
أسرع حالة طرد في البطولة كانت بعد مرور خمس وخمسون ثانية من لقاء اسكتلندا والأوروغواي عندما رفع الحكم الفرنسي ( جويل كينيو ) البطاقة الحمراء في وجه مدافع الارغواي ( خوسيه باتيستا ) في المباراة التي جرت يوم 13 يونيو .
سجل لاعب الوسط الايطالي ( أليساندرو ألتوبيلي ) الهدف الافتتاحي لكأس العالم 1986 قبل دقيقة واحدة من نهاية الشوط الأول لمباراة إيطاليا و بلغاريا التي انتهت بالتعادل بهدف واحد . أما أخر أهداف البطولة فسجله الارجنتيني ( خورخي بوروتشاجا ) في الدقيقة الثالثة والثمانون من وقت المباراة النهائية .
اخترعت جماهير مونديال المكسيك حركة ( الموجة ) إذ يشارك كافّة المشجّعين برفع أيديهم وخفضها لتكوين حركة جماعية على شكل موجة تجتاح مدرّجات الملعب .
سجّل ( مارادونا ) هدفين تاريخيين في مرمى انكلترا في كأس العالم 1986، الأول كان بيده واحتسب الحكم التونسي ( علي بن ناصر ) الذي أدار تلك المباراة هدف مارادونا بالرغم من عدم قانونيته لعدم رؤية الحكم ليد مارادونا عندما ضرب الكرة بيده ودخولها المرمى ، لكن مارادونا قَدَمَ أعتذاره للحكم في زيارة منه لبيت الحكم في تونس . بينما كان الثاني أجمل هدف في تاريخ كأس العالم من وجهة نظر الكثيرين بعد أن راوغ بنجاح جميع لاعبي منتخب انكلترا الذي واجهوه و الحارس وأودع كرته المرمى .
سجّل لاعب واحد أهداف إيطاليا الأربعة في كأس العالم 1986 وهو ( أليساندرو ألتوبيلي ) ، إذ هزّ شباك كوريا الجنوبية مرّتين وسجّل هدفا على كل من بلغاريا والأرجنتين .
في ثاني مبارياته بالمجموعة الثانية لبطولة كأس العالم 1986 التقى المنتخب العراقي بمنتخب بلجيكا وفي الشوط الثاني للقاء قام الحكم الكولومبي ( خيسوس دياز ) بإشهار البطاقة الحمراء للاعب المنتخب العراقي ( باسل كوركيس ) بسبب بصقه على الحكم . وبعد المباراة تمت مراجعة شريط اللقاء ليتبين أن زميله ( سمير شاكر ) هو من قام بالبصق على الحكم ليقرر الفيفا إيقاف اللاعب لمدة عام وهي أطول مدة إيقاف في تاريخ المونديال .
حصل ( مارادونا ) على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في البطولة ، وذهب الحذاء الذهبي لهداف البطولة ومنتخب إنجلترا ( غاري لينيكر ) الذي سجل ستة أهداف . ونال البلجيكي ( إينزو شيفو ) لقب أفضل لاعب شاب خلال هذه البطولة ، وحصل منتخب البرازيل على جائزة اللعب النظيف .