الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية

سياسات وممارسات الكيان الصهيوني
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
سوف أعرض للقارئ في هذا المقال خلاصة لرأي محكمة العدل الاستشاري في ضوء طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا منها حول ممارسات الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتغيب الكيان عن حضور الجلسات واكتفى بتقديم مذكرة تطالب المحكمة برفض إصدار رأي بشأن القضية.
إلا أن المحكمة اتخذت بالإجماع رأيا بأن جميع الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 تعتبر وحدة واحدة لا تقبل التجزئة وتحت السيادة الفلسطينية خلافا لما يدعيه المحتل بشأن انتشارها من غزة عام (2005) أو ضم القدس غير الشرعي. كما اعتبرت المحكمة أن قطاع غزة جزأ لا يتجزأ من أراضي فلسطين المحتلة وفقا لقواعد لاهاي (1907) الأمر الذي يفرض على الكيان المحتل التزامات قانونية كقوة محتلة تجاه غزة ومن بينها، على الكيان احترام معاهدات حقوق الإنسان في الأراضي التي احتلتها ومنذ عام (1967) والعهدان الدوليان لعام (1966) الأمر الذي يفرض على الكيان التعويض عن الإضرار التي سببها نتيجة هذا الاحتلال.
كما تضمن الرأي أن الاحتلال المستمر طيلة (57) عاما هو حالة مؤقتة ويجب ألا يستمر وأن بقاء الحالة لأتغير الوضع القانوني للأراضي المغتصبة والمحتلة. وتقيم ممارسات الكيان وسياسته طويلة الأمل بما في ذلك الاستيطان غير القانوني والسيطرة على الأراضي الفلسطينية ومواردها الطبيعية واستخدام وانتهاك حق تقرير المصير والاستياء على الأراضي والتمييز العنصري في الأراضي الفلسطينية. وجرائم المستوطنين التي تشمل مصادرة الأراضي ونقل المستوطنين إليها ونفي الفلسطينيين منها والذي يعد مخالفة صريحة للاتفاقية الرابعة (1949) وفشل الكيان في محاسبة جرائم الصهاينة عليها.
تقيم ممارسات الكيان الصهيوني وتأثيرها على الوضع القانوني للأراضي المحتلة والسياسات التي تودي إلى تغيير التركيبة السكانية لمدينة القدس. واعتبرت المحكمة عدم شرعية ضم الكيان للأراضي الفلسطينية المحتلة واستمرار السيطرة عليها مخالفا لنصوص ومبادئ القانون الدولي.
وتضمن قرار المحكمة الكيان:
(1) إنهاء الاحتلال.
(2) وقف الاستيطان والتمييز العنصري.
(3) أعادة الوضع قبل عام 1967
(4) تفكيك المستوطنات والجدار.
(5) عودة المهجرين.
كما تضمن قرار المحكمة مسؤولية المجتمع الدولي بما في ذلك مجلس الأمن والجمعية العامة والمجتمع الدولي بمنح الفلسطينيين تقرير المصير وعدم الاعتراف التي أجراها الكيان منذ 1967 وضرورة التزام الكيان باتفاقية جنيف الرابعة.
واللافت للنظر أن الرأي الاستشاري للمحكمة قد تضمن اجتهادا تجاوز نطاق طلب بيان الرأي في وقت مازال تعثر تطبيق القانون الدولي وأحكامه وعدم وجود قوة نفاذ هذا القانون وتواجد صعوبات واختلافات ومحاور كثيرة تشكل عائقا ومعضلة عدم تطبيق أحكام هذا القانون والمواد التي وردت فيه. وبالرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات معترف بها دوليا فأن المحكمة لا يمكن لها أن تضع قوانين دولية لأنها ليست مشرعا وأنمى تفسر وتوضح قواعد القانون الدولي الإنساني وهذا ما قامت به المحكمة لأنها لا تملك إلا ابداء الرأي والمشورة فقط.
وسبق للجمعية أن طلبت من المحكمة رأيا استشاريا بشأن تطبيق المادتين (96) من ميثاق الأمم المتحدة والمادة (65) من النظام الأساسي للمحكمة بشأن التبعات القانونية الناجمة عن انتهاكات الكيان الصهيوني وتغيير الوضع لمدينة القدس الشريف واعتماده تشريعات وإجراءات أحادية وهمجية وكيف يؤثر ذلك على الوضع القانوني للاحتلال.
أن رأي المحكمة الاستشاري ليس له صفة الوجوب والإلزام لأنها لا تفصل في نزاع قضائي، بل أنها تعرض رأيا في موضوع تعددت فيه الآراء واختلفت، الأ أن له تأثير كبير على المستوى الدولي والإقليمي.
ويلاحظ أن المحكمة برأيها الاستشاري تعزيز ومساندة للمواقف الدولية القانونية والسياسية هو بمثابة مزيدا من الضغط على الكيان لإنهاء احتلاله الأراضي الفلسطينية. وتفتح أبواب الدعم والمناصرة للمنظمات الدولية للتحرك الدولي والضاغط باتجاه إدانة العدوان الصهيوني لارتكابه جرائم الإبادة الجماعية والتهجير ألقسري ونهب ممتلكات الشعب الفلسطيني. ومن المفيد جدا توجيه أصحاب الممتلكات رفع دعاوى ضد المحتل لهدمه وتجريفه ونهبه أموال الفلسطينيين وكذلك التعويض العادل لشهداء القصف والعدوان الصهيوني عن كل جرائمه التي لم ولن تسقط بالتقادم القانوني وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والجمعية العامة للأمم المتحدة.