خيبة أمل
محمد العبيدي ، عضو لجنة الشباب والرياضة ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
لا شك أن إخفاق المنتخب الوطني في تحقيق النتائج المرجوة منه والخروج خالي الوفاض من نهائيات كأس آسيا 2019 لكرة القدم الجارية أحداثها في الإمارات حتى الأول من الشهر المقبل له العديد من الأسباب والمسبّبات والجزء الأكبر منها نتاج تراكمات سابقة والجزء الآخر منها كان بالإمكان تجاوزه ودخول المعترك الآسيوي بالحد الأدنى من الجاهزية.
كان يفترض أن يتم العمل على توظيف امكانيات اللاعبين بأفضل صورة ممكنة سيما أنهم نخبة من خيرة اللاعبين الواعدين وفي كافة المراكز، وكان من الممكن جداً تحقيق نتائج إيجابية والوصول الى منصة التتويج بالنسخة الحالية بسبب الظهور الباهت وتقهقر المستوى الفني لمنتخبات القارة وخصوصاً تواضع أداء الفرق التي كانت مرشحة للتنافس على اللقب القاري ومنها استراليا حاملة اللقب والوصيف كوريا الجنوبية والسعودية وحتى اليابان لم تقدم المستوى المتوقع منها.
غياب الكفاءة الإدارية وسوء التنظيم والتخبط الموجود في منظومة اللعبة من أهم المؤشرات التي تعاني منها الرياضة العراقية وكرة القدم على وجه الخصوص، أضف الى ذلك انعدام التخطيط وغياب البرامج سواء كان على مستوى المسابقات المحلية أو على مستوى التحضير للبطولات والاستحقاقات الخارجية وتهيئة المعسكرات التدريبية والمباريات الودية وتجهيز اللاعبين وفق سياق عمل ومناهج باتت بديهية ومعروفة حتى في الفرق الشعبية.
ليس هذا فحسب، بل صار من الطبيعي اعتماد معايير تسمية الجهاز الفني في العراق بالدرجة الأولى على مقدار الفائدة التي ستعود على المشاركين في هذه التسمية، وكم من المبالغ سيجني الوسطاء ورفاقهم بالتنسيق مع وكيل أعمال هذا المدرب أو ذاك.
من المؤسف جداً إننا نمتلك هذه المجموعة الرائعة من اللاعبين، لكنها تعاني من من تواجد أجهزة إدارية تجهل قيمتها الحقيقية وتفتقر لأدنى درجات القدرة على إدارة شؤون اللعبة.
نعم مَرّ العراق بظروف صعبة للغاية ومراحل استثنائية ما زالت تداعياتها لم تنته حتى اليوم، وحصار كروي أثّر بشكل مباشر على الكرة العراقية وعرقل مسيرتها بيد إن المنطق والتجارب تؤكد بما لا يقبل اللبس أن معدن الرجال يظهر في الظروف الصعبة وبطبيعة الحال يفرض الواقع خياراً واحداً لا غير أمام من يتصدّى للمسؤولية وهو العمل بجهود مضاعفة بنكران ذات والتسابق مع الزمن بهدف التعويض ومن ثم محاولة اللحاق بركب الآخرين.
هذه الخامات الواعدة من اللاعبين الشباب الموهوبين والمفعمين بالحماسة والروح القتالية والمهارة الكروية ثروة تتمنّاها أكبر الدول وأغناها.
هذه النخبة من الطاقات الشبابية الخلاّقة بحاجة ماسة لمن يوفر لهم ابجديات ممارسة اللعبة والمشاركة اللائقة وتمثيل الوطن بصورة مشرفة.
الى متى يبقى اللاعبون يعانون من قلّة الدعم والاهمال واستغلالهم عبر اقحامهم في المنافسات ومطالبتهم ببذل الغالي والنفيس من أجل اسم الوطن؟
الى متى يستمر الضحك على الذقون واللعب بمشاعر الجماهير وإيهامهم بوجود منتخب سيتمكن من مقارعة منافسيه وزجّه في المحك وهو أعزل لا يمتلك شيئاً من أسلحة الإعداد والتجهيز، ولا حتى مسابقة محلية منظّمة بما يليق باسم ومكانة الكرة العراقية؟
واقع كرة القدم في العراق بحاجة الى إعادة تنظيم وأكثر من عملية استئصال لمنابع الفساد الإداري والمالي وإنقاذ هذا الجيل وما يتبعه من أجيال تُمنّي النفس في إتاحة الفرصة أمامها لتأخذ طريقها بالشكل الصحيح.
الكرة العراقية بحاجة لثورة حقيقية وجهود جبارة وتخطيط ستراتيجي بعيد المدى من خلال استلهام طاقات الشباب وتنمية مواهبهم بكل الطرق والوسائل الممكنة والأهم من كل ذلك هو تسخير إمكانيات الدولة بأعلى مستوياتها.