اللجنة القانونية

حل الدولتين متى وكيف والى أين؟

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

أن بداية مصطلح حل الدولتين روج له كمقترح لهذا الحل بعد نكسة حزيران 1967 ثم كثر الحديث عنه أثناء الصراع العربي الإسلامي مع الكيان الصهيوني وبعد النكسة بدأت وسائل الأعلام وبالذات إعلام دول الغرب الاستعماري الترويج لهذا الحل من اجل تسوية وإنهاء الصراع العربي الصهيوني. وخلاصة حل الدولتين مر بمراحل تاريخية أولها تخلي العرب عن تحرير كامل فلسطين وقيام دولتين في فلسطين التاريخية دولة فلسطين ودولة الاحتلال الصهيوني وسيطرة الكيان على باقي الأراضي الفلسطينية وتضمن الحل تقسيم الأراضي الفلسطينية التاريخية إلى نصفين الأول لدولة الاحتلال الذي أسس كيانه عام (1948) والنصف الثاني لدولة فلسطين.

والمقصود هنا انسحاب الكيان من الأراضي أحتلها بعد نهاية حزيران (1967). ومنذ الاحتلال الصهيوني نشطت وتحركت المواقف الدولية والإقليمية تطالب بحل الدولتين وحظي الحل بتأييد الكثير من الدول ومن ضمنها غالبية الدول العربية والإسلامية وعددا من الفصائل الفلسطينية.

ثم صدرت قرارات أممية منها القرار رقم 181 لسنة 1947 الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي تضمن تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام وكيانات ضمن دولتين ومنظمة دولية وتأسيس دولة عربية فلسطينية. تضم مدن عكا والضفة الغربية والجليل العربي والساحل الجنوبي الممتد من رفح جنوبا حتى شمال مدينة أسدود إضافة إلى أجزاء من صحراء النقب على طول الشريط الحدودي مع جمهورية مصر العربية. ودولة يهودية تمتد من جنوب مدينة تل أبيب إلى السهل الساحلي لمدينة حيفا وبحيرة طبريا وصحراء السبع وأيلات حاليا ومدينة حيفا جنوب القدس الشريف وجميع الأراضي الفلسطينية المجاورة لها تحت الوصاية الدولية.

وهذا القرار صوت عليه 33 مندوب دولة ورفضته 13 دولة وامتنعت بقية الدول لا سباب مختلفة. ثم صدر قرار أممي مجلس الأمن الدولي (242 لسنة 1967) كحل وسط بدلا من القرارات السابقة التي لم تحصل الموافقة عليها لعدم توافق الدول التي تملك حق النقض وبالذات أمريكا والاتحاد السوفيتي.

هذا القرار صيغ من قبل المندوب البريطاني لدى مجلس الأمن الذي أشترط عدم التعديل أو التغير في مضامينه ويعني ذلك أن يقبل كما هو أو يرفض.

 1 ـ هذا القرار تضمن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة دون الإشارة إلى الانسحاب من جميع الأراضي التي احتلت بعد حرب عام 1967

2 ـ نص القرار على احترام سيادة الدول في المنطقة وإنهاء حالة الحرب.

 3 ـ تضمن القرار ضمنيا الاعتراف بدولة إسرائيل.

 4 ـ لم يشير القرار إلى حل القضية الفلسطينية حيث أعتبرها مشكلة لاجئين.

 أن الكيان الغاصب أعتبر هذا القرار اعترافا ضمنيا به إضافة أن القرار لم يتضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتحرير أراضيه أو العودة إليها. ويعد هذا القرار بالنسبة لأغلبية الفصائل الفلسطينية انتصارا سياسيا لأنه القرار الدولي   الذي يطالب المحتل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية. وبعد مضي عدة سنوات تم التوقيع على اتفاقية أوسلو من قبل الراحل ياسر عرفات ممثلا عن منظمة التحرير الفلسطينية وشمعون بيريز وزير الخارجية آنذاك.

وجاء في الاتفاقية التي وقعت في عام 1993 في واشنطن على إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي إلى إقامة دولة فلسطينية مجاورة إلى جانب دولة إسرائيل في عام 1999. وفي ضوء ذلك تأسست لجنة رباعية عام 2003 في الشرق الأوسط تتولى حل المعضلات والمشاكل بين السلطة الفلسطينية والكيان المحتل ومن أبرز قراراتها رسم خارطة طريق تنص على:

 1ـ أقامة دولة فلسطينية في حلول عام 2005.

 2 ـ مقابل وقف الانتفاضة.

 3ـ التزام إسرائيل بوقف عمليات الاستيطان اليهودي في أراضي فلسطين المحتلة.

 وعلى الرغم من التأييد الكبير لمقترح (حل الدولتين) وإجماع عام من والمؤسسات الأممية والدولية غير الحكومية. إلا أن هذا المقترح واجه تحديات كبيرة بين الأطراف المعنية بهذا المقترح إلا وفق الصيغة المناسبة له وأطراف أخرى لا تؤمن إلا بدولة واحدة.

لقد أيدت معظم دول العالم بما فيها الدول العربية والإسلامية التي دعت قوات الاحتلال الانسحاب من الأراضي الفلسطينية التاريخية التي احتلتها بعد حرب 1967. وأيدت الأمم المتحدة هذا الحل ومنحت دولة فلسطين صفة العضو المراقب. كما نال هذا الحل تأييد الاتحاد الأوربي وأمريكا أن (حل الدولتين هو الحل الوحيد والممكن من أجل تحقيق السلام) تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

وبالمقابل رفضت حركة المقاومة حماس تقطيع الأراضي الفلسطينية التاريخية وأي محاولة للاعتراف بدولة إسرائيل. إلا أن الحركة أعلنت موافقتها في بدايات 2017 على قيام دولة فلسطين عاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967 ورفضت الاعتراف بالكيان الصهيوني وأنها عازمة على تحرير كامل الأراضي الفلسطينية.

وردا على ذلك رفضت الجماعات الصهيونية المتطرفة ودعت إلى إبادة الفلسطينيين والعرب. وترك مقترح حل الدولتين إلى الجمود ولأسباب كثيرة بسبب تعنت الكيان الصهيوني الذي لا يقر ولا يعترف أصلا بدولة فلسطين تاريخا وحضارة وشعب عربي بسبب الدعم والتأييد الكامل ماديا ومعنويا وتسليحا ومشاركة في العدوان.

أن الحرب على غزة حركت السكون وفتحت الأبواب لحل الدولتين وبدأ المجتمع الدولي بهيأته الدولية والإقليمية وفي المقدمة منها هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوربي ودول أوربية ذات نفوذ تدعو بضرورة وقف أطلاق النار الفوري والعودة إلى العمل بحل الدولتين وتطبيقه. الذي يوفر أرضية خصبة لإيقاف الحرب وضمان حقوق الشعب العربي الفلسطيني. فهل يركع ويقر هذا الكيان المارق بهذا الحل؟ لا أظن ذلك لان بنائه باطل وغاصب ومعتدي وقاتل للأطفال والنساء وكل ما هو حي وحضاري وأنساني. وخير مثال القصف الشديد المتعمد منذ أيام على مدينة رفح ومدن أخرى وسقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى. فهل يعقل أن يأمل العالم والمجتمع الدولي والإنساني قبول (حل الدولتين) من قبل الكيان الصهيوني المتغطرس الذي يتحدى العالم بأسره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى