المادة ( 140 ) الدستورية
المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
بعد الاحتلال صدر قانون ادارة الدولة العراقية الموقت حيث تناولت المادة ( 58) حلولا للنزاعات الملكية العقارية على اعتبار ان هناك ظلم حصل على اهالي كركوك ابان الحكم الوطني ومن بين هذه الافتراءات نفي الاكراد الى اماكن بعيدة عن سكناهم والهجرة القسرية وتوطين الغرباء وحرمان السكان من العمل وتفاصل اخرى تضمنتها هذه المادة .
وبالفعل وبعد الاحتلال قامت الكتلة الكردية وحكومة اقليم كردستان بإجراءات انتقامية وتعسفية ضد القوميتين العربية والتركمانية وبقية المكونات لغرض قلب المعادلة السكانية في هذه المدينة فصادرت ممتلكاتهم واقصوا من وظائفهم واخرجوا من كركوك لا سباب قومية وعنصرية وقاموا بتوطين الالاف من الاكراد بعد ان حصلوا على تعويضات تفوق التصور من قبل الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم دون وجه حق وبهدف ضم هذه المدينة الى اقليم كردستان مستقبلا مستندين بذلك الى نص المادة ( 140/ اولا وثانيا ) الدستورية التي تضمنت الفقرة اولا ( تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة ( 58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها )
في حين تضمنت الفقرة ثانيا ـ تكون المسؤولية على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية ان تنجز التطبيع والاحصاء وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد ارادة مواطنيها في مدة اقصاها ( 31/ كانون الثاني / 2007 ) .
ويلاحظ ان هذه المادة الهدف منها زرع الفتنة وتعميق الخلاف ومن ثم الانتقال الى الاقتتال الطائفي والقومي بغية تمزيق العراق الى دويلات صغيرة متناحرة . وان المادة ( 140) لم تأخذ طريقها الى التطبيق من قبل الحكومات المتعاقبة بسبب خلافات عميقة وكبيرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ولان الاكراد فرضوا الامر الواقع نتيجة المتغيرات التي احدثوها في بنية المجتمع وجغرافية المدينة قسرا وبالقوة لذلك لا يريدون الاشارة او الحديث عنها بعد الان .
ان هذه المادة في حالة تطبيقها يجب ان تمر بثلاث مراحل الاولى التطبيع ومفادها معالجة المتغيرات التي طرأت على سكان المدينة والمناطق المتنازع عليها في عهد النظام الوطني والثانية اجراء الاحصاء السكاني . والثالثة اجراء الاستفتاء وتحديد ما يريده سكانها الا ان العرب والتركمان يرفضون تفعيل هذه المادة لان السقف الزمني لتطبيقها قد انتهى وان يصار الى اخضاع كركوك والمناطق المتنازع عليها الى سيطرة الحكومة الاتحادية وتعين محافظ عربي لهذه المدينة وتوزيع المناصب الحكومية بالتساوي بين مكوناتها وبالذات الامنية منها واعادة جميع العوائل الكردية التي دخلت المدينة بعد الاحتلال وعودة العرب والتركمان المهجرين وبقية المكونات الى مناطقهم وان تكون اللغة العربية هي لغة التعامل في المدينة واعادة الدور والاراضي الزراعية الى اصحابها العرب والتركمان والاقليات وهذا ما يعترض عليه الكرد وبشدة .
وفي مخض هذا الصراع قضت المحكمة الاتحادية العليا في 30 تموز 2019 بقاء سريان المادة ( 140 ) في الوقت الحاضر ولحين تنفيذ مستلزماتها وتحقيق الهدف من تشريعها على وفق الخطوات المرسومة في المادة ( 58 ) وان الهدف من وضع وتشريع هذه المادة مطلوبا وواجب التنفيذ . هذا القرار انتج ثلاث مواقف التركمان يرون ان التوافق هو الحل والاكراد يرحبون ويذهبون الى التنفيذ الفوري اما العرب فيرفضون احياء مادة ميتة لأنها تخطت السقف الزمني الدستوري لتطبيقها . ونرى ان الحل العادل والمنصف ولطي هذه الفتنة يكون في (اولا ) اخراج قوات البشمرجة والحشد الشعبي من كركوك .
(ثانيا ) حل جميع المشاكل العالقة بالتوافق بين القوميات وبقية المكونات .
( ثالثا ) اعادة النظر في توزيع الاختصاصات تحديدا بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان وبالذات المتعلقة بالنفط والغاز مع ان ملكية النفط والغاز هي ملكا لكل الشعب العراقي المادة (111) الدستورية .
(رابعا ) لابد من قيام الامم المتحدة والمنظمات الدولية الاخرى في الوساطة والاشراف على سير المفاوضات بين الاطراف ان تحقق ذلك .
( خامسا ) الغاء هذه المادة من الدستور في اول تعديل لا نها ملغومة وغير واقعية ومتداخلة وتحتمل الكثير من الاجتهاد والتفسير عند التطبيق .
انها فتنة بريمر صانع صياغة الدستور ومن معه من الخونة والعملاء .