الإعلام والسلطة
الإعلام والسلطة
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
ان مسيرة الإعلام الحر وعلاقته بالسلطة ليست على وفاق وتوافق ولا مصالحة او مصافحة بينهما فالصحافة والإعلام اسقط دولاً مستبدة وانظمة فاسدة وحكومات مارقة بالكلمة والمقالة والتصريح والمواجهة بالحقائق التي يمتلكها هذا الاعلام .
في العراق الديمقراطي عجائب وغرائب قوانين لا تتوافق مع الدستور بل تخالفه وتتعارض معه وقمع للإعلام الحر وبشتى الوسائل لتركعيه كي يكون اداة لها ويخدم مصالحها واحزابها الفاسدة بالتهديد والملاحقة من قبل الاجهزة القمعية لمنعهم من الوصول الى مواقع الاحداث وتغطيتها بحرية وبلا قيود .
اما إعلام السلطة فيعتمد على طبيعة الحكومة الفاسدة الذي يروج لها ويغذي فسادها ليحصد المال الحرام .
لقد شهد الإعلام السلطوي الكثير من حالات التراجع والنكوص وانعدمت الثقة بما يروج له لأسباب معروفة وترك اثاراً سلبية للتعامل معه من قبل الجمهور لانحرافه عن تقاليد المهنة وانتقص من هيبتها وخرج عن قيمها الاصيلة التي كانت اهم وابرز صفاتها بسب الدخلاء الطاريين عليها ودعمه للسلطة الفاسدة .
فهذا الإعلام غير المهني والمنحرف والخادم للسلطة الفاشلة ولمن يدفع له من الاحزاب الطائفية منبوذا من قبل الجمهور . في حين بقي الإعلام الحر متمسكاً بمهنيته واستمر يبذل جهداً استثنائياً للحصول على الخبر والمعلومة من مصادرها ومنابعها رغم التهديد من قبل عصابات السلطة وميلشياتها المسلحة التابعة للحكومة وكذلك تعطيل قانون حماية حقوق الصحفيين رقم 21 لسنة 2011 المتضمن عدم جواز مساءلة الصحفي او الاعتداء عليه اثناء تأدية مهنته وعدم استجوابه او التحقيق معه الا بحضور احد اعضاء النقابة او رئيس المؤسسة التي يعمل فيها وتعويض الصحفي الشهيد وورثته ، الا ان هذا القانون بقي حبراً على ورق لغرض المزايدة والمتاجرة به .
وعلى الرغم من ذلك لم يفرط الإعلامي الملتزم بقضايا الامة وبهويته ومبادئه لذلك نجده بقي مرافقاً اميناً وناقلاً وفدائياً مع ابطال ثورة تشرين المنتصرة يغطي فعاليتها وانشطتها بكل اقتدار وتميز بغية الحصول على المعلومات للنشر والتعقيب وابداء الراي فيها لدعم وتايد الثورة .
ان امتلاك السلطة والكثير من قادة الاحزاب وعدداً من اعضاء البرلمان دوراً للصحافة وقنوات فضائية بلغت العشرات ومحطات اذاعية وتلفازية محلية تعمل على بث خطاب الطائفية الكراهية والتحريض ضد الإعلام الحر لتأييده ونصرته للثورة فكان طوداً شامخاً في صموده وتضحياته فزاد عطائه حتى بلغ ذروته فقدم المئات من الشهداء والجرحى واستمر محارباً يقاتل بالقلم والصورة والصوت لنصرة الثورة السلمية .
ان ظاهرة الافلات من العقاب وتنصل الحكومة في وقف العنف بحق الإعلام الحر وانفراد السلطة بالتضيق على الحريات والحقوق وفرض قيوداً وشروطاً على النشر من خلال صدور قانون شبكة الإعلام العراقي رقم 26 لسنة 2015 المعدل . ومع بداية ثورة تشرين رافق الإعلام الحر تغطيتها منذ ساعة اندلاعها فكان رافداً مهماً وجوهرياً في ايصال اهداف ومبادى الثورة .
اليس الإعلام الحر هو جزاً من الثورة السلمية التي تطالب بالتغير الشامل والجذري للسلطة الفاسدة واحزابها والعميلة . نعم انه كذلك .