النفس وأنواعها في القرآن الكريم

د. قيس عبد العزيز الدوري
عضو لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
أهمية الذكر في القرآن الكريم هو المفتاح الذي يفتح أبواب الرحمة والطمأنينة للقلوب، وهو السلاح الذي يطهر النفوس ويرتقي بها إلى أعلى مراتب القرب من الله سبحانه وتعالى. وقد ارتبط الذكر في القرآن الكريم بمراحل متنوعة من النفس البشرية، وهذه المراحل تتجسد في الأنفس التي ذكرها القرآن بوضوح. إننا اليوم نعرض أنواع الأنفس كما وردت في القرآن الكريم، مع ربط كل نفس بالذكر المناسب لها، والذي يعين العبد على التزكية والارتقاء.
مراتب النفس في القرآن الكريم، تم الحديث عن أنواع الأنفس التي تمر بها النفس البشرية، من مرحلة الضعف والمعصية إلى مرحلة الرضا والكمال، وتختلف هذه الأنفس في مستوى إيمانها وقربها من الله. إليك أهم الأنفس التي وردت في القرآن الكريم:
النفس الأمَّارة بالسوء
هي النفس التي تدفع صاحبها إلى المعاصي، وتزين له الشرَّ. هي نفس ضعيفة تنجرف وراء الشهوات، ولا تقدر على مقاومة الهوى. • قال تعالى: “وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (يوسف: 53)
- النفس اللوَّامة
هي النفس التي تراجع صاحبها بعد المعصية، وتُحاسب نفسها على ما فعلت. هذه النفس تتميز بالندم واللوم، وهي تحاول الوصول إلى التوبة. • قال تعالى: “وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ” (القيامة: 2)
- النفس الملهمة
وهي النفس التي ألهمها الله تعالى الفطرة السليمة والتمييز بين الخير والشر، وقد أصبح صاحبها قادرًا على التمييز بين الفجور والتقوى. • قال تعالى: “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا” (الشمس: 7-10)
- النفس المطمئنة
هي النفس التي استقرت على الطاعة وابتعدت عن المعصية، تجد فيها السكينة والراحة بعد خلوص النية.
• قال تعالى: “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِرْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً” (الفجر: 27-28)
- النفس الراضية
هي النفس التي أرضاها الله سبحانه وتعالى بعد أن اجتازت مراحل التزكية، وقد كانت في عبادة الله سبحانه وتعالى بكل إخلاص. • قال تعالى: “وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ” (المطففين: 26)
- النفس المرضية
وهي النفس التي رضيت عن الله سبحانه وتعالى وهي من النفوس التي نجحت في امتحان الدنيا وتجد فيها الصبر والتقوى. • قال تعالى: “وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ” (المطففين: 26)
- النفس الكاملة
هي النفس التي أصبحت قريبة من الله، وقد نال صاحبها رضوان الله عز وجل. وردت هذه النفس في الحديث القدسي: “عبدي أطِعْني تكن مثلي”
ختامًا، إن الذكر هو السلاح الأقوى في إصلاح النفس، وفي الوصول إلى الله تعالى. ولكل نوع من الأنفس ما يناسبه من الذكر الذي يساعده على التطهر، وهو ما ورد في القرآن الكريم بوضوح، حيث يمكن للعبد أن يرتقي بأنفاسه عبر الالتزام بالأذكار التي وردت له حسب حاله. والعارفين بالله اجتهدوا في وضع اذكار معينة لكل نفس من اسماء الله الحسنى للانتقال من نوع إلى نوع آخر كمعارج للتدرج الروحي وللحديث بقية.