ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم (الحلقة الثالثة عشرة)
أ.د. إسماعيل خليل إبراهيم
نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
البطولة الثانية عشرة – أسبانيا / 1982
هي البطولة رقم 12 في تاريخ بطولات كأس العالم لكرة القدم ، أقيمت في إسبانيا في الفترة من 13 حزيران وحتى 11 تموز ، وتم اختيار إسبانيا لاحتضان البطولة بعد انسحاب ألمانيا التي استضافت منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم 1974. شهدت البطولة مشاركة أول منتخب عربي آسيوي وهو منتخب الكويت و مشاركة منتخب الجزائر لأول مرة في تاريخهما ، وعادت إنجلترا لبطولات العالم بعد غياب دام اثنا عشر عاماً وتحديداً منذ بطولة كأس العالم 1970، بينما غابت وصيفة النسختين الماضيتين هولندا عن المشاركة . كانت الشكوك تحوم حول انسحاب محتمل لمنتخبات انجلترا واسكتلندا وأيرلندا الشمالية من البطولة بسبب حرب الفوكلاند بينها وبين الأرجنتين لكن الأوضاع هدأت بعد ذلك .
هي البطولة الأولى التي ضمت أربعة و عشرون منتخباً بدلاً من ستة عشر منتخباً بعدما أقر الاتحاد الدولي لكرة القدم زيادة المنتخبات المشاركة قبل إقامة كأس العالم 1978. تم توزيع المنتخبات المشاركة على ست مجموعات يتأهل منها أول وثاني كل مجموعة ليتم تقسيمهم مرة أخرى على أربع مجموعات تضم كل منها ثلاثة منتخبات يتأهل بطل المجموعة إلى الدور ربع النهائي . وكانت هذه هي البطولة الوحيدة التي أقيمت بهذه الطريقة ، وقد جاء قرار الفيفا بزيادة عدد المنتخبات من ستة عشر إلى أربعة وعشرون منتخباً رغبة منه في إتاحة الفرصة لعدد أكبر من المنتخبات للمشاركة في البطولة .
ترشحت إلى النهائيات منتخبات أسبانيا كونها منظمة البطولة و بولندا و إيطاليا و ألمانيا الغربية و النمسا و بلجيكا و المجر و انكلترا و فرنسا و تشيكوسلوفاكيا وايرلندا الشمالية و يوغسلافيا و الاتحاد السوفيتي و اسكتلندا عن أوربا ، وترشحت عن أمريكا الجنوبية منتخبات الارجنتين بِعَدِها الفائزة بالبطولة السابقة و بيرو و تشيلي و البرازيل و السلفادور و هندوراس ، وترشحت الجزائر و الكاميرون عن أفريقيا و الكويت عن أسيا و نيوزيلندا عن الاوقيانوس . كانت مشاركة منتخبات هندوراس و الجزائر و الكويت و الكاميرون و نيوزيلندا هي الأولى لها في البطولة .
شهد دوري المجموعات مفاجئات عديدة ، أبرزها فوز المنتخب الجزائري على منتخب ألمانيا الغربية بهدفين مقابل هدف واحد سجلهما ( رابح مادجر و الأخضر بلومي ) ، وكانت الجزائر قريبة من التأهل للدور الثاني بعد فوزها على التشيلي في مباراتهما الأخيرة في المجموعة بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين سجلها ( صالح عصاد هدفين و تاج بن سحاولة ) ليصبح رصيدها أربع نقاط وهو مساو لرصيد النمسا التي لديها فارق أهداف أفضل . كذلك كان لقاء منتخبي ألمانيا الغربية والنمسا هو الأخير لهما في المجموعة وجرى بعد مباراة الجزائر و تشيلي ، كان لزاماً على ألمانيا الغربية الفوز على النمسا علماً أن فوز ألمانيا بأكثر من هدفين يقصي النمسا لصالح الجزائر بفارق الأهداف ، لكن ما حدث خلال المباراة كان فضيحة بكل ما تعنيه الكلمة ، سجل الألمان هدف التقدم في الدقيقة التاسعة عشر من الشوط الأول وظل الفريقان يتناقلان الكرة لإبقاء نتيجة المباراة على ما هي عليه ليتأهل المنتخبان إلى الدور الثاني من البطولة على حساب الجزائر في مباراة عرفت باسم فضيحة خيخون نسبة إلى المدينة التي جرت فيها المباراة . أجبرت تلك الأحداث الاتحاد الدولي لكرة القدم على إقامة المباريات الأخيرة لكل مجموعة في نفس التوقيت منعاً لتكرار التلاعب في النتائج . كانت المفاجأة الثانية في مباراة الكويت وفرنسا إذ أحرز ( ألان جيريسي ) هدفاً لفرنسا في مرمى الكويت التي توقف لاعبوها عن اللعب فجأة بعد أن سمعوا صافرة اعتقدوا أنها من حكم اللقاء السوفيتي ( شتوبار ) ، فنزل الشيخ فهد الأحمد الصباح رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم واحتج على الهدف وأمر لاعبيه بمغادرة الملعب فتم إلغاء الهدف واستكمال المباراة التي انتهت بفوز فرنسا بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدف واحد سجله ( فيصل الدخيل ) وعلى أثرها تم استبعاد حكم المباراة من البطولة . حصلت الكويت على نقطة واحدة في مجموعتها من تعادلها مع تشيكوسلوفاكيا بهدف واحد وسجل هدف الكويت اللاعب ( عبد الله البلوشي ) .
ترشحت إلى الدور الثاني منتخبات بولندا و إيطاليا عن المجموعة الأولى و ألمانيا الغربية و النمسا عن الثانية و بلجيكا و الأرجنتين عن الثالثة و انكلترا و فرنسا عن الرابعة و ايرلندا الشمالية و أسبانيا عن الخامسة و البرازيل و الاتحاد السوفيتي عن السادسة . وزعت المنتخبات على أربع مجموعات ضمت كل منها ثلاث منتخبات ترشح متصدر كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي الذي أسفر عن فوز إيطاليا على بولندا بهدفين دون مقابل و ألمانيا الغربية على فرنسا ( 5 – 4 ) بفارق ركلات الترجيح بعد تعادلهما في الوقتين الأصلي و الإضافي بثلاثة أهداف لكل منهما وهي أول مواجهة يتم الاحتكام فيها لركلات الترجيح في كأس العالم على الرغم من أن إقرار القانون تم قبل كأس العالم 1978 وبذلك ترشحت إيطاليا و ألمانيا الغربية إلى المباراة النهائية و بولندا و فرنسا لمباراة تحديد المركزين الثالث و الرابع . فشلت أسبانيا في بلوغ الدور نصف النهائي بعد أن حلت ثالثة في مجموعتها بنقطة واحدة .
وصلت إيطاليا للدور التالي بدون تحقيق أي فوز في مجموعتها إذ تعادلت مع الكاميرون و بيرو بهدف واحد ومع بولندا بدون أهداف ، لكنها تجاوزت الأرجنتين والجيل الأسطوري للبرازيل بقيادة زيكو و سقراط و فالكاو في الدور الثاني ثم بولندا في نصف النهائي .
أقيمت المباراة النهائية على ملعب سانتياغو بيرنابيو بالعاصمة الإسبانية مدريد بتاريخ 11 يوليو بين منتخبي إيطاليا و ألمانيا الغربية وبحضور تسعون ألف متفرج و استطاع المنتخب الإيطالي الفوز بالمباراة بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف واحد ، فبعد انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي سجلت إيطاليا ثلاثة أهداف خلال أربع وعشرون دقيقة، عبر كل من ( باولو روسي وماركو تارديلي وأليساندرو ألتوبيلي ) فيما سجلت ألمانيا الغربية هدفها الوحيد في وقت متأخر من اللقاء عن طريق ( بول برايتنر ) لتفوز إيطاليا باللقب الثالث لها بعد عامي 1934 و1938 ، ولتصبح صاحبت أسوأ سجل للمنتخبات الفائزة بلقب كأس العالم حيث لعبت سبع مباريات في البطولة فازت في أربع وتعادلت في ثلاث . قاد المباراة الحكم البرازيلي ( أرنالدو سيزار كويلهو ) .
من الأحداث الغريبة و الطريفة في البطولة :
سجل منتخب إنجلترا هدفه الأول في مرمى منتخب فرنسا عن طريق لاعبه ( برايان روبسون ) بعد مرور سبع وعشرون ثانية فقط من بداية المباراة التي انتهت بفوز إنجلترا بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف واحد .
وشهدت هذه النسخة تعرض منتخب السلفادور للخسارة أمام منتخب المجر بنتيجة عشرة أهداف مقابل هدف واحد وتعد النتيجة الأكبر في تاريخ المونديال . وشهدت المباراة ذاتها تسجيل أسرع هاتريك في بطولات كأس العالم لكرة القدم عندما سجل مهاجم منتخب المجر ( لازلو كيس ) ثلاثة أهداف في ثمان دقائق ضد منتخب السلفادور .
أصبح حارس مرمى منتخب إيطاليا ( دينو زوف ) أكبر لاعب يحقق بطولة كأس العالم وهو بعمر الأربعين عاما و133 يوما .
أهدر الإيطالي ( كابريني ) ركلة جزاء في المباراة النهائية مع ألمانيا الغربية لتكون أول ركلة جزاء تُهدر في المباراة النهائية لكأس العالم . وظفر الإيطالي باولو روسي بجائزة هداف البطولة برصيد ستة أهداف ، كذلك حاز على جائزة أفضل لاعب رغم انقطاعه عن اللعب لعامين بسبب قرار قضائي بسجنه سنتين بعد فضيحة ( التوتونيرو ) بإيطاليا الخاصة بالتلاعب بنتائج المباريات .
كان الايرلندي الشمالي ( نورمان وايتسايد ) أصغر لاعب يشارك في نهائيات كأس العالم وهو بعمر (17 عاما و42 يوما ) عندما خاض مباراة بلاده أمام يوغسلافيا يوم 17 حزيران في سرقسطة .
أختير لاعب منتخب فرنسا ( مانويل أموروز ) أفضل لاعب شاب في البطولة .