أحداث من ذاكرة الرياضة العراقية (الحلقة الرابعة والعشرون)
أحداث من ذاكرة الرياضة العراقية
(الحلقة الرابعة والعشرون)
أ . د إسماعيل خليل إبراهيم
عضو لجنة الرياضة والشباب
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
منتصف سبعينات القرن الماضي خطرت لي فكرة القيام بتوثيق الأحداث الرياضية العراقية التي لم تنل اهتمام الكثيرين ، وعلى الرغم من صدور أكثر من كتاب تناول تأريخ الرياضة العراقية في العصر الحديث من أندية ومهرجانات واتحادات ولجنة أولمبية ، ومشاركات منتخباتنا الوطنية في البطولات العربية والقارية والأولمبية ، لكن ما سواها من أحداث ظل حبيس أوراق الصحف التي نشرتها على الرغم من أن فيها الكثير من المتعة والإثارة والغرابة فضلاً عن معانيها ومدلولاتها التي تشيع في النفس البهجة والسرور ، وتسبب الألم عند مقارنتها بمثيلاتها في أيامنا هذه .
توكلت على الله وبدأت هذه المهمة الشاقة منذ اليوم الأول للعطلة الصيفية عام ( 1978 ) إذ توجهت إلى المكتبة الوطنية لأبحث في ثنايا الصحف التي تَحَول لون أوراقها إلى الأصفر وأقَلِبها بحذر خشية تمزقها إذ مضى عليها أكثر من ستين سنة حينها .
كان عليَ أن أبحث في جميع الصحف التي كانت تصدر في محافظات العراق ، وهنا لا بد لي من التوجه بالشكر والتقدير إلى الإخوة في المكتبة الوطنية الذين لولا تعاونهم لما تمكنا من إنجاز شيء ، لم تكن في صحف تلك الأيام صفحات خاصة بالأخبار الرياضية بل كانت تُنشر في أي من الصفحات وهو ما حتم عليَ البحث في جميع صفحات كل جريدة عسى أن أجد فيها خبراً . انتهت أيام العطلة بحصيلة رائعة غطت الأحداث الرياضية ما بين عامي 1900 و 1933 على أمل أن استكمل ما بدأته في العطلة الصيفية القادمة لكن وللأسف حالت مشاغل الحياة دون ذلك .
هذه المقدمة هي البداية لتعريفكم بما سيقدم لاحقاً وسيكون لنا موعد كل يوم ثلاثاء إن شاء الله ونتوقع أن يكون ما ستطلعون عليه مفاجأة نترك لكم التعليق عليها .
الحلقة الرابعة والعشرون
- جريدة الإستقلال ( 2 / 4 / 1931 ) :
كان يوم أمس موعد المباراة النهائية لكأس كاجوال بين المدرسة الحربية والثانوية المركزية وحضرها ما يقارب الألفي نسمة وفازت الحربية 5 – صفر واستلمت الكأس الأولى بينما استلم أفراد الفريقين الأوسمة الفضية . ( إن حضور ما يقرب من ألفي نسمة لتلك المباراة لهو دليل على الشعبية الكبيرة التي حضيت بها كرة القدم بين العراقيين ، ودليل على مكانة الفريقين وسمعتهما بين أوساط مشجعيها ) .
- جريدة الإستقلال ( 10 / 4 / 1931 ) :
اجتمعت في وزارة المعارف لجنة قوامها مديري دار المعلمين و الثانوية المركزية و متوسطة الكرخ و الغربية و الشرقية و مدرسيها وتداولت في أمر إقامة سباق رياضي عام يتبارى فيه طلاب المدارس المتوسطة و الثانوية المركزية و دار المعلمين الإبتدائية و الأولية وتقرر تأليف لجنة من مديري المدارس المذكورة و مفتش الرياضة البدنية للنظر في إقامة السباق المذكور .
( تشكيل وزارة المعارف للجنة بهذا المستوى و تحديد الغاية من تشكيلها يوضح لنا حجم الإهتمام الذي كانت توليه الوزارة للرياضة المدرسية من جهة و وعي القائمين على شؤون الوزارة لأهمية الرياضة للطلاب بشكل عام وإن إقامة البطولات الرياضية هو خير حافز لإدارات المدارس لدعم النشاط الرياضي في مدارسهم والذي يمكن أن يكون إحدى واجهات تميزها عن بقية المدارس ، و حافز للمدرسين لتشكيل الفرق الرياضية من الموهوبين من الطلاب وإعدادهم بالشكل اللائق الذي يدلل على كفاءة المدرس ، فضلاً عن ما توفره من فرصة أمام الطلاب لإظهار مواهبهم وقدراتهم في مختلف اللعبات الرياضية ، و للمشاهدين للتمتع بمشاهدة ما يقدمه الطلاب من مستويات في مختلف اللعبات الرياضية . من منا يتذكر مكان و زمان أخر مهرجان رياضي مدرسي أقامته وزارة التربية ؟ من المؤكد أن لا أحد يتذكر لأن هذه المهرجانات اختفت من قاموس وزارة التربية منذ سنوات طوال ) .
جريدة العالم العربي ( 11 / 4 / 1931 ) :
نتائج مسابقة كأس القطعة في البصرة : تبرع الشيخ مصطفى الإبراهيمي بكأس تتبارى عليه المدارس الإبتدائية الرسمية في البصرة تشجيعاً منه للحركة الرياضية ، وقد عينت مديرية المعارف لجنة لإدارة هذه المباريات ووضع أنظمتها وكانت نتائج المباريات كما يلي :
5 / 3 العشار 1 – القبلة صفر
9 / 3 العشار 4 – السيف صفر
12 / 3 القبلة 3 – السيف صفر
16 / 3 القبلة 1 – السيمر صفر
21 / 3 العشار 4 – السيف صفر
ووصل الدور النهائي مدرستي العشار و القبلة . وجرت يوم 6 / 4 المباراة النهائية حيث حضرها متصرف اللواء و مدير المعارف وجمهور يقدر بثلاثة ألاف متفرج من بينهم حوالي ثلاثمائة سيدة ، وقد انتهى الشوط الأول بتقدم القبلة 2 – 1 . وفي الشوط الثاني أضافة القبلة هدف أخر لتفوز بالمباراة 3 – 1 . حكم المباراة عبد المجيد أفندي أحمد وكان مراقبا الخط أكرم أفندي أحمد و عبد السلام أفندي بهجت. لعب لفريق القبلة عبد الجليل إبراهيم رئيس الفرقة و صادق جعفر و عبد الكريم مبروك و أحمد قريش و فاضل عبد الله و جمال أحمد و محمد سعيد عبد الله و رمضان موسى و عبد الجبار علي و ياسين محمود و عبد الوهاب ناجي ، وكان مدرب الفرقة المدرس لطفي أفندي .
( بطولة بكرة القدم للمدارس الإبتدائية الرسمية في البصرة تحضى بكل هذا الإهتمام والتشجيع ، فالكأس مقدمة من الشيخ مصطفى الإبراهيمي ، ويحضر مباراتها النهائية المتصرف و مدير المعارف وجمهور غفير اللافت فيه حضور مئات النساء . سؤال للمسؤولين في وزارة التربية والعاملين في مديريات التربية الرياضية فيها : كيف بإمكانكم مواجهة أنفسكم وأنتم تقرأون هذه الأخبار التي يتجاوز عمرها 91 سنة وتقارنوها بالواقع المزري للرياضة المدرسية التي تقودون مسيرتها الأن ؟ ) .
- جريدة الأوقات ( 11 / 4 / 1931 ) :
كان ظهر أمس موعد حفلة الألعاب الرياضية للمركزية و دار المعلمات ، ابتدأت الحفلة باستعراض الطالبات على أنغام الموسيقى ثم أَنشَدنَ نشيد العَلَم ثم قُدِمَت الألعاب الرياضية المختلفة إضافة إلى الرقصات واشتمل منهاج الحفلة على : تمارين رياضية ، نشيد الألعاب ، استعراض الصفوف الأولية ، نشيد وتمارين رياضية ، تمارين رياضية سويدية لطالبات الصف السادس ، رقص البحارة ، تمارين رياضية بالشرائط لطالبات الصف الرابع ، رقص الحصاد لطالبات دار المعلمات ، دبكة عربية لطالبات الصف الأول ، رقصة ايطالية ، رقصة شمالية لطالبات المتوسط أول ، تمارين رياضية لروضة الأطفال ، كرة السلة الثاني و الثالث طالبات دار المعلمات ، سباق العقبات لطالبات الأول متوسط و سباق الأكياس لطالبات المركزية .
( اللافت للنظر كم الفعاليات التي تضمنها منهاج الحفلة وتنوعها ، واختيار الطالبات وبما يتناسب وكل فعالية ، والوقت الذي استغرقه تدريب الطالبات عليها ، وترتيب تسلسلها في المنهاج لتلافي ما قد يحدث من تعاقب لمضمون أو محتوى بعضها وينعكس سلباً على الحضور ، وعدم قيام مرحلة دراسية بفعاليتين بالتعاقب ، كذلك مصاحبة الموسيقى لبعض الفعاليات مما يتطلب جهداً أكبر من المدرسات والطالبات لإتقانها ، واللافت للنظر أيضاً مشاركة روضة الأطفال في الحفلة بتقديم تمارين رياضية . نحن لا نعرف أسماء من ساهم في دعم فكرة إقامة الحفلة ومن قام بتدريب الطالبات ، ونجهل أسماء الطالبات اللواتي شاركن فيها ، لكننا لا نملك سوى أن نقف احتراماً لهم و للعوائل العراقية الكريمة التي ساهمت بنجاح الحفلة عن طريق السماح لبناتها المشاركة في فعالياتها . مرة أخرى نهدي هذا الخبر إلى وزارة التربية و إلى القائمين على شؤون الرياضة المدرسية فيها ) .
- جريدة الأوقات ( 27 / 4 / 1931 ) :
بدأت مسابقات كرة السلة لانتخاب أحسن فرقتين ليلعبا يوم حفلة السباق العام وقد فازت دار المعلمين الإبتدائية على الثانوية الشرقية 21 – 1 ، و مدرسة الأمريكان على التفيض 23 – 3 . وعلى كأس مدرسة المأمونية فازت دار المعلمين الأولية على مدرسة التطبيقات 54 – 7 .
( قد لا يتوقف البعض عند هذا الخبر لكننا نرى فيه ما يستحق أن نتوقف عنده ، فاختيار من يلعب من المدارس يوم حفلة السباق العام لا يتم اعتباطاً بل تنظم له مسابقة لاختيار الأفضل والأكثر استعداداً وجدارة وهذا ما لا يتحقق إلا من خلال الملعب . الأمر الآخر أن مدرسة تنظم بطولة للمدارس بكرة السلة وتخصص لها كأساً يحمل اسمها هو مؤشر على مدى اهتمام إدارة المدرسة المأمونية بالرياضة ودعمها لها ) .