قرار مجلس الامن الدولي تجاه حرب الابادة الاسرائيلية المرقم 2720
بقلم ا.د هاني ألياس خضر الحديثي.
عضو لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
استاذ السياسة الخارجية والعلاقات الدولية
عضو المعهد العالمي للتجديد العربي
بعد شهرين ونصف من جرائم الابادة الجماعية التي ارتكبها الكيان الاسرائيلي بحق شعبنا العربي الفلسطيني ،جاء قرار مجلس الامن الدولي تحت غطاء انساني ليؤكد مجموعة مدخلات في الحرب الاسرائيلية على مصير القضية الفلسطينية وأبرزها :
لقد كشفت الولايات المتحدة عن اخر ورقة توت تغطي حقيقتها اتجاه العالم العربي حين رفضت ادخال نص طالب به مندوب روسيا الاتحادية يقرر وقف اطلاق النار بشكل فوري ومستدام في غزة ، لكي تمنح القيادة الصهيونية المتطرفة فرصة اخيرة لاستكمال برنامجها في انجاز مهمة القضاء على المقاومة الوطنية الفلسطينية عبر انجاز خطة الابادة الجماعية لشعبنا في غزة كمرحلة اولى نحو انجاز المشروع الاكبر وهو شرق اوسط بقيادة اسرائيلية تضمن استمرار الهيمنة الامريكية والغربية على مجمل النظام الدولي.
ان ذلك يسقط وبشكل نهائي مقولات ومقامات القانون الدولي الانساني ولائحة حقوق الانسان التي استخدمتها الادارات الامريكية المتعاقبة منذ الحرب العالمية الثانية ذريعة للتدخل بشؤون الدول وتغيير انظمتها واحتلالها وتدمير مقومات القوة فيها بدءا من حرب فيتنام وصولا الى احتلال وتدمير أفغانستان و العراق وليبيا وسوريا واليمن .
أن هذا المنطق الذي استخدمته الولايات المتحدة مع قوى الناتو يوضح طبيعة الحرب في اوكرانيا لتبرير مساعي تدمير روسيا الاتحادية الساعية نحو تغيير معادلات النظام الدولي لصالح التعددية في مراكز الاستقطاب الدولي خلافا لإرادة الامبريالية الامريكية في استمرار الهيمنة الاحادية الامريكية ، بذات الوقت الذي تسعى الولايات المتحدة عبره لتحجيم قدرات الصين في اقصى الشرق ، انما يعبر عن وحدة القضايا المصيرية لشعوب العالم الساعية نحو التحرر من قيود امريكا الامبريالية و التي تستوجب من العالم العربي والاسلامي وعموم العوالم الاخرى ان تتضامن ضد استمرار منطق الهيمنة للإمبريالية الامريكية على النظام الدولي باعتبارها عدو الشعوب الساعية نحو تحقيق امنها الاستراتيجي على حساب مصالح الامم والشعوب الاخرى .
وبالتالي فان منطق النظام الدولي احادي القطبية صار مفضوحا ويقتضي من جميع الشعوب ان تعتمد استراتيجية تضامنية جماعية ضد منطق ألهيمنة الامريكية على النظام الدولي .
من جانب اخر فان المحيط العربي لفلسطين صار واجبا عليه ان يعيد النظر في علاقاته الدولية .
أن تسارع بعض الأنظمة العربية للوقوف ضد مصالح الامة العربية في فلسطين والذهاب نحو التحالف سرا او علنا مع الكيان الصهيوني ضد شعبنا العربي الفلسطيني انما يكشف حقيقة هذه الانظمة المتهالكة على رضا حكومة مجرمي الحرب الصهيونية عبر مساعي التطبيع المذل لشعوب العالم العربي ، وهو الامر الذي يضع شعوب العالم العربي الرازحة تحت سلطة هذه الانظمة واجبا دينيا وقوميا ووطنيا بالعمل على انهاء هذه الانظمة العميلة المرتبطة كليا بالمشروع الصهيوني- الامريكي ، وهي المرحلة الثانية من طوفان الاقصى التي يجب تحقيقها ولا بد منها للخلاص من هذه الانظمة التي شاركت الناتو في تدمير البدان العربية الرافضة للمنطق الصهيو- امريكي كما حصل في ألعراق وليبيا واليمن وسوريا وغيرها .
تأسيسا على ما تقدم فأن مخرجات طوفان الاقصى حتى الان تشير الى اهمية وضرورة وحتمية التغيير القادم في الوطن العربي عبر فرز الخنادق بين اعداء الوطن العربي سواءا الانظمة المتهالكة في تبعيتها ، او رسم اسس العلاقات الدولية مع المحيط المجاور للوطن العربي فضلا عن القوى الدولية الاخرى .
بعبارة اخرى فان النظام الرسمي العربي سيكون الهدف اللاحق الذي يستحق التغيير في مؤسساته ومنظماته وانظمته السياسية و انطلاقا من العلاقة العضوية بين القضية الفلسطينية ومحيطها العربي ،ذلك ان فلسطين لن تحررها الانظمة المتهاوية في مستنقع التخاذل والتخادم مع المشروع الصهيوني ،إنما انظمة تؤمن ان مستقبل الامة مرتبط بمستقبل فلسطين .
أن ذلك يستدعي بالضرورة اعادة النظر فلسطينيا بالقيادة الفلسطينية نحو قيادة أخرى لن تكون جزءا من المشاريع المذلة التي فرضها الكيان الاسرائيلي .
المرحلة الحالية من الحرب هي مرحلة فاصلة بين تحقيق التغيير الجوهري او هزيمة الامة بأكملها .وهي وحدها التي ستتحكم باتجاه البوصلة الدولية نحو المنطقة العربية ومستقبلها سلبا او ايجابا ، فمصير الامة يتوقف على التمسك بقضاياها الاساسية من قبل شعوبها ، وليس من قبل مشاريع الخارج المتداخلة مع المشروع الصهيوني والذي تتخادم معه انظمة الهزيمة (العربية).
لقد بانت بوضوح هزيمة الكيان الاسرائيلي في تحقيق برنامج القضاء على المقاومة الفلسطينية رغم الدمار الهائل الذي حققته آلة الاجرام العسكرية الاسرائيلية بدعم صريح ومباشر من قبل الادارة الامريكية ،وبدلا من ذلك فان وحدة المقاومة الفلسطينية داخل جميع انحاء فلسطين المحتلة وخارجها بدأت تفرض نفسها ميدانيا رغم الخسائر المادية وهي كبيرة دون شك ، والملتحمة مع قوى الرفض للكيان الصهيوني في عموم الوطن العربي والتي بإمكانياتها البسيطة باتت تهدد الملاحة الدولية في البحر العربي والبحر الاحمر والبحر المتوسط ، وهو ما ينبغي التوقف عنده ودعمه وتطويره بغض النظر عن الخلافات في وجهات النظر اتجاه هذا الطرف أو ذاك من القوى الاقليمية ذات الاثر في المحيط العربي ، انطلاقا من رؤية جوهرية تنظر لما هو استراتيجي تهون معه بعض التكتيكات السياسية ،وان العالم العربي لن يكون له مستقبل دون وحدة الجهود ضد المشروع الصهيوني – الامريكي .في العالم العربي والشرق اوسطي .
بيد ان ذلك يتطلب من القوى المعنية أيضا تصعيد موقفها ضد المصالح الامريكية والمرتبطة بها في العالم العربي ، والارتقاء بنفسها وقدراتها الى مستوى معركة المصير العربي في غزة وعموم فلسطين وهو الامر الذي يحكم على مدى مصداقيتها في التمسك بما ترفعه من شعارات كبيرة تحتاج فعلا يرتقي الى مستوى ما ترفعه من شعارات نبيلة .