نظام القوة وقوة النظام
نظام القوة وقوة النظام
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
المعروف ان قوة النظام و نظام القوة مصطلحان متعارضان ولكل منهما اسس وقواعد يرتكز عليها ويعمل بها في ضوء الدستور والقوانين والانظمة مع اختلاف عميق وجذري في اسلوب التطبيق وتحقيق الاهداف والمبادئ والطموحات التي يروم الوصول اليها .
فنظام القوة يسخر مواد الدستور والقوانين في خدمة اهدافه ولا يعير اهتماماً لمقاصد المشرع المتفهمة للواقع ومتغيراته. ولا علاقة له بالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان والمعارضة التي هي جزءًا من شعبه . بل يذهب الى ابعد من ذلك بتصفية من يقف ضد طموحاته غير المشروعة .
كما ان هذا النظام يستخدم مؤسساته الأمنية والاستخبارية لرصد كل ما يهدد كيانه وبقائه فيرتكب جرائم الاغتيال والخطف والتعذيب لخصومه ومعارضيه وخير مثال لنظام القوة ما يحصل في العراق ضد انتفاضة تشرين السلمية متجاوزاً بذلك كل القيم والاعتبارات الاخلاقية والدينية والاجتماعية إضافة الى ذلك فهو يمارس الفساد والسرقة علنا . ويجعل من سلطاته الثلاثة ادوات في خدمة اطماعه وترسيخ قواعد حكمه .
ومن بين أساليبه نشر الفوضى وزرع الفتن والاقتتال والحروب الاهلية وتوزيع الموارد والثروات بين اتباعه والمغردين له وتوظيف الاعلام الحكومي في خدمته لتحسين صورته ومحاربة الاعلام الحر . وهذا النظام ينتقص من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور ان لم يخالفها شكلا ومضمونا بصياغة قوانين ظالمة ومجحفة تتعارض مع الدستور .
كما لا يحترم الالتزامات الدولية والاقليمية والوطنية ويسعى لتقسيم الدولة على اسس طائفية وقومية ويمزق كيانها ووحدتها بأساليب مختلفة كأنشاء الاقاليم ومنحها الصلاحيات والاختصاصات كي يضمن التقسيم . في حين ان قوة النظام تستمد مشروعيتها وسلطاتها من تطبيق الدستور بعدالة وبلا تميز ويجري انتخابات حرة وبأشراف دولي لاختيار رئيس واعضاء مجلس النواب ولا يرفض او يمنع من تتوافر فيه شروط الترشيح . وهذا النظام يتخذ الاجراءات الصارمة للحفاظ على عدم انتهاك الحقوق والحريات ومواد الدستور ولا يتدخل في شؤن السلطة القضائية واجراءات التقاضي ويحرم تشكيل محاكم خاصة واستثنائية , ويسعى هذا النظام لتوفير الأمن والامان لشعبه وينمي موارده وثرواته ويحافظ على وحدة اطيافه وبكل الوسائل المتاحة ويشرع القوانين التي تجسد مواد الدستور بما يخدم المصالح العامة والخاصة . ويؤسس جيشا وطنيا قادرا للدفاع عن سيادة الدولة واستقلالها ويحتفظ بعلاقات متوازنة مع جيرانه ويوفي بالتزاماته الدولية ولا يسمح بالتدخل في شؤنه الداخلية ويرعى منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان بحيادية .
هذه هي بعض من الفروقات الجوهرية بين النظامين من حيث الاسس والقواعد والصياغة والتطبيق وهناك الاعم والاشمل والكثير .