مشروع قانون حق الحصول على المعلومة
المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
سبق لمجلس الوزراء أن أقر مشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتمت أحالته إلى مجلس النواب تمهيدا لمناقشته وإقراره وكان ذلك في نيسان 2023 . وأن ( مؤسسة بابل ) للتطوير الإعلامي قد بذلت جهودا كبيرة في إعداده منذ عام 2017 . وبعد أن أنهى مجلس النواب قراءته الأولى للمشروع قي شباط 2024 على أمل العودة لإكمال المناقشة في دورته الحالية . ولكي لا أطيل على القارئ سأقوم بإيجاز مضامين هذا المشروع .
في الفصل الأول تضمن (التعاريف والأهداف) يقصد بالمصطلحات لأغراض هذا المشروع المعاني أزاؤها أولا : المعلومة ـ حقيقة ذات قيمة معرفية ومادية موجودة لدى الجهات المعنية ودوائر الدولة والقطاع العام والمختلط والأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والجهات الأخرى والمفوضية العليا لحقوق الإنسان . والوثائق السرية هي التي لا يجوز الاطلاع عليها وذلك لمساسها بأمن الدولة أو الاقتصاد الوطني .
ويهدف مشروع القانون إلى تمكين طالب المعلومة من الحصول عليها بما ينسجم مع الدستور والمواثيق الدولية وتعزيز مقومات الشفافية . وتمكين المجتمع من تنمية قدراته للاستفادة من المطبوعات . ودعم روح المشاركة الواعية في الرقابة على أعمال الجهات المعنية . ودعم البحث العلمي وتعزيز حرية الأعلام والحرية والنشر .
في الفصل الثاني تضمن (التأسيس) تؤسس في المفوضية العليا لحقوق الإنسان ( دائرة المعلومات ) ترتبط برئيس المفوضية، أما مهام هذه الدائرة فهي إعداد الخطط لتدريب الموظفين . وإعداد تقرير سنوي عن نشاطات الدائرة وانجازاتها وتسلم الشكاوى بتطبيق أحكام هذا القانون . ونشر التقارير والدراسات المتعلقة بممارسة حق الحصول على المعلومة ودعم البحوث المتعلقة بها . والتنسيق مع الجهات المعنية في توحيد وتسهيل أجرأءات تسلم الطلبات . في مجال الاطلاع على المعلومة والحصول عليها . وضع السياسات والخطط الخاصة في الدفاع عن حق الفرد في الحصول على المعلومة . والمساهمة في تثقيف المواطن في كيفية الحصول على المعلومة . وتقديم المشورة للجهات المعنية في شأن الحصول على المعلومات . وإعداد نماذج طلب الحصول على المعلومة .
في الفصل الثالث تضمن لكل عراقي حق الحصول على المعلومة . وللأجنبي المقيم في العراق الحصول على المعلومة وفق أحكام هذا القانون أذا كانت له مصلحة مشروعة وشرط المعاملة بالمثل . وتلتزم الجهات المعنية بتكليف موظف مختص للمتابعة . يقدم طلب الحصول على المعلومة من ذي العلاقة أو وكيله . يسجل طلب الحصول على المعلومة في السجل الخاص بالجهة المعنية . يبت الرئيس الأعلى أو من يخوله خلال ( 5 ) أيام بقبول الطلب كليا أو جزئيا أو رفضه . وفي حالة قبول الطلب تزود المعلومة خلال (15) يوما ويجوز تمديد المدة لمرة واحدة لأتزيد على ( 7 ) أيام . وتقدم المعلومة فورا وفي أجل أقصاه (3) أيام أذا كانت المعلومة ضرورية لحماية حياة أحد الأشخاص أو حريته . ويجوز تمديدها ( 3 ) أيام أذا كان الطلب يتضمن عددا كبيرا من المعلومات . ويتحمل صاحب الطلب نفقات الحصول على المعلومة .
تضمن الفصل الرابع ـ نطاق الاطلاع على المعلومات التي لا يجوز الحصول عليها ـ القوات المسلحة والدفاع عن الدولة . والأمن الوطني والسياسة الخارجية . والاتصالات والمراسلات الدولية . والوثائق السرية . ومداولات مجلس الوزراء والمجالس الوزارية الخاصة . والمداولات الخاصة بعمل الوزارات. والمعلومات والملفات الشخصية المتعلقة بالأشخاص . والتوصيات . أو الاقتراحات أو الاستثمارات التي تقدم لاتخاذ قرار معين من أي جهة ـ والمعلومات والمراسلات ذات الطبيعة الشخصية والسرية باستثناء الشخصية أنفسهم . والمعلومات التي يودي الكشف عنها إلى التأثير على المفاوضات بين جمهورية العراق ودولة أخرى . والتحقيقات الإدارية والجزائية . والمفاوضات ذات الطبيعة التجارية أو الاقتصادية أو الصناعية أو المالية. والمعلومات عن البحوث العلمية والثقافية التي يودي الكشف عنها الإخلال بحق المؤلف والملكية الفردية . والمعلومات التي تؤدي في التأثير في سير التحقيق أو المحاكمة . وعقود المناقصات والمزايدات . والمعلومات التي تمنع القوانين النافذة من الاطلاع عليها .
للموظف المختص بعد موافقة الرئيس الأعلى رفض تزويد ما يأتي ـ التغيرات على الممتلكات الحكومية من أسهم وأموال منقولة وعقارات . والصفقات والمناقصات التي تنوي الجهة المعنية عقدها . والمعلومات التي تتعلق بالتوقعات عن كوارث طبيعية أو أمراض معدية . والمعلومات التي يمكن أن يؤدي كشفها إلى المساس بالإفراد أو إلحاق الضرر بهم . تلتزم الجهات المعنية بالكشف عن المعلومات المنصوص عليها .
في الفصل الخامس تناول نشر المعلومات الآتية . تلتزم الجهات المعنية باستثناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بنشر المعلومات التالية المتعلقة بها ـ والهيكل التنظيمي والنظام الداخلي . والوصف الوظيفي للوظائف . ومهام المدراء العاميين فأعلى والضوابط الخاصة بعملهم والخدمات التي تقدمها . والقرارات الإدارية التي تؤثر في شؤون المواطن . والإجراءات المتعلقة في الحصول على المعلومة والتقارير السنوية المتعلقة بالانجازات . والموازنة والحسابات الختامية . والأرصدة والأملاك المنقولة . والأملاك العقارية والأملاك المخصصة والأملاك المؤجرة . ودليل عن نظام حفظ الوثائق . والمشروعات المنجزة والتي في طور الانجاز . وإجراءات التوظيف .
في الفصل السادس وتحت عنوان الأحكام الختامية تضمن تشكل لجنة مختصة في كل وزارة أو جهة غير مرتبطة بوزارة للنظر في الاعتراضات المقدمة من المتضرر من قرار رفض طلب الحصول على المعلومة أو المتضرر من قرار الموافقة على منح المعلومة . تكون قرارات اللجنة قابلا للطعن إمام محكمة القضاء الإداري . تحدد أجور طلب الحصول على المعلومة وطلب الاعتراض على رفض طلب الحصول أو طلب المتضرر من قرار الموافقة على منح المعلومة إلى طالبها بتعليمات يصدرها رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا لحقوق الإنسان .
في المادة (16) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة أو بإحدى العقوبتين ـ كل من نشر معلومات التي لا يجوز الحصول عليها ـ وأمتنع عمدا عن تقديم المعلومات إلا أذا كان الامتناع مبنيا على أسباب معقولة ومقنعة ـ حجب عمدا المعلومات الواجب الاطلاع عليها بموجب أحكام هذا القانون ـ قدم عمدا معلومات غير صحيحة ـ أتلاف وثيقة أو معلومة بهدف منع الوصول إليها ـ تعطيل الحصول على المعلومة أو تطويل الإجراءات ـ تقديم المعلومة السرية أو الإفصاح عنها ـ لرئيس مجلس المفوضين إصدار تعليمات لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون .
أما الأسباب الموجبة فهي . نشر وإشاعة مفاهيم الشفافية والنزاهة وتعزيز ثقة المواطن بالجهات المعنية ومن أجل ترسيخ مبادئ الديمقراطية وضمان حق المواطن في الاطلاع على المعلومة والحصول عليها وتنفيذا لالتزامات العراق الدولية بمقتضى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام (2004) والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) شرع هذا القانون . وفي نهاية المقال أتناول أهم الملاحظات والمقترحات التي توفرت لدينا ـ :
أولا ـ منح المشروع وسائل الإعلام والمواطن حق الحصول إلى المعلومة فيما يخص مشاريع الوزارات والمؤسسات وسؤ الأداء وتشخيص وسائل الفساد . وهو حق لا يقل أهمية عن التعليم والصحة وبقية الحقوق التي وردت في الدستور والقوانين .
ثانيا ـ هذا المشروع يرسم الآليات للحصول على المعلومة ويقدم دعما كبيرا للمواطنين ومنهم الباحثين والمحامين والإعلاميين والدارسين لمختلف المستويات وتنوع العلوم .
ثالثا ـ يعد هذا المشروع هو الأساس وأحد أعمدة الوصول إلى الحكم الرشيد وتأكيد لدعم الإعلام وحرية التعبير عن الرأي والرأي الأخر والتجسيد الحي للمادة 38 من دستور 2005 ولبقية القوانين الإعلامية .
رابعا ـ المدد التي نص عليها المشروع في المادة ( 16 ) قد تكون طويلة في الرد على طلبات الإجابة الأمر الذي ينتفي الغرض من طلبها . ونرى أن لا تتجاوز ثلاثة أو خمسة أيام في الأكثر .
خامسا ـ يلاحظ أن الجهة المشرفة لتنفيذ القانون غير مؤهلة لذا يقتضي تشكيل هيئة قضائية مستقلة تتولى استقبال الطعون في القرارات العقابية التي تصدر عن رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا لحقوق الإنسان .
سادسا ـ أن المشروع لم يأخذ بعين الاعتبار شمول المؤسسات غير الحكومية والنقابات والمنظمات والأحزاب والشركات المسجلة على الرغم من أهمية المعلومات المتوفرة لديها .
سابعا ـ أن النظر في قبول الطلبات والموافقة عليها كليا أو جزئيا أو رفضها تكون حصرا برئيس الدائرة ونرى أن تمنح الصلاحية لأحد الموظفين النظر فيها عند غياب الرئيس ( المادة 9 / أولا / الفقرة أ )
ثامنا ـ ضرورة منح خصوصية مميزة للإعلاميين وإتاحة الفرص أمامهم بالحصول على المعلومة بصفتهم المهنية والحرفية التي يتمتعون بها وفقا للقانون .
تاسعا ـ نأمل أن يتم تعديل المشروع بما يتوافق مع الحوكمة ووسائل الربط الالكترونية الحديثة التي غزت العالم والابتعاد عن استخدام الوسائل الورقية ألا للضرورة القصوى .
عاشا ـ نوصي بإلغاء العقوبات التي وردت في المادة ( 16) من هذا المشروع لأن قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وقانون انضباط موظفي الدولة رقم (14 لسنة 1991 ) وتعديلاته قد تضمنها .
وأخيرا فأن هذا المشروع أذا ما أقر فأنه يسجل حضورا دستوريا وسياسيا وتشريعا وإعلاميا متفوقا على بقية الحقوق التي وردت في الدستور والقوانين النافذة .