مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي في العراق
المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
مع بدايات عام (2023) روجت وسائل الأعلام مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي على وفق عدد من أحكام المواد الدستورية (3 و7 و8 و14 و38 /أولا وثانيا و42 و46 و103/ أولا ) التي كفلت حرية التعبير عن الرأي وحريات الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر وأحكام المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة (1948) والمادتين (19و20) من العهد الدولي . وسوف نعرض للقارئ إيجازا مقتضبا جدا لهذه اللائحة التي احتوت على (36 ) مادة و(17 ) فصل .
لقد تضمنت لائحة التنظيم التعاريف والأهداف والسريان ـ المقصود بالهيئة ـ الهيئة الموقع الالكتروني الذي عرف بأنه حيز افتراضي على الانترنيت له نطاق محدد وأسم معروف . في حين أن العنوان الالكتروني عبارة عن الأحرف والأرقام والرموز التي تستخدم للدلالة على موقع في شبكة الانترنيت . والمدونة الالكترونية عبارة عن موقع شخصي مصغر ينشاه المستخدم . والتطبيق الرقمي برنامج معين يقدم عبر حيز رقمي واحد تحت مسمى معين . والمنتدى الرقمي موقع الكتروني له عنوان ثابت يسمح لأعضائه بطرح مواضيع متنوعة والتفاعل فيما بينهم عبر النص . وأما دار النشر الرقمية فهي مؤسسة نشر رسمية وموثقة تعنى بتسويق المصنفات الرقمية المتعددة . وأما المستخدم ( المتعامل الرقمي ) فهو كل شخص طبيعي أو معنوي يستفيد من الخدمات المتعددة التي يقدمها الانترنيت . وأما التسجيل فهو القيد والأشعار الذي يقدمه المستخدم إلى هيئة الأعلام والاتصالات قبل المباشرة في نشر المحتوى الرقمي . وأما الموقع الشخصي فهو عبارة عن موقع ينشئه شخص لعرض سيرته الذاتية واهتماماته لتمكينه من التواصل مع أصدقائه وذوي الاهتمام المشترك . وأما وسائل التواصل الاجتماعي فهي مجموعة من تطبيقات الانترنيت يمكن من خلالها أنشاء وتبادل المحتوى الرقمي بكافة إشكاله . وأما المحتوى الرقمي فهو المضامين التي يجري ترميزها في الأوعية الرقمية المتعددة ينتجها . وأما المحتوى الرقمي والرصين والهادف فهو عبارة عن المضامين الأوعية الرقمية التي ينتجها صناع المحتويات الرقمية بالتزام القيم المجتمعية السائدة . وأما المحتوى الرقمي الهابط فهي مضامين الأوعية الرقمية التي ينتجها صناع المحتويات الرقمية التي لا تراعي القيم المجتمعية السائدة وتروج للمفاهيم والممارسات غير الأخلاقية . وأما صناع المحتوى الرقمي فهم مجموعة من مستخدمي الانترنت ممن لديهم المهارات الرقمية التي تؤهلهم على تجسيد المضامين ذات العلاقة بالشؤون العراقية والإقليمية والدولية في المجالات المختلفة . أما معايير جودة المحتوى الرقمي فهي القواعد والقيم التي يجب توفرها في المحتويات الرقمية ويتم على وفقها قياس فعالية المحتوى ومدى رصانته . في حين أن مؤثر الانترنيت ( الشخصية العامة ) فهو كل صانع للمحتويات الرقمية على اختلاف أشكالها ومضامينها ويكون له من المتابعين مالا يقل عن (25) خمسة وعشرون إلف مستخدم يحققون له تفاعلات كبيرة . وأما الإعلان الرقمي فهو كل محتوى رقمي يهدف إلى تسويق أو بيع أو ترويج منتج مادي أو غير مادي لقاء دفع مبلغ محدد غير أوعية التمويل الالكتروني المعروفة . في حين أن النشر الرقمي فهو توظيف المحتويات التي يصنعها المستخدم في الأوعية الرقمية المتعددة لتصل إلى جموع المستخدمين . وأما وكالة الأنباء الالكترونية فهي عبارة عن موقع الكتروني له عنوان ثابت يقدم خدمات النشر الصحفي المقروءة والمسموعة والمرئية على الشبكة . وأما التشهير الالكتروني فهو التعمد بإعلان الوقائع والإحداث ذات القدر العالي من الخصوصية الشخصية التي تحمل أكثر من رأي أو تفسير عبر الأوعية الرقمية وبما يشكل فضحا أو إساءة للشخص المستهدف وتقدمه صورة به غير مقبولة لمحيطه الاجتماعي . وأما الابتزاز الالكتروني فهو مساومة المستخدم الضحية بتسريبات المحتويات الرقمية ذات القدر العالي من الخصوصية مقابل الحصول على مبالغ مالية أو استغلاله بأي شكل من الإشكال . في حين أن البغاء الالكتروني هو توظيف الأوعية الرقمية للوساطة بين طرفين لاستئجار أو تقديم خدمات جنسية خارج الأطر المشروعة . وأما التنمر الالكتروني فهو عبارة عن نشر محتويات عبر الأوعية الرقمية بقصد توجيه الإساءة المتكررة . وأما العنصرية والتمييز الالكتروني فهو عبارة عن نشر المحتويات الرقمية التي تعمل على تفريق المجتمعات المستهدفة على أسس دينية أو عقائدية أو سياسية أو عرقية بما يهدد السلم المجتمعي والوحدة الوطنية . أما خطاب الكراهية فهو أي وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي بالقول أو الفعل أو السلوك أو الإيماء يتضمن مهاجمة أو استخدام لغة ازدراء عدائية تمييزية مسيئة . وأما ازدراء الأديان فهو كل فعل أو قول أو إيماء من شأنه الإساءة إلى الذات الإلهية أو الأديان أو الأنبياء أو الرسل أو الكتب السماوية أو دور العبادة أو الرموز الدينية المقدسة بأي وسيلة كانت . وأما الإرهاب كل فعل أجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة تستهدف فردا أو مجموعة أفراد أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع الأضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني ويمكن تحديد طبيعة العمل الإرهابي إلى ( قانون مكافحة الإرهاب رقم 37 لسنة 2005 أو قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 39 لسنة 2015 أو أي قانون أخر يحل محلهما ) وأما المعلومات الشخصية فهي أي معلومة تتعلق بالمستخدم والتي من شأنها تحديد كل المعلومات الخاصة والعامة بشخصيته .
في حين تضمنت اللائحة أهداف تحقيق الاستخدام الأمثل والآمن للمنصات والمواقع الالكترونية بالشكل الذي يحترم خصوصية الفرد وحرية الرأي والتعبير . وتوفير الحماية القانونية والفنية للمحتوى الإعلامي الرقمي الهابط أو المسيء . والمساهمة في تقليل تبني أو ترويج أو تحبيذ أو تحريض أو تبرير الجرائم أو الإرهاب. وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وحفظ حقوق المستخدم وحماية الملكية الفكرية والبيانات والعلامات والمصنفات الرقمية . وأما بشأن سريان اللائحة فتسري على جميع المستخدمين من الأشخاص الطبيعية والمعنوية في العراق وتنطبق على المحتوى الرقمي بجميع أشكاله ـ والمواقع الالكترونية للجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية والبحثية والأندية الأدبية والثقافية والرياضية وغيرها ـ والمواقع الشخصية ـ ودور النشر الرقمية ـ ووكالات الأنباء والصحف الرقمية ـ والمنتديات والمدونات الرقمية ـ ووسائل التواصل الاجتماعي ـ والتطبيقات الرقمية ـ والإعلانات الرقمية ـ وأي شكل من إشكال النشر الالكتروني الأخرى التي ترى هيئة الإعلام والاتصالات أضافته مستقبلا .
أما ضوابط ومعايير المحتوى الرقمي فقد تضمنت . أن على المستخدم الالتزام بضوابط المحتوى الرقمي التي تضمنت:
1 – تعزيز الهوية الوطنية للعراق وقيمه وتراثه.
2 – الحفاظ على القيم الاجتماعية السليمة ودور الأسرة في بناء المجتمع.
3 – حماية الأمن الوطني والنظام العام والمحافظة على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي.
4 – حماية الجودة المالية للمحتوى الرقمي وتعزيزها.
5 – الحفاظ على القواعد العامة للذوق العام واللياقة.
6 – عدم المساس بكرامة الأشخاص أو حياتهم الخاصة.
7 – عدم إفشاء أو تسريب الوثائق الرسمية أو مايدور في الاجتماعات السرية إلا بأذن خاص منها.
محظورات المحتوى الرقمي :
يحظر كل فعل أو قول أو إيماء يتضمن كل ما من شأنه إثارة الكراهية أو البغضاء والتحريض الخ . الانتقاص أوالحط من الكرامة الإنسانية لأي فرد وبالأخص الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة ـ الإساءة إلى الدولة والسلطات العامة والأشخاص الطبيعية والمعنوية ـ استهداف النظام الديمقراطي في العراق ـ تعريض الأمن القومي للدولة أو السلم الأهلي أو الوحدة الوطنية للخطر ـ أثارة البغضاء أو التفرقة بين أفراد الشعب أو قومياته الخ ـ ازدراء الأديان والطوائف والمذاهب المعترف بها في العراق ـ انتهاك النظام العام والآداب والقيم الخلقية ـ استخدام أساليب التهديد والابتزاز والتأثير على القضاة بشأن الدعاوى المعروضة إمامهم ـ بث الأخبار والإشاعات الكاذبة ـ الترويج للعلاقات غير المشروعة أو البغاء والسمسرة ـ الترويج للمثلية والإلحاد والتكفير والطائفية والكيان الصهيوني والماسونية والسحر والشعوذة والتنجيم ـ نشر أو ترويج المحتوى الذي يتضمن نشر أي مادة مرئية أو مسموعة مصورة لأي أماكن محددة الدخول كالنوادي والملاهي وغيرها ـ نشر أو ترويج المحتوى الذي يتضمن تسريب الأسئلة الامتحانية ـ الترويج للألعاب أو العقاقير الجنسية غير المرخصة ـ المقالب الفاكهية أو الكاميرات الخفية والألعاب المسابقات التي من شأنها تعريض حياة الإفراد للخطر ـ
وبينت اللائحة محظورات المحتوى الرقمي بالتفصيل الممل بدأ ـ ازدراد الأديان ـ العنف والتمييز والتطرف والإرهاب ـ الترويج والتحريض والتحبيذ للجرائم ـ والموجه ضد الفئات ( حماية المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن ) وتطرقت اللائحة إلى المحتوى الرقمي ذات العلاقة بالمحظورات الالكترونية الموجه إلى (القضاء ـ التضليل الإعلامي الأنشطة التجارية ـ الذوق العام والأخلاق العامة ـ منع انتهاك الخصوصية ) . ثم تتطرق اللائحة إلى حقوق المستخدم وواجباته وصندوق دعم المحتوى الرقمي وجائزة الإبداع في المحتوى الهادف والإعلانات في المحتوى الرقمي . والجزاءات القانونية التي وردت في المادة (33) التي تضمنت أجرأءات في حالة مخالفة المحتوى الرقمي المتعلق بأحد الكيانات فتفرض الهيئة الجزاءات التالية :
1 – تعليق النشر.
2 – حذف المادة المسيئة.
3 – الإنذار ومراجعة الهيئة والتعهد بعدم تكرار المخالفة.
4 – منع الظهور في الوسائل الإعلامية.
5 – تحويل الملف إلى القضاء.
6 – الحجب.
إضافة إلى ما ذكر تفرض الهيئة على المستخدم غرامات مالية تصل إلى خمسة ملايين وإذا اقترنت بأحد الظروف المشددة كأن ترتكب ضد السلطات العامة أو الأجهزة الأمنية أو أذا ارتكبت من موظف أو مكلف بخدمة عامة . ويطبق فانون العقوبات رقم ( 111 لسنة 1969 ) وقانون هيئة الإعلام والاتصالات رقم (65 لسنة 2004 ) أو أي قانون أخر يحل محله فيما لم يرد به نص في هذه اللائحة .على أن تنفذ أللائحة من تاريخ مصادقة مجلس المفوضين عليها ونشرها في الموقع الرسمي للهيئة . ومنح المستخدم للمحتوى الرقمي مدة (60 ) يوما وذلك لغرض تكييف الأوضاع القانونية بما ينسجم مع أحكام هذه اللائحة.
ومن خلال اطلاعنا على هذه أللائحة توفرت لدينا الملاحظات وما نشر عبر وسائل الإعلام من انتقادات كثيرة بعضها محق يرتبط بوجهات نظر متوافقة أوقد تكون مختلفة أحيانا والتي سنذكرها بإيجاز .
- يلاحظ أن من محاسن اللائحة أنها تضمنت الصفة التنظيمية والإجرائية على الرغم من وجود نصوص عقابية . وهي معالجة حقيقية للفوضى العارمة التي تسود أنشطة المجتمع المتعددة عبر منصات التواصل الاجتماعي . وتبقى العبرة بالتطبيق .
- أن وجهة نظر المنتقدين لهذه أللائحة تكمن في الخشية من النيل من رجال الصحافة والإعلام والمدونين وغيرهم أن حماية المجتمع تتم من خلال صياغة القوانين والأنظمة الإجرائية والعقابية وليست هذه أللائحة .
- صعوبة عملية الفرز في موضوع الإساءة للعلاقات الدولية والإقليمية من خلال التغطية الإعلامية أو النشر في ضوء الاجتهاد والترويج الإعلامي غير المقصود قد يعرض ألأعلامي إلى المحاسبة وفقا للائحة واختلاف وجهات النظر .
- قد تعمل أللائحة على المشاركة مع بقية القوانين الجزائية الحد من مخاطر تفشي المخدرات والتداول في بيع وشراء الأعضاء البشرية والأدوية غير المرخصة وبالتعاون والتنسيق مع وسائل الإعلام الحر .
- لا توجد أية علاقة بين مسودة أللائحة التي تهدف إلى تحصين المجتمع والمحتوى الهابط الذي يشكل جرائم يعاقب عليها القانون ومرفوضة من المجتمع بكل أطيافه .
- تضمنت اللائحة نصوصا لابد من تعديها أو إلغائها وهي كثر والتي لها علاقة بحرية الإعلام الحر لأنها تخضع للقياس والتأويل والاجتهاد الموضوعي ومحل خلاف من حيث التطبيق وفرض الجزاءات.
- من الضروري أعادة دراسة مسودة اللائحة في ضوء ملاحظات وانتقادات رجال القانون والصحافة والإعلام . والدعوة إلى تنظيم ندوات واجتماعات مكثفة بغية أعادة صياغة اللائحة على وفق مشروع قانون يرسل إلى مجلس النواب بغية مناقشته والتصويت عليه .