مبدأ استقلال مهنة المحاماة
مبدأ استقلال مهنة المحاماة
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
عرفت مهنة المحاماة منذ فجر التاريخ فعند المصريين القدماء عام 2778 قبل الميلاد فكانت هناك مجموعات تعرض المشورة والمساعدة للمتخاصمين وفي عهد حمورابي 1750 قبل الميلاد حيث كان لكل خصم في دعوى مدنية او جنائية حق توكيل غيره للمطالبة بحقه او براءته ويرجع اول تنظيم للمحاماة في العالم الاسلامي كان في عام 1876 ميلادية حيث تم وضع نطام وكلاء الدعاوى في الدولة العثمانية .
وفي عام 1933 تأسست في العراق اول هيئة نقابية تختص بإدارة شؤون المهنة واعقب ذلك صدور العديد من القوانين ابرزها قانون نقابة المحامين رقم 157 لسنة 1964 وقانون المحاماة رقم 173 لسنة 1966.
كما اجريت تعديلات اخرها قانون رقم 1 لسنة 2018 . كما ان النقابة لم تبخل في اصدار الكثير من الأنظمة والتعليمات واللوائح التي تتعلق بواجبات المحامي واخلاقية المهنة والية الانتماء .
وترتبط مهنة المحاماة بالحياة السياسية والقانونية والاجتماعية وهي مهنة سامية ذات دوافع نبيلة وتحمل رسالة انسانية ولها واجبات ثلاثية مع الموكل والخصومة والمحكمة .
وكما تشكل مع القضاء المعادلة التي تحقق العدالة لذلك نجد ان المادة 19 / الفقرة حادي عشر تنص على ( تنتدب المحكمة محاميا للدفاع عن المتهم بجناية او جنحة لمن ليس محام يدافع عنه وعلى نفقة الدولة ) . وفي قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 النافذ في المادة 144 الفقرة ب ( يندب رئيس محكمة الجزاء محاميا للمتهم في الجنايات ان لم يكن وكل محاميا عنه الى اخر النص ) ويعني انه لا تنعقد المحكمة الا بحضور المحامي المنتدب الذي تنتدبه المحكمة بالتنسيق مع نقابة المحامين . اذن هي جزء لا يتجزأ من المحكمة في صناعة الحكم القضائي .
ان المحامي يبذل جهدا كبيرا في التعامل مع النص العقابي يفسره ويجتهد في تكييفه على وقائع الدعوى ويؤشر الخلل في التحقيق والمحاكمة بالأدلة والقرائن كي يحصد مع المحكمة الحكم العادل متحررا من كل تأثير او ضغط من اية جهة كانت الا لضميره الحر المستقل للدفاع عن موكله .
وان استقلال مهنة المحاماة تجذرت من خلال القوانين الدولية منها المادة 11 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة 14/ الفقرة 3 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وإعلان اثينا حول سيادة القانون 1955 والاعلان العالمي حول استقلال العدالة 1982 الذي أكد على استقلال السلطة القضائية والمحامين . كما ان اتحاد المحامين العرب سعى وبجهد كبير ومميز في تامين استقلال المحاماة في مؤتمره الرابع عشرفي الرباط 1980 واسس لجنة لاستقلال المحاماة والقضاء وفي شباط 1991 وجه استبيانات الى جميع النقابات للتعرف على واقع استقلال المحاماة والقضاء كما خصص الاتحاد فقرة خاصة للمتابعة عبر وسائل اعلامه . وكان للنقابات المهنية للمحامين دورا رياديا في ترسيخ استقلال المهنة وتوطيد علاقتها بالقضاء فحققت نجاحات كبيرة في هذا المجال .
ان من اهم واجبات المحامي التحلي بالنزاهة والالتزام بقواعد اجراءات التقاضي والمحافظة على اسرار موكله المهنية والامتناع عن الشهادة ضده او تقديم المشورة لخصمه واعادة المستندات الى موكله بعد حسم الدعوى واما حقوق المحامي فهو حر في قبول او رفض الوكالة واختيار خطة دفاعه وحقه في الاتعاب المتفق عليها وانهاء وكالته والانسحاب منها وأخيرا عليه ان يبتعد كليا عن جميع الوسائل لجلب الزبائن بالدعاية الرخيصة لان اخلاقية المهنة ترفض ذلك . ولمن يريد ان يتعرف على تاريخ هذه المهنة عليه ان يقرأ مئات البحوث والدراسات والمؤلفات ليتعرف على السمات الطيبة والانسانية والنبيلة والعلمية والنزيهة للمحامين الاعلام الذين تعاقبوا على رئاسة وعضوية مجالسها وجمهور المحامين المنتسبين اليها .