مبدأ استقلال القضاء
مبدأ استقلال القضاء
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
ان من اهم المبادئ القانونية والدستورية وعلى الاطلاق هو مبدأ استقلال القضاء الذي اساسه الحياد بين الخصوم وان تكون احكامه حيادية ومقنعة غير خاضعة الى السلطة التنفيذية او الى المصالح الخاصة للأحزاب السياسة وادوات السلطة الامنية والشرطوية والاستخبارية وغيرها .
وان لا يكون هناك تأثير على القضاء مادياً او معنوياً او تدخلاً مباشراً وغير مباشر وبأية وسيلة كانت . وبالمقابل على القضاء ان يرفض هذه التأثرات ويحرص على سمعته ونزاهته واستقلاله .
وان من أهم اعمدة هذا المبدأ حسن اختيار القضاة ومنحهم السلطات الحقيقية التي تتجاوز الروتين والشكليات التي تلزم بها الحكومة مؤسساتها التي تحدد لها الصلاحيات وهذا لا يسري على القضاء لتفوقه على بقية السلطات من حيث تملكه حق صياغة الاحكام واصدارها باستقلالية كاملة .
وان على السلطة القضائية توفير المناخات المريحة والمناسبة ليمارس القضاء عمله بعيدا عن الضغوطات ويصدر احكامه وقراراته بحياد تام واستقلال حقيقي وليس صوري . وكذلك توفير ضمانات كافية لحماية القضاة وايقاف التدخلات في شؤونهم القضائية من حيث تعينهم وترقيتهم وعزلهم لان ذلك من اختصاص السلطة القضائية تحديدا .
ونامل ان يشرع مجلس النواب قانونها وقانون المحكمة الاتحادية العليا الذي طال انتظارهما بسبب الخلاف بين ممثلي الاحزاب الفاشلة في المجلس وعلى كل حال فان المواد الدستورية هي الضمانة لوقف التدخل في القضاء وشؤون العدالة ومنها المادة (19/ اولا ) التي نصت ـ القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ـ ونصت المادة (87 ) ـ السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر احكامها وفق القانون .
اما المادة ( 88 ) فقد نصت ـ القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة .
هذه المواد هي التي ضمنت استقلال القضاء ومع ذلك تبقى الضرورة ملزمة لتشريع قانون السلطة القضائية وعلى وجه السرعة.
كما لابد من ايقاف التدخلات من قبل الافراد والاحزاب والمسؤولين في الكف عن التدخل في القضاء فهناك الكثير من المواد القانونية التي تفرض عقوبات بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين ( التوسط لدى القضاة لصالح احد الخصوم او الاضرار به او نشر امورا من شأنها التأثير في الاحكام او القضاة ونشر اخبارا بشان محاكمة قرر القانون سريتها ) هذه هي خلاصة المواد ( 233 و235 و236 ) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 التي وردت تحت عنوان الجرائم المخلة بسير العدالة والمساس بسير القضاء وهذه المواد شبه معطلة فالجميع سواء كان في السلطة او خارجها يصر على مخالفتها و يتوسط ويتدخل طامعا بمرونة التصرف من قبل القاضي بحكم الصداقة والقرابة مع ان هذه الوساطة لها تأثير سلبي على سمعة القضاء ومهنة المحاماة أيضا وتوجب تطبيق المواد اعلاه بحزم وقوة وتصميم .
واما على مستوى المواثيق والقرارات الدولية فأنها اكدت على احترام هذا المبدأ فالمادة (16 ) من اعلان حقوق الانسان والمواطن لعام 1789 تضمنت ( ان كل مجتمع لا تكون فيه ضمانات للحقوق ولا يفصل بين السلطات ليس لديه دستور ) كما ان المادة (10) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان تضمنت ( لكل انسان الحق على قدم المساوات التامة مع الاخرين بان تنظر قضيته امام محكمة مستقلة نزيهة نظرا عادلا وعلنيا للفصل في حقوقه والتزاماته ) وفي مؤتمر سانتياجو عام 1961 تم التأكيد على وجود قضاء مستقل افضل الضمانات للحريات الشخصية .
وهناك الكثير من الدساتير والقوانين الوطنية والاقليمية والدولية التي تضمن مبدأ استقلال القضاء وترسيخ العدالة والمساوات .