لجنة تعديلات دستور 2005
لجنة تعديلات دستور 2005
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
المقدمة
كنت أحد المتابعين لأعمال اللجنة الثانية التي شكلت لتعديلات الدستور عبر وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي استجابة لتصاعد الاحتجاجات الدامية والتظاهرات الشعبية المتصاعدة التي شهدها العراق مطلع تشرين الاول من عام ( 2019 ) والتي ماتزال مستمرة وتتسع لتشمل أغلب محافظات العراق جنوبه ووسطه والعاصمة بغداد .
وكان من بين اهم المطالبات الغاء الدستور او تعديله وتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي والانساني المتردي واسقاط الحكومة وبالفعل فقد غادرت حكومات واستبدلت بأخرى واستقر الحال عند حكومة السيد الكاظمي التي تعهدت بتحقيق اصلاحات جذرية ومن بينها اجراء انتخابات مبكرة وأجراء تعديلات مهمة جوهرية لعدد من مواد الدستور و تغيرات اساسية في بنية المجتمع وتطبيق العدالة والسعي الجاد لتوفير الامن والامان الا ان الحال بقي كما كان عليه ان لم يكن قد تراجع كثيرا واما بشأن الدستور فقد سبق ان شكلت لجنة لتعديل الدستور في الدورة الاولى لمجلس النواب في حينه وانجزت اعمالها وأعدت تقريرها الا انه لم يرى النور بسبب ان لجنة التعديلات الدستورية يجب ان تشكل في بداية الدورة النيابية (المادة 142/ الفقرة اولا ) التي نصت على (يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب خلال مدة لا تتجاوز أربعة اشهر يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجرائها على الدستور وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها ) ثم شكلت الجنة الثانية على وفق المادة ( 126 / الفقرة اولا) والتي نصت (لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين او لخمس اعضاء مجلس النواب اقتراح تعديل الدستور) واكملت اللجنة مهمتها والتعديلات التي اتفق عليها وهي في محطة الانتظار لحين مناقشتها من قبل مجلس النواب .
دور المنتدى العراقي في اظهار عيوب الدستور
لقد كان دستور (2005 ) موضوع جدل وخلاف وتقاطع في وجهات النظر في اغلب مواده وكتب عن هذا الدستور الكثير من الدراسات والبحوث والمقالات واقيمت الندوات والمناظرات وتناوب المختصون في القاء المحاضرات ومنذ صدوره .
لقد تصدر المنتدى العراقي للنخب والكفاءات / اللجنة القانونية هذه الانشطة والممارسات ومنذ بدايات تأسيسه في عام ( 2014) وفي اذار من عام (2016 ) نظمت اللجنة القانونية للمنتدى ندوة دستورية تحت عنوان ( دستور جمهورية العراق لعام 2005 ) رؤية تقييمية بعد اكثر من عقد من الزمن ، شارك فيها عدد من المختصين في صياغة وكتابة الدستور حيث تناولت مواضيع من بينها ( الهوية الوطنية للدستورـ معوقات المحاصصة السياسية ـ النظام البرلماني ومدى ملائمته لواقع العراق ـ واقع السلطة التنفيذية ـ ادارة الثروات الطبيعية في الدستور ـ النظام الانتخابي الانسب في العراق ) وتمخض عن هذه الندوة عددا من التوصيات والمخرجات بثت عبر القنوات الفضائية مباشرة وبقية وسائل الاعلام الاخرى .
ثم استمر رئيس واعضاء اللجنة القانونية بكتابة الدراسات والبحوث وبدعم الامانة العامة معنويا وسجلوا حضورا لافتا من خلال القاء المحاضرات الاسبوعية التي نظمها المنتدى في عمان قبل انتشار ( كوفيد ـ 19) ومن ثم قامت الامانة العامة للمنتدى باختيار موقع لبث المحاضرات عن بعد ومن بينها ذات العلاقة بالدستور .
فكان لهذا النشاط المميز الدور الريادي في بلورة الافكار والآراء التي تسهل مهمة اجراء التعديلات الضرورية من قبل اللجان الحكومية التي تشكل لهذا الغرض لاحقا . وقد لوحظ ان عددا من التعديلات التي اطلعنا عليها والتي تضمنتها اللجنة الدستورية الرئاسية الثانية قد تناولتها أنشطة اللجنة القانونية الا ان هناك المزيد منها لم يطالها التعديل وسنشير اليها لاحقا .
تعديلات اللجنة الرئاسية
لقد توقع المحتجون بعد تشكيل اللجنة انهم سيحصدون مطالبهم وزيادة الا انهم فوجوا بتعديلات لا تحقق الحد الادنى من طموحاتهم بعد ان ضحوا بمئات الشهداء مع العرض ان عددا من التعديلات طفيفة وهامشية وشكلية وغير ذات جدوى . والان استعرض وباختصار اهم التعديلات والملاحظات التي توصلت اليها اللجنة الرئاسية بعد ان قامت بتخصيص استمارة الكترونية لاستقبال المقترحات والآراء بغية الوقوف على راي المختصين والجمهور وحسنا فعلت ذلك , والحقيقة ان اللجنة لم توفق بعملها وتوصي بتعديلات تنسجم وتتوافق وتجسد مطالبات المحتجين بإلغاء او تعديل المواد التي اتضح من خلال التطبيق انها بحاجه ماسة وضرورية الى التعديل والتغير ومن بين توصيات اللجنة
اولا ـ لاحظت اللجنة ان الديباجة طويلة ولابد من اختصارها مع الحفاظ على مضمونها
ثانيا ـ ان هناك بعضا من المواد لا تحتاج الى تغير كلي بل الى جزئي أي ( تعديل طفيف ) ثالثا ـ اجرت اللجنة تعديلا بشأن عدد اعضاء مجلس النواب من ( 329 عضوا الى 175 عضوا ) ويعني ذلك ان لكل (250) الف ناخب يمثلهم عضو واحد في المجلس .
رابعا ـ اوصت اللجنة توحيد التعديلات للجنة السابقة والحالية وتوحيدها وعرضها في مجلس النواب في سلة واحدة .
خامسا ـ اما بصدد المادة (65) التي تضمنت تشكيل مجلس الاتحاد اوصت اللجنة بضرورة الاسراع بتشكيل مجلس الاتحاد لا نه صمام الامان بالنسبة للمحافظات والاقاليم ولمستقبل العراق
سادسا ـ اعتبرت اللجنة ان قرار المحكمة الاتحادية العليا بشان الكتلة الاكبر هي التي تشكل بعد الانتخابات في حين ترى اللجنة ان المقصود بالكتلة الانتخابية هي التي تشكل قبل الانتخابات والتي تفوز بأكبر عدد من المقاعد
سابعا ـ ورأت اللجنة ان المادة ( 115 ) التي تضمنت الصلاحيات المشتركة والاتحادية وموضوع النفط والغاز لا تحتاج الى تغير او تعديل
ثامنا ـ اوصت اللجنة منح رئيس الجمهورية صلاحية النقض للاتفاقيات والقوانين واعادتها الى مجلس النواب ومجلس الاتحاد بعد تعديل المادة ( 76) بهذا الاتجاه
تاسعا ـ وفيما يتعلق بمزدوجي الجنسية اضيفت فقرة في الدستور لا يجوز لهم تقلد وظيفة من مدير عام فما فوق ـ اما بشأن المادة ( 140 ) فقد حددت اللجنة مدة زمنية سنتين لتنفيذ هذه المادة بعد موافقة مجلس النواب على تعديلها .
الرأي والتوصيات
يتضح للقارئ ان اللجنة لم توفق في عملها ولم تقترح تعديلات تعبر عن الواقع ومطالبات المحتجين الا في عددا منها وتغافلت عن اقتراح تعديلات جوهرية مهمة اعتقادا منها عدم حصول موافقة الاحزاب والمكونات عليها في مجلس النواب وبالتالي لم ولن تمرر ويحكم على اللجنة بالفشل . وكي لا اطيل اذكر بعضا من الملاحظات والتوصيات التي قد تجدي نفعا ومن بينها
1ـ لا بد من اعادة صياغة الديباجة شكلا ومضمونا بما يخدم وحدة العراق وشعبه والابتعاد عن التسميات المذهبية والطائفية والمكونات او الدخول في تفاصيل ضعيفة في مصداقيتها فالديباجة يجب ان تكون عنوان الحقيقة والمرجع لمواد الدستور عند التطبيق وان تكون مختصرة قدر الامكان
2 ـ يجب اضافة منع تولي مزدوجي الجنسية أي منصب عسكري قيادي في القوات المسلحة او وزارة الداخلية
3 ـ أضافة عبارة العراق جزأ من العالم العربي في نهاية نص المادة ( 3 ) لتأكيد هويته العربية
4 ـ الغاء المادتين ( 41 و43 /اولا / ا وب ) التي احتوت على مضامين تهدف تكريس الطائفية والمذهبية
5 ـ لا نجد مبرر( للفقرة ثانيا من المادة 45 ) التي تكرس لمفهوم العشيرة والقبيلة الذي يتعارض مع مفهوم الدولة الدستورية
6 ـ تعديل مضامين نصوص المواد الواردة في الباب الثالث من المادة (47 الى المادة 101 ) ذات العلاقة يعمل السلطات واختصارها على ان تنظم بقانون
7 ـ تعديل المادة (121) المتضمنة منح الحق لسلطات الاقاليم ممارسة السلطات الثلاثة . ـ تعديل المادة ( 102) المتعلقة بالهيئات المستقلة بتحديد نوع المسؤولية وصلاحيات تعين وعزل هذه الهيئات
8 ـ أعادة النظر في فقرات المادة (122) الخاصة بمجالس المحافظات مع اضافة فقرة تتضمن انتخاب المحافظ مباشرة
9 ـ يتوجب عرض توصيات اللجنتين على مجلس النواب والتصويت عليها ومن ثم تمريرها قبل الانتخابات المبكرة
- ـ الغاء المادة (135 ) لا انتفاء الحاجة اليها ولتعارضها مع المادة ( 46 ) التي منعت تقيد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في الدستور
11 ـ أعادة النظر في صياغة المادة ( 112 ) المتعلقة بثروة النفط والغاز ومنح المحافظات المنتجة حصة اضافية عن بقية المحافظات . وكي لا اطيل اكتفي بهذا القدر من التوصيات على امل ان تنال هذه التوصيات أهمية من ذوي الاختصاص والمهتمين بمتابعة الشؤون الدستورية .