قانون الدفاع المدني العراقي رقم 44 لسنة 2013 العقوبات ووجوب التعديل
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
في هذا المقال سأتناول المواد العقابية دون الخوض في تشكيلات اللجان والصلاحيات الانضباطية والتعليمات والإجراءات الفنية والإعمال الإدارية ومهام المدير العام التي وردت في قانون الدفاع المدني رقم (44 لسنة 2013) وأبدأ بالفصل التاسع الذي تضمن العقوبات .
في المادة ( 20 ) التي نصت على الأتي ( يعاقب بالحبس مدة لأتزيد على (1) سنة واحدة أو بغرامة لا تقل عن (25000) مائتين وخمسين إلف دينار ولا تزيد على ( 1000000 ) مليون دينار كل من خالف احكام هذا القانون والتعليمات والقرارات الصادرة بموجبه ).
أما المادة ( 21 ) التي نصت على الأتي ( يعاقب المخالف لأحكام البند رابعا من المادة ( 5 ) من هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن ( 6 ) أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات أو بغرامة لا تقل عن ( 5000000) خمسة ملايين دينار ولا تزيد على خمسة عشر مليون ) .
أما في المادة ( 24 ) فقد تضمنت تخويل رئيس مجلس القضاء الأعلى رئيس الوحدة الإدارية سلطة قاضي جنح عند إعلان حالة الطوارئ أو الحرب أو عند حدوث الكوارث لإغراض تطبيق القانون .
ومنذ سنوات لا تتوقف حوادث الحرائق حتى أصبحت على مدار الساعات والأيام في بغداد والمحافظات وإقليم كرودستان للحكم الذاتي حيث شملت أماكن التخزين والدور السكنية والمحاصيل الزراعية ومؤسسات الدولة وعددا من المستشفيات . كما أدت الحرائق إلى انهيارات في الأبنية نتج عنها إصابات ووفيات ومفقودين وتشير الجداول الإحصائية للدفاع المدني أنه في عام 2021 سجلت ( 31 ) إلف و(500 ) حادث حريق معظمها نتيجة تماس كهربائي وأخطاء وإهمال . وقبل أيام طالت الحرائق مطار بغداد الدولي . ومن بين الأسباب التي أشار إليها مسئولو الدفاع المدني منها:ـ
- إهمال أصحاب المحال التجارية والمخازن في توفير وسائل السلامة.
- استخدام مواد غير صالحة للبناء.
- التوسع العمراني العشوائي.
- تحويل الكثير من الأبنية إلى مخازن غير نظامية وسط المناطق السكنية.
- عدم توفر المعلومات لدى الدوائر الحكومية لتفاصيل البناء ووسائل السلامة.
- عدم توفر العلامات الإرشادية المودية إلى المخارج وسلالم الطوارئ.
- وانعدام أنظمة الإنذار المبكر وأخيرا قلة معدات الإطفاء.
هذه نظرة عامة مستقاة من وسائل الإعلام والأخوة العاملين في الدفاع المدني والمتضررين من هذه الحرائق وعامة الناس.
ولمعالجة الأسباب التي أشرنا إليها لابد من تكثيف المتابعة الجادة والمنتجة والسريعة واقترانها بتقارير وتوصيات عملية وحملات تفتيشية على مدار الساعة وتدابير احترازية . ومسح شامل لكل مؤسسات الدولة والبنايات السكنية ومخازن معدات الإطفاء وتشديد العقوبات المالية والسالبة للحرية للمخالفين لأحكام هذا القانون وانجاز هذه المهمة الوطنية بجدارة لتحقيق نتائج ايجابية مميزة.
أما في الجانب القانوني فلابد من أجراء تعديلات مهمة وجوهرية على المواد العقابية وأن لا يكتفي بالتصريحات و الزيارات الميدانية والتغطبات الإعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع . ونحن نرى بشأن قانون الدفاع المدني الأتي : ـ
أولا ـ ضرورة تعديل المادة ( 20 ) في أعلاه فليس من المعقول مساواة من يخالف القانون والتعليمات والقرارات تفرض عليه ذات العقوبة حتى لو ولدت التعليمات والقرارات من رحم هذا القانون . والاكتفاء بعبارة وفقا لأحكام هذا القانون وهي الأصح .
ثانيا ـ تشديد العقوبات الواردة في المادة ( 21 ) وجعلها الحبس والغرامة لان البند رابعا من المادة ( 5 ) تضمن منع تشييد أو إشغال المنشئات التي لا تتوافر فيها مستلزمات وشروط السلامة وهذه تعد من أهم واخطر الأسباب التي تؤدي إلى اندلاع الحرائق .
ثالثا ـ أن يتولى قضاة التحقيق القيام بإجراءات التحقيق في الدعاوى الناجمة عن الحرائق وفقا للاختصاص المكاني ( المادة 53 / أ ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية . وأحالتها على محاكم الجنح بعد أكمال التحقيق للنظر فيها وإلغاء المادة ( 24 ) من هذا القانون .
رابعا ـ يجب أن يتضمن القانون عقوبة مناسبة وفقا للمادة ( 240 ) من قانون العقوبات رقم 111 سنة 1969 وتعديلاته . لمن لم يقم بأخبار السلطات عن المخالفات التي تؤدي إلى نشوب الحرائق وتوفرت لديه معلومات أكيدة واعتبار ذلك من الرقابة الشعبية الملزمة لحماية أرواح المواطنين .
خامسا ـ أمكانية تطبيق المادة ( 405 ) من قانون العقوبات التي نصت على ( من قتل نفسا عمدا يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت) في حالة ثبوت إهمال واضح أو خطا فادح يرقى إلى مستوى القصد الجنائي وتسبب في وفاة عددا من المواطنين كما يحصل ألان .
سادسا ـ أن تتولى وسائل الأعلام وبالذات القنوات الفضائية في نشر التوعية المستمرة بخطورة الحرائق ونتائجها المدمرة في إزهاق الأرواح وتخريب الممتلكات . وأن لا ننسى الدور الايجابي المهم لمنصات التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الأمن المجتمعي .
سابعا ـ ضرورة نشر الأحكام القضائية النهائية الصادرة بشأن الحرائق في وسائل الأعلام ومنصات التواصل ليطلع المواطنين عليها وأن لا يكتفي بتصريحات المسئولين العاملين في أدارة أعمال الدفاع المدني بغية معالجة الأسباب والوقوف على مواقع الخلل والإهمال ومن ثم المحاسبة .
ثامنا ـ التنسيق مع المديرية العامة للطرق والجسور حول أمكانية فتح طرق جانبية وفرعية سالكة تخصص لمركبات إطفاء الحرائق والإسعاف لتأمين سرعة الوصول إلى أماكن الأستغائة وطلب العون .
تاسعا ـ نقترح على الحكومة العراقية شراء طائرات حديثة خاصة بإطفاء الحرائق بغية استخدامها عند الضرورة وفي الأماكن التي يصعب الوصول إليها .