عقوبة الاعدام بين الابقاء والالغاء
عقوبة الاعدام بين الابقاء والالغاء
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
تعرف عقوبة الاعدام بانها قتل شخص بأجراء قضائي من اجل العقاب عن جريمة او جرائم ارتكبها ولغرض الردع العام .
وقد طبقت هذه العقوبة في اغلب المجتمعات التي لها تشريعات مستمدة من الدين الرسمي للدولة وقد تتغير مواقف الدول من هذه العقوبة تبعا لتنامي الثقافات القانونية والسياسات الجنائية والعقابية الحديثة .
وتعد هذه العقوبة من اقدم واشد العقوبات جسامة في تاريخ البشرية لأنها تستهدف الانسان في حياته ولم تكن موضع نقاش او جدل في التشريعات القديمة لشبه الاجماع عليها مع انها كانت تنفذ بوحشية وبشاعة وبطرق مختلفة .
ومع بدايات القرن الثامن عشر كثر الجدل والنقاش حول هذه العقوبة وكتب عنها الكثير من البحوث والدراسات من قبل الفقهاء والمفكرين والمهتمين بدراسة الظواهر الاجرامية فظهر اتجاهان ـ الاول الابقاء على هذه العقوبة من اجل العقاب والردع العام ـ الثاني الغائها من التشريعات الوضعية بحجة اضفاء طابع من الانسانية والتحضر على النظام العقابي . وحجج الابقاء عليها ان هذه العقوبة تحقق الردع العام والعقاب وهي ضرورية في تحقيق العدالة في جرائم القتل تحديدا ومن الصعوبة ايجاد بديلا عنها في السياسة الجنائية الحديثة . مضافا الى ذلك فهي غير مكلفة اقتصاديا للدولة من حيث تغطية نفقات المحكومين الخاصة والعامة ولسنوات طويلة كما تعد حماية للنظام العام والامن الاجتماعي .
واما الاتجاه الثاني فيرى الغاء هذه العقوبة بحجج منها انه لا يحق للمجتمع سلب حياة الفرد لأنه ليس هو الذي منح له الحق في الحياة ثم ان هذه العقوبة قاسية وتتسم بالوحشية والبشاعة كما انها لا تحقق الاهداف التي تسعى الدولة في اصلاح المحكومين وتأهيلهم وصعوبة الرجوع عن هذه العقوبة بعد تنفيذها اذا ظهرت براءة المحكوم نتيجة خطا قضائي .
وتختلف مواقف التشريعات في النظرة لهذ العقوبة الا ان الغالبية من الدول تتضمن تشريعاتها عقوبة الاعدام وقد لاحظ المهتمين في السياسة الجنائية ان هناك اسرافا في تنفيذ هذه العقوبة حيث قامت الكثير من الدول بإضافة جرائم جديدة في قوانينها العقابية يعاقب عليها بالإعدام كلما دعت الحاجة الى ذلك وان عددا اخر من الدول استخدمت هذه العقوبة للتخلص من الخصوم والمعارضين لحكوماتها وانظمتها . كما تأكد ثبوت تجاوزات خطيرة اثناء اجراءات التحقيق باستخدام وسائل الضغط والاكراه والتعذيب وتشكيل محاكم استثنائية وخاصة مخالفة لدساتير هذه الدول .
لقد وقفت الكثير من المنظمات الحقوقية والانسانية الدولية والاقليمية وحتى الوطنية بالضد من هذه العقوبة ودعت الى الغائها او ايقافها التي أيدتها منظمة العفو الدولية وحقوق الانسان مما اتاح للأمم المتحدة صدور قرار غير ملزم لإلغاء عقوبة الاعدام , وان بعضا من الدول وقعت على الكثير من المعاهدات والبرتوكولات بهذا الاتجاه الامر الذي ادى الى صدور قرارات اممية بإلغاء او ايقاف تنفيذ عقوبة الاعدام مع الزام الدول التي ابقت عليها توفير ضمانات واجراءات سليمة عادلة تحقيقا ومحاكمة اوعند تنفيذ العقوبة وتشير الاحصائيات الاخيرة . ان (120) دولة الغت عقوبة الاعدام وان (76) دولة ابقت على هذه العقوبة في قانونها وان (26) دولة اوقفت تنفيذها ثم عادت اليها بسب ارتفاع معدلات الجريمة وتبعا لسياستها الامنية . الا ان الاتجاه العام لدى المجتمع الدولي بكل هيئاته ومنظماته ومجالسه هو في الغاء هذه العقوبة للتوظيف السيء وغير القانوني لمعظم الدول التي ابقت على هذه العقوبة وتوسعت في درج الكثير من الجرائم في قوانينها العقابية لا سباب عدائية وانتقامية .
واخيرا في العراق نجد من المناسب الابقاء على عقوبة الاعدام في جرائم القتل العمد مع سبق الاصرار ومهما كانت الدوافع . وكذلك الجرائم التي تمس بأمن الدولة الخارجي والداخلي الواردة في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل شرط توفر ضمانات في إجراءات تحقيقية سليمة ومحاكمة علنية عادلة على ان لا تنفذ هذه العقوبة الا بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية والتقيد في اجراءات تنفيذها .