العراق والسيادة المنقوصة
العراق والسيادة المنقوصة
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
السيادة من وجهة نظر فقهاء القانون والسياسة تعد احد الاركان الاساسية للدولة كاملة السيادة ولو ان البعض يرى ان اركان الدولة هي ( السكان والاقليم والحكومة ) ومنهم من يضيف السيادة والاستقلال والاعتراف الدولي الا ان المتفق عليه ان الثلاثة تشمل البقية اوقد تنوب عنها .
وفي المادة ( 1) من دستور 2005 تضمنت ( ان العراق دولة ذات سيادة كاملة ) وتعتبر السيادة هي اهم المقومات الاساسية التي تبنى عليها الدولة من حيث ادارتها لشؤونها القانونية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والخارجية وبكل حرية واستقلال . والتمتع بالحصانات وعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتمثيل الدولة في المحافل الدولية والاقليمية واتخاذ قراراتها على وفق مصالحها دون التدخل في شؤونها الداخلية والخارجية واقامة علاقات على اساس المعاملة بالمثل الى غير ذلك من اعمال السيادة .
لقد تعرضت سيادة العراق الى الانتهاك منذ عام 1991 من خلال القرارات الدولية الجائرة الصادرة عن هيئة الامم المتحدة ومجلس امنها التي قوضت احد اهم مقومات الدولة السيادية ثم تلى ذلك اخضاع العراق الى حصار شديد برا وبحرا وجوا وانتهى وجوده كدولة ذات كيان مستقل وتحول الى دولة خاضعة للاحتلال بعد عام 2003 وحتى بعد تشكيل مجلس الحكم الانتقالي في عام 2004 الذي لا يمتلك اتخاذ القرارات السيادية دون موافقة الحاكم الامريكي بول بريمر .
واستمر الحال حتى وقع العراق على الاتفاقية الامنية التي حولت العراق الى تابع ذليل دون صفة الحليف العسكري مع المحتل ومن ثم التوقيع على اتفاقية الاطار الاستراتيجي التي لم تمنح العراق سيادته الكاملة بل منحت الامريكان الحق في بناء قواعد عسكرية في بغداد والمحافظات كي تعزز تواجدها وسيطرتها . واصبح العراق يمتلك السيادة القانونية الشكلية دون الفعلية ثم تحول العراق الى دولة خاضعة الى ارادات دولية واقليمية ليكون مسرحا لتصفية حساباتها مستغلة حالة الفراغ الامني والسياسي وصراع احزاب السلطة وميلشياتها المسلحة الحاضنة لها .
ومنذ الاحتلال وحتى يومنا هذا بقي العراق منقوص السيادة والاستقلال ومنزوع الارادة بسبب ضعف الحكومات المتعاقبة والتي لا تملك صناعة القرار المستقل الذي يعبر عن ارادة العرافيين . والان وبعد انطلاق جلسة الحوار الاستراتيجي مع واشنطن التي قد يستغرق وقتا طويلا في ظل توتر العلاقة ودخول اطراف اخرى ضاغطة ومؤثرة الا ان شعب العراق لا ينتظر خيرا على الرغم من رئيس الوزراء سبق الجلسة ان المفاوض العراقي سيركز على السيادة العراقية وان يكون العراق ساحة سلام لا ساحة صراع على ارضه . ان الحوار سيعتمد الاطار الاستراتيجي الموقع عام 2008 والذي مهد لخروج القوات الامريكية نهاية عام 2011 وقرار مجلس النواب في /5/ 1 / 2020 الذي الزم الحكومة بأنهاء وجود القوات الأمريكية .
نحن ننتظر انتهاء جلسة الحوار غير المتكافئة وما يتمخض عنها من نتائج معروفة تتسم بطابع المماطلة والتسويف والتهديد والوعيد ثم التأجيل بحجة المراجعة والدراسة . وتبقى سيادة العراق منقوصة ومرهونة ومكبلة بالقيد الامريكي الذي يتعامل مع الحكومة بصفته محتلا .