العدالة البطيئة
سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يتفق الجميع على ان العدالة البطيئة ظلما صارخا وان التأخير في انجازها يسلب من جوهرها الشيء الكثير وان العدل والبطء لا يستقيمان لذلك كان من الاوفق ان يقال الحكم البطيء . في الثمانيات لا حظ ( مجلس قيادة الثورة ) الذي له صلاحية التشريع وان قراراته تعتبر قوانين واجبة التنفيذ .ان هناك تشكي وتذمر من تأخير حسم الدعاوى والاضرار المادية والمعنوية الناجمة عنها التي تلحق بالموقوفين والمتهمين المحالين على محاكم الجزاء وكذلك المدعيين في الدعاوى المدنية والتجارية وغيرها من المحاكم والتي تستغرق اشهر وسنوات لحسمها والتأثير السلبي على اداء وكلائهم من المحامين .ونتيجة لذلك اصدر المجلس قراره المرقم (669 في 23/ 8 / 1987 الفقرتان اولا و ثانيا ) الذي الزم بموجبه المحاكم المدنية والجزائية بحسم الدعاوى خلال السقوف الزمنية التي تحدد مدتها بتعليمات تصدر من وزير العدل الا اذا كانت طبيعة الدعوى تتطلب اجراءات خاصة بها او كان العائق في حسمها خلال المدة المحددة لها سببا لا دخل للمحكمة فيه على ان تذكر ذلك في محاضر الجلسات . وان تكون الطلبات المتكررة للتأجيل وقبولها قرينة على ضعف الحسم وان يوجه تنبيها الى القاضي اذا خالف احكام التعليمات واذا تكررت المخالفة تتخذ بحقه الاجراءات الانضباطية مع فرض الغرامة . وبناء على ذلك اصدر وزير العدل التعليمات التي شملت المحاكم المدنية والاستئناف والجزاء ومحكمة التمييز وهيئة الاشراف العدلي واجهزة الشرطة ومكاتب البريد والاعلام واطراف الدعوى من الأشخاص المعنوية والطبيعة والجهات الفنية المختصة ذات العلاقة بالإجابة على طلبات المحاكم والتقيد بالمدد الزمنية المنصوص عليها. كما تضمنت عقوبات تأديبية وغرامات لمن يخالف هذه التعليمات كل حسب حجم المخالفة التي يرتكبها . وكان لمتابعة الوزارة دورا رائدا في القضاء على ظاهرة اطالة امد حسم الدعاوى. وبعد الاحتلال عادت هذه الظاهرة بقوة وانتجت اضرارا كبيرة لعدم التزام المحاكم بتطبيق القرار على الرغم من ان بعضا من المحامين تقدموا بطلبات لتسريع حسم الدعاوى مستندين الى القرار المذكور لعدم الغائه الا انها رفضت . ان العودة الى تطبيق القرار هو المسار الصحيح التي تفرضه موجبات العدالة لحين تبني مجلس النواب الاسراع بإصدار قانون يتضمن اجراءات انجاز الدعوى في وقتها المحدد والزام القضاة والجهات ذات العلاقة بتطبيقه. كما ان اجراء تعديلات على القوانين الاجرائية المدنية والجزائية والادارية التي مضى على تشريعها سنوات طوال امر في غاية الاهمية كي تعاصر الحاضر . ولابد من تفعيل دور نقابة المحاميين للإسهام في تسريع حسم الدعاوى ومحاسبة من يتخذ التوكل لغرض المماطلة والتسويف وسيلة لتأخير الحسم. وعلى مجلس النواب الاسراع بتعديل قواعد التبليغات واجراءات اقامة الدعوى باعتماد التكنلوجية الحديثة ووسائل الاتصال والتواصل وتوفيرها لدى القضاة .وعلى المحكمة رد الطعون التي تهدف الى التأخير . واعادة النظر بالعطل القضائية وصيغ الانتدابات المؤقتة . ان العدالة البطيئة تنعكس سلبيا على مصالح المواطنين والدولة معا وقد تسقط الدعاوى بالتقادم ويخسر المدعون وذوي العلاقة والمال العام الكثير. ان سرعة الحسم و تنفيذ الاحكام والقرارات فور صدورها يحقق الردع العام ويوفر الطمأنينة ويحقق العدالة في وقتها المطلوب والا فلا جدوى من صدورها متأخرة .