الشروع والعدول عن الجريمة
الشروع والعدول عن الجريمة
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
الملاحظ أن الشروع في ارتكاب الجريمة نصت عليه المادة ( 30 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وتعديلاته وعرفته ( وهو البد أ في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل .
ويعتبر شروعا في ارتكاب الجريمة كل فعل صدر بقصد ارتكاب جناية أو جنحة مستحيلة التنفيذ أما لسبب يتعلق بموضوع الجريمة أو بالوسيلة التي استعملت في ارتكابها ما لم يكن اعتقاد الفاعل صلاحية عمله لإحداث النتيجة مبنيا على وهم أو جهل مطبق . ولا يعد شروعا مجرد العزم على ارتكاب الجريمة ولا الإعمال التحضيرية لذلك ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ) وأرى أنه لا مبرر لهذا النص المطول.
وكان على المشرع الاكتفاء بالسطر الأول من النص والأخير منه ويترك فضاء واسع للقضاء في الاجتهاد وتفسير المفردات ( الاستحالة والأسباب والوسيلة والنتيجة والوهم والجهل والعزم والأعمال التحضيرية ) والبحث والتقصي لإيجاد التكييف القانوني السليم للجريمة في ضوء الأدلة والقرائن المتوفرة.
ويقصد بالشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة أذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها.
أما ركنا الشروع فهما
1 – الركن المادي ويتكون من عنصرين ، البدء في التنفيذ وعدم إكمال التنفيذ لأسباب لا دخل لإرادة الجاني فيه.
2ـ الركن المعنوي فهو القصد الجنائي في ارتكاب الجريمة.
في حين أن العدول لم ينص المشرع عليه صراحة كما نصت عليه بعضا من التشريعات الأوربية بل ترك الباب مفتوحا إلى القضاء استنباطه واستخلاصه من وقائع الدعوى وظروفها مستفيدا من الجملة الأخيرة التي وردت في بداية السطر الأخير ( ولا يعد شروعا مجرد العزم على ارتكاب الجريمة ) في حين أن العدول أما يكون اضطراريا عندما يتدخل فيه سبب خارجي يحول بين الجاني وبين تنفيذ الجريمة ويضطره مكرها على عدم إتمام تنفيذها سواء كان أكراها ( ماديا أو معنويا) .
ويشترط لتحقق العدول أن يكون سابقا على لحظة تمام الجريمة وكذلك سابقا على لحظة توافر أركان الشروع بوقوف التنفيذ لأسباب لا ترجع إلى أرادة الجاني وأن يتراجع الجاني عن أتمام نشاطه ألأجرامي قبل أتمامه بعد أن قام بالبدء بالتنفيذ وقبل إتمام الجريمة . وأما العدول الاختياري (التلقائي) هو الذي يعود إلى أسباب نفسية خالصة يكون من شأنها عدم استمرار الجاني في تنفيذ الجريمة وهو أيضا العدول الذي يصدر عن الإرادة الحرة للجاني بغض النظر عن البواعث التي تدفعه إلى ارتكاب الجريمة ونتيجة هذا العدول عدم تحقق الشروع وبالتالي عدم عقاب الجاني . ولا يعتبر الشروع الموقوف عدولاً اختياريا والذي يبدأ فيه الجاني في التنفيذ الذي لم يكتمل ولم يحقق النتيجة .
وكذلك الشروع الخائب فلا ينطبق عليه العدول الاختياري لأن أركان الجريمة كاملة خاب أتمامها لسبب خارج عن أرادة الجاني وهذا يعني أن مراحل الشروع جميعها موجودة إلا أن النتيجة خائبة .
وأرى لغرض فك التداخل والتباين والارتباط بين الشروع والعدول النادر وقوعه. نقترح على المشرع الآتي :
1ـ تعديل نص المادة (30) في أعلاه بما يضمن النص على العدول صراحة .
2- أن يتضمن نص التعديل أشارة واضحة إلى ألاعغاء أو التخفيف من العقوبة في حالة الأخذ بالعدول من قبل المحكمة مكافئة للجاني وتشجيعا لمن يروم العدول عن ارتكاب الجريمة.
3- منح المحكمة المرونة العالية في التفسير والاجتهاد لحالات العدول عند الطعن بقراراتها .