الرقابة الدستورية في ظل دستور 2005
الرقابة الدستورية في ظل دستور 2005
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
تعني الرقابة الدستورية على القوانين في العراق وجود قضاء دستوري يتولى الرقابة على دستورية القوانين النافذة . لقد مورست هذه الرقابة بعد تشكيل المحكمة الاتحادية العليا بموجب قانون 30 لسنة 2005 .
ويرى معظم الفقهاء الضالعين في دراسة هذه الرقابة وتفسيرها والاجتهاد في تطبيقها انها الوسيلة الانسب والافضل لحماية تطبيق الدستور وحماية الحقوق والحريات وكذلك مدى مطابقة القوانين للمبادئ الدستورية والتي انيطت بهذه المحكمة كما ورد في المادتين ( 93 و94) .
كما انها من اهم الوسائل للتصدي للأحزاب والتنظيمات السياسية والسلطات التي تؤدي دورا سيئا وصراعا مع هذه المحكمة فنجدها تعمل للتأثير والتدخل في إجراءات تشكيل المحكمة الاتحادية من حيث تكوينها وترشيح وتعين أعضائها على اساس التوافق الطائفي .
كما تتخذ مواقف لتعطيل اعمالها والطعن في قرارتها واحكامها وبأية وسيلة مع ان هناك ضوابط ملزمة استقر عليها العمل في معظم المحاكم الدستورية بعدم التدخل .
ومن بين هذه الضوابط التقيد الذاتي للرقابة ومراعاة القرينة الدستورية لكل ما يصدر من السلطة التشريعية والتي يمنع نقضها الا اذا تأييد مخالفتها للدستور وان لا تمتد الرقابة الى اسباب واهداف التشريع .
ووجوب الابتعاد عن التدخل في القرارات السيادية لان ذلك ليس من شؤون الرقابة الدستورية . كما ان المبادي الذاتية للرقابة تكمن في عدم النطر في دستورية القوانين الا عند الضرورة القصوى.
ويعني هذا ان يكون هناك نزاع حقيقي يجب ان يحسم بقرار من المحكمة وعليها التقيد بما يعرض عليها من وقائع وان لا تفضي الى ولادة احكاما دستورية تكون خارج نطاق الوقائع المعروضة . وان تكون هناك مصلحة للمدعي في دعواه في النزاع المعروض عليها ( المادة 6 اولا من النظام الداخلي للمحكمة رقم 1 لسنة 2005 ) كما لا يحق للمحكمة الاتحادية الفصل في النزاع الدستوري اذا كان هناك حلا لحسمه عن طريق اخر .
ويجب ان يكون الحكم ذا صلة وعلاقة بالنص القانوني المطعون فيه وبالتالي لا يجوز التجاوز او التعدي على بقية نصوص القانون الا اذا كانت مرتبطة مع بعضها وثبت مخالفتها للدستور سواء من الناحيتين الشكلية والموضوعية .
وبالعودة الى القرينة الدستورية نجد انها ترتب اثارا منها ان على المحكمة الاتحادية ان لا تقضي بعدم دستورية القانون اذا كان واضحا وقطعيا لا يثير الشك او الريبة وان تتوخى عند صدور حكمها بعدم دستورية النص ان تختار التفسير الذي يلائم ويتوافق مع احكام الدستور . وان لا تمتد الرقابة الى مقاصد وغايات ونوايا التشريع فلا يحق للمحكمة البحث والتحري في الحكم الظاهر لان للرقابة الدستورية حدود ومساحات تمنع تجاوزها وان يكون عملها فني وقانوني بحت عندما تنظر في عدم دستورية القوانين .
كما ان على المحكمة ان لا تبحث عن الضرورة او ملائمة التشريع للنظام السياسي والا اعتبر ذلك تدخلا في شؤون وعمل السلطة التشريعية. واخيرا نجد ان القضاء الدستوري والمقصود هنا المحكمة الاتحادية العليا فد وضعت ضوابط تطبيقا لنص المادة (47) ذات الصلة بمبدأ الفصل بين السلطات . كي تبقي لاجتهادها مرونة في ضوء الضوابط التي ترسخت واصبحت منهجا لها عند النظر في الدعاوى والطعون بعدم الدستورية مع مراعاة المتغيرات الزمانية والشكلية والموضوعية والشأن العراقي المتغير وطبيعة التشريع الذي يضمن الاجتهاد للقضاء الدستوري .