الرسالة العمرية
الرسالة العمرية
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
اتوقع ان الاخوة اعضاء المنتدى وبالذات اعضاء اللجنة القانونية قد اطلعوا على رسالة سيدنا عمر بن الخطاب التي بعثها الى القاضي ابي موسى الاشعري (رضي الله عنهما ) . ان مضامين هذه الرسالة الروحية والايمانية نابعة من القران الكريم والسنة النبوية الشريفة واراء المجتهدين والفقهاء في مجال القضاء والعدالة واجراءات التقاضي لذلك نجد ان معظم المشرعين للدساتير القديمة منها والحديثة والقوانين المدنية والجزائية حولوها الى نصوص ملزمة واجبة التطبيق زمانا ومكانا .
لقد كتب وتحدث عن هذه الرسالة الكثير من المهتمين بالعمل القضائي والعدالة وشؤون الدولة عبر العصور والازمان المتعاقبة واغنوها بالكثير من الدراسات والبحوث . هذه الوثيقة تعد بمثابة وصايا في كيفية اجراءات التقاضي الشكلية والموضوعية وصيغ التعامل مع المدعي والمدعي عليه ووكلائهم والادلة والقرائن المتوافرة او النافية لها في الدعوى . ففي غياب النص القانوني على القاضي الرجوع الى القران الكريم والسنة النبوية الشريفة ومراجعة اراء الفقهاء واجتهاداتهم . ومنح الفرصة الكافية والعادلة لا طراف الدعوى لعرض حججهم وما لديهم من ادلة واجابات . والمساوات والحياد المطلق بين اطراف الدعوى ووكلائهم في تطبيق اجراءات النظر فيها على حدا سواء . وان يكون سلاح القاضي الصبر والتحمل والتأني والتأمل لكل ما يصدر من اطراف الدعوى حتى خارج اطارها ويبتعد عن الغضب والقلق كي يمتلك الحكم العادل عند اصداره . وضرورة اعتدال القاضي عند النظر في الدعوى وان يتعايش مع الادلة والقرائن قلبيا وروحيا وينظر في اجراءات التقاضي بعدالة واستقامة . وعلى القاضي ان يطلب الادلة ( البينة ) ويستمع لها من المدعي وفي حالة عدم وجودها عليه ان يطلب من المدعي عليه اداء اليمين لان البينة على المدعي واليمين على من انكر وللمدعي عليه رد اليمين اذا طلب ذلك . واليمين اما حاسمة واما متممة وصياغتها وتوجيهها تكون من قبل القاضي . وهناك حديث للرسول الكريم (صل الله عليه وسلم ) حيث قال لمدع (بينتك او يمينه ) متفق عليه . وعلى القاضي ان يمهل اطراف الدعوى لتقديم الحجج والبراهين دون منح المجال لهم للمماطلة والتسويف . كما ان من مهام القاضي الانسانية عرض المصالحة في حالة عدم وضوح الدعوى او تعارض الادلة او وجود صلة الرحم والقرابة . وفي حالة توفر الادلة وجب على القاضي النطق في الحكم في وقته المناسب دون تأخير كي لا يكون في موضع الشبهة والريبة ويقال ان لديه مصلحة في التأخير . كما يجب توفر الاخلاص التام في عمل القاضي كي يكسب ثقة الناس وينال احترامهم . وان يتعايش مع حكمة العدل اساس الملك وتجنب الهوى وان يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم . لقد تضمنت نصوص الدستور العراقي الموقت لسنة 1970 ودستور 2005 واغلب القوانين منها القانون المدني والمرافعات المدنية والجزائية والاحوال الشخصية و التنظيم القضائي والاثبات ( مضامين هذه الرسالة ) كما ان لهذه الرسالة حضورا كبيرا في اسلوب ادارة شؤون الدولة وصناعة القرارات الادارية والاجتماعية والاقتصادية . هذه نظرة متواضعة مختصرة جدا للرسالة العمرية وما احتوته من وصايا ثمينة وهي بالتأكيد بحاجة الى التطبيق العادل شكلا ومضمونا .