الحرب على غزة وميثاق الامم المتحدة
المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
الملفت للنظر أن القانون الدولي الإنساني منح مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن النفس وحقها في العيش بكرامة وحرية . ونتيجة لهذه الحقوق قام المجتمع الدولي بإصدار العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والعهود الدولية التي نصت على تفعيل هذه المبادئ واحترامها. ففي ميثاق الأمم المتحدة الذي تضمن حق الشعوب في العيش بكرامة وبحرية والعيش بسلام وأمان وتعميق مبدأ المساواة والعدالة الدولية والمجتمعية . وفي ديباجة الميثاق تضمنت المادة الأولى الدعوة إلى أنماء العلاقات الودية بين شعوب الأمم والمساواة في الحقوق وحق تقرير المصير . والدعوة إلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الناس وعدم التمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء . وفي المادة الثانية دعي الميثاق إلى امتناع الدول في علاقاتهم الدولية عن استعمال القوة والتهديد أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة . في المادة ( 51 ) يؤكد الميثاق أنه ليس فيه ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم أذا أعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي .
أما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فقد أكد على أن الناس يولدون أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وينتهي الإعلان أن يتعامل بعظهم بعضا بروح الإخاء . وفي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أيضا تناول حق الشعوب في تقرير المصير بنفسها وحريتها في العمل لتحقيق أنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والالتزام بعدد من الحقوق منها الحق في الحياة والحق في عدم الخضوع للتعذيب أو المعاملة غير الإنسانية أو المهنية وحظر الرق .
كما أن قرارات الأمم المتحدة تضمنت لجميع الشعوب الحق في تقرير المصير ( القرار الدولي رقم 1514 لسنة 1960 ) والقرار الدولي رقم 2625 لسنة 1970 . هذه القوانين والقرارات وغيرها التي لأتعد ولا تحصى تؤيد وتقف إلى مشروعية طوفان الأقصى فلا يحق للدول الداعمة والمؤيدة لإسرائيل ماديا ومعنويا تصف الدفاع الشرعي المقدس عن غزة وعمليات الطوفان الأقصى بأنها هجمات بربرية وشنيعة ولم تستنكر هذه الدول هجمات وانتهاكات جيش الاحتلال المستمرة والمتصاعدة ومنذ الاحتلال عام 1917 تحت الانتداب البريطاني حتى عام 1948 حيث منحت الحق أمام اليهود لا أقامة دولتهم على ارض فلسطين .
ويلاحظ أن القانون الدولي لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على القدس في جانبيها الغربي والشرقي وهدا ماهر ثابت بقرارات الأمم المتحدة عام 1967 . ثم أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 / تشرين الثاني 1947 قرارها 181 بشأن تقسيم فلسطين . أما مايطلق عليه تسمية ( الوضع الراهن) بكل مايحتويه فهو ملك خاص للمسلمين ولهم الحق بإدارته لذلك فأن القانون الدولي ينظر إلى الانتهاكات الإسرائيلية بأنها مدانة وخرقا للوضع الراهن فيه . وهذه الإدانة لم تأخذ طريقها للتطبيق بإجراءات فاعلة من المجتمع الدولي لوقف أي أجراء يدين إسرائيل . ومنذ ولادة هذا الكيان المسخ أستغل مواقف الدول الضعيفة والقوية المساندة له كي يصعد في عدوانيته ويوسع في احتلاله دون مراعاة القوانين الدولية.
كما أن إسرائيل تجاوزت القانون الدولي في عدوانها الغاشم على غزة وخرقت القانون الدولي الإنساني بانتهاكاتها الأقصى وأن حصارها لغزة بالكامل يعاقب عليه القانون الذي بالمقابل يمنح الحق لعملية طوفان الأقصى .
كل هذه التجاوزات بقية بل تصاعدت ولو تحرك العالم الحر طوال (75) عاما وطبق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بعدالة وشفافية الذي يحرم احتلال أراضي الغير لما تمردت إسرائيل العدوانية والتوسعية وشنت الهجمات المحرمة على غزة .
وأخيرا كل الاحترام والتقدير للأكاديمي البروفيسور كميل حبيب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة للبنانية الذي قدم اعتذارا لطلابه عن تدريسهم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بعد ما شهده من جرائم للصهيونية في غزة بسبب تخاذل القانون والمجتمع الدوليين عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي وعجزه في إجباره على اتخاذ قرار وقف إطلاق النار . وكتب عبر حسابه على منصة أكس (أعتذر من طلابي في الجامعة اللبنانية لأنني كنت متشددا في تدريس مقررات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومنظمة الأمم المتحدة فبعد الجرائم الصهيونية في غزة لم يعد هناك حاجة لتدريس هذه المقررات ) . حق القوة سيد العالم . وحصد مشاهدة منشور البروفيسور قرابة مليوني عبر المنصة خلال ساعات وسط تفاعل رواد الموقع مع مضمون المنشور تأييدا لموقفه من خنوع المجتمع الدولي عن المجازر المقترفة بشكل يومي بحق الفلسطينيين معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ وقصف دور العبادة والمستشفيات والبنايات المدنية . أما آن الأوان أن يعاقب هذا العدو المتغطرس عن جرائمه الوحشية ومنذ وطأت أقدامه ارض العروبة ؟