الجهل بالقانون ليس عذراً
الجهل بالقانون ليس عذراً
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يعرف القانون بأنه مجموعة القواعد القانونية والمبادئ العامة التي تنظم سلوك الإفراد في المجتمع ويلتزم الفرد بها وفي حالة مخالفته توقع عليه العقوبة المنصوص عليها في القانون . وإما الجهل في القانون هو أن يدعي الشخص المرتكب للفعل الجرمي عدم علمه بأن الفعل معاقب عليه .
مع إن العلم بالقانون مفترض بحق الكافة بعد نشره بالجريدة الرسمية كما ورد في نص المادة (1) من قانون النشر في الجريدة الرسمية رقم (34 لسنة 2007 ) وتعديلاته. التي نصت على (أن تكون الوقائع العراقية هي الجريدة الرسمية للجمهورية العراقية وتتولى وزارة العدل إصدارها وباللغتين العربية والكردية ) وتضمنت المادة (2) منه على ما يتم نشره في الفقرة (1) أولاً القوانين . وفي دستور 2005 نصت المادة ( 129) (تنشر القوانين في الجريدة الرسمية ويعمل بها من تاريخ نشرها ما لم ينص على خلاف ذلك ) لذلك فأن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة وبالنتيجة لا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه للتهرب من العقوبة إلا أنه يجوز الاحتجاج بالجهل بالقانون في حالة أثبات وجود القوة القاهرة .
وعلى الرغم من التطور الهائل في وسائل الإعلام التي ساهمت في إيصال الكثير من القواعد القانونية والتعليق عليها والتبصير بها بمقالات ومداخلات كثقافة قانونية أدت إلى تقليل حالة الدفع بأحكام القانون . ومع ذلك فأن معظم الدول ومنها العراق منحت حق الدفع في حالة القوة القاهرة تحديدا كما ورد في نص المادة ( 37/ الفقرة 1) من قانون العقوبات رقم (111 لسنة 1969 )
1 ـ ليس لأحد أن يحتج بجهله بأحكام هذا القانون أو أي قانون عقابي أخر ما لم يكن قد تعذر علمه بالقانون الذي يعاقب على الجريمة بسبب قوة قاهرة.
2 ـ للمحكمة إن تعفو من العقاب الأجنبي الذي يرتكب الجريمة خلال سبعة أيام على الأكثر تمضي من تاريخ قدومه إلى العراق أذا ثبت جهله بالقانون وكان قانون محل إقامته لا يعاقب عليها ) وفي مشروع قانون العقوبات المقترح الغيت المادة أعلاه واستبدلت بالمادة ( 38 ) التي احتفظت بنفس الصياغة دون إجراء أي تعديل سوى تبديل في الفقرتين ( 1و2 ) إلى (أولا وثانيا) وتسمية جمهورية العراق بدلا من العراق .
أما نطاق هذه القاعدة فتطبق على الكافة المتواجدين في الدولة العراقية مواطنين وأجانب سواء كانت القاعدة إمرة أو مكملة أو مفسرة . عرفية أم دينية . جناية أو جنحة أو مخالفة . وسواء وردت في القانون العام أم الخاص. وأن السبب في هذا الشمول والسعة كي تحتفظ هذه القاعدة بصفة الإلزام المطلق للكافة وتغطي الحالات جميعها لرفض الدفع بالجهل بالقانون . ونرى أن العلم بالقانون مفترض بحق الكافة من تاريخ النشر وأن الدفع بالجهل بالقانون أو تفسيره لا ينفي القصد الجنائي ولا يعد عذرا يسقط المسئولية الجنائية وأن الخطأ في فهم نصوص القواعد القانونية لا يعد عذرا ينتفي به القصد الجنائي . كما نقترح نشر نصوص القوانين في وسائل الإعلام بعد نشرها في الجريدة الرسمية ( الوقائع العراقية)