الانتفاضة و الحكومة والقضاء
الانتفاضة و الحكومة والقضاء
المتابع لأخبار الانتفاضة المنتصرة من على شاشة التلفاز والتي ايدها وانتفض معها كل العراقيين الغيارى، اعلن خبرا بترأس السيد عبد المهدي اجتماعا امنيا وعددا من البرلمانين ورجال الامن وحضور رئيس مجلس القضاء الاعلى . ان هذا الحضورللقضاء لمثل هكذا اجتماعات او مشاركات في ندوات امنية حتى ولو في الظروف الاعتيادية يعد امرا مؤسفا وغير مألوفا الا اذا كانت مخصصة للنظر في شؤون العدالة والقضاء .كما ان هذا الحضور غير مقبول ويعتبر خروجا على التقاليد والاعراف القضائية وانتكاسة لاستقلال القضاء والنيل من هيبته ومكانته علما بانه حصل متزامنا مع الانتفاضة الشعبية التي عمت مدن العراق ومنذ اسابيع وقد تمخض عن الاجتماع تهديدات ضد الانتفاضة بالويل والثبور، والملفت للنظر ان رئيس مجلس الوزراء بعد انتهاء الاجتماع صرح بالحرف الواحد ( ان مجلس القضاء الاعلى والبرلمان يدعمان جهود الحكومة والاجهزة الامنية في فرض الامن بالبلاد في خضم ازمة الاحتجاجات ) ويعني هذا التصريح التلميح بأمرين . الاول التهديد بالعودة الى تطبيق المادة (4 ) من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 سيئة الصيت التي اذاقت المواطنين مرارة العذاب وتفاقم الظلم الذي لحق بهم من خلال تطبيق هذه المادة بشكل عشوائي وانتقامي بعيدا عن القضاء ورقابة الادعاء العام . والثاني الايعاز الى الاجهزة الامنية وقوات مكافحة الشغب بان لهم الحرية المطلقة في اتباع كل اساليب القمع المعروفة ومنها التوقيف بدون امر قضائي دون مسائلة او حساب اذا تجاوزا وخالفوا المادة ( 37/ اولا الفقرات ا وب وج ) الدستورية مما يوكد ان هناك توافق بين الحكومة ورئيس مجلس القضاء على قمع الانتفاضة وبكل الوسائل غير المشروعة بحجة المحافظة على امن الدولة والمجتمع كما ان رئيس مجلس القضاء الاعلى صرح بعد الاجتماع بهذا الاتجاه مما يسمح لهذه الأجهزة بتطبيق قانون القوة على المتظاهرين العزل باعتبارهم مشاغبون وارهابيون وسوف لن يتدخل القضاء والادعاء العام في محاسبة هذه الاجهزة التي منحت حق الحصانة علنا.اذن اين هي استقلالية القضاءالواردة في المادتين ( 87 و88 ) من الدستور واين هو مبدا الحياد واين هي قاعدة العدالة في تطبيق القانون على الجميع بالتساوي فاذا كان رئيس مجلس القضاء يوجه القضاة بشكل غير مباشر بان لا محاسبة او مسؤوليه للأجهزة الامنية ولا تخضع لأي عقوبة كونها تنفذ اوامر وتعليمات صادرة من اعلى جهة تنفيذية فهذه هي الكارثة بعينها . ان التدابير والاجراءات القسرية التي تقوم بها هذه الاجهزة مخالفة صريحة وتجاوزا للمواد (99 و 102 و130) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1071 المعدل . والان ينبغي على الادعاء العام ان يقوم بواجباته التي وردت في قانونه رقم (49 لسنة 2017 ) ومنها المادة (5 / الفقرة تاسعا ) القيام برقابة وتفتيش المواقف واماكن الحجز والمخطوفين وتنفيذ للمادة ( 7 / اولا ) وان يتولى الادعاء العام اتخاذا الاجراءات التي تكفل تلافي خرق القانون او انتهاكه. والمادة ( 9/ اولا ) المتضمنة الزام الجهات القائمة بالتحقيق اخبار الادعاء العام بالجنايات والجنح فور العلم بها . ان الانتفاضة هي الاختبار التاريخي للقضاء الشجاع القوي والعادل فهل يدخل التاريخ من اوسع ابوابه بنصرها والدفاع عنها بتطبيق قوة القانون وليس قانون القوة .
6/ 11/ 2019