الاليات القانونية لحل النزاعات بالتحكيم
الاليات القانونية لحل النزاعات بالتحكيم
تأليف المحامي الدكتور سلوان علي الكسار
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
في عرض متواضع وايجاز لا يؤثر على مضمون ومحتوى كتاب الاليات القانونية لحل النزاعات بالتحكيم ، بادرت الى قراءته وتحديد ابرز واهم الاليات التي يمكن ايجازها وايصالها الى القارئ بيسر وسهوله اختصارا للوقت .
والتحكيم تمتد جذوره الى عصور الجاهلية فكان اعيان القوم وشيوخ القبائل واصحاب الوجاهة والنفوذ يحكمون في النزاعات عن طريق المصالحة والمراضاة ، و ذكر ان الرسول محمد صل الله عليه وسلم وقبل بعثته كان حكما بين كبار سادة قريش عندما اختلفوا فيما بينهم على من يضع الحجر الاسود حيث طلب ثوبا ووضع الحجر الاسود فيه وطلب من كل كبير قوم ان يمسك بالثوب من طرف وقاموا جميعا بحمله ثم وضعه الرسول الكريم بيديه مكانه في الكعبة المشرفة ، وفي صدر الاسلام وفي عهد النبوة والخلافة الراشدة استمر التحكيم ولكن بشكل انضج واكثر عدالة ثم تطور التحكيم واصبحت له قواعد واسس تلزم المحكمين باتباعها كما ذكر التحكيم في القران الكريم في سورة النساء الآيتين (35)و(65 ) التي بينت طريقة التحكيم والشروط المطلوبة لمن يكون محكما ومنها على سبيل المثال في الآية 35 ان يكون المحكم من ذوي الطرفين دون النظر الى درجة القربى ومن لهم دراية ومعرفة بسبب الخلاف وان يكون من ذوي العدول وان يتحلى بالمرونة والمساوات بين الطرفين وان يبذل اقصى الجهود وان يكون امينا وحافظا لأسرار الخلاف ومديات الفشل وان يحتفظ بنتائج التحكيم للاستفادة منها عند رفع الدعوى.
ثم تنوع التحكيم بتنوع سبل الحياة ومشاكل المجتمع وتعاظم الخلاف وبالذات الامور التجارية والمدنية واصبح للتحكيم قوانين واسس وقواعد مدونة تحكم العلاقة بين الافراد والدول والمؤسسات التجارية والشركات بمختلف اتجاهاتها واسلوب عملها لقد كان اختيار الدكتور الكسار لهذا الموضوع موفقا ومتميزا لأسباب اوردها الكاتب ففي المقدمة التي تناول فيها التحكيم باعتباره الية من اليات القانون لحل المنازعات الذي كان موضع اهتمام من قبل الفقهاء والحكماء والتشريعات الوطنية والدولية تضمنت المقدمة أسباب اللجوء الى التحكيم منها انه وسيلة لحل الخلافات الناجمة عن المعاملات ومنها اجراءات التقاضي التي تقوم بها الدولة عبر قوانينها وهي التي تختار قضاتها والسقوف الزمنية الطويلة لحسم الدعوى وان القضاء يبحث عن العدالة لصالح القانون بينما التحكيم يبحث عن العدالة لصالح اطراف النزاع ولان الاطراف او ما يسمى بالخصوم هم الذين يختارون المحكم او المحكمين المعروفين من قبلهم يضاف الى ذلك حرية اختيار المكان الذي يجري فيه التحكيم كما تضمنت المقدمة الاشارة الى التحكيم التجاري ومراحل تنشيط التجارة الدولية ورواج التحكيم وكثرة اللجوء اليه واهتمام المجموعة الدولية واستحداث مراكز وهيئات متنوعة للتحكيم وفي المقدمة منها غرفة التجارة الدولية التي اسهمت بوضع قواعد واسس خاصة بإجراءات التحكيم وكذلك الحال بالنسبة للجنة القانون التجاري الدولي التابعة للأمم المتحدة اما في مجال تعريف التحكيم يذكر الكاتب عدة تعاريف الا ان المتفق عليه ان التحكيم هو الطريق الخاص للفصل في المنازعات بين الافراد والمؤسسات من قبل هيئة تحكيم او محكم تسند اليهم البت بهذه المنازعات بموجب اتفاقية التحكيم اضافة الى ذكر عدة تعاريف لفقهاء عرب وأجانب ويشير الكاتب الى قرار الهيئة الخماسية لمحكمة التمييز الاردنية رقم 216 لسنة 1996 بتاريخ 3 / 3 / 1996 المنشور في مجلة نقابة المحامين في الصفحة 1217 لسنة 1997 الذي تضمن ان قرار التحكيم بمثابة عقد صحيح ملزم للطرفين لا يجوز لاحد العاقدين الرجوع عنه وتعديله ولا فسخ الا بالتراضي او التقاضي او بمقتضى القانون ويرى الكاتب انه في ضوء هذا القرار فان التحكيم يقتضي وجود عناصر ثلاثة :
1 – وجود خصومة .
2- وجود محكم يزود بسلطة الفصل فيها بقرار ملزم .
3- اتفاق بين الخصوم على التحكيم .
فاذا انعدم احد هذه العناصر فالأمر لا يكون تحكيما وفي الفصل الاول تناول الكاتب طبيعة التحكيم واهميته واسباب انتشاره والذي ارجعه الى عدة اسباب منها الحفاظ على السرية وعلى استمرارية العلاقات والخبرة وتفادي اهدارالوقت وفي اشاره الى محاسن التحكيم فانه يمتاز بالسرعة وقلة المصاريف والنفقات وانه قضاء مختص ومرن بتحرره من قيود الانظمة القانونية للدول المختلفة اما عيوبه عندما يساء استعمال الحرية المخولة للخصوم فمنهم الطرف القوي والاخر ضعيف فالقوي يفرض على خصمه شروطا باهضه كأجراء التحكيم في مكان بعيد او منح المحكم سلطات كبيرة جدا او اختيار محكم غير مرغوب فيه او تجريد اجراءات التحكيم من الضمانات التي تكفل حسن سير العدالة ومنها حق الدفاع ورد المحكمين وغير ذلك من الاصول العامة .
اما بشان انواع التحكيم يستعرض الكاتب التحكيم الاختياري والالزامي والدولي والداخلي او الوطني وقد يكون التحكيم مؤسسي اي يحكم المؤسسات او المنظمات التحكيمية وقد يكون التحكيم خاص حر كما يتناول الكاتب التحكيم بالقضاء والقانون او التحكيم بالصلح فالأول هو الاصل والثاني استثناء على الاصل ويتطرق الكاتب الى التحكيم الاختياري والتحكيم الالزامي اما بشان التحكيم الوطني والتحكيم الدولي فهناك معايير للتفرقة بينما الاول المعيار الجغرافي ويتمثل في مكان التحكيم او المكان الذي يصدر فيه قرار التحكيم والثاني المعيار القانوني ويتعلق في القانون واجب التطبيق على اجراءات التحكيم والثالث المعيار الاقتصادي ويتعلق بتسوية المنازعات عن طريق التحكيم بالتجارة الدولية او بمعاملة دولية ويستند الكاتب بشأن التحكيم الدولي الى القانون الدولي المادة الاولى من الفقرة الثالثة الى لجنة القانون التجاري الدولي التابع للأمم المتحدة ثم يستعرض الكاتب التحكيم المؤسساتي والحر والعادي والالكتروني ثم ينتقل الى التميز بين التحكيم والخبرة والصلح والوكالة وتحت عنوان المبادئ المؤثرة في اتفاق التحكيم وهما استقلالية شرط التحكيم الذي يستمد استقلاليته من اختلاف الموضوع في كلا من العقدين العقد الاصلي والاتفاق على التحكيم لان عقد التحكيم عقد ثان وان كان مندمجا من الناحية المادية مع العقد الاصلي وبهذا الصدد يشير الكاتب الى قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر في 7 مارس من عام 1963 التي اقرت مبدا استقلال التحكيم التجاري الدولي عن العقد المبرم بين الخصوم اما في مصر فمنهم من يؤيد الاستقلالية ومنهم من يرفضها اما في العراق فقد ذهب جانب من الفقه الى مبدا الاستقلالية حيث انها موجودة في نظرية انتقاص العقد المنصوص عليها في المادة 139 من القانون المدني كما ان لائحة التحكيم التي أقرتها الجمعية العامة في 28 ابريل 1976 والتي اعدتها لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي التي اشترطت على التشريعات الوطنية لزوم الكتابة لإثبات اتفاق التحكيم وانها شرط لازم لصحته وليست مجرد وسيلة اثبات كما اشترطت معظم الدول ان يكون التحكيم مكتوبا والا اعتبر باطلا وفي كيفية اختيار المحكم فهناك ثلاث حالات الاولى يختار اطراف النزاع المحكم او المحكمين مباشرة والثانية ان يتم عن طريق الغير او بواسطة شخص او مؤسسة ثم يؤشر الكاتب الخطوات الواجب اتباعها لكل منهما اي الشكلية الخاصة بهما والمستلزمات الواجب توافرها وكذلك السقوف الزمنية المطلوبة وكذلك هو الحال بالنسبة الى الاختيار عن طريق الغير فلها شكلية خاصة ومستلزمات لا بد من توافرها لصحة اتفاق التحكيم اما بالنسبة الخاصة بالمحكم فهناك نوعان من الشروط الخاصة بتعين المحكم شروط عامة توافر الاهلية والجنسية وشروط خاصة تتمثل بالكفاءة والخبرة والاستقلال حيث تناولها الكاتب بالتفصيل مستندا بذلك الى النصوص القانونية التي تؤيد ما ذهب اليه وابدى وجهة نظره وعن مكان التحكيم يرى الكاتب ان من الامور المهمة في التحكيم تحديد المكان الذي يجري فيه التحكيم ويصدر فيه القرار وان اختيار المكان متروك الى حرية الطرفين ووفقا لإرادتهما ، آخذين بنظر الاعتبار ظروف القضية والتسهيلات التي يمكن تواجدها في المكان وتسهيل مهمة المحكمين .
وفي الفصل الثاني يتناول الكاتب قواعد التحكيم ويقصد بها القواعد القانونية التي تطبق على التحكيم منذ حصول الاتفاق عليه ولحين اصدار الحكم وتنفيذه . وتطرق الى تفاصيل جوهريه ومهمه للإجراءات والاتفاقيات والسلطات الدولية التي ارست هذه القواعد واصبحت معتمده لا يجوز مخالفتها ، اما القانون العراقي فقد الزم قانون المرافعات على المحكمين ضرورة اتباع الاجراءات المقررة في هذا القانون الا اذا تضمن الاتفاق على التحكيم واي اتفاق لاحق عليه اعفاء المحكمين منها وضع اجراءات معينه يسير عليها المحكمون ، اما في حق الدفاع ومعاملة الاطراف قدم المساواة النظام العام ، حقيقة هذا الملف مهم واساس باعتباره يمثل حقوق الاطراف المتساوية والمتوافقة لذلك نجد ان الكاتب منحها عناوين وتناولها بشكل مفصل ومن بين هذه العناوين ـ احترام حق الدفاع ـ احترام المساواة بين الخصوم ـ احترام قواعد النظام العام. واكد الكاتب على ضرورة مراعاتها وعدم التفريط بأي حق من هذه الحقوق والا اصبحت اجراءات التحكيم باطله او يشوبها عيب، اما في كيفية اختيار المحكمة لقانون وطني من اختيار الخصوم يشير الكاتب الى ان استقلالية ارادة اطراف النزاع تمنح لهم الحق في اختيار القانون مادام ذلك لا يصطدم بالقواعد العامة الآمرة في النظم القانونية والمتعلقة بالنظام العام في الدولة ذات الشأن تطبيقا لمبدأ احترام ارادة اطراف النزاع في اختيار القانون وتطرق الكاتب الى حق المحكمة في تطبيق قانون الدولة المتعاقدة طرف النزاع بما فيه من قواعد تنازع القوانين ومبادئ القانون الدولي، ويعني هذا ان بالإمكان اختيار بعض نصوص القانون واستبعاد نصوص اخرى . وان تعين القانون الواجب التطبيق من قبل الاطراف قد يكون واضحا في اتفاق التحكيم سواء كان ذلك في بنود وشروط التحكيم او مشار ضمنه ’ وشار الكاتب الى اتجاه فقه القانون الدولي الخاص بسببه الى اخضاع العلاقة كل التزام الى احد القوانين الوطنية من خلال قواعد الاسناد او السعي الى الاعتراف بوجود قواعد موضوعيه مباشره تحكم العلاقات الدولية والتي تعرف بقواعد التجارة الدولية وعن كيفية اختيار قواعد القانون الدولي الخاص لتطبيقها على التحكيم ،ويطرح الكاتب عددا من الآراء منها ـ الاسناد الى قانون مقر التحكيم ـ تطبيق احكام القانون لبلد المحكم ـ تطبيق القواعد التنازع للبلد الذي فيه الإقامة المشتركة او الجنسية المشتركة للأطراف ـ تطبيق قواعد التنازع للقضاء الذي استبعد بموجب اخفاق التحكيم ـتطبق قواعد التنازع للبلد الذي سينفذ فيه التحكيم ـ الاخذ بقواعد التنازع للبلد الذي تم فيه اختيار قانونه ليطبق على النزاع . لقد تولى الكاتب شرح وايصال هذه الآراء بشكل يسهل على القارئ مهمة البحث والتحليل وفهم مقاصد هذه القواعد واسلوب تطبيقها وللأطراف اختيار الأنسب والاوفق لكل منهم وحسب ظروف ومتطلبات تنفيذ هذه القواعد في ضوء الآراء التي تناولها الكاتب . اما في مجال القانون الواجب التطبيق وفقا لنصوص الاتفاقيات الدولية وقواعد واعراف التحكيم الدولي يعرض الكاتب اتجاهين الاول اضفاء الصفة القانونية على قواعد التجارة الدولية وحجة انصار هذا الاتجاه ان وجود قانون التجارة الدولية و المعنين به حقيقة ملموسة، وان مجتمع العاملين في التجارة الدولية والمعنين بها تمتلك مؤسسات تعمل على ابراز الصفة القانونية الاتجاه الثاني هو اضفاء الصفة القانونية على قواعد التجارة الدولية وحجته ان هذه القواعد تفتقر الى صفة الاجبار والتي لا تتوافر الا بوجود سلطة عليا تعمل على احترامها , وان هذه القواعد ليست نتاجا لمجتمع يتسم بالقدر من الوحدة و التناسق، ثم يستعرض الكاتب بالتفصيل مصادر وعادات واعراف التجارة الدولية في ضوء المواد القانونية الدولية ، فالمادة (3) من اتفاقية لاهاي والخاصة بالقانون الواجب التطبيق فقد اشار الى عدة اتفاقيات تناولها الكاتب عموم الاليات والصيغ التي تحدد القانون الواجب التطبيق. وابرز لنا القانون النموذجي الذي وضعته لجنة القانون التجاري الدولي التابعة للأمم المتحدة عام 1985 فقد خصص المادة (28) منه لمعالجة مسألة القانون الواجب التطبيق منها :
ــ تفصل هيئة التحكيم في النزاع وفقا لقواعد القانون الدولي التي يختارها الطرفان بوصفها واجبة التطبيق على موضوع النزاع .
ــ اذا لم يعيين الطرفان اية قواعد وجب على هيئة التحكيم ان تطبق القانون الذي تقرره قواعد تنازع القوانين
ــ لا يجوز لهيئة التحكيم الفصل في النزاع على اساس ودي الا اذا اجاز لها الطرفان ذلك .
ــ تفصل الهيئة في النزاع وفقا لشروط العقد تأخذ في اعتبارها العادات المتبعة في ذلك النشاط التجاري المنطبقة على المعاملة .
في الفصل الثاني يستعرض الكاتب شكل القرار التحكيمي وشرط اصداره ، فيبدأ بكتابة قرار التحكيم من قبل الهيئة التحكيمية لكي يتسنى ايداعه لدى المحكمة المختصة لإضفاء الصفة التنفيذية عليه وكذلك تحديد اللغة التي يحرر بها القرار . اما في موضوع انواع القرارات يتناول الكاتب قرار الصلح وقرار التحكيم المبني على تسوية النزاع باتفاق الطرفين وقرار التحكيم النهائي . اما بشأن محتوى القرار التحكيمي+ وشكله ومحتوياته فيجب ان يتضمن اصدار القرار كتابة ويوقعه المحكم او المحكمون .مع بيان الاسباب التي بني عليها القرار وان يحدد تاريخ ومكان صدور القرار ، ويشترط قرار التحكيم ايراد الامور التالية : اسماء المحكمين واسماء اطراف النزاع واتفاق التحكيم وموضوع النزاع والاجراءات التي تم اتخاذها من قبل المحكمين والاسباب التي بني عليها القرار ومضمون القرار وتاريخ ومكان اصدار قرار التحكيم وتوقيع المحكمين ، ويؤكد الكاتب على ان قرار التحكيم يتخذ بأحد الحالات الثلاث ،بالاتفاق او بالأغلبية اومن قبل الرئيس عند اختلاف الأغلبية . ومع اني اختصرت هذا الفصل الا انه لابد ان اشير الى ان الكاتب مع كل هذه العناوين يشير الى قرارات واتفاقيات ونصوص قانونيه تؤيد ما ذهب اليه بالوقائع والأدلة وكم هائل من قرارات التحكيم التي بصعب علينا ايرادها في هذا الايجاز وبالإمكان الرجوع الى الكتاب للاستعانة بالتواريخ والنصوص والقواعد التحكيمية التي اعتمدها المحكمين في حسم المنازعات الدولية .
في الفصل الرابع وتحت عنوان تنفيذ القرار التحكيمي يشير الكاتب الى ان قرار التحكيم يتضمن الحكم على احد اطراف النزاع واعطاء الحق لطرف آخر ويلزم الطرفين كما لوقسمت المصاريف بينهما، وعادة ما يطلب اضفاء الصفة التنفيذية على القرار من المحكمة المختصة كما ان هذا الموضوع تقوم بتنظيمه مختلف الدول وتنص عليه في قوانينها الوطنية . ثم يتطرق الكاتب الى تنفيذ قرارات التحكيم الوطنية فيعتبر قرار التحكيم مطبقا اذا كان قد صدر في البلد المراد تنفيذ الحكم فيه ا وتعلق بنزاع يمس سيادة دولة واحده سواء كان النزاع مدنيا او تجاريا اما بالنسبة لإعطاء الصفة التنفيذية لقرارا ت التحكيم الوطنية فأنها تنفذ ذلك بموجب قوانينها الخاصة .كما هناك تشريعات اخرى تستوجب اتخاذا اجراءات ادارية اخرى لإضفاء الصفة التنفيذية الا ان الاسلوب الشائع الذي اخذت به القوا نبن اللاتينية وقوانين الدول العربية يتلخص بقيام جهة قضائية بإضفاء الصفة التنفيذية على قرار التحكيم اما في العراق فيودع قرار التحكيم لدى قلم المحكمة المختصة بالنزاع خلال 3 ايام من تاريخ صدور القرار وان المحكمة هي التي تفضي الصفة التنفيذية اما بشان تنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية فهناك طريقان الاول تنفيذ القرارات التحكيمية بموجب الاتفاقيات الدولية الجماعية اما الثاني فيتم تنفيذها بموجب الاتفاقيات الثنائية وبهذا الصدد بذل الكاتب جهدا كبيرا ومتميزا بتجميع عدد كبير من الاتفاقيات والوثائق والمستندات والنصوص القانونية ذات العلاقة بهذا الفصل اما في حالة رفض تنفيذ القرار التحكيمي فان القوانين الوطنية مختلفة حول سلطة القاضي في الرقابة على قرارات التحكيم منها من يوسع هذه الرقابة ومنها ما يحصرها في نطاق التحقق من سلامة التحكيم من الناحية الاجرائية واستيفاء القرار التحكيمي للشروط الشكلية او يصل الامر الى النظر في التفصيلات الخاصة بالنزاع ويشير الكاتب الى اتفاقية جينيف 1927 واتفاقية نيويورك 1958 ويتناول الكاتب حالات رفض القرار التحكيمي بناء على طلب احد اطراف النزاع وهي :
ــ نقص اهلية احد الاطراف او عدم صحة اتفاق التحكيم .
ــ عدم احترام حق الدفاع للخصم وعدم ابلاغه بإجراءات التحكيم .
ــ تجاوز هيئة التحكيم لاختصاصها في النظر بالنزاع المعروض عليها.
ــ حالة عدم اكتساب القرار صفة الالزام .
اما بشأن الرفض من السلطة المختصة فهناك حالتان الاولى : اذا كان موضوع النزاع مما لا يجوز تسويته بالتحكيم طبقا لقانون الدولة المطلوب تنفيذ القرار فيها ، والثانية :مخالفة القرار التحكيمي للنظام العام .
في الفصل الخامس يتناول الكاتب الطعن في القرار التحكيمي ، فالطعن كما هو معروف عبارة عن الوسائل القانونية التي يمنحها المشرع ضمن سقف زمني محدد للمحكوم عليه يطلب فيه اعادة النظر في الحكم الصادر ضده بقصد ابطاله او نقضه او تعديله ، واجراءات الطعن مختلفة فأما ان يقدم الطعن امام قاضي الدولة التي صدر قرار التحكيم منها او يقدم الطعن امام قاضي في دولة اخرى غير الدولة التي صدر القرار منها ، اما بشأن الطعن في القرار التحكيمي طبقا لقواعد المحكمة الدولية يذكر الكاتب الحالات التي وردت في المادة 34 من الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري وهي ثلاث حالات وردت في المادة الاولى اعلاه وهي :
– اذا تجاوزت هيئة التحكيم اختصاصها بشكل ظاهر .
– اذا ثبت بحكم قضائي وجود واقعه جديدة من طبيعتها ان تؤثر في القرار .
– اذا وقع تأثير غير مشروع على احد المحكمين .
كما يشير الكاتب الى حالات الابطال التي وردت في المادة( 53 )من اتفاقية واشنطن والتي هي
– اذا وجد عيب في تشكيل هيئة التحكيم
– تجاوز الهيئة بشكل ظاهر لاختصاصاتها
– اذا ثبت ارتشاء احد اعضاء الهيئة
– عدم مراعاة احدى القواعد اللازمة للإجراءات او غياب السبب .
اما الطعن في القرار التحكيمي طبقا لنصوص الاتفاقيات الدولية يشير الكاتب الى اتفاقية نيويورك لعام 1958 وكذلك الاتفاقية الاوربية لعام 1961 واتفاقية جنيف 1927 ويتولى عرضها بشكل مختصر وسلاسة مفهومه . اما بشأن الطعن طبقا للقوانين الوطنية ، فيتناول التشريعات التي تجيز الطعن ، منها القوانين الاردني والعراقي والمصري واللبناني والكويتي والبحريني والفرنسي والايطالي والبلجيكي والانكليزي، ويشير الى النصوص القانونية التي وردت في هذه القوانين ، وتحت عنوان القانون النموذجي الذي اعدته لجنة القانون التجاري الدولي للأمم المتحدة لعام 1982 وعام 1985 الذي تضمن اسباب الطعن وكيفية تقديم وتشكيل هيئة التحكيم والاجراء المتبع في التحكيم اذا كان مخالفا لاتفاق الطرفين . وفي اسباب الطعن في قرار التحكيم فيشير الكاتب الى الاسباب المتعلقة بمحتوى القرار والاسباب التي تتصل بإجراءاته والاسباب التي تتعلق باختصاص هيئة التحكيم ,واخيرا الاسباب التي تستند الى مخالفة قواعد النظام العام وقد قدم ايجازا لكل هذه الاسباب بما لا يصعب على القارئ الوصول الى مضامينها .
واخيرا فلدين ما نقوله بشأن هذا الكتاب وبكل مصداقيه وامانه انه مميز ورصين وغني بالمعلومات والتفاصيل التي وردت فيه ، وقام الكاتب بتغطية ممتازة لواقع التحكيم شروطه ومواصفات المحكمين وآليات التطبيق وطرق الطعن وبالذات الاختصاص المكاني في حالات الخلاف . اذا نحن امام كتاب يعد بمثابة دليل لكل من يعمل في مجال التحكيم ومن يتولى هيئات ومراكز التحكيم وطنيا ودوليا . فهو يسهل عمل هذه المراكز والهيئات وينير لها الطريق السليم الواضح لاتخاذ قرارات التحكيم بصدق وامانة بعيدا عن المؤثرات والضغوط ومع ذلك لابد ان نشير الى ان قرارات التحكيم اصبحت رائجة ومعتمدة ولها موقعها الممتاز كما ان لها اجراءاتها الشكلية والموضوعية فهناك كم هائل من القوانين التي اشار اليها الكاتب من خلال كتابه القيم الذي لا غنى عنه لهيئات التحكيم والقضاء على حد سواء .وفي الملاحق يجد القارئ نموذجان الاول نموذج لعقد تحكيم والثاني نموذج مشارطة التحكيم وكذلك قانون الاوتسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي تضمن26 مادة حيث كتب بالصيغة التي اعتمدتها لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي في 21 حزيران من عام 1985 وعدلتها لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي في 7 تموز من عام 2006 .