الإعلام و الدستور
الإعلام و الدستور
المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
من الموكد ان الاعلام يؤدي دوراً مهماً وسريعاً في تغطية الاحداث وايصال المعلومة الى ابعد نقطة في العالم المترامي الاطراف والذي اصبح بفضله قرية صغيرة من خلال نشر التقارير والتحقيقات والاخبار في مجال السياسة والاقتصاد والاحداث التي تحصل على مدار الساعة والدقائق زمانا ومكانا بما يمتلكه من فروع ومؤسسات اعلامية ومكاتب وطنية واقليمية ودولية. ويرافق عمل السلطات الثلاثة وحركة المجتمع وحالة المواطن ويؤشر مكامن الخلل والعيوب في صياغة القوانين وتطبيقها وفقا للدستور .
اذن فالإعلام اكبر واهم سلطة رقابية مستقلة تعمل بحرية وكفاءة عالية بما يضمن سلامة الدولة ويقوٌم اعوجاجها بأدوات ووسائل تقنية عالية فالأجهزة الالكترونية وبكل مسمياتها وظفت في خدمة الاعلام يتناغم معها بذكاء ووفق سياسة اعلامية تسليط الضوء على ماضي الامة وحاضرها ومستقبلها .
ولطالما كان مشاركا وحاضرا في معظم الاحداث الوطنية وقضايا الامة يتجاوب معها بمصداقية وحيادية وبنزاهة تصب في خدمة المصالح العامة . والاعلام قمة في العطاء حرا لا يقبل القيود ويرفض الضغوط ويعمل بفدائية لذلك نجده على صدام دائم مع السلطة واجهزتها ويكشف فاسدها دون الخشية والخوف منها ومن عصاباتها المسلحة ويفضح جرائمها ويكشف اسرارها . ويروج اخبارا سرية ومعلومات عن طبيعة عملها في تكريس الفساد والتزام المفسدين وتناصر وتؤيد على اسقاط دولا فاشلة وحكومات مارقة وانظمة فاسدة . لذلك لجأت بعضا من الدول ومنها العراق الى كتم افواه الاعلاميين واتخاذ اجراءات ضدهم كالمطاردة والحجز والتوقيف والحبس وسحب اجازات المؤسسات الاعلامية بسبب نشر جرائم مليشيات الحكومة ومساندتها للانتفاضة وتغطية فعالياتها السلمية التي تنسجم مع قانون شبكة الاعلام العراقي رقم 26 لسنة 2015 والتعديل الاول رقم 63 لسنة2017 الذي لم يفرض عقوبات تأديبية وجنائية ضد الاعلاميين .
الا ان السلطة وبحجج واهية ومفتعلة وبهدف تحجيم تغطية الأحداث المهمة وكشف المستور منها وبالذات ما يتعلق بتصاعد الانتفاضة واقترابها من تحقيق اهدافها .
ومهما قيل ويقال عن الاعلام فان دساتير الدول صغيرها وكبيرها احتوت نصوصا تخص السلطات الثلاثة المعروفة من حيث صلاحيتها واستقلالها واختصاصاتها والعلاقة التكاملية بينها وبالتفصيل الممل .
وبالمقابل فان دستور العراق لعام 2005 لم يتضمن نصوصا عن دور الاعلام بما يستحقه من مكانة تؤهله لذلك اشار اليه ضمنا في المادة (108) من الدستور . والفاحص الجيد لهذا الدستور سوف يفهم انه لم يتناول اهمية الاعلام ودوره في ايصال جميع ما يتعلق بالدستور وعمل السلطات والحقوق والحريات والواجبات وتسليط الضوء على القوانين ونشرها وتعميمها وابداء الراي والراي الاخر فيها وتنوير المجتمع بما له وما عليه وبكل وسائله باعتبار ذلك من مهامه المعروفة .
ولكون الاعلام بهذا العطاء الكبير والجهد المميز لذلك نرى ان على المشرع اضافة الاعلام كسلطة رابعة في حالة الغاء الدستور او تعديله اسوة ببقية السلطات .