اجتهاد القاضي
سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
المعروف ان الاجتهاد مأخوذ من بذل الجهد وهذا يعني توظيف الامكانات العلمية المتنوعة والمتكاملة والمتوفرة لدى المجتهد للوصول الى الحكم الحقيقي للقضية المعروضة عليه. والجهد قد يكون قانونيا وعلميا وفكريا . وفي ظل الدولة الاسلامية يشترط في المجتهد العلم باللغة العربية وتذوقها وان يعرف مواضع الخلاف والاجماع واصول الفقه وشروط القياس وان يمتلك الموهبة والملكة والممارسة والعلم بالقران الكريم والناسخ والمنسوخ وبقية العلوم المساندة له عند الاجتهاد . في مجال القانون على المجتهد ان يكون مستوعبا بعمق لهدف المشرع وغايته وطبيعة الموضوع المعروض عليه ليعطي الرأي القانوني الصحيح . اما شروط تولي القضاء في الدولة الإسلامية فهي البلوغ والعقل والحرية والذكورة والعدالة والعلم بالأحكام الشرعية وسلامة البصر والسمع والنطق. اما اجتهاد القاضي فهو استثمار وتوظيف كامل طاقاته و حواسه لتحقيق العدالة ومتطلباتها واقناع الخصوم ووكلائهم في الحكم الذي يصدره لينال المصادقة عليه استئنافا وتمييزا. وقد تكون صلاحيات القاضي مقيدة في بعض النصوص التي لا تقبل الاجتهاد فيها سواء كانت ضمن القانون الجنائي او المدني استنادا الى مبدا لا اجتهاد في مورد النص( المادة 2من القانون المدني) .وعدم رجعية القانون وكذلك السوابق القضائية التي تصدر من محكمة التمييز فتكون ملزمة للقاضي لا تجوز مخالفتها او التجاوز عليها الا بتوفر ظروف ووقائع الزمت القاضي عدم الاخذ بالسابقة في القضية المماثلة التي ينظرها . او بمرور الزمان او اختلاف المكان . ومع ذلك فان على القاضي ان يجتهد مع وجود النص او في غيابه وان يحسن تطبيق القانون وان يبحر في نصوصه ليضمن تحقيق العدالة بين اطراف النزاع . وكذلك يوجب على القاضي ان يدقق ويتريث عند تطبيق الاجراءات الشكلية والتدابير القضائية لأنها جزأ من الاجتهاد . وفي حالة عدم وجود نص تشريعي يمكن تطبيقه حكم بمقتضى العرف فاذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثرملائمة لنصوص هذا القانون دون التقيد بمذهب معين فاذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة. ( لاحظ نص المادة 1 الفقرة 2من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951) . وبالنسبة للاجتهاد في النصوص الجزائية فالقاضي مقيد بمبدأ الشرعية وهو ملزم بعدم التوسع في الاجتهاد الا في تفسير النصوص الغامضة وله الحق في تخصيص النص العام بالنص الخاص مع مراعاة نص المادتين 6 و11 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المتعلقتين بالاختصاص الاقليمي والاختصاص الشخصي . ويلاحظ ان العملية القضائية منظمة بموجب قوانين للنظر في النزاعات التي تحصل بين الافراد ابتداء من اقامة الدعوى ولحين حسمها بالنقض او المصادقة واكتساب القرار درجة البتات . في حين لم يضع المشرع قواعد تنظم طبيعة الاجتهاد القضائي حيث ترك للقاضي حرية الاجتهاد القضائي كي يساهم في ايجاد اسس وقواعد وسياقات عمل للاجتهاد .