إصدار جديد للدكتور ميثاق الدوري ، بعنوان (الأمن القانوني الجنائي)
صدر حديثاً عن دار المركز العربي للطباعة والنشر، كتاب الدكتور ميثاق غازي فيصل عبد الدوري (عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات) بعنوان : الأمن القانوني الجنائي ( دراسة تحليلية مقارنة).
نبذة عن مضمون الكتاب بقلم الدكتور ميثاق الدوري :
يُعدُ القانون وسيلة لتحقيق غاية هي المصلحة العامة او الصالح المشترك لأفراد المجتمع, وتُحدد تلك الغاية السلطة المختصة, هذه الوسيلة يجب أن تكون أمِنة كونها تنظم مراكز قانونية موضوعية, هذه المراكز لابد أن تتسم بالاستقرار, والأخير نابع مِن استقرار القانون المنظم لها.
وانقسم الفقه إزاء تحديد معنى الأمن القانوني ما بين موسع لمعناه يَدخُلُ فيه الوصول إلى النص والتوقع المشروع واليقين القانوني. ومُضَيقٍ له يَقصُرُهُ على الثقة المشروعة أو التوقع المشروع, وسبب هذا الانقسام هو حداثة المصطلح, ويُرجِعُ الفقه أساسه القانوني إلى نظريات عدة منها العقد الاجتماعي, ولا تزال طبيعته القانونية محل شد وجذب ما بين من يقول انه مبدأ دستوري وأخر يرى أنه غاية دستورية أو مزيج منهما.
وإن حماية المصالح تقتضي أن تكون وسيلتها سهلة الولوج إليها, دقيقة في الدلالة على حكمها, وهذا ما جاءت به الشرعية الجزائية, كذلك لابد أن يكون الإجراء الذي يُتَخَذُ ضِد المتهم واضحا نابعا مِن أصل براءته من التهمة المنسوبة إليه وهذا ما تقر به الشرعية الاجرائية. و إن النص الجنائي يجب أن يصاغ في إطار مِنَ التوازن بين القيمة الدستورية للحقوق والحريات وبين الفلسفة الاجتماعية للتجريم والعقاب وتحقيق التناسب بينهما.
ولكون الأمن القانوني الجنائي يمثل معيارية النص الجنائي ويحقق فاعليته لذلك فهو علامة فارقة لجودة التشريع, إلا أنه وفي الاطار التطبيقي فإن المشرع يخرج متعمدا على مرتكزاته لمبررات يقتضيها ذلك الخروج فتصاغ النصوص بجمل كبرى ليدخل في نطاقها أكبر عدد ممكن من صور السلوك, وأحايينا أُخرى يستخدم ألفاظا مشتركة فيخرج على الدقة في الصياغة, أو يقرر المشرع سريان النص الجنائي بأثر رجعي أو يصدر قانون يعفو فيه عن الجريمة أو العقوبة. كما إن المشرع يخرج على مقومات الأمن القانوني الجنائي بدون مبرر كلما صاغ النص متعارضا في حكمه مع نص أخر بإضافة عنصر جديد أو لكون أحد النصين يخفف من العقوبة أو يشددها لذات الجريمة الواردة فيهما.
ويُخِلُ المشرع بالأمن القانوني الجنائي عندما يَنحَرِفُ عن الغاية التي يتوخى القانون الجنائي حمايتها أو يفصح عن غاية ويضمر غيرها, فيكون النص مشوبا بعدم الدستورية لإخلاله بالتوازن بين الحقوق والحريات والفلسفة الإجتماعية للتجريم, أو أن يتم تعطيل النص اخلالا بفاعليته. كما قد يكون الاخلال نتيجة لامتناع السلطة المختصة بتطبيق القانون عن تطبيقه, أو عندما تفسره على خلاف الغاية التي شرع مِن أجلها فَيَنحَرِف التطبيق عن الهدف المرجو منه.
ويُعَدُ الطعن الدستوري جزاء للإخلال بالأمن القانوني كونه يلغي النص المُخِل بالأمن القانوني أو يمنع تطبيقه على الوقائع اللاحقة على الحكم بعدم الدستورية, وإن أثر الحكم بعدم الدستورية محل خلاف بين التشريعات فهناك تشريعات نصت على الأثر الكاشف وأخرى نصت على الاثر المنشئ له, كما إن القاضي لابد وأن يُجازى على إخلاله بفاعلية النص فقُرِرَت مخاصمة القضاة نتيجة لتطبيقهم النص على وقائع لا ينطبق عليها لتفسيرهم إياه تفسيرا موسعا أو لإخراجهم افعالا من نطاقه لتفسيرهم إياه تفسيرا ضيقا.
ومن خلال دراستنا وجدنا أن الأمن القانوني لايزال في طور التحديد لمعناه وطبيعته القانونية وأن القانون الجنائي العراقي جاء آمنا في بعض نصوصه خارجا على الامن القانوني في نصوص و مُخِلا به في نصوص اخرى, كما توصلنا الى جملة من المقترحات ابرزها أن القيمة الدستورية للحريات التي صيغ في اطارها القانون الجنائي قد تغيرت في مجملها بصدور الدستور الجديد النافذ, وضرورة النص على تجريم الامتناع عن تطبيق القانون بنصوص واضحة, والإستغناء عن الالفاظ المشتركة والجمل الكبرى.