عاصفة السيتوكين
عاصفة السيتوكين
عاصفة السيتوكين.. كيف يقتل النشاط المناعي المفرط ضحايا كورونا ؟
الدكتورة زينة علي حميد
نائب رئيس اللجنة الصحية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
تؤدي (عاصفة السيتوكين) ، وهي رد مناعي مفرط يؤدي إلى اعتداء شرس للخلايا على الرئتين، على ما يبدو دوراً أساسياً في حالات الإصابة الخطرة بمرض (كوفيد – 19) ، ويقف الطب أمامها عاجزاً نسبياً.
ويسبب فيروس كورونا المستجد ، في 80 في المائة من الحالات، أعراضاً طفيفة أو معتدلة من حمى ووهن وسعال جاف، لكن يضاف إلى ذلك أحياناً ضيق في التنفس يمكن أن يؤدي إلى متلازمة الضيق التنفسي الحاد. وهذه حالة 20 في المائة من المصابين تقريباً، ما يتطلب إدخالهم إلى المستشفى ليأملوا بالشفاء، على ما تفيد به منظمة الصحة العالمية.
وتشكل صعوبات التنفس أو الشعور بضغط كبير على الرئتين، أو إزرقاق الشفتين والوجه، مؤشرات يجب أن تدفع إلى استشارة طبية عاجلة، على ما تؤكده المراكز الأميركية للإشراف على الأمراض والوقاية منها.
ويعاني غالبية المرضى الذين يدخلون المستشفى التهاباً رئوياً حاداً في الجهتين، وهو مؤشر إلى إصابتهم بالشكل الخطر من مرض (كوفيد – 19) ، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وغالباً ما يحصل التدهور فجأة، بحدود اليوم السابع على بداية الأعراض،
ويلف الغموض هذا التوقيت، مع تفاوت كبير أحياناً، لكنه يفضي بانتظام إلى (متلازمة الضائقة التنفسية الحادة) . ويؤدي ذلك إلى توقف الرئتين عن توفير الأكسجين الكافي إلى الأعضاء الحيوية في الجسم، فيتطلب الأمر وصل المريض إلى جهاز تنفس صناعي.
حيث تكثر الأدلة على أن قسماً من المرضى الذين يعانون من أشكال حادة من (كوفيد-19) يصابون بعاصفة سيتوكين.
ورُصدت هذه الظاهرة منذ 20 عاماً تقريباً فقط، وعدت مسؤولة عن خطورة مرضين تنفسيين آخرين ناجمين عن فيروسات كورونا، هما (سارس ) 774 حالة وفاة ، غالبيتها في آسيا ( 2002 – 2003 ) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس ) 866 حالة وفاة منذ عام 2012 .
ويُشتبه بأن هذه الظاهرة كانت وراء جائحات إنفلونزا سابقة، مثل (الإنفلونزا الإسبانية) التي حصدت نحو 50 مليون ضحية في 1918 – 1919 .
والسيتوكين مادة تفزرها خلايا الجهاز المناعي طبيعياً لتنظيم النشاط المناعي، والتفاعل مع الالتهابات، وهي رد دفاعي طبيعي عندما يتعرض الجسم لهجوم. لكن في حالة (عاصفة السيتوكين)، يسجل نشاط مفرط للنظام المناعي وذلك لمقاومة الفايروس بشكل أوسع في الرئتين ويؤدي إلى تلف الرئتين بشكل كامل ويكون مشخص هذا التلف بصور اشعة المفراس للرئتين، ما قد يؤدي إلى الوفاة.
- ما دور هذه العواصف في الإصابات الحادة لـ (كوفيد – 19 ) ؟
يقول الخبير الأميركي في البيولوجيا المجهرية وعلم المناعة، ستانلي بيرلمان، الذي درس هذه الظاهرة مع مرضي سارس وميرس : هذا سؤال ممتاز… أظن أن الرد المناعي الجامح هو الذي يقتل فعلاً المرضى المصابين بكوفيد – 19 ، من خلال القضاء على الأنسجة… لكن هذا غير مؤكد.
وينبغي تهدئة العاصفة عند مستوى الرئتين، من دون خفض الحواجز المناعية للمرضى. وحتى الآن، لا يملك الطب خريطة طريق واضحة في هذا المجال، وتجرى تجارب على عجل في وقت يتسع فيه نطاق الجائحة.
وعليه باشرت المجموعة الاستشفائية العامة في باريس ( AP- HP)في هذه الايام الأخيرة تجربه لاختبار عقاقير عدة في مواجهة هذا النشاط المناعي المفرط.والعالم في انتظار هذه النتائج…..
- كيف سيعمل عقارهيدروكسي كلوروكوين ضد فيروس كورونا ؟
نفترض أن عقار هيدروكسي كلوروكوين سوف يؤثر على الاستجابة المناعية، وكما هو معروف أن من طرق إضرار فيروس كورونا للجسم هو تسببه بعاصفة خلوية “سايتوكين ستورم”.
والعاصفة الخلوية هي استجابة مناعية خطيرة، وتحدث عند إنتاج الخلايا المناعية بشكل مفرط وتدخل إلى الرئتين، مما يقود إلى تدهور في الجسم يشبه تسمم الدم. يرافق هذا تراجع في القدرة على التنفس والتهاب رئوي، مما قد يقود في النهاية إلى الموت.
لذلك قد تكون آلية عمل عقار هيدروكسي كلوروكوين أنه عبر التأثير على جهاز المناعة immunomodulator , فإنه يضعف أو يوقف العاصفة الخلوية فيمنع حدوث المضاعفات الخطيرة
- أجهزة التنفس الاصطناعية.. كيف تعمل ودورها في إنقاذ الأرواح ؟
تعتبر حالات نقص الأوكسجين أو الإختناق من الحالات الحرجة والتي تستوجب وضع المريض تحت رحمة أجهزة التنفس الاصطناعية داخل وحدات العناية المركزة بالمستشفيات. في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا والذي أصبح يتفشى بسرعة في أوروبا والولايات المتحدة صارت أجهزة التنفس الاصطناعي من بين الوسائل الناجحة لمقاومة كوفيد 19 .
حسب بيانات منظمة الصحة العالمية فإن ثمانين بالمئة من المصابين بكوفيد 19 يتعافون دون أي حاجة للتوجه إلى المستشفى. لكن شخصًا واحدا من بين كل ستة آخرين يمكن أن يعاني من صعوبات في التنفس. في هذه الحالات الشديدة ، يتسبب الفيروس في تلف الرئتين فيكتشف الجهاز المناعي للجسم هذا ويوسع الأوعية الدموية حتى تدخل المزيد من الخلايا المناعية. لكن هذا يمكن أن يتسبب في دخول السوائل إلى الرئتين ، مما يجعل التنفس أكثر صعوبة ، ويتسبب في انخفاض مستويات الأكسجين في الجسم.
- مرطب يعمل على تعديل الحرارة
للتخفيف من ذلك ، يتم استخدام جهاز التنفس الصناعي لدفع الهواء ، مع زيادة مستويات الأكسجين ، إلى الرئتين. يحتوي جهاز التنفس الاصطناعي أيضًا على مرطب يعمل على تعديل الحرارة والرطوبة في الهواء بحيث يتوافق مع درجة حرارة جسم المريض.وفي غضون ذلك يتم إعطاء المرضى أدوية لإرخاء عضلات الجهاز التنفسي حتى يتم تنظيم تنفسهم بالكامل بواسطة الجهاز.
- هل يستخدم بغرض العلاج ؟
جهاز التنفس الصناعي ليس علاجا لمرض، ولكنه يستخدم أثناء العلاج لتثبيت حالة المريض، فمثلا في حالة مرضى فيروس كورونا فإن جهاز التنفس الصناعي لا يعالج الفيروس، ولكنه يسمح للمريض الذي تراجعت قدرته التنفسية على البقاء على قيد الحياة، ريثما يتعافى جسمه من الفيروس ويهزمه، أو ريثما تعمل العلاجات الدوائية.