التعليم الطبي الاهلي في العراق. الغاية – المعوقات – الحلول
التعليم الطبي الاهلي في العراق.
الغاية – المعوقات – الحلول
الدكتور
نشوان قحطان محجوب الطائي
استشاري الجراحة العامة والجراحة المنظارية
استاذ الجراحة / كلية الطب/ جامعة الموصل/ العراق
عضو كلية الجراحين الامريكيةFACS –عضو المجلس العراقي للجراحة FICMS
محاور البحث
- نشوء التعليم العالي الاهلي في العراق.
- الأهداف الاستراتيجية لفتح كليات الطب.
- شروط فتح كليات الطب اهلية.
- معايير قياس الكفاءة لكلية الطب.
- ايجابيات وسلبيات التعليم الطبي الاهلي.
- الحلول والتوصيات.
المحور الاول : نشوء التعليم العالي الاهلي في العراق/القديم/
(من يعرف علماً عليه أن لا يبقيه مخفياً عن الناس)
كان التعْليم في بلاد الرافدين أكثر رقياً وتقدماً عما كانت عليه بقية الحضارات والبلدان القديمة، حيث تم اثبات وجود حقيقي للمؤسسة التعْليمية الاولية والعليا.
قسمت المدارس الى نوعين استنادا ً الى المناهج الدراسية ومستوى التلاميذ.المدارس الأولية أو الابتدائية التي تسمى (أي دوبا/ بيت طوبي) يدخلها الدارس بصفة تلميذ.
المعاهد العالية وهي تضاهي الجامعات الحديثة، وتسمى في الأكدية بيت موميأي
(بيت الحكمة),
ويرجع السبب الرئيسي للتطورالهائل في مستوى التعليم في العراق القديم لتحرر المدارس
من قيود سلطة المعبد وسيطرة الدولة، مما جعلها تنفتح بشكلواسع على آفاق ومفاهيم فرضتها طبيعة الحياة.
تم الاستدلال على وجود مؤسسات تعليمية تعلم وتدرب مهنة الطب خلال بعض الرسائل المتبادلة بين أمراء مدن وادي الرافدين خلال الألف الثاني ق.م
النصوص الطبية العديدة التي عثر
عليها خلال التنقيبات والتي خل ف هاأطباء العراق القديم في أماكن منظمةوبشكل مؤرشف، لم تكتب اعتباطاً أو للتسلية، بل من أجل تدريب وتعليم الأطباء الجدد، ومن كانوا في خطواتهمالأولى لتعلم هذه المهنة.
في عصر الدولة الآشورية الثانية، جمع آشور بانيبال أضخم مكتبة تحتويعلى 30 ألف لوح طبي وسلسلة تضم أربعين فص لا طبي .
كما يفهم من بعض الرسائل وجود مراكز إقامة للمرضى أي مستشفيات بالمفهوم الحديث.
ويذكر أيضا أنه كان في بلد آشور مجلس طبي مشابه لكليات الطب.
- ومن المؤكد أن يتوارد سؤال هام وهو:
- من أين تأتي المدارس والمؤسسات التدريبية العراقية القديمة بنفقاتها
المادية الكبيرة لدفع رواتب هيئتها التدريسية ولسد احتياجاتها ولديمومةبقائها واستمرارية عطائها؟
- يمكن القول أن التعليم آنذاك لم يكن عاماً أو مجانياً، بل كان مصدر تمويل المدارس والمعاهد من ذوي التلاميذ وذلك بشكل أجور أو هبات عينية.
ذكر أحد الآباء في أحدى النصوص المسمارية:
( من أجل أن يتعلم ولدي سأقود الثور للحراثة، من أجل أن يتعلم ولدي سأخرج لجمع الحطب من البرية)
عبارات رغم بساطتها لكنها تشير بوضوح الى آمال وطموحات المجتمعواصرارهم في الحصول على العلم كونه
الطريق الوحيد المتاح لديهم لنيل قدر منالمساوة الاجتماعية.
وربما هذه هي الضريبة الأزلية القاسية
التي فرضت على من سار بطلب العلم
وسعى لنشره بين الناس منذ فجر التاريخوحتى عالمنا الحديث هذا المتراقص علىلوحة مفاتيح الكومبيوتر.
المحور الاول :نشوء التعليم العالي الاهلي في العراق/الحديث/
تعود جذور التعليم العالي الأهلي في العراق الحديث إلى سنة 1963، حينتأسست الكلية الجامعة بمبادرة من نقابة المعلمين. وفي سنة 1968 ألُغياسم الكلية الجامعة ليحل محله اسم )الجامعة المستنصرية(. وفي سنة 1974
صدر القرار المرقم 102 الخاص بإعادة تنظيم الجامعات في العراقلتصبح الجامعة المستنصرية مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي الرسمي.
ولم يشهد التعليم الأهلي العالي في العراق اهتمام اً كافيا ً إلا في سنة 1988،إذ تأسست بعض الكليات الأهلية.
بدأت الثورة الانفجارية للجامعات الاهلية بعد 2003حيث بلغ عددها الآن 55كلية وجامعة, موزعة في جميع محافظات العراق, وبمختلف التخصصات العلمية, تسعة منها جامعات. يضم قطاع التعليم الطبي الأهلي حاليا :
( 13) كلية طب اسنان.
( 10) كليات صيدلة .
كلية طب واحدة.
كلية تمريض واحدة.
عدد من أقسام التحليلات المرضية.
المحور الثاني : الاهداف الاستراتيجية لفتح كليات الطب ، نظرة اولية
- عرف عن اهل العراق هيامهم بامور الطب وقد نبغوا فيه.
- ان اهتمام العراقين بالطب ليس طارئاً بل متجذرا.
- كل ابويين عراقيين يتمنيان ان يكون احد اولادهم طبيبا.
- دراسة الطب لا تحتاج الى ذكاء اكثر من المعتاد, بل الى كد ومواضبةللتعرف على المبادىء الاولية في الطب.
اما كسب المهارة لممارسة الطب فتكون في مرحلة التلقين بعد التخرج وفق
- اقامة كلية طب اهلية ليست بدعة وهي موجودة في اماكن عدة في العالمولا ضير منها.
- بسبب توقف التعيينات الحكومية واقتصار فرص التوظيف للاختصاصاتالطبية، أصبح توجه الطلبة نحو الحصول على أقسام المجموعة الطبية.
- ان القبول في كليات الطب حسب المعدلات ليس لاختيار الاقدر بل وسيلةلتحديد عدد المقبولين وفق ما تتسع له الكليات وحاجة البلد حيث انالامتحانات لم تكن يوما معيارا حساسا لامكانات الطالب.
- العولمة الطبية: هناك دعوة لفتح الباب أمام الجامعات الأجنبية لتؤسس
جامعات لها في الدول النامية ومنافسة الجامعات الوطنية، كل ذلك تحتشعار ” تحرير السوق.
(استنزاف العقول وغزو المجتمع)
المحور الثاني : الأهداف الإستراتيجية لفتح كليات الطب
1-إعداد كوادر طبية مؤهلة أخلاقياً ومهنياً لممارسة الطب.
2-رفع المستوى الصحي والثقافة الصحية لدى المواطن.
3-تطوير بيئة البحث العلمي والتعاون مع المؤسسات المحلية والإقليمية والعالمية في مجال البحوث الطبية.
- تطوير المستشفى الجامعي لتقديم خدمات صحية متميزة للمجتمع.
- إيجاد بيئة أكاديمية تجذب أعضاء هيئة التدريس المتميزين.
6-التطوير المستمر للمناهج ووسائل التعليم الطبي.
7-الحصول علي الإعتمادية.
1– إعداد كوادر طبية مؤهلة اخلاقيا ومهنيا.
التعليم الطبي هو اعقد انواع التعليم لما يتطلبه من جهد ذهني وبدني ووقت طويلللالمام بكافة جوانبه ناهيك عن الارتباط الجدلي بين مهنة الطب والانسانية.
على الطبيب ان يتحلى ب:
- المعرفة والاحتراف.
- الثقة والايثار
- السمعة الطيبة.
- الصدق والحنان.
- الانفتاح والاستجابة.
- مهارات التواصل.
2– رفع المستوى الصحي والثقافة الصحية لدى المواطن.
التعريف الجديد للصحة هو:السلمة الجسدية والعقلية والاجتماعية.
- توفير خدمات صحية ذات جودة عالية ، منظمة ومتكاملة، عادلة ومستدامةوفي متناول الجميع.
- العمل بمنظومة التأمين الصحي الشامل.
- الاهتمام بالتثقيف والارشاد الصحي.
3– تطوير بيئة البحث العلمي والتعاون مع المؤسسات المحلية والإقليمية والعالمية في مجال البحوث الطبية.
- تبني الريادة في المشاريع الطبية وايصالها الى السوق للتعامل معها.
- إدارة مشاريع البحوث ومتابعتها وتنفيذها.
- تحكيم ونشر الأبحاث لضمان جودة التعليم العالي ضمن المستوعباتالعالمية الرصينة.
- تحديد المكافآت لنشر البحوث في المجلات العلمية العالمية المحكمة.
- تقييم وتأليف الكتب العلمية واعتمادها لغايات التدريس أو الترقية.
- العمل على التواصل مع المراكز العلمية و البحثية المحلية والعالمية.
- الإعداد والإشراف على الموازنة السنوية للبحث العلمي.
- العمل على بناء قاعدة بيانات تضم المشاريع والإنتاج العلميللباحثين.
- تطوير المستشفى الجامعي لتقديم خدمات صحية متميزة للمجتمع.
من اهم مستلزمات العمل الطبي التعليمي هو توفير مستشفى جامعي يضم كافةالتخصصات العلمية مع موارد بشرية ومادية هائلة لتغطية نفقات الخدماتالصحية والبحثية.
الغاية :بتقديم رعاية صحية تلبي احتياجات المرضى والمجتمع و توفير بيئةمناسبة لتعليم و تدريب الكوادر الصحية ودعم البحث العلمي.
- إيجاد بيئة أكاديمية مناسبة لأعضاء هيئة التدريس.
- تهيئة كل مستلزمات العيش الرغيد للعالم والباحث والتدريسي لكي يتفرغلعمله ويبدع فيه.
2-ايفاده بشكل دوري لجامعات اخرى لغرض التطوير والتدريب.
3-صرف المكافأات المناسبة لعمله وابداعه.
4– تحريره من الضغوطات السياسية والمصلحية.
- التطوير المستمر للمناهج وسائل التعليم الطبي.
وضع اسس علمية رصينة للمناهج قابلة للتغيير والتشذيب اظافة الى توفير
وسائل التعليم المرئية والسمعية واليدوية مع المتابعة الحثيثة والتواصل العلميالبناء مع جامعات العالم والمراكز البحثية.
7-الحصول علي الإعتمادية.
المجلس العالمي لاعتماد التعليم الطبي أوضح أنه في عام 2023 لن يسمحللطلاب خريجي الجامعات وكليات الطب الغير معتمدة بدخول اختبار المعادلةالعادي، ولن يتم الاعتراف بدراستهم عالمياً، وبالتالي لابد أن تحصل كلياتالطب على هذا الاعتماد لغرض اعتماد شهاداتهم.
المحور الثالث: شروط فتح كلية الطب اهلية
من اهم الشروط لفتح كلية طب اهلي:
1-القدرة العلمية.
2-القدرة الادارية.
3-القدرة المادية.
4– الاعتراف بالشهادة داخليا وخارجيا.
5-الاستفادة من الخريجين في العمل في مؤسسات الدولة الصحية.
6-الاستفادة من الهيئة التدريسية في التطور المهني والاكاديمي.
المحور الرابع: معايير قياس الكفاءة لكلية الطب
- ان المعايير المعتمدة لقياس كفاءة الجامعات والكليات وجودتها تدور على خمسة محاور هي
- البنى التحتية والخدمية.
- التعليم والتعلم.
- ضمان الجودة والاعتماد.
- البحث العلمي.
- النشاطات العلمية وبناء القدرات.
بناءا على ما تقدم, اضع التساؤلات التالية:
1-هل هناك إستراتيجية واضحة و محددة للتعليم الطبي في العراق؟
- هل يتم تقويم مهارات طلاب كليات الطب او الأطباء المتخرجين من اجل العمل على تغيير وتطوير البرنامج الدراسي والواقع الصحي؟
- هل تمكنت كليات الطب من تطبيق معايير اعتماد برنامج التعليم الطبي وحددت مستوى أداء كليات الطب العراقية بموجب المعايير الدولية؟
- هل تجد الجهات المسؤولة عن كليات الطب في العراق بأنها مستحقة لنيل الاعتماد الدولي؟ او لفتح كليات طب اهلية منافسة للحكومية؟
- هل تم مقارنة مستوى اداء كليات الطب مع نظرائها عربيا ودوليا؟
المحور الخامس: ايجابيات وسلبيات التعليم الطبي الاهلي الايجابيات
- انشاء الكليات الاهلية احد الوسائل لنشر التعليم العالي وتوسيعه في المجتمع.
- تغطية النقص في عدد الاطباء في العراق.
- خلق التنافس والتكامل العلمي البناء بين الكليات الاهلية والحكومية.
- رفع الضغط المادي عن كاهل الدولة.
- فرصة للطلبة المتفوقين ممن لم يسعفه معدله رغم كونه عال لدخول كليات الطبالحكومية.
- فرصة لتوظيف الملاكات الخدمية وتشغيل الايدي العاملة.
المحور الخامس: ايجابيات وسلبيات التعليم الطبي الاهلي السلبيات
- ان القبول في هذه الكليات سيحتكره الميسورون وهذه المشكلة وقعتايضا عندما شاعت موضة الدروس الخصوصية لضمان تحقيق معدلات عاليةفي امتحانات الاعدادية
- ان الكلية الاهلية ستخرج طلاب اقل مستوى من اقرانهم خريجي الكلياتالحكومية.
- معظم الخريجون سيغادرون العراق حال تخرجهم وان الشهادة ستكونفيزا للعبور لإكمال الدراسة في الخارج خاصة ان اهاليهم لهم القابلية المادية.
- يمكن ان تكون هذه الكلية مشروع استثماري لاعلاقة له بالطب.
- ان المستثمر سيكون عامل جذب للكوادر التعليمية الطبية مما قد يفقرالكليات الحكومية من الكفاءات المتميزة.
- نقص الكادر التدريسي في كثير من الاختصاصات وعدم استقراره بسببالمتطلبات العلمية المتنوعة.
- عدم امتلاك بنايات خاصة ومؤهلة لكي تكون مؤسسة تعليمية طبية .
- عدم القدرة على توفير المختبرات والتجهيزات الملحقة بها وهي مكلفةومعقدة وتحتاج الى ادامة.
- عدم الاستقرار في سياسة القبول بسبب الطلب المتزايد والتفكير المادي.
- الطالب اهم من الاستاذ فهو من يدفع المال.
- تقاضي بعض اعضاء هيئات التدريس رشوات من الطلبة مقابل التغاضيعن غيابهم.
- مساعدة الطلبة بطرق غير سليمة لتجنب الرسوب والفشل في الدراسة.
- تفشي الغش بسبب قلة الالتزام.
- تفشي مظاهر الترف القائم على الغنى والاهتمام فوق العادة بالامور غيرالاكاديمية والعلمية.
- عدم وجود الجدية والاندفاع والحماس لدى التدريسي والطلبة على حدسواء.
- كثرة المعدلات العالية من خريجي الكليات الاهلية حيث سينافسون خريجيالجامعات الرسمية في القبول في الدراسات العليا.
المحور السادس: الحلول والتوصيات
- الزام كليات الطب الاهلية بتحقيق الاهداف ومعايير الكفاءة .
- الزام كليات الطب بقبول الطلبة بكمية ونوعية مناسبة ومدروسة.
- وضع شروط أكثر صرامة للاستثمار في مجال التعليم الطبي.
- الحاق مستشفى تدريبي في كلية الطب الاهلية ضمن اولويات العمل.
- تهيئة كادر تدريسي مستقل وكفوء.
- توأمة الكلية مع كلية عريقة محليا او دوليا.
- تفعيل دور ( المجلس الوطني لاعتماد كليات الطب )
- فتح هيئة ادارية خاصة بالتعليم الطبي، وتسميتها )هيئة التعليم العاليوالبحث العلمي الطبي الاهلي( لها ميزانيتها الخاصة وتدير كافة والكلياتالاهلية الطبية, غايتها تقويم العمل ووضعه تحت المراقبة.
- تحويل التعليم الاهلي، من القطاع الخاص الى القطاع المختلط لزيادة قدرتهعلى اداء رسالته العلمية والتزاماته المادية.