المخدرات في البصرة.. من ينهيها ؟!
المخدرات في البصرة.. من ينهيها ؟!
عامر السامرائي – اعلامي وكاتب عراقي
عضو لجنة الثقافة والإعلام في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
المخدرات واحدة من الآفات الاجتماعية الخطيرة التي بدأت تنخر المجتمع العراقي، بعد أن كانت البلاد بعيدة عنها عقودا طويلة، حتى احتلالها عام 2003، حيث يتعرّض المجتمع العراقي، والبصري خصوصا، لاستهداف ممنهج في صفوف الشباب وسط نقص الخدمات وسوء الإدارة من بعض السياسيين الفاسدين.
وبينما تتفاخر السلطات الحكومية في محافظة البصرة بتشريعها قانون منع بيع المشروبات الكحولية وتدازلها، إلا أنها، بقصد أو بدونه، فتحت الباب مشرعاً أمام تجارة المخدرات، حيث يوجد نحو 400 تاجر مخدرات في المحافظة، بحسب الإحصاءات الأمنية الأخيرة.
وعلى الرغم من أنّ دائرة صحة البصرة أطلقت حملات توعية وتثقيف في الجامعات والمنتديات الشبابية، فإنّ ذلك لم يمنع وجود أكثر من ألف مدمن في المدينة، بحسب ما أعلنته إحدى الدوائر الطبية والنفسية، مؤكدة أنّ الأرقام هذه هي لشباب ومراهقين لم تتجاوز أعمارهم العشرين عاما، عازية أسباب انتشار ظاهرة تهريب وتعاطي المخدّرات بأشكالها المختلفة، إلى موقع المدينة المجاور لإيران، المصدّر الرئيس لهذه الآفة، ما جعل الأزمة تتفاقم، سيما في غياب المعالجات الواقعية من السلطة المركزية.
وقد دخلت المخدّرات في العراق أماكن عدّة، منها الجامعات والمعاهد، ناهيك بالمدارس، إذ يقدّر عدد التجار مروّجيها بعشرة آلاف تقريباً. وهو ما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من أنّ العراق أصبح ممراً رئيسياً لتجارة المخدّرات، كونه يقع وسطاً بين الدول المنتجة والمستهلكة.
وقد جاء هذا التحذير جاء على ما يبدو بعد أن بات تعاطي المخدّرات ظاهرة مرعبة، والأخطر من ذلك أن هذه الظاهرة تتجه إلى أن تكون مشكلة متفاقمة بين الأطفال، بالتزامن مع التحذير الذي أطلقته منظمة اليونسكو في تقرير لها من أنّ عدد مدمني المخدرات بين الأطفال حوالي 10%.
يتضح مما تقدّم أن إجراءات السلطات العراقية في منع أو الحدّ من انتشار هذه الآفة ما زالت قاصرة، ومن دون المستوى المطلوب، لذا عليها وضع حلول سريعة للحد من هذه الظاهرة مثل إعداد مسودة قانون مكافحة المخدّرات، من أجل احتواء هذه الظاهرة والسيطرة عليها، وفرض عقوبات صارمة بحق تجار المخدّرات ومتعاطيها، وعدم التهاون مع من يساعد على تسهيل دخولها إلى البلاد، وضرورة ضبط السلطات الأمنية الحدود مع دول الجوار للسيطرة على دخول المخدرات وتعاطيها.
وقبل ذلك، يجب أن تكون هناك ثقافة مجتمعية تجاه هذه الآفة، ما يعني أنّ على المراكز الدينية والأسر والمدارس المساهمة في التصدي لهذه الآفة الخطيرة، والعمل على منع الشباب من الوقوع فيها التي باتت تهدد المجتمع العراقي.