نظام الري باستعمال الطاقة الشمسية (الطاقة المتجددة)
نظام الري باستعمال الطاقة الشمسية (الطاقة المتجددة)
الدكتور المهندس كنعان عبد الجبار أبو كلل _ مهندس استشاري
عضو لجنة الزراعة والري ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
الطاقة الشمسية هي الضوء والحرارة المنبعثة من الشمس , ولها مميزات عديدة ومنها التقنية المستعملة فيها بسيطة وغير معقدة نسبيا , وكذلك كونها طاقة نظيفة لا تلوث الجو . اما الهدف فهو استغلال المياه الجوفية والمياه السطحية ( مياه الأنهار وقنوات الري ) عن طريق استخراجها بواسطة المضخات التي تعمل بالطاقة الشمسية وتخزنها في خزانات خاصة ومن ثم إعادة ضخها الى شبكة ري حديثة ( الرش او التنقيط وغيرها ).
فائدة هذه المنظومة تكون عن طريق استغلال الأراضي في كافة المناطق وخاصة النائية منها
( خاصة الصحراوية ) حيث لا تتوفر الطاقة الكهربائية ,عن طريق استغلال الطاقة الشمسية والمتوفرة بدرجة كبيرة في معظم مناطق العالم العربي , وتوفر هذه الأنظمة أدوات مفيدة للسيطرة على جريان المياه , حيث تسطيع أجهزة السيطرة الإلكترونية تقديم معلومات آنية حول مستوى المياه في الخزانات وسرعة المضخة ومستويات المياه في الآبار ,وهو قد يساعد في اتخاذ قرارات تنظيمية لاستباق الاستخدام المفرط للمياه عن بعد . وهو نظام مستقل تماما عن شبكة الكهرباء , حيث انه يعمل على تشغيل جميع أنواع المضخات نهارا وبصورة مباشرة , وليلا عن طريق الطاقة الكهربائية المولدة نهارا والتي تخزن في البطاريات مثل المضخات الغاطسة والسطحية لنظام الري .
وقد يستعمل نظام الرصد التيليميتري Telemetry لرصد البيانات ونقلها عن بعد , ويتسم النظام بدقة عالية لتفادي أخطاء جمع البيانات بالطرق التقليدية وتقليل فرص خطأ العامل البشري , بالإضافة الى تقليل النفقات والمساعدة على اتخاذ القرارات .
مكونات منظومة الري بالطاقة الشمسية :
تتكون المنظومة الخاصة بالري بالطاقة الشمسية مما يلي :
1 – الواح الطاقة الشمسية :
الواح الطاقة الشمسية او ما تعرف ب” الألواح الكهروضوئية او الفولتوضوئية ” هي المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء عن طريق تحويل الإشعاع الشمسي الساقط عليها الى تيار كهربائي .
والخلية الشمسية هي جهاز يحول الطاقة الشمسية مباشرة الى طاقة كهربائية مستغلا التأثير الضوئي الجهدي , وتتكون من طبقة سيليكون يضاف لها بعض الشوائب لتعطيها بعض الخواص الكهربائية , فالطبقة العليا المقابلة للشمس يضاف اليها عنصر الفسفور , لتعطيه خاصية ضخ الكترونات عند ارتطام الضويئات بها وتسمى هذه بالطبقة N بينما يضاف عنصر البورون للطبقة السفلى ويعطيه خاصية امتصاص الألكترونات وتسمى هذه الطبقة P فعند ارتطام ضوئيات الشعاع الشمسي بالطبقة العلوية تمنح الألكترونات طاقة تعتمد على شدة الأشعاع الشمسي , وعند وجود موصل كهربائي بين الطبقتين تنتقل الألكترونات من الطبقة العليا الى الطبقة السفلى وهكذا يتكون تيار وجهد كهربائيان , فالخلايا الشمسية تحول طاقة الأشعة الشمسية مباشرة الى كهرباء وتتميز بإنتاج باء دون ان تؤدي الى تلوث البيئة و وعمرها الأفتراضي يصل الى 30 سنة , ان ارتفاع كلفة انتاجها هو العائق الرئيسي لأستخدامها .
أنواع الخلايا الشمسية :
أ – خلية شمسية أحادية البلورة :وهي عبارة عن خلايا قطعت من بلورة سيليكون مفردة وكفاءة هذا النوع من الخلايا من 11 الى 16 % مما يعني ان امتصاص الخلايا من الأشعاع القادم من الشمس الذي تبلغ قوته 1000 وات لكل متر مربع وذلك في يوم مشمس بالقرب من خط الاستواء أي ان الواحد متر مربع من هذه الخلايا يمتص الأشعاع الشمسي بهذه الكفاءة ينتج مابين 110 الى 160 وات وهو ذو كفاءة عالية مقارنة بالأنواع الأخرى ولكنه مكلف اقتصاديا .
ب – خلايا شمسية متعددة البلورة : وهي عبارة عن رقائق من السيليكون كشطت من بلورات سيليكون اسطوانية ثم تعالج كيميائيا في افران لزيادة خواصها الكهربائية وبعد ذلك تغطى اسطح الخلايا بمضاد الانعكاس لكي تمتص الخلايا اشعة الشمس بكفاءة عالية وكفاءة هذا النوع من 9 – 13 % وهو اقل كفاءة من البلورة الأحادية ولكنه اقل تكلفة اقتصاديا .
ج – خلايا شمسية غير متبلورة : وفيها مادة السيليكون تترسب على هيئة طبقات رفيعة على اسطح من الزجاج او البلاستك لذلك فان تصنيع هذه الخلايا يتم بتقنية سهلة ولكن كفاءتها اقل من 3 الى 6 % واسعارها أيضا اقل . وهي مناسبة لتطبيقات من 40 وات الى اقل وكفاءته وتكلفته اقل من الأنواع المذكورة
تتسم هذه الخلايا بانها مدعمة باطار من الألومنيوم للحماية وأيضا بزوج من الدايود للحماية الكهربائية .اما اذا تم تجميع مجموعة من الألواح في منظومة شمسية فنسميها المصفوفة الكهروضوئية . ويتكون اللوح من مجموعة من الخلايا المتصلة مع بعضها في اطار واحد وموصلة بينها , ومقاس الخلايا القياسي هو 15.6 * 15.6 سم
2 – وحدة التحكم تتكون من منظم للتيار الكهربائي وأجهزة الأستشعار لمنسوب المياه والملحقات الأخرى والغرض من وحدة التحكم ذو شقين :
أ – مطابقة الطاقة التي تحصل عليها المضخة مع الطاقة المتاحة من الألواح .
ب – حماية المضخة من الجهد المنخفض , حيث يتم إيقاف نظام خروج الكهرباء ا1ذا كان الجهد منخفض جدا او مرتفعة جدا لمدى جهد التشغيل للمضخة ., وهذا يزيد من عمر المضخة وبالتالي يزيد هذا من عمر المضخة ويقلل الحاجة للصيانة .
3 – مضخات الطاقة الشمسية :
ويمكن تقسيمها الى عدة أنواع اعتمادا على المتغيرات المختلفة كما يلي :
أولا – تقسيم المضخات بناء على نوع المحرك الكهربائي المستخدم وهي :
1 – محرك تيار متردد AC : وهي المضخات التي تعمل بمحرك بتيار متردد, ويتم استخدام أنظمة المضخات بالتيار المتردد في المشاريع الكبيرة , كما تستخدم في تنقية وتدوير المياه في حمامات السباحة وتحلية مياه البحر ومشاريع مياه الشرب .
2 – محرك تيار مستمر DC :
هي المضخات التي تعمل بمحرك تيار مستمر , وفي الحقيقة هذا النوع هو اكثر كفاءة واقل احتياجا لعمليات الصيانة , والدائرة الكهربائية لها ليست معقدة . ولكن تبقى بتكلفة اعلى من نظيراتها التي تعمل بالتيار المتردد, كما انها ليست متوفرة في السوق بكثرة , لذلك هذا النوع ليس منتشرا كثيرا . تستخدم هذه المضخات في المشاريع المتوسطة والصغيرة . وهي مناسبة لتطبيقات مثل ري الحدائق , مياه الشرب للماشية او مشاريع الري الصغيرة .
ثانيا– تقسم المضخات على نوع المضخة نفسها :
أ – المضخات ذات الأزاحة الموجبة ( Positive Displacement ) , او ماتعرف عادة بالمضخات الذاتية التحضير¸وهي ترفع المياه الى مستويات اعلى أي انها تولد ضغط أعلى ولكن السعة او معدل التصريف يكون اقل من نظيرتها ذات الضغط الدايناميكي في حالة تكون لها نفس القدرة .
ب – المضخات الدايناميكية ( Dynamic pumps ) , وهي مضخات غير ذاتية التحضير , واشهرها مضخات الطرد المركزي , وهذا النوع منتشر كثيرا , وللعلم هو النوع المستخدم لرفع المياه في المنازل , وهي ترفع المياه بمعدل جريان عالي عن نظيرتها ذات الأزاحة الموجبة ( في حالة كانتا لهما نفس القدرة ) , ولكن ترفع المياه الى ارتفاعات أقل , أي انها تولد ضغط اقل من نظيراتها ذات الأزاحة الموجبة .
ثالثا – تقسيم مضخات الطاقة الشمسية اعتمادا على مكانها :
أ – مضخات الطاقة الشمسية السطحية :
المضخات السطحية تكون مناسبة في حالة كانت سترفع المياه من عمق لا يتعدى ( 7 ) امتار , ويكون مكانها على مستوى الأرض , ويمتد منها أنبوب لرفع المياه من المكان المراد رفع المياه منه , وهي مناسبة في تطبيقات رفع المياه من الأنهار والخزانات .
ب – مضخات الطاقة الشمسية المغمورة :
المضخات المغمورة تستخدم لرفع المياه من أعماق كبيرة , كبئر ماء والآبار وغيرها ¸ومعظم الأنواع المتوفرة حاليا تكون متعددة المراحل , كما انها تأتي بها حمايات خاصة حتى تحمي نفسها من العمل في حالة جفاف مصدر الماء وحتى لا تتعرض للحمل الزائد .
وقد اثبتت التجارب العملية والدراسات الاقتصادية , بان فترة استرداد رأس المال الخاصة بالمضخات الشمسية مقارنة بمضخات الديزل تتراوح بين 3 و5 سنوات , علما بأنه مازال هناك دعم في معظم البلدان العربية للوقود التقليدي , وكل المؤشرات تؤكد تحول السياسات لدعم الطاقة النظيفة كبديل للطاقات التقليدية الملوثة للبيئة . من الممكن تزويد النظام الشمسي لرفع المياه بأنظمة تتبع شمسي تزيد من كفاءة المضخات بنسبة 30% على الأقل.
4 – الخزانات والبطاريات :
الأنظمة الشمسية التي لا تتصل بالكهرباء العمومي فهي تتطلب بطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الطاقة في حالة عدم توفر الأشعاع الشمسي اللازم ¸وفي الأنظمة المنفصلة توجد حاليا من لا يستوجب توفر ان تستعمل بطاريات الطاقة الشمسية وهما :
أ – حالة استعمال الآلات اثناء وجود اشعاع شمسي فقط , في هذه الحالة لا حاجة لنا الى تخزين الطاقة بما اننا نستعمل الطاقة الشمسية مباشرة من الألواح الشمسية فقط .
ب – حالة وجود وسيلة أخرى لتخزين الطاقة مثل نظام مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية . ففي هذه الحالة يمكن تخزين المياه في خزان مائي بعد ضخها اثناء وجود شعاع شمسي كاف . وفي حالة غياب الشمس نستعمل خزان الماء بدل المضخة .
5 – شبكات الري الموضعي ( الري بالتنقيط مثلا ) :
تتكون شبكة الري الموضعي من المعدات التالية :
– معدات التنقية والتصفية ( فلترات وغيرها ).
– معدات إضافة الأسمدة الكيمياوية .
– شبكة توزيع المياه التي تشمل على الأنابيب الرئيسية والفرعية والأنابيب الحاملة للمنقطات , والمنقطات وعلى بعض القطع الخاصة
ميزات نظام الري بالطاقة الشمسية :
هناك ميزات عديدة لنظام الري بالطاقة الشمسية نذكر منها :
1 – تقليل انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون , وحسب تقدير لمنظمة الغذاء والزراعة الدولية (FAO ) فان أنظمة الري بالطاقة الشمسية يمكن ان تعمل على تقليص انبعاث غاوات الأحتباس الحراري لكل وحدة طاقة مستخدمة لضخ المياه بنسبة تزيد عن 95% مقارنة بالبدائل التي تعمل على الديزل او شبكات الكهرباء التي تعمل بالوقود الأحفوري .
2 – تقليل اقيام تكلفة قوائم الكهرباء .
3 – خفض تكلفة الديزل للمولدات الكهربائية .
4 – تقليل تكلفة الصيانة للمولدات الكهربائية .
5 – توفير الوقت لعدم وجود اعمال الأعطال الدورية للمولدات .
6 – تمتاز الطاقة الشمسية باستمرارية توفرها بصورة منتظمة على عكس طاقة الرياح الغير منتظمة فيصعب الاعتماد عليها لتوليد الطاقة للنظم المنفصلة عن الشبكة الكهربائية دون وجود مصدر بديل .
7 – توفير الماء للوديان والمنازل البعيدة عن العمران وشبكة الكهرباء العمومية .
8 – مضخات الطاقة الشمسية تعمل تلقائيا بعد شروق الشمس , او على حسب برنامج وحدة التحكم دون الحاجة للمتابعة البشرية مما يقلل من تكاليف التشغيل .
9 – سهولة التركيب بدون الحاجة لتمديد كيبلات للربط بشبكة الكهرباء العامة .
10 – الطاقة الشمسية نظيفة ولا تسبب تلوث للمياه الجوفية او الهواء كما في المضخات التي تعمل بالوقود .
عيوب المضخة الشمسية :
1 – التكلفة الأولية للنظام مرتفعة .
2 – معدل تدفق المياه من مضخات الطاقة الشمسية يقل بنسبة 30 % خلال الشتاء لأن الخلايا تنتج كميات اقل من الطاقة . بشكل عام في نظم الري هناك توافق بين ازدياد الأشعاع الشمسي في الصيف وازدياد الطلب على الماء .
اما في نظم ضخ مياه الشرب فالطلب على المياه ثابت على مدار العام ولذلك يتم التصميم على أساس إنتاجية النظام الشمسي خلال مع وجود فائض غير مستغل صيفا .
3 – يجب اخلاء موقع النظام الشمسي من أي أشجار او مباني مرتفعة او عوائق قد تتسبب في وجود ظلال تقلل من إنتاجية الألواح و وينتج عن ذلك عدم الأستغلال الأمثل لكل مساحة الموقع
4 – مضخات التيار المستمر DC صيانتها صعبة , وتتطلب خبرات خاصة في هذا المجال , وذلك على عكس المضخات التقليدية التي تتمتع بانتشار واسع للخبرات وقطع الغيار .
ملاحظات وتقييمات الخبراء والمنظمات الدولية المعنية باستعمال الطاقة الشمسية للري :
– يتطلب عند تقييم الجدوى الأقتصادية لنظام الري الذي يعمل بالطاقة الشمسية بالأخذ بنظر الأعتبار مجموعة واسعة من العوامل , من بينها حجم النظام وكيفية ترتيبه , والسعة والأمكانية التخزينية للمياه , وعمق البئر , والبعد الجغرافي للمنطقة ونوع التربة المطلوبة .
– يجب دمج نظام الري بالطاقة الشمسية مع تقنيات الري الحديثة , للحفاظ على المياه الجوفية وزيادة كفاءة الري وانتاجية المياه .
– يتطلب تقييم تأثير وفرص ومحددات نظام الري بالطاقة الشمسية , واعداد خريطة مخاطر نظام الري بالطاقة الشمسية للبلد بأكمله , لتحديد المناطق عالية المخاطر , اذ من المحتمل ان تتأثر احتياطيات المياه الجوفية , ذات العمق المنخفض بهذه التكنولوجيا . كذلك يتطلب اصدار لوائح محددة لتحديد أعماق الضخ المسموح به بناء على مستوى المياه الجوفية الفعلي وتوفر المياه المتجددة في كل حوض .
– مطلوب التحكم التحكم في عمق الضخ لأستخراج المياه الفعلي , حيث يتم تحديد ذلك من خلال عدد الألواح الشمسية المركبة , مما يشير الى قدرة المضخة . ويمكن الكشف على عدد الألواح الشمسية المثبتة من خلال الأقمار الصناعية وكذلك صور الطائرات بدون طيار .
– ومن سلبيات نظام الري بالطاقة الشمسية لأستخراج المياه الجوفية , بغياب سياسات وأنظمة واضحة , مما يؤدي الى استنزاف هذه المياه .
– ان هناك خطر للأستغلال المفرط لموارد المياه الجوفية المرتبطة بالأستخدام الواسع النطاق لتكنولوجيا نظام الري بالطاقة الشمسية بسبب ان الأنظمة التقليدية المعتمدة على الضخ باستعمال الديزل والكهرباء تكون تكلفتها اكثر بكثير من الطاقة الشمسية المستعملة للضخ .
لما جاء أعلاه يتطلب من الجهات المسؤولة عن الموارد المائية في العراق التوسع باستعمال طريقة الري , بالطاقة الشمسية , وخاصة في المناطق النائية وخاصة الصحراوية التي تتوفر فيها الموارد الجوفية المتجددة , علما بان الطاقة الشمسية متوفرة طيلة فصول السنة , ولهذا الغرض يتطلب استحداث تشكيل اداري يتخصص باستغلال الطاقة النظيفة المتجددة (طاقة ارياح والطاقة الشمسية ) لأغراض الري .