شحة الموارد المائية في العراق – الأسباب والمعالجات
شحة الموارد المائية في العراق – الأسباب والمعالجات
الدكتور المهندس كنعان عبد الجبار ابو كلل – مهندس استشاري وخبير موارد مائية
عضو لجنة الزراعة والري ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
ان من اهم اسباب شحة المياه في العراق هي : –
اولا – العوامل الخارجية – متعلقة بدول منابع ومصادر الموارد المائية للعراق وهي دول الجوار العراقي.
ثانيا – العوامل الداخلية – متعلقة بالإدارة المتكاملة لموارد المياه .
ثالثا – عوامل التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة.
اولا – العوامل الخارجية :-
كما هو معلوم بأن نسبة حوالي اكثر من 70% من موارد العراق المائية متأتية من خارج العراق ,حيث ان نهري دجلة والفرات تقع منابعهما في تركيا , وكذلك فأن منابع انهر الكرخة والكارون وغيرها ,وموارد المياه المتأتية من الوديان الموسمية الطبيعية الحدودية المتأتية من ايران , حيث قامت ايران بقطع او تحويل موارد المياه هذه الى الداخل الإيراني .
موارد المياه من تركيا :
قامت تركيا بإنشاء العديد من السدود على نهري دجلة والفرات وروافدهما وبموجب مشروع جنوب شرق الأناضول GAP وبموجبه يتم بناء 22 سدا على نهري دجلة والفرات وتقدر القدرة التخزينية لهذه السدود بحدود 100 مليار متر مكعب وشمل المشروع ايضا انشاء 13 مشروعا اروائيا , وستبلغ المساحة التي يتم اروائها من هذه السدود والأنفاق الملحقة بها بحدود (1.7 ) مليون هكتار . واهم هذه السدود التي تم انشائها على نهر الفرات هي : –
سد كيبان – بسعة خزنية مقدارها ( 30.7 ) مليار متر مكعب .
سد كركاية – بسعة خزنية مقدارها ( 9.54 ) مليار متر مكعب .
سد اتاتورك – وهو من اكبر السدود بسعة خزنية مقدارها ( 48.7 ) مليار متر مكعب .
وغيرها من السدود على روافد النهر , وكذلك اكملت انشاء نفق اورفا بتصريف 328 متر/ثانية .
واكملت تركيا مؤخرا انشاء سد اليسو على نهر دجلة وبالقرب من الحدود العراقية وبطاقة خزنية مقدارها
( 11.14 ) مليار متر مكعب وسيؤدي هذا السد الى انخفاض الوارد المائي من نهر دجلة الى العراق من 20.93 مليار متر مكعب الى 9.70 مليار متر مكعب سنويا وهذا سيحرم مساحة ( 3 ) ملايين دونم من الأراضي الزراعية العراقية من المياه . كما باشرت تركيا مؤخرا بانشاء سد جزرة بالقرب من الحدود العراقية .
وباكتمال انشاء مشروع جنوب شرق الأناضول ستنخفض الواردات المائية الداخلة الى العراق بنسبة 47% لنهر دجلة وبنسبة 40% لنهر الفرات , حيث ستكون الواردات المائية للنهرين كما يلي : الواردات المائية قبل انشاء مشروع GAP الواردات المائية بعد انشاء مشروع GAP
نهر دجلة 20.93مليار متر مكعب 9.7 مليار متر مكعب
نهر الفرات 29 مليار متر مكعب 4.4 مليار متر مكعب
ووجهة النظر التركية من تقاسم المياه المشتركة الخاصة بنهري دجلة والفرات تتخلص في الطروحات التالية :-
- اعتبار نهري دجلة والفرات بأنها غير دولية بل هما عابران للحدود .
- رفض مبدأ تقاسم المياه وقبول مبدأ استخدام المياه .
- تفسير تركيا لتعبير الاستخدام الأمثل للمياه وخططها للانتفاع الأمثل والمنصف والمعقول .
- التأكيد بان المشاريع والسدود التركية ستكون ذات فائدة بالنسبة لسوريا والعراق .
- انكار الحقوق المكتسبة .
- ضرورة اعتبار حوضي دجلة والفرات حوضا واحدا وامكان نقل مياه نهر دجلة الى نهر الفرات من خلال مشروع منخفض الثرثار .
واما الموقف العراقي من تقاسم المياه المشتركة الدولية مع تركيا لنهري دجلة والفرات هو كما يلي :-
- ان دجلة والفرات نهران دوليان وفق العديد من القواعد والمبادئ الدولية المستقرة , لذا فأن السيادة عليهما مشتركة .
- نهري دجلة والفرات نهرين منفصلين مع عدم امكان نقل مياه حوض نهر دجلة الى حوض نهر الفرات بسبب ملوحة مياه منخفض الثرثار , علما بان المخفض هو مشروع لدرء الفيضانات عن بغداد .
- ان مفهوم الاستخدام الأمثل للمياه يتضمن التنمية الشاملة للموارد المائية بهدف استثمارها على افضل وجهة واعتماد اساليب الري الحديثة وتقليل الفواقد وزيادة كفاءة الري وهذا لا يتم الا من خلال تحديد حصة عادلة ومعقولة من المياه ومن ثم تتم عملية وضع السياسات والخطط لتحقيق الاستخدام الأمثل للمياه .
- التمسك بالحقوق المكتسبة لكل بلد , اذ يركز العراق على احتياجات المشاريع القائمة , اي يوزع الفائض من المياه على المشاريع قيد التنفيذ ثم المشاريع المخطط لها , علما بان تركيا سبق وان اقرت بالحقوق المكتسبة في مجال المياه حين وقعت اتفاقية لوزان مع الحلفاء عام 1923 وفق المادة ( 109 ) من الاتفاقية المذكورة .
- على تركيا ان تلتزم بمبدأ عدم الأضرار بالغير عند تنفيذ مشاريعها الأروائية على مجرى النهرين , لأن ذلك المبدأ يلزم دول المجرى الأخرى والتقيد بعدم الأضرار بمصالحها .
- ان تحديد الحصص المائية يجب ان يأخذ بعين الاعتبار الحقوق المكتسبة والحاجات الاجتماعية والاقتصادية لدى الدول المتشاطئة .
- ضرورة التوصل الى اتفاق ثلاثي لتحديد الحصة المائية لكل من العراق وسوريا وتركيا على اسس منصفة وعادلة تقوم غلى قواعد القانون الدولي , وما جرى عليه التعامل بين الدول في مجال استغلال الأنهر الدولية .
موارد المياه من ايران :
تقوم ايران بتنفيذ مشروع المياه الأستوائية TWP ويشمل المشروع تحويل كميات كبيرة من مياه نهري سيروان / ديالى وزنكان عن طريق بناء عدد من السدود والأنفاق والنواظم القاطعة على روافد هذين النهرين واهم هذه السدود هما سد داريان على نهر سيروان / ديالى وسد زنكان للتحكم بمياه نهر الزاب الأسفل ,.
وتنفيذ عدد من الأنفاق المائية واهمها نفق نوسود Nowsud المائي بطول 47 كيلومتر لتجميع المياه من روافد نهر سيروان / ديالى لأرواء ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية الجديدة الممتدة من كرمنشاه الى محافظة الأحواز وبطاقة 1.9 مليار متر مكعب من المياه , وكذلك يشمل المشروع انشاء 5 نواظم , وانشاء 12 سدا قاطعا على روافد نهر سيروان لنقل المياه الى داخل نفق نوسود وبتصريف 70 متر مكعب /ثانية , وبهذا النفق يتم القضاء على معظم روافد نهر سيروان /ديالى في ايران ويمنع وصول اي كمية من المياه الى العراق , وبهذا النفق يتم نقل ( 1 – 1.6 ) مليار متر مكعب من المياه سنويا من حوض نهر سيروان / ديالى الى محافظة ايلام وخوستان سنويا .
وفي حالة اكمال الجزء الخاص الذي يبدأ من سد ازكلة الى خوسستان مرورا بمحافظة ايلام فان نهر سيروان / ديالى سيفقد 70% من مياهه , ويبقى 30% منه اضافة الى المياه العادمة التي ستدخل النهر من المدن .
سيؤثر هذا المشروع على الواردات المائية لسدي دربندخان وحمرين في العراق بشكل مباشر , وستعاني مناطق كرميان جنوب السليمانية ومناطق واسعة من محافظة ديالى من ظاهرة التصحر الشديد المستوى والتي يستحيل معالجتها . بالإضافة الى ان دخول المياه العادمة الى نهر دجلة عن طريق نهر ديالى فأن نسبة الملوثات في النهر ستزداد اضافة الى زيادة ملوحة مياهه بسبب انخفاض مستوى النهر .
ان معظم سدود مشروع المياه الاستوائي تقع على الخط الزلزالي , وهذا بحده يشكل خطورة كبيرة وينذر بكارثة انسانية قد تحل بمحافظتي السليمانية وديالى عند حدوث زلزال بدرجة عالية .
وتشير التقارير الى ان ( 20 – 30 % ) من جريان نهر دجلة سنويا متأتية من ايران ومن جريان نهري سيروان / ديالى والزاب الصغير والتي تم السيطرة عليهما من قبل ايران بواسطة مشروع المياه الاستوائي .
وان تناقص ايرادات النهرين بشكل كبير حيث تؤدي الى التأثير على واردات سدي دربندخان وحمرين على نهر ديالى وسد دوكان على نهر الزاب الأسفل وبالتالي تؤدي الى تناقص خزين هذه السدود بصورة خطيرة الى الحد الأدنى .
يضاف الى ما جاء اعلاه فان ايران قامت بقطع او تخفيض التصاريف المائية بالنسبة للوديان الطبيعية الموسمية الحدودية عن طريق اقامة منشآت السدود او النواظم التحويلية على هذه الوديان لتحويل مجاريها الى الداخل الإيراني وقبل دخولها الى العراق وبذلك حرمت سكان المناطق الحدودية من المياه وادت الى حرمانهم من الزراعة وهجرة معظمهم الى الداخل العراقي .ويبلغ عدد الأنهر المشتركة ومجاري الوديان الموسمية المشتركة مع ايران 42 مجرى مشترك .
كما ان ايران قطعت او خفضت المياه الواردة من نهري الكارون حيث تم انشاء سد الدز عليه والذي يبلغ تصريفه السنوي حوالي 20 مليون متر مكعب والكرخة والأنهر الحدودية الأخرى مما اثرت بصورة كبيرة على ملوحة وتصاريف شط العرب .
وخلاصة ماجاء اعلاه ان تناقص الواردات المائية بسبب المشاريع التركية والإيرانية قد ادت الى تقليص الواردات المائية لنهري دجلة والفرات والتي ادت الى تقليص الخطط الزراعية السنوية وتخفيض المساحات المزروعة بصورة كبيرة حيث قلصت المساحات المستهدفة للخطة الزراعية بنسبة 50% للعام 2021/2022 , مما يؤدي الى تهديد امن العراق الغذائي , وان هذه المشاريع قد اثرت على نوعية المياه العراقية .
وقد لوحظ بان الاجتماعات واللقاءات مع الجانب التركي حول تحديد حصة العراق المائية لنهري دجلة والفرات رغم وجود لجنة مشتركة بين العراق وسوريا وتركيا لتحديد الحصص المائية الا ان اجتماعات هذه اللجنة لم تفضي الى شئ بهذا الخصوص سوى التصريحات الرنانة والوعود التي لا تنفذ والغاية منها كسب الوقت والابتزاز .
اما بالنسبة لايران فقد فشلت كل الجهود في الآونة الأخيرة لعقد اجتماعات اللجنة المشتركة لملف المياه بين العراق وايران والتي تشكلت عام 1975 بعد اتفاق الجزائر بين العراق وايران لحل القضايا المعلقة بينهما .
ونظرا لعدم الوصول الى تفاهمات بين العراق وكل من تركيا وايران وعدم التوصل الى اي اتفاقات لتحيد حصة العراق المائية , لذا يتطلب الأمر تدويل المشكلة واستعمال الضغوط الاقتصادية واللجوء الى دول محايدة ذات تأثير سياسي واقتصادي وتكون هذه الدول ذات علاقات جيدة مع كافة الأطراف ويوضع جدول زمني للاجتماعات مقيد بفترة زمنية لأنهاء النقاشات حول الموضوع .
ثانياً – العوامل الداخلية :
ان العامل الرئيسي من اسباب شحة المياه في العراق يتمثل بسوء تخطيط وتوزيع وادارة الموارد المائية .
ويمكن ايجاز اهم العوامل المسؤولة عن سوء ادارة الموارد المائية في العراق بما يلي : –
1 – سوء ادارة الموارد المائية والخاصة بتشغيل منظومات السدود والخزانات والسدات ومنظومات الري الرئيسية على نهري دجلة والفرات .
2 – الهدر الكبير في الواردات المائية وعدم ترشيدها على مستوى الحقول الزراعية بسبب نظم الري السيحي القديمة وسوء توزيعات المياه , وقد وصل الهدر في المياه الى نسبة ( 60 – 70 % ) اي ان كفاءة الإرواء لا تتجاوز 30 % في احسن الأحوال , ويلاحظ هذا جليا في ارتفاع مناسيب المياه والتصاريف في المصب العام وكذلك الحال في مناسيب المياه المرتفعة في المبازل الرئيسية والفرعية ,كل ذلك بسبب توجيه مياه الري من الحقول الزراعية الى المبازل .
3 – فقدان كميات كبيرة من مياه الري بفعل التبخر العالي بسبب ارتفاع درجات الحرارة من سطح مياه الأهوار في اشهر حزيران وتموز , وكذلك التبخر العالي من بحيرة الثرثار .
4 – تجهيز كميات كبيرة من المياه لإرواء اراضي خارج حدود الإرواء والتي لم تخصص لها اصلا حصص مائية .
5 – التوسع في انشاء بحيرات الأسماك والهدر الكبير في المياه من جراء ذلك .
6 – التوسع في زراعة محاصيل ذات استهلاك مائي كبير مثل الشلب وقصب السكر وغيرها ويتطلب تقييد زراعتها وخاصة في مواسم الشحة المائية .
7 – عدم وجود التنسيق الكافي بين ادارات المحافظات بشأن توزيع الحصص المائية لكل محافظة وخاصة تلك التي تقع على عمود واحد من الأنهار الواقعة في ذنائب تلك الأنهار , وكذلك ضعف التنسيق بين المحافظات والأدارة المركزية للموارد المائية في العراق .
8 – تدخل شخصيات عشائرية وسياسية او مناطقية مؤثرة بشؤون توزيعات المياه .
9 – عدم وجود العدد الكافي من محطات القياس على الأنهر الجداول الرئيسية , وكذلك النقص في محطات القياس للمصب العام والمبازل الرئيسية ومصباتها , اضافة للنقص في محطات قياس نوعية المياه ومدى تلوثها بالنسبة لمياه الأنهر والجداول والمبازل , ويتطلب معايرة المحطات الموجودة بصورة دورية .
10 – القصور في قواعد البيانات المتعلقة بالموارد المائية وتحليل هذه البيانات .
11 – ضعف في خبرة الكوادر الهندسية والوسطية المدربة تدريبا كافيا لإدارة وتشغيل وصيانة المشاريع المائية .
12 – عدم وجود تسعيرة مناسبة تصاعدية مع تصاعد الاستهلاك المائي بالنسبة للمياه الزراعية .
13 – الضعف في تطبيق التشريعات والقوانين والتعليمات المائية المعمول بها حاليا , وضرورة اعادة النظر فيها لتطويرها .
14 – ضعف في الإرشاد والوعي المائي لدى الفلاحين مما يؤدي الى الإسراف والهدر في استعمالات الموارد المائية وعدم الوعي بمضار هدر المياه على المحاصيل الزراعية وعلى التربة ومنظومات شبكات الري والبزل .
المعالجات المطلوبة للعوامل الداخلية لشحة المياه :
لمعالجة ما ورد اعلاه من العوامل الداخلية لشحة المياه في العراق يتطلب العمل وفق ما يأتي :-
- تغيير طرق الري الحقلية السيحية ( بالغمر ) الى طرق ري حديثة مرشدة للاستهلاك المائي مثل طرق الري بالرش والتنقيط والري السيحي المطور وغيرها من تقنيات الري الحديثة واعتماد شبكات الري بالأنابيب ( الري المغلق ) , وعلى ان يوضع برنامج زمني تدريجي محدد لتنفيذ ذلك بالنسبة للمشاريع القائمة حاليا واعتماد ذلك في كافة المشاريع الجديدة . مع الاستمرار في تبطين قوات الري الرئيسية والفرعية والموزعة .
- اعتماد الإطلاقات المائية من المنظومات المائية ( السدود والمنظومات الرئيسية ) على اساس البيانات الهيدرولوجية والمناخية والاحتياجات المائية للمحاصيل الزراعية الموسمية ووفق الخطة الزراعية المعتمدة
- التقليل الى اقصى حد للمحاصيل الزراعية ذات الاستهلاك المائي العالي مثل الشلب وقصب السكر وغيرها وخاصة في المواسم شحيحة الموارد المائية .
- الامتناع كلياً عن تجهيز المياه للأراضي الواقعة خارج حدود الإرواء للمشاريع الزراعية ومحاسبة المخالفين لذلك .
- في مواسم الجفاف والشحة المائية تقليل الحصص المائية التي تعطى من الأنهر الى الأهوار الى ادنى حد لتقليل كميات التبخر من سطح الأهوار وخاصة في موسم الصيف وزيادة التبخر بفعل درجات الحرارة العالية .
- عدم التوسع في اعطاء اجازات بحيرات الأسماك وازالة البحيرات المنشأة تجاوزا .
- ازالة التجاوزات على الأنهر وشبكات الري ومحاسبة المخالفين لذلك وفق القانون .
- ضرورة وجود نظام مراقبة وتحليل البيانات لمنظومات الأنهر وشبكات الري والبزل ,لتحديد نقاط الخلل فيها ومعالجتها في حينه بالسرعة الممكنة مع توثيق ذلك .
- ضرورة تنفيذ صيانة دورية لمنظومات الأنهر ( السدود ,النواظم , السدات , ومنشآت الري الرئيسية ) وشبكات الري والبزل بمختلف درجاتها ومحطات ضخ الري والبزل ومشاريع استصلاح الأراضي .
- اعادة تأهيل مشاريع استصلاح الأراضي القائمة حاليا والمتضررة بسبب سوء التشغيل واهمال اعمال الصيانة .
- استعمال مياه المصب العام والمبازل الرئيسية بصورة مباشرة او بخلطها بنسب معينة من المياه العذبة لإرواء الأراضي الزراعية والأحزمة الخضراء التي تتحمل درجات ملوحة معينة مع مراعات عامل ملوحة التربة .
- العمل على استغلال الموارد المائية غير التقليدية ( مياه الصرف الصحي المعالجة , مياه الصرف الزراعي , المياه المالحة بعد معالجتها , حصاد المياه , مياه السيول بعد اقامة السدود الصغيرة لخزنها ) .
- التركيز على انشاء السدود الصغيرة على مجاري الوديان الموسمية لخزن المياه , وتنفيذ ما تبقى من هذه السدود في الصحراء الغربية او في جزيرة السماوة او في المناطق الشمالية والجنوبية والجنوبية الشرقية .
- تطوير وسائل قياسات التصاريف والمناسيب مع اعداد شبكة متطورة تغطي كافة مواقع السدود والسدات والنواظم الرئيسية والمصب العام على طوله والمبازل الرئيسية , مع عمل نظام سيطرة عن بعد مرتبط بالمركز الوطني لإدارة الموارد المائية في بغداد , وكذلك الاستعانة بالأقمار الصناعية لهذا الغرض .
- تكثيف تطبيق التشريعات المائية القانونية لمنع اية جهة تتدخل في توزيعات المياه وحصر هذه التوزيعات بوزارة الموارد المائية , وكذلك اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتجاوزين على الأنهر وشبكات الري والبزل والمنشآت المائية واحاتهم الى المحاكم .
- ضرورة وضع تسعيرة تصاعدية لاستهلاك المياه الزراعية .
ثالثا – عوامل التغيير المناخي وارتفاع درجة الحرارة :
يستهلك العراق ما يفوق على 63% من موارده المائية على الزراعة دون ان يسد حاجته المحلية من المحاصيل الزراعية , وغالبا يعتمد على الاستيراد من الخارج ما يعني ان ثمة هدر مائي لا تقابله وفرة انتاجية , وزيادة على الهدر الزراعي , يخسر العراق سنويا نتيجة التبخر لارتفاع درجات الحرارة نحو 14.7 % من مخزونه المائي سنويا , وهو معدل مرتفع جدا قياسا الى المعدلات الأخرى . فبحيرة الثرثار وهي الخزان المائي الطبيعي الأعظم في العراق تهدر المياه بالتبخر بأكثر من 50% من مخزونها المائي , اما منطقة الأهوار وهي اكبر مسطح مائي طبيعي واراضي رطبة تراثية في الشرق الأوسط يهدر منها بالتبخر 75 متر مكعب /ثانية يوميا والتي لو احتسبت كضائعات بمقدار 4.5 مليار متر مكعب من المياه جراء التبخر وارتفاع درجات الحرارة ( هذا في صيف 2017 فقط ) وكان العراق مرجل حراري غاضب يغلي بما يفوق نصف درجة الغليان.
فالارتفاع المستمر لدرجات الحرارة في العراق نتيجة للمتغيرات المناخية العالمية وانعدام الغطاء الأخضر محلبا , تسهم بنحو فعال بندرة الموارد المائية . ومن الملاحظ ان ارتفاع درجة الحرارة في العراق خلال السنوات المقبلة ستكون بمعدل درجتين مئويتين , اي اعلى من معدل درجة حرارة الكرة الأرضية المقدرة 1.5 درجة مئوية .
وتشير المصادر العراقية ( وزارة البيئة ) ان البلاد تقع في قلب التأثيرات المناخية الحاصلة بسبب الزيادة المفرطة في درجات الحرارة , قلة الأمطار , نقص المياه السطحية والجوفية , الجفاف , اشتداد حدة العواصف الترابية , التصحر , تعرية التربة , فقدان التنوع البيئي .
وهذا كله يعني تراجعا بالمساحات الزراعية وتحطما لسلاسل الأمن الغذائي , وما سيرافق ذلك من انشطة بشرية ضارة بهدف التقليل من آثار الانقلاب المناخي .
هذا وقد حذر البنك الدولي من انخفاض الموارد المائية للعراق بنسبة 20% بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي . تؤدي التغيرات المناخية دورا رئيسيا في الشح المائي في العراق وتؤدي الى تفاوت كمية المياه الواردة اليه من نهري دجلة والفرات بين زيادة مفاجئة قد تتسبب في حدوث فيضانات او شح يؤدي الى الجفاف , ناهيك بانخفاض معدل سقوط الأمطار ففي شتاء 2017 انخفضت الأمطار الى اقل من ثلث المتوسط , ان العراق وحسب التقارير يعتبر من اكثر الدول تضررا بتأثيرات تغير المناخ , وقد صنف العراق ضمن اعلى خمسة دول في العالم تأثرا بالتغير المناخي , وذلك بسبب موقعه الجغرافي كمستخدم نهائي لنهري دجلة والفرات , لكونهما في دولة مصب .
وقد اظهرت البحوث ان هناك علاقة ارتباط طردية بين الأمطار والتصاريف المائية وعلاقة عكسية مع الحرارة في معظم المحطات المناخية في العراق وهناك توقع لتزحزح الأقاليم المناخية .
وبسبب محدودية وتناقص الموارد المائية في العراق والتأثيرات المناخية , لابد من اعادة هيكلة وادارة الموارد ليتناسب مع ماهو منتظر من زيادة الضغط على تلك الموارد بفعل التأثير المباشر لتغير المناخ , حيث يجب تفعيل مبدأ الإدارة المتكاملة لكافة الموارد المائية وصولا الى خفض الفواقد المائية وتعظيم العائد من وحدة مياه الري كمفهوم اقتصادي وامن قومي مدللا على ذلك بتسخير العلاقات السياسية لخدمة هذا الغرض .
لما ورد اعلاه ولأهمية ذلك ولكون العراق اكثر البلدان تعرضا للتغير المناخي لذا نقترح تشكيل “مركز وطني لبحوث التغيرات المناخية ” يعمل بالتنسيق مع وزارات البيئة والموارد المائية وباقي الجهات ذات العلاقة ..