تكنولوجيا الطائرات المسيرة بدون طيار (الدرون ) في الري والزراعة
الدكتور المهندس كنعان عبد الجبار أبو كلل _ مهندس استشاري
عضو لجنة الزراعة والري ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
1 – المقدمة :
تتقدم تكنولوجيا الطائرات المسيرة بدون طيار بسرعة حيث وجدت هذه الأجهزة المفيدة هدفا في عدد لا يحصى من التطبيقات الجديدة , بما في ذلك كجزء من ري المزارع . وتحدد النباتات المروية بشكل مفرط او قليلة الري بل وتقنين استخدام المياه .وتقليل هدر المياه خلال عمليات الري يبدو امرا ملحا اليوم بينما يعاني الفلاح تبعات التغيرات المناخية وعلى راسها الجفاف .ناهيك عن ان الزراعة مسؤولة عن 80% تقريبا من المياه المستخدمة . وبسبب التغيرات المناخية ,يعاني الفلاح من مشاكل عديدة ,منها الجفاف , وظهور امراض جديدة , قد لا يعرف الفلاح التعامل معها وتنتشر بشكل سريع . وخلال هذه التكنولوجيا الحديثة , تحلق طائرة الدرون فوق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بغرض مسحها وتحديد المشكلات الموجودة في ري النباتات . والطائرة المسيرة مجهزة بالتصوير الطيفي والذكاء الاصطناعي .
تعمل الطائرات بدون طيار في الزراعة ,وتقوم باستخدام اجهزة استشعار الضوء المرئية وبالأشعة تحت الحمراء وتكنولوجيا المراقبة لرصد صحة المحاصيل وفي الوقت الذي تحلق فيه الطائرات بدون طيار ,فأنها قادرة على جمع معلومات مفصلة كافية لحساب مؤشر الغطاء النباتي للمحصول .
كما يمكن للعديد من المزارعين ان يستخدموا طائرات بدون طيار مزودة بمعدات رسم خرائط ثلاثية الأبعاد قادرة على رسم واعداد بيانات التربة والتحليل الميداني لتبسيط انماط التخطيط والزراعة والمساعدة على تحسين الري الميداني ومستويات النيتروجين في التربة طوال دورة المحاصيل . علاوة على الاستفادة القصوى من الري في ظل نقص المياه .وان افضل طريقة لاستخدام هذه العيون الصغيرة في السماء في مسح الحقول الزراعية لتحسين جدولة انظمة الري . والطائرات بدون طيار المفيدة هي اداة جديدة شائعة موصى بها لخدمات انظمة الري لمساعدة المزارعين على مراقبة ما يحدث في الحقل عن كثب لضمان الري المناسب وتحقيق اعلى مردود زراعي .
2 – الحصول على نظرة شاملة للحقول الزراعية :
كلما كبرت المزرعة, كان من الصعب مراقبة ما يحدث في الحقول . حيث ان افضل انظمة الري فد تفشل او يمكن ان تتغير الظروف الى حد التأثير على نمو النباتات . وتقليديا , كانت مجالات المراقبة تنطوي على ساعات من القيادة للبحث عن المشاكل , والتي يكون من الصعب اكتشافها .يمكن ان يؤدي الى هدر المياه والأسمدة , والري الزائد او الناقص , وتعطل الآلات , وغيرها من القضايا التي تسبب انخفاض الكفاءة وزيادة موت النبات .
تخفف الطائرات بدون طيار من معظم هذه المشكلات من خلال تسهيل رؤية ما يحدث بالفعل في الحقول اكثر من اي وقت مضى .تحلق الطائرات عاليا فوق مساحات شاسعة , وتقدم للمزارعين عرضا جويا لمحاصيلهم لتتبع التقدم والمشاكل من يوم لآخر .
الآن هناك توصيات من قبل العديد من خدمات انظمة الري الزراعي , بتوفير عيون الكاميرات للطائرات بدون طيار لإعطاء نظرة لحراجة المحاصيل الزراعية على الأرض بحيث يمكن اجراء التصحيحات عاجلا وليس آجلا .
3 – الرصد وجمع المعلومات :
ان احد اكثر الأجزاء تحديا في استخدام انظمة الري الزراعية هو برمجتها لتحقيق اكبر قدر من الفعالية . ويتطلب حساب كل شيء من محتوى رطوبة التربة والأمطار الفعلية الى معدلات التبخر وكذلك تدفق المرشات في انظمة الري بالرش .ولكن مع كل هذا العلم وراء الحسابات , فأن ما يحدث في الميدان ليس دائما ما هو متوقع . حتى مع وجود افضل انظمة الري , من الضروري مراقبة الأشياء عن كثب بحيث يمكن اجراء التعديلات حسب الحاجة قبل ان تنتهي النباتات الى التلف في وقت النمو الحرج .
4 – قيمة الطائرات بدون طيار للري الزراعي :
مع خدمات الري غير المأهول , اصبح القيام بكل اعمال الري اسهل من اي وقت مضى كلما كان ذلك ضروريا وذلك بإلقاء نظرة جيدة وشاملة على الأشياء من بعد بواسطة الطائرات من دون طيار. ولقابليتها الطيران فوق مساحات شاسعة والتكبير للأشياء لألقاء نظرة عن قرب . تمنح الطائرات من دون طيار المزارعين طريقة جديدة وفريدة لمشاهدة حقولهم وانظمة ري المزارع للتأكد من النمو الجيد والعائد الموسمي المرتفع مع مفاجآت اقل .يتيح هذا التنوع ايضا امكانية مراقبة نظام الري نفسه للاهتمام بالمشاكل المتعلقة بفوهات المرشات مثلا في نظام الري بالرش والمشكلات الميكانيكية الأخرى لأنظمة الرش والتي يكون من السهل تقويمها بطريقة اخرى .
باستخدام برنامج رسم الخرائط الميدانية وكاميرا عالية الجودة تم تكوينها في عناصر التحكم في الطائرات بدون طيار , من الممكن مراقبة الظروف الميدانية من اعلى الى اسفل وايضا اقرب لجمع البيانات لبرمجة النظام بشكل اكثر دقة .
5 – تحسين فعالية الري بتقنية الطائرات بدون طيار :
تم تصميم انظمة ري المزارع المتقدمة تقنيا لمنح المزارعين كل قابلية التعديل التي يحتاجونها لبرمجة ري فعال لتوفير المال وزيادة العائد . على الرغم من كل هذه القدرة على البرمجة , لايزال من الضروري مراقبة النتائج ومراقبة انظمة الري بشكل متكرر لاكتشاف الأعطال وغيرها من المشكلات غير المتوقعة .
وجدت خدمات نظام الري الزراعي ان العديد من المزارعين يرون الآن تحليق طائرة بدون طيار فوق المحاصيل للحصول على منظر السماء للأشياء باعتبارها واحدة من اسهل الطرق واكثرها فعالية من حيث التكلفة لتتبع كل ذلك .الري باستخدام المستشعرات الفائقة الطيفية او متعددة الأطياف او الحرارية يمكنها تحديد اجزاء الحقل الجافة او التي تحتاج الى تحسينات . بالإضافة الى ذلك , بمجرد ان ينمو المحصول , تسمح الطائرات بدون طيار بحساب مؤشر الغطاء النباتي , الذي يصف الكثافة النسبية وصحة المحصول , واظهار توقيع الحرارة , وكمية الطاقة او الحرارة المنبعثة من المحصول .
تستخدم طائرات بدون طيار لزيادة كفاءة الري واكتشاف التجمعات المحتملة للمياه او التسريبات في الري . تعتبر الطائرات بدون طيار المقترنة بالكاميرات الحرارية مثالية لأنها قادرة على اكتشاف ورؤية مالا يستطيع البشر رؤيته من الأرض . يزيد استخدام المياه بكفاءة من وجود طائرة بدون طيار قادرة على تتبع ومراقبة الري امر ضروري . مع الكاميرات الحرارية والتقليدية , يمكن للطائرات بدون طيار تحديد تجمع المياه في المزارع الكبيرة . ولها قابلية القدرة على الحصول على نظرة عامة على ما يتم ريه , وفي اي وقت , ويسمح للمزارعين باستخدام موارد المياه بشكل اكثر فعالية .
6 – مراقبة وتفتيش عمل منظومات الري بالرش وصيانة شبكات منظومات الري السيحي :
تستخدم الطائرات بدون طيار والمزودة بكاميرات حرارية بعدة مهام عند طيرانها فوق الحقول الزراعية المروية , ومن هذه المهام مراقبة عمل منظومات الري ففي حالة منظومات الري بالرش من النوع المحوري الدوار مثلا تقوم طائرة الدرون بالحصول على عرض تفصيلي لعمل ماكنة الرش دون الحاجة الى اتخاذ خطوة في الحقل . ويتم بواسطتها الحصول على فيديو مباشر عن قرب لأبراج المحاور المركزية , والمرشات , والأرض وحتى الإطارات , مما يجعل الفلاح على اطلاع مباشر ولحد ساعة التصوير على وضع المنظومة, ومن خلال ذلك يتم تحديد مكان المشكلة بالضبط , مثل تسرب المياه من المرشات او تغرز الإطارات وغيرها, وبذلك يمكن اتخاذ اللازم لإصلاح الخلل من دون ان تضطر الى السير في الحقل مرتين على الأقل في الظروف الجوية الحارة في شمس الصيف . واذا لم تلتقط شيئا ما في رحلتك الأولى , فقد يساعدك الفحص السريع للآلة التي تحتاج الى صيانة في تحديد السبب الأساسي قبل اصلاح المشكلة او الاتصال بالموزع المحلي , ويمكن لطائرة بدون طيار بسيطة جدا ومنخفضة التكلفة نسبيا ان تدعم هذه المهام بسهولة .
ولأغراض صيانة قنوات شبكات الري : ان العمالة المطلوبة للتفتيش بداخل شبكات قنوات الري لأغراض الصيانة هي كثيرة وتستغرق وقتا كبيرا ولا يكون هناك وقتا كافيا للقيام بإعمال الصيانة خلال موسم الجفاف جفاف القنوات وخلال الوقت اللازم للتفتيش والصيانة وقد لا يتعدى وقت جفاف القنوات عن شهرين
والعمل في فحص وتفتيش وتقييم قنوات الري كبير بسبب الأطوال الكبيرة لهذه القنوات في المشاريع الأروائية الكبيرة لأغراض تحديد اعمال الصيانة لها , حيث قام عدد من الخبراء اليابانيين بوضع برنامج تتم فيه عملية التفتيش آليا من خلال طائرات من دون طيار ذاتية القيادة ومجهزة بكاميرات عالية الدقة وذلك لاكتشاف العيوب بداخل القنوات مثل التشققات والتآكل والانهيارات باستخدام خوارزميات التعلم الآلي . وتم تطوير هذا العمل بإطار منهجي بأسطول من الطائرات بدون طيار وتنسيق مع سيارات لتقييم القنوات بشكل فعال , وتوسيع منطقة التغطية وتقليل وقت التفتيش تمت صياغة خوارزمية لتخطيط مسار الطائرات بدون طيار على طول القنوات , ويمكن ذلك الطيران على طول القنوات بأحجام مختلفة في اتجاهات متعددة لتسجيل فيديو كامل لجدران القنوات لاتجاه الشقوق التي فيها . ويقتصر بقاء الطائرة في الهواء ثلاثون دقيقة ويجب ان تبقى في نطاق بضعة كيلومترات من وحدات التحكم عن بعد .هذا يجعل من المستحيل على الطائرات بدون طيار تغطية كل القناة في رحلة واحدة . لتخفيف هذه القيود , يتم اقرانها بالسيارات المتوقفة ضمن اقصى مسافة توفر البطاريات وتنسيق التقاط فيديو للقناة بأكملها عند الحاجة . يتم ادخال البيانات من الصور في شبكة محايدة لاكتشاف المناطق التالفة وتعيينها في نماذج CAD . لتخطيط مسارات الطائرات بدون طيار , يتم تحويل خريطة مقاسة للقناة الى رسم بياني , ثم يتم تقسيم هذا الرسم البياني الى رسوم بيانية فرعية , والتي تمثل المنطقة التي ستغطيها الرسوم البيانية للطرق لأنشاء مسار للسيارة الموجودة داخل مسافة الاتصال للطائرات بدون طيار , تتم برمجة السيارات لإيجاد طرق بديلة تلقائيا اذا واجهت حركة المرور .
7 – استخدام طائرات الدرون في تلقيح النخيل :
تم تفعيل دور الطائرات بدون طيار لغرض الحصول على نتائج فاعلة ومحاصيل ذات جودة عالية في وقت اقصر وبشكل اسرع واوسع , ونجح فريق من الباحثين العمانيين في ابتكار طريقة جديدة وسريعة لتلقيح النخيل بواسطة المعلق السائل والذي يصنع عن طريق خلط حبوب اللقاح بالماء ومن ثم يرش على طلع النخيل باستخدام طائرات الدرون وبالمقارنة مع الطرق التقليدية في التنبيت , يستطيع العامل الواحد ان ينبت 6 نخلات في الساعة الواحدة , بينما يمكن لطائرات الدرون ان تلقح ما يقارب الف نخلة في الساعة الواحدة وبجودة اعلى .
نظرا لأهمية تكنولوجيا الطائرات المسيرة بدون طيار ( الدرون ) والاستخدامات المتعددة لها في مجال الري والزراعة يتطلب تحرك الجهات المعنية لغرض تطوير نشاط الري والزراعة نحو الحداثة وايلاء هذا الموضوع الأهمية المطلوبة في مجال تشغيل وصيانة المشاريع الأروائية وترشيد استهلاك المياه وتطوير الزراعة بالتكنولوجيات الحديثة لغرض زيادة الإنتاج الزراعي , علما بان تكلفة الدرونات ليست عالية ويمكن اقتناء عدد منها لاستخدامها في الإنتاج الزراعي وفي تحريات التربة واستغلال الموارد المائية ومراقبة عمل المشاريع الأروائية وغيرها من الاستخدامات العديدة .