تأثير مشروع المیاه الاستوائي (TWP) في إيران على نهر سيروان/ ديالى
تأثير مشروع المیاه الاستوائي (TWP) في إيران على نهر سيروان/ ديالى
عبدالمطلب رفعت سرحت
يعد مشروع المیاه الاستوائي من المشاريع الاستراتيجية لإيران والهدف منه هو زيادة الرقعة الزراعية وتغيير الاراضي الزراعية الديمية الى اراضي اروائية، اضافة الى تجهيز المياه للشرب وللاغراض الصناعية. ويكمن الهدف الاساسي لهذا المشروع في ارواء حوالي (١٢٠- ١٨٠) ألف هكتار من الاراضي الزراعية.
يتكون هذا المشروع من قسمين:
القسم الاول: جميع السدود والانفاق المائية في حوض سيروان في هذا القسم على وجه الانتهاء حيث يتم فيه جمع المياه من خلال (نفق نوسود المائي). ويتم نقل (١) مليار م٣ سنوياً الى مناطق (كرمسير) في إيران.
القسم الثاني: يبدأ من سد (ازكلة) المجاور لقصبة (سرتك) من جهة إيران ويتم نقل المياه الزائدة من القسم الاول الى القسم الثاني لارواء الاراضي الزراعية في محافظة ايلام وقسم من محافظة الاحواز.
أهم السدود ضمن مشروع المياه الاستوائي الإيراني:
١- سد داريان باوه:
يقدر السعة الخزنية لهذا السد (٣٣٨ مليون م٣) ويتكون السد من نفقين مائيين، الاول يبلغ طوله (٩٨٩ م) والثاني (١,٠٣٤ م). والهدف من انشاء هذا السد هو تأمين مياه الري للمناطق الزراعية وانتاج (٥٠٠ مليون كيلو واط/ ساعة) من الطاقة الكهربائية.
بعد الانتهاء من القسم الاول من هذا المشروع فإن هذا السد سيؤثر تأثيراً مباشراً على نظام نهر سيروان/ ديالى ويتسبب في انخفاض مستوى المياه في سدي دربنديخان وحمرين. إضافة الى تأثيره السلبي على مناطق كرميان وحلبجة بسبب فقدان مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية.
٢- سد هيروي:
يقع على بعد (٣٠ كم) من سد داريان، تبلغ السعة الخزنية لهذا السد (٣٠ مليون م٣). يعتبر هذا السد من أكثر السدود خطورة على نهر سيروان/ ديالى لانه يمنع دخول المياه الخارجة من سد (داريان) الى الاراضي العراقية بل يتم تحويله من خلال هذا السد الى نفق (نوسود) المائي. وكذلك يستجمع مياه رافد (باوه رود) أحد روافد نهر سيروان ويمنع دخول المياه الى الأراضي العراقية.
٣- سد زمكان:
يقع على (رافد زمكان) أحد الروافد الرئيسية لنهر سيروان في إيران. تبلغ السعة الخزنية لهذا السد (٢٣ مليون م٣) والهدف الرئيسي من هذا السد هو ارواء أكثر من (٥٣١) هكتار وتحويل ما يقارب (١,٨٠٠) هكتار من الاراضي الديمية الى اراضي مروية.
٤- سد كاوشان:
تبلغ السعة الخزنية لهذا السد (٥٥٠ مليون م٣) والهدف منه هو نقل المياه بواسطة نفق مائي بمعدل (٣٠ م٣/ ثا) الى حوض (كرخة) في الاحواز (خوزستان) لري أكثر من (٣٠) الف هكتار من الأراضي الزراعية، كذلك لري مساحات واسعة من الاراضي الزراعية في مدينتي كامياران وكرمانشاه.
٥- سد كاران:
يقع على بعد (٢٠ كم) من مدينة مريوان وشيد على رافد (كاران) ضمن حوض نهر سيروان. تبلغ السعة الخزنية لهذا السد (١١٠ مليون م٣) لارواء أكثر من (١٠) الآف هكتار من الاراضي الزراعية. وكذلك يعتبر مصدر رئيسي لتزويد مدينة مريوان وتوابعه بمياه الشرب. يشكل سد كاران خطورة كبيرة على نهر سيروان/ ديالى في العراق وخاصة لمناطق كرميان وديالى حيث يؤثر سلباً على مستوى المياه في سدي (دربنديخان وحمرين) وبالتالي يسبب اختلالاً كبيراً في الموازنة المائية والبيئية في تلك المنطقة. تأثيرات هذا السد لم تظهر حتى الآن بشكل كبير نتيجة لسقوط كميات كبيرة من الامطار في حوض سيروان في السنوات السابقة.
٦- سد آزاد بنير:
يقع هذا السد على رافد (كوره) أحد روافد نهر سيروان، وتبلغ السعة الخزنية لهذا السد (٣٠٠ مليون م٣) تستخدم لاغراض الشرب والزراعة وتوليد الطاقة الكهرومائية.
٧- سد زيويه:
ويقع على بعد (٢٦ كم) من مدينة كامياران. وتبلغ السعة الخزنية للسد (١٧ مليون م٣) وتستخدم بهدف ارواء أكثر من (٢,٥٠٠) هكتار من الاراضي الزراعية.
٨- سد زاوه:
وهو سد إسطواني خرساني وتم اختياره كأحد أفضل السدود الخرسانية في العالم، تبلغ السعة الخزنية لهذا السد (١٧٢ مليون م٣) وتستخدم لاغراض الشرب وتزويد المصانع وارواء أكثر من (١٧,٠٠٠) هكتار من الاراضي الزراعية.
٩- سد آزادى:
أنشأ هذا السد على رافد (آزاد) أحد روافد نهر سيروان بين مدينتي (سنة) و(مريوان). وتبلغ السعة الخزنية للسد (٧٠ مليون م٣) وتستخدم لاغراض الشرب وتزويد المصانع وارواء أكثر من (٤,٢٠٠) هكتار من الاراضي الزراعية. وهذا السد مزود بشبكة نقل للمياه الى بعد يصل (٣٠ كم).
١٠- سد سليمان شاه:
تبلغ سعته الخزنية (٤٨ مليون م٣) من المياه لارواء اكثر من (٢,٦٠٠) هكتار من الاراضي الزراعية الديمية في منطقة سنقر-كرمانشاه. إضافة الى تزويد سكان المناطق القريبة بمياه الشرب وتزويد الشركات الصناعية بالمياه.
١١- سد أمير آباد:
شيد هذا السد في منطقة كامياران, وتبلغ سعته الخزنية (٦ مليون م٣) لري وتحويل (٨٥٥) هكتار من أراضي زراعية بعلية الى اراضي مروية لغرض زيادة الانتاج الزراعي.
١٢- سد رامشات:
شيد هذا السد أيضاً في منطقة كامياران, وتبلغ سعته الخزنية (٦ مليون م٣) لري وتحويل (٣٥٥) هكتار من أراضي زراعية بعلية الى اراضي مروية لغرض زيادة الانتاج الزراعي.
١٣- سد ازكلة (شهداء ازكلة):
يقع هذا السد محاذياً لقصبة (سرتك) الحدودية. تبلغ السعة الخزنية لهذا السد (٣٠ مليون م٣). وهو اخر السدود ضمن مشروع المياه الاستوائي والذي يتم فيه جمع ونقل المياه من السدود الاخرى الى هذا السد من خلال نفق (نوسود) المائي ومنه يبدأ القسم الثاني من مشروع المياه الاستوائي.
السدود القاطعة (قنوات تحويلية):
وهي عبارة عن سدود قاطعة وانحرافية وقنوات خاصة لتغيير مجاري وروافد نهر سيروان. يعتبر هذا النوع من النواظم من أكثر الاعمال الهندسية خطورة على نهر سيروان/ ديالى، لأن هذه القواطع تعمل على جمع ونقل المياه الى نفق (نوسود) المائي وبالتالي تمنع من دخول المياه الى الاراضي العراق وتحرم العراق من حقوقه التاريخية في حوض سيروان.
أهم انواع هذه القواطع هي:
١- ناظم (قاطع) وقناة مرخيل: والذي يعمل على نقل المياه من رافد (مرخيل) الى داخل نفق (نوسود) المائي.
٢- ناظم (قاطع) وقناة ليله: والذي يعمل على نقل المياه من رافد (ليله) الى داخل نفق (نوسود) المائي.
٣- ناظم (قاطع) وقناة كردي قاسمان: والذي يعمل على نقل المياه من رافد (كردي قاسمان) الى داخل نفق (نوسود) المائي.
٤- ناظم (قاطع) وقناة زمكان: والذي يعمل على نقل المياه الخارجة من سد وناظم (زمكان) على رافد (زمكان) الى داخل نفق (نوسود) المائي.
٥- ناظم (قاطع) وقناة إمام حسن: والذي يعمل على نقل المياه من رافد (إمام حسن) الى سد (ازكلة). ويتعبر سد (ازكلة) اخر السدود المائية في القسم الاول من مشروع المياه الاستوائي في إيران.
ومن خلال هذه القنوات والنواظم فإن الروافد المذكورة سوف لن تزود نهر سيروان/ ديالى في العراق بالمياه.
نفق (نوسود المائي):
يعتبر هذا النفق من أكبر الانفاق المخصصة لنقل المياه في العالم. حيث يبلغ طوله (٤٨,٧ كم) وبقطر (٦,١٢٥ م) وفي بعض المناطق يصل قطره الى (٩ م) لنقل اكثر من (٧٠ م٣/ثا) من مياه سدود وروافد (داريان، هيرؤى، زمكان، ليله، مرخيل وكردى قاسمان) الى سد (ازكلة) الذي يبدأ منه الجزء الثاني من مشروع المياه الاستوائي. حيث يتم نقل تلك الكمية من سد (ازكلة).
يؤثر هذا النفق بشكل عام على نهر سيروان/ ديالى في العراق وبهذا النفق يتم القضاء على معظم روافد نهر سيروان في إيران لانه يمنع من وصول اي كمية من المياه الى الاراضي العراقية. وعن طريق هذا النفق سيتم نقل (١-١,٦ مليار م٣) سنوياً من مياه حوض سيروان (بعد سرقته من العراق وسلب حقوقه المائية) الى محافظة ايلام من خلال سد (ازكلة) لتنمية المشاريع الزراعية والصناعية ولاستخدام كميات منه كمصدر للشرب في الكثير من المدن. وبهذا ستتأثر مناطق واسعة من حلبجة، كرميان، ومحافظة ديالى بنقص حاد في المياه مسببة كارثة بيئية كبيرة لم يشهدها العراق من قبل ناهيك عن التأثيرات التي ستلحق بنهر دجلة.
أهم أهداف مشروع المياه الاستوائي في إيران:
تعتبر إيران هذا المشروع الوطني أكبر هدية وطنية قدمتها الجمهورية لسكان غرب إيران (كرمانشاه وایلام) والذي يتم تمويله من قبل (صندوق التنمية الوطنية الايرانية لاستخدام المياه والتربة). يقع نسبة (٥٠٪) من هذا المشروع والمشاريع الملحقة به في محافظة (كرمانشاه) ونسبة الـ(٥٠٪) الاخرى في محافظة ايلام وقسم من خوزستان. والمشروع هذا ليس الهدف منه خزن المياه وتغيير المجاري المائية فحسب بل هدف هذا المشروع أكبر بكثير من ذلك، حيث وضع ازدهار الزراعة في المحافظات الغربية من الاولويات الملحة في تنفيذ هذا المشروع السياسي-الاقتصادي.
تم تأسيس عدد كبير من المشاريع الزراعية بشقيها (النباتي والحيواني) وشركات صناعية على طول جانبي هذا المشروع الكبير. بالإضافة الى تأسيس عدد من المشاريع الخزنية بهدف استخدام مياهها لغرض الشرب في العديد من المدن على جانبي هذا المشروع. يقدر طول المشروع بأكثر من (٤٥٠ كم) من محافظة كرمانشاه الى محافظة ايلام (دهلران ومهران) المحاذيتين لمحافظة (واسط) العراقية.
بحسب البحوث والمواقع الالكترونية الايرانية فإن هذا المشروع سيغذي مساحة يزيد عن (٥٠,٠٠٠) هكتار بمياه الري بالطرق الحديثة. يبلغ السعة الخزنية لجميع سدود هذا المشروع (٧٠٠ مليون الى ١ مليار م٣)، هذا بغض النظر عمّا يتم نقله من حوض نهر سيروان والذي يقدر بـ (١-١,٦ مليار م٣) الى محافظة ايلام وخوزستان سنوياً.
يعتبر الجانب الايراني ان نهر وحوض سيروان (خامس أكبر انهار إيران) هو حق تتفرد ايران وحده ولا يمكن ان يعبر الحدود كما كان في العهود السابقة ليستفاد منه غرباء ودول اخرى ويغذي اراضيهم وانهارهم بلا ثمن او دون مقابل (إشارة الى العراق). ولهذا السبب فإن إيران اقدمت على تغيير مجاري الانهار الدولية في ظل ضعف الدولة العراقية حيث لم تسبق للدولة العراقية ان كانت بهذا الضعف امام دول الجوار. برأيي الشخصي فإن المشاريع المائية الايرانية هي أكثر خطورة من المشاريع التركية لان تركيا لم تقدم على تغيير المجاري بل اكتفت ببناء السدود. بينما الدولة الايرانية غيرت المجاري المائية الى داخل اراضيها كي لا نحظى حتى بمياه الفيضانات في السنوات المطرية.
تأثير مشروع المياه الاستوائي في إيران (TWP) على العراق:
ليس هناك معلومات دقيقة وكافية عن موعد انتهاء الجزء الثاني من مشروع المياه الاستوائي في إيران، وكعادتها فإن الدولة الايرانية لا تفصح عن مشاريعها الا في حال اقتراب تلك المشاريع من الانتهاء. ولكن بانتهاء الجزء الثاني من هذا المشروع الذي يبدأ من سد (ازكلة) الى خوزستان مروراً بمحافظة ايلام فإن نهر سيروان/ ديالى سيفقد (٧٠٪) من مياهه. ويبقى فقط (٣٠٪) منه إضافة الى المياه العادمة التي ستدخل الى النهر من المدن.
سيؤثر هذا المشروع على سدي (دربنديخان وحمرين) بشكل مباشر. وستعاني مناطق كرميان (جنوب محافظة السليمانية) ومحافظة ديالى من ظاهرة التصحر شديدة المستوى قد يستحيل معالجتها. بالإضافة الى ان نهر دجلة سيفقد أحد أهم روافده وبذلك سينخفض مستوى المياه في النهر جنوب بغداد. وبسبب دخول المياه العادمة في النهر فإن نسبة الملوثات في النهر سيزيد تدريجياً اضافة الى زيادة نسبة الملوحة بسبب انخفاض مستوى النهر.
معظم سدود هذا المشروع يقع على الخط الزلزالي وهذا يشكل بحد ذاته خطورة كبيرة وينذر بكارثة انسانية قد تحل بمحافظات حلبجة، السليمانية وديالى في حال حدوث زلازل بدرجات عالية.
الغريب في الامر انه ليس هناك اي تنديد فعلي صريح من الجانب العراقي ازاء تلك التجاوزات الكبيرة من الجانب الايراني على الحقوق المائية للشعب العراقي بالرغم من العلاقة الوطيدة التي تربط حكام العراق والاقليم بحكام إيران.