تأثير الطلاق على الاستقرار الأسري في المجتمع العراقي
أ. م. د. جميل حامد عطية
نائب رئيس لجنة العلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يُشكل الطلاق تحديا كبيرا للاستقرار الأسري في المجتمع العراقي، حيث يؤثر على الأفراد والأطفال والمجتمع بشكل عام. ويترتب على الطلاق تغيرات اجتماعية واقتصادية ونفسية تؤثر في حياة الأفراد وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالاستقرار الأسري.
تعتبر الأسرة من الوحدات الأساسية في المجتمع العراقي، وتلعب دورا مهما في توفير الاستقرار والحماية الاجتماعية والعاطفية لأفرادها. ومع ذلك، فإن معدلات الطلاق في العراق قد شهدت زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، مما أثر بشكل كبير على الاستقرار الأسري.
أحد التأثيرات الأساسية للطلاق هو التغير في هيكل الأسرة والعلاقات الأسرية حيث يؤدي الطلاق إلى انهيار العلاقة الزوجية وفصل الأبوين، مما يتسبب في تغييرات جذرية في حياة الأطفال وأفراد الأسرة. ويواجه الأطفال صعوبة في التأقلم مع هذه التغييرات المفاجئة وتأثيرها على حياتهم اليومية وعلاقاتهم العاطفية. وقد يعاني الأطفال من الضغط النفسي والتوتر بسبب فقدان الاستقرار الأسري وانقسام العائلة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب الطلاق في تدهور الوضع الاقتصادي للأسرة حيث تعتمد العديد من الأسر في العراق على دخل الزوجين لتلبية احتياجاتهم المالية. ومع انفصال الزوجين، يتعرض الزوج الذي يتحمل مسؤولية العائلة لضغوط مالية كبيرة، في حين يواجه الزوج الآخر صعوبات في تأمين احتياجاته الشخصية والمالية. وهذا يؤثر على قدرة الأسرة على تلبية احتياجاتها الأساسية وقد يؤدي إلى حدوث توترات وصراعات مالية داخل الأسرة.
وكذلك، يمكن أن يؤدي الطلاق إلى تفكك الشبكة الاجتماعية والدعم الاجتماعي المحيط بالأسرة. وفي المجتمع العراقي، ويعتبر الدعم الاجتماعي والعائلي أحد العوامل المهمة للاستقرار الأسري. وقد ينقطع الاتصال بأفراد العائلة والأصدقاء المقربين بعد الطلاق، مما يترك الأسرة بمشاعر العزلة والوحدة وقلة الدعم الاجتماعي.
تؤثر هذه التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تنجم عن الطلاق على المجتمع العراقي بشكل عام. ويمكن أن يزيد الطلاق من حدة الصراعات العائلية والاجتماعية، ويؤدي إلى انتشار الانفصال والتفكك الأسري. ويمكن أن يؤثر هذا التفكك على القيم والتقاليد الاجتماعية التي تعتبر أساسا للمجتمع العراقي، ويؤدي إلى ضعف الروابط الاجتماعية ونقص الثقة بين الأفراد.
وللتغلب على تأثيرات الطلاق على الاستقرار الأسري في المجتمع العراقي، هناك حاجة إلى توفير الدعم الاجتماعي والقانوني والاقتصادي للأسر المنفصلة. ويجب توفير الخدمات والموارد التي تساعد الأسر على التأقلم مع التغيرات والتحديات التي تواجهها بعد الطلاق. ويجب أيضا تعزيز الوعي والتثقيف حول أهمية الحفاظ على الاستقرار الأسري وتعزيز العلاقات العائلية الصحية.
وبشكل عام، يجب أن يتعاون المجتمع العراقي بأكمله – المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني – لدعم الأسر المنفصلة وتعزيز الاستقرار الأسري. ويتطلب ذلك وضع سياسات وبرامج تهدف إلى توفير الدعم الشامل للأسر المتضررة من الطلاق وتشجيع الحوار والتفاهم بين الزوجين قبل اللجوء إلى الطلاق.