الفكر الإنساني وفلسَفة الوقاية من الجريمة من منظور فلسفة الدفاع الاجتماعي
الفكر الإنساني وفلسَفة الوقاية من الجريمة من منظور
فلسفة الدفاع الاجتماعي
الدكتورة رجاء مراد الشاوي
رئيس لجنة العلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
كانت العقوبة كألم يصيب الجاني، هي الصورة الوحيدة لرد الفعل الاجتماعي ضد الجريمة على أساس جسامة الفعل دون الاعتداد بطبيعة الحال بشخص المجرم وظل الحال كذلك حتى ظهور المدارس الفقهية الجنائية.. حيث جاءت المدرسة الوضعية الايطالية لتنقل ردة الفعل من دائرة الفعل المكون للجريمة إلى دائرة مرتكب الفعل وبدأ الاهتمام بشخص الفاعل أو بخطورته الاجرامية، وبذلك احدثت تلك المدرسة تعديلا جوهريا في وظيفة الجزاء الجنائي واسس تطبيقه.. وقدمت إلى جانب العقوبة وهي في جوهرها ايلام للجاني ما يسمى بالتدابير أو بدائل العقوبة وهي علاج للجاني كوسيلة أخرى تلعب دورها مع العقوبة في الكفاح ضد الجريمة ، وذلك في الحالات التي تعجز فيها العقوبة باعتبارها وسيلة ايلام عن تحقيق الهدف لتعلن عليها. ثم جاءت اخيرا مدرسة الدفاع الاجتماعي الحديثة لتعلن أن الدفاع الاجتماعي الجديد لايجب أن يقف عند حد المطالبة بالاجراءات الوقائية اللازمة لمعالجة المجرم وذلك ببناء نظام منطقي كامل ومتكامل للكفاح ضد الجريمة.
ولكي نحيط بهذه الصور الثلاث التي ذكرناها فقد قسمنا البحث إلى ثلاثة مباحث تضمن المبحث الأول مفهوم الجريمة باعتبارها هي المدخل الرئيس ، كما تضمن المبحث الثاني مفهوم الدفاع الاجتماعي؛ والذي تضمن الخلفية التاريخية لهذا المفهوم واسباب ظهورها كما تضمن المدارس التي تبنت هذه الحركة، وفي المبحث الثالث كان التركيز على الدفاع الاجتماعي بين العقوبة والتدبير والذي تضمن النتائج المتعلقة بالاحكام الموضوعية وكذلك النتائج المتعلقة بالاجراءات كما تضمن هذا المبحث توضيح السياسة العقابية في حركة الدفاع الاجتماعي ودور المؤسسات العقابية الحديثة من حركة الدفاع الاجتماعي ودور المؤسسات العقابية الحديثة.
المبحث الأول––
مفهوم الجريمة
هناك حقيقتان ترتبطان بالجريمة اولهما أن الجريمة ظاهرة اجتماعية -الكل يسلم بذلك. وانطلاقا من هذه الحقيقة نجد أن مفهوم الجريمة مفهوم متطور ومختلف من زمن إلى آخر بل ومن مجتمع إلى مجتمع اخر.. والحقيقة الثانية والتي تنطلق من الحقيقة الأولى وترتبط بها هو أن الجريمة ليست مفهوما مغلقا بل مرتبطا بالواقع الاجتماعي. بهذا المعنى أن النظرة إلى سلوك معين على أنه جريمة يعتمد على مفاهيم خلقية وتقاليد متأصلة وضرورات عملية قائمة لدى كل جماعة من الجماعات. وبطبيعة الحال أن هذه الضوابط هي أيضا ليست عامة ولا ثابتة لا بل اننا ضمن نطاق مكان وزمان معينين تعتبر بعض الاعمال مسيئة للاخلاق وينفر منها الناس فينظر إلى مرتكبها كخارج على العادات الاجتماعية. إلا انه بالرغم من ذلك لاتقع هذه الاعمال تحت سلطة القانون، كالكذب والتصرفات المبتذلة والانفلات السلوكي والخلقي.
وهذه المسلمات السابقة ادت إلى أن يصبح تعريف الجريمة من المشكلات الهامة في دراسة علم الجريمة بالذات، ذلك لأن تحديد مضمون هذا المفهوم كان ولايزال مسألة خلافية بين الباحثين (1)، لتحديد عناصرها بصورة عامة لاتتأثر بزمان أو مكان.. فتحديد هذا المفهوم يحدد طبيعة السلوك الاجرامي كما يحدد المجرم نفسه ويعنى هذا التحديد بدوره الوحدة التي تتخذها دراسة علم الجريمة ونظرياته اساسا للوصف والتفسير. فلو تتبعنا الجريمة تاريخيا لوجدنا أن النظرة إلى الاعمال التي وصفت الجريمة اختلفت مع تطور الفكر البشري والعادات
G.R. Jeffery; The Historical Development of Criminology, in H
Mannheim (Ed) Pioneers in criminology, London, 1960, P. 363-364
Ibid, P. 366
وكذلك انظر د. مصطفى العوجي- الجريمة والمجرم- مؤسسة نوفل- بيروت- ط1-
جـ1 1980 – ص 149 وما بعده.
الاجتماعبة والتقدم العلمي. (1) فمنذ أن قتل (قابيل) أخاه (هابيل) في سبيل_الطمع والشهوة خارقا بذلك أول قاعدة من قواعد السلوك الاجتماعي التي ظهرت لتصون السلام بين افراد الجماعة الصغيرة التي كان عضوا فيها ومعلنا بهذا عن السلوك الجرمي..(2) فمنذ ذلك الحين توالت الجرائم فنجد في العشائر والجماعات البدائية ، الجريمة عبارة عن مخالفات تحريم أمر املته اعتقادات مقدسة أو قدرة مجهولة لذلك نجد أن الافعال التي كانت تعتبر جرائم مرتبطة بمظهر ديني أو عقيدة معينة ، فمظهر هذا الارتباط مثلا نجده في المجتمعات البدائية في مخالفة اوامر الطوطم، أو المساس بحرمته التي تجر إلى الكارثة المحققة وتنزل بالمخالف ومن يحيطون به العقاب .(3)
وبتقدم الزمن بدأت قواعد الحل والتحريم تستقل تدريجيا عن المعتقدات الدينية وتأخذ طابعا يستهدف مصلحة الجماعة وتنظيم الروابط الاجتماعية، قبل أن يستهدف ارضاء المشاعر الدينية للجماعة فبينما كانت افعال السحر والشعوذة ومخاطبة الشياطين تؤلف جرائم عامة، نرى في ايامنا هذه أن مثل هذه الاعمال الغير خاضعة لاي تجريم أو لاي منع من جانب المشرع، كما أن نظرة الإنسان إلى بعض الاعمال اختلفت وفقا للنظم الاجتماعية المتبعة.. فمثلا تعدد الزوجات معاقب عليها في اغلب القوانين الاوربية، أن لم نقل كلها.. في حين يعتبر هذا العمل مباحا في الدول الاسلامية نفس هده الدول نجد بعضها يستلزم شروطا لايستلزمها قانون دولة مسلمة أخرى.
(1) د. مصطفى العوجي- دروس في العلم الجنائي والمجرم- مؤسسة نوفل – بيروت 1981-
ص 8
(2( د. عبد الفتاح الصيفي، د. محمد زكي أبو عامر- علم الاجرام والعقاب- دار المطبوعات
الجامعية. د ت. ص 2
)3 (كان الإنسان البدائي يتصور أن جميع الاوامر والنواهي التي تنظم الروابط الاجتماعية ينبغي أن تأتي من لدن هذه القدرة التي اطلق عليها علم الاجتماع وصف التابو (Taboo)الذي يمثل تاريخيا المصدر البدائي للتجريم والعقاب وكان هذا المصدرمرتبطا في اذهان الناس بضرورة الالتفاف حول رمز الهي أو كائن مقدس قد يكون حيوانا أو نباتا يطلق عليه وصف (الطوطم) (Totem) انظر د. رؤوف عبيد- مبادئ علم الاجرام- ط2 » القاهرة- 1974-
ص 6
وتجاه هذه الاوضاع المتشابكة والمختلفة يمكن أن نتساءل عن الاسس الثابتة للتعريف بالجريمة وتحديد عناصرها بصورة عامة لاتتأثر بزمان أو مكان معينين.. وعليه نقول اننا لسنا بحاجة إلى استعراض جميع الاراء التى ابديت حول مفهوم الجريمة بل نشير بصورة عامة وعابرة إلى بعضها على سبيل التنويه بالشيء توصلا إلى اتجاه عام تقاس به الافعال التي تكون الجريمة..
التعريف بالجريمة:
انصب اهتمام علماء الاجتماع والقانون وعلماء الجريمة بصورة خاصة بتعريف الجريمة بغية وضع معيار للافعال التي تكون السلوك الاجرامي من خلال تمييز هذا السلوك عن غيره من انماط السلوك الإنساني الأخرى ، لان لفظة “الجريمة” اصبح اصطلاحا شائعا يطلق على عدد من الافعال التي تخالف قواعد القانون أو المجتمع أو الاخلاق أو الدين.. لذا يعد تعريف الجريمة من المشكلات الهامة وانه لايزال مسألة خلافية بين الباحثين، لان فكرة الجريمة بطبيعتها تأبى الثبات والاستقرار، لان القوانين الجنائية لا بل والمظاهر القانونية عامة ، ليست من الأمور الثابتة ، فتحديد هذا المفهوم يحدد طبيعة السلوك الاجرامي كما يحدد المجرم نفسه.. ويعني هذا التحديد بدوره الوحدة التي تتخذها دراسة علم الجريمة ونظرياته للوصف والتفسير.. لذلك ينأى الجانب الغالب في التشريعات في الافصاح عن جوهر الجريمة تاركا ذلك للفقه خشية أن يزج بنفسه في معترك خلافات اجتماعية وفلسفية واخلاقية لاحدود لها.(1)
(1) د. زكريا ابراهيم- الجريمة والمجتمع- مكتبة النهضة المصرية- القاهرة. 1980» ص
25.
التعريف الاجتماعي للجريمة
يميل كثير من الباحثين إلى الاخذ بالتعريف الاجتماعي للجريمة.. حيث يؤكدون أن الجريمة هي كل انحراف عن المعايير الجمعية باعتبار أن الجريمة ظاهرة اجتماعية، وان التجريم لهذا المعنى حكم قيمي تصدره الجماعة على بعض تصرفات افرادها سواء عاقت القانون على هذه التصرفات أم لا.. بهذا المعنى انه لابد من التفريق بين السلوك السوي والسلوك الاجرامي، من الاستناد إلى معيار اجتماعي لا إلى معيار قانوني(1). وان كانوا قد اختلفوا في مضمون هذا المعيار. حيث ذهب البعض امثال -غاروفالو- إلى ابتداع فكرة الجريمة الطبيعية، وهي الجريمة التي تتفق جميع المجتمعات الإنسانية على تجريمها في كل زمان ومكان، لانها تتعارض مع عاطفة الشفقة وعاطفة الامانة، أو ما يعبر عنها احيانا بعاطفة العدالة، واوضح مثال على ذلك- أي للجريمة الطبيعية الاعتداء على الاموال وجريمة الاعتداء على الاشخاص والتي تقابلها الجرائم المصطنعة مما ادى إلى استبعاد بعض الجرائم الخطيرة التي تشكل مؤشرا هاما في عملية تفسير السلوك الاجرامي كالجرائم الواقعة على امن الدولة مثل الخيانة والتجسس والعصيان والجرائم الاقتصادية.. لذلك لم تجد هذه النظرية قبولا..(2) ولكن الاتجاه الغالب عند انصار المعيار الاجتماعي هو تعريف الجريمة بانها “سلوك مضاد للمجتمع” (3) و المقصود بالسلوك المضاد للمجتمع هو النشاط الايجابي أو الموقف السلبي الذي يضر بمصلحة اجتماعية. ورغم ما لهذا التعريف من اهمية فان مشكلته الاساسية هي في صعوبة معرفة الضرر الذي يدخل في تكوين السلوك المضاد للمجتمع والمصالح الاجتماعية التي اضر الفرد بها حتى يعتبر سلوكا مضادا للمجتمع..
(1) Sutherland Cresey, Principled de Criminologie, Traducation Francaise , Edition Cugas Paris, 1966, P. 22
(2) د.عبود سراج- علم الاجرام وعلم العقاب- الكويت – ط2- 1983- ص 47
(3) د. عبد الفتاح الصيفي- القاعدة الجنائية- الشركة الشرقية للنشر والتوزيع- بيروت-
1967 .ص 86
وهذا هو المعنى الاجتماعي للجريمة. قالجريمة اذن خروج على القانون الوضعي الذي يرعى المصلحة الاجتماعية كما يراها المجتمع. (1)
لقد تردد كثير من علماء الاجتماع في قبول التعريف القانوني للجريمة. فهم يرون أن العلم يجب أن يدرس ظواهر ثابتة ودائمة وليس مخالفات للقانون تتغير بتغير الزمان والمكان. ولهذا فان هؤلاء العلماء يميلون إلى وضع تعريف اجتماعي خاص بهم للجريمة مؤداه “أن الجريمة هي أي سلوك ضار بالمجتمع وبرفاهية اعضائه “(2) وهم يرون أن مثل هذا التعريف يجعل من الجريمة شيئا ثابتا ودائما يمكن دراسته في أي زمان واي مكان بغض النظر عن القانون الجنائي في هذا المكان أو ذاك الزمان.. ومن الواضح أن هؤلاء العلماء يسلمون بوجود افعال
ثابتة تضر بجميع المجتمعات في كل الازمنة.
خلاصة القول إذا اننا إذا كنا بصدد دراسة ظاهرة مخالفة القوانين الوضعية فلابد لنا من اتباع التعريف القانوني لهذه الظاهرة بحذافيره، طالما أن الجريمة في اساسها مفهوم قانوني.. ولايمكننا باي حال من الاحوال أن نضغ تعريفا غير قانوني لمفهوم قانوني ثم ندعي اننا ندرس ظاهرة تتعلق اساسا بالقانون.
ولكن على الرغم من وجوب اتباع التعريف القانوني للجريمة فانه لابد من دراستها دراسة علمية غير قانونية.. فالجريمة ظاهرة قانونية واجتماعية ويمكن دراستها دراسة اجتماعية ونفسية وانثروبولوجية بل وحتى سياسية. وهذا ما اكد عليه علماء الاجتماع الذين تبحروا في دراسة القانون وفلسفته بالتمسك بالتعريف القانوني للجريمة بناء على الاسباب التالية:(3)
1- ليس هناك معيار أو محك محدد وواضح للضرر الاجتماعي الذي ينجم عن فعل من الافعال.. فما قد يعتبره شخص ما ضارا اجتماعيا قد لا يعتبره آخر كذلك .
(1) د. سامية حسن الساعاتي- الجريمة والمجتمع- مكتبة الانجلو المصرية- القاهرة. ط1
ص 1982 ص 19
(2) د. سمير نعيم احمد- الدراسة العلمية للسلوك الاجرامي- مطبعة دار التأليف- مصر-
1969- ص 10-11
(3) د. سمير نعيم احمد- الدراسة العلمية للسلوك الاجرامي» مصدر سابق ص 12
وفي هذه الحالة تتدخل الاحكام الذاتية لعالم الاجتماع في تحديد الافعال الضارة اجتماعيا والتي يمكن أن تعتبر جريمة فضلا عن تدخلهافي تحديد نوع هذا الضرر ودرجته، ولايوجد حتى الان اتفاق بين علماءالاجتماع في تحديد معنى الضرر الاجتماعي.
2- أن تعريف الجريمة بانها الفعل الضار اجتماعيا لايتغلب على النقد الموجهوالمكان. وذلك أن مفهوم أو معنى الضرر الاجتماعي قد يختلف أيضا باختلاف الزمان والمكان. فما يعتبر ضارا اجتماعيا في مجتمع ما قد لايعتبر كذلك في مجتمع اخر أو في زمان اخر.
3- أن اتباع التعريف الاجتماعي للجريمة من شأنه أن يجعل من العالم الاجتماعي مشرعا وقاضيا يحكم على الافعال ومرتكبيها كما يشاء فيجعل من بعضها جريمة ويبيح البعض الاخر.. وهذا ليس من تخصص عالم الاجتماع.
4- انه لايمكن باي حال من الاحوال فصل مفهوم الجريمة عن القانون ولذا فان أي تعريف للجريمة لابد وان يشتمل على مخالفة القوانين، وللعالم الاجتماعي مطلق الحرية في دراسة ما يشاء من الافعال التي يعتبرها ضارة اجتماعيا .– المبحث الثاني –
مفهوم الدفاع الاجتماعي
جميع النظريات سواء كانت التقليدية منها أم الواقعية وكذلك التوفيقية تحاول ايجاد سبل وطرق لتحديد المسؤولية وبالتالي منع اسباب الجريمة ومكافحتها أو على الاقل تقليص حجمها لما لها من اثار سلبية على المجتمع وتطوره وتقدمه.
ومن هذه السبل أو الطرق مذهب الدفاع الاجتماعي الذي استمد اساسه من المذهب الوصفي الواقعي. فاذا ما اردنا أن نحدد مفهوم الدفاع الاجتماعي.. نقول أن الدفاع الاجتماعي يعني حماية المجتمع من الخارجين عن نظمه أو الذين يجدون صعوبة في الائتلاف معها فيرتكبون اعمالا عدوانية تضر بالمجتمع وافراده،(1) بعبارة أخرى هي حماية المجتمع والفرد من الاجرام.
وحيث أن للجريمة نتائج سلبية تعم المجتمع باسره لذا فان محاربتها لا تكون إلا بنظام اجتماعي، يكون عصبه الفعال مساهمة الدولة عن طريق خططها الاجتماعية أولاً والنصوص التشريعية ثانيا وعن طريق العمل القضائي ثالثا.(2)
وبتفاعل العنصر الاجتماعي مع العنصر القانوني نكون امام برنامج لمنع الجريمة، وهذا البرنامج سمي لدى بعض رجال القانون بمذهب الدفاع الاجتماعي.. وهذا يعني السبل التي تتخذها النظم كردود فعل لمنع الجريمة وهو ما يعني تطور السياسة الجنائية ذات ابعاد محددة تأخذ بعين الاعتبار امن المجتمع وسلامته من جهة والخطورة المتأتية من العمل الفردي غير السوي من جهة أخرى.
(1) د. مصطفى العوجي- الجريمة والمجرم- مؤسسة نوفل- بيروت جـــ 1 و 2- 1980 ، ص25
(2) د. احمد كمال احمد – مقدمة في الرعاية الاجتماعية- النهضة المصرية ط2، 1976- ص
33
ومما سبق ان ذكرنا سابقا فان فكرة الدفاع الاجتماعي منذ البداية ارتبطت بفكرة المسؤولية التي اعتبرها التقليديون- المسؤولية الادبية- التي توجب العقاب بمجرد قيام الجريمة، أما اصحاب النظرية الوضعية الذين اهتموا بخطورة الفرد لا بمسؤوليته الادبية، وهو ما اكده فقهاء الدفاع الاجتماعي الذين لم يحققوا من الارتكاز على المسؤولية الادبية ولكن جعلوها احدى السبل التي تتضامن مع السبل الأخر لضمان الدفاع الاجتماعي، وهكذا اعتبر اصحاب مذهب الدفاع الاجتماعي خطورة الفرد ومسؤوليته اضافة إلى امن المجتمع هي الاسس التي يستوجب اخذها بنظر الاعتبار عند وضع خطة دفاعية عامة لمكافحة الجريمة ومنعها.(1)
وان أو ل هدف لهذه السياسة- السياسة التي تبناها مذهب الدفاع الاجتماعي- تحويل القساوة والتعذيب الجسدي إلى صيغ اكثر واقعية وانسانية.)2)
أن حماية أي مجتمع من المجتمعات تتحقق بمواجهة الظروف التي من شأنها أن تغري أو تسهل الاقدام على الجريمة، والقضاء على تأثيرها الضار ، أما حماية الفرد منحرف السلوك الذي اجرم فتتحقق بتهذيبه ثم تأهيله إذ أن الاهمية من التأهيل وقائية من شرور خطر الاقدام على جريمة تالية.
فالدفاع الاجتماعي وفقا لهذا المفهوم انما هو رمز إلى السياسة الاجتماعية والجنائية المرتكزة على العلم والتجربة في تفهم كل من ظاهرة الاجرام وشخص المجرم أو الجانح بهدف الوقاية اجتماعيا من مسببات تلك الظاهرة ومعاملة المجرمين والجانحين معاملة انسانية تكفل تأهيلهم للتآلف الاجتماعي ما وسع الحد إلى ذلك.(3) ويذهب فريق اخر إلى أن مفهوم الدفاع الاجتماعي ليس هو حماية المجتمع من شر المجرمين خاصة، وليس هو كذلك مجرد الدفاع عن المجتمع كما لايتحدد لحماية المجتمع ذاته، وانما تتمثل فكرته فى تطورها وفيما انتهت اليه
(1) محمد شلال حبيب- التدابير الاحترازية- الدار العربية للطباعة- بغداد ط2 ،1979، ص
44
(2) راجع مقررات الامم المتحدة- المؤتمر السابق لمنع الجريمة ، منشورات الامم المتحدة ،
1983
(3 (أد. محمد نجيب حسني- علم العقاب، مطبعة لجنة التأليف والنشر- القاهرة- 1974- ص88
ارتباطا بفكرة تطور فلسفة العقاب والعلوم الاجتماعية ويعتبر هؤلاء أن مفهوم الدفاع الاجتماعي ليس له سوى مفهوم واحد وهو الذي يتردد دائما كلما تعلق الأمر بحماية المجتمع من المجرم أو ظاهرة الاجرام، فهو في ابسط عبارة السياسة الجنائية الرامية إلى كف شر الجريمة والمجرم عن المجتمع وتبدأ هذه السياسة بطبيعة الحال من وقت الاعتراف بعقوبة بوظيفة نفعية.(1)
وايا كانت الاهداف يجب بادئ ذي بدء أن تقوم جميع وسائل الدفاع الاجتماعي بضمان الاحترام العميق للقيم الإنسانية وتقاليدها ومبادئ الحريات العامة.
الخلفية التاريخية لحركة الدفاع
كما هو معروف أن القانون الجنائي والتدابير (من وقائية وتقويمية) هي من اهم خطوات الدفاع التي يملكها المجتمع للخارجين عليه من افراده، ولقد ظلت هذه هي القاعدة الاساسية في المراحل التي مرت بها الإنسانية حتى الان، فقد ظهرت العقوبة منذ عرفت الجريمة، واصطبغت في العصور القديمة بفكرة الانتقام الذي كان في البداية فرديا ثم تحول إلى فكرة الانتقام الديني، ثم إلى الانتقام العام، ولما ظهرت السياسة الجنائية التقليدية، اصبح الغرض الاساس من العقوبة هو الردع والزجر، ولاينظر في تحديدها إلى شخص مرتكبها، ومدى خطورته. بل ينظر إلى مادية الافعال وما تجلبه من ضرر على المجتمع، ونادت بالمساواة المطلقة في العقوبة بين مرتكبي نفس الجريمة، وقررت مبدأ العقوبة الثابتة. ثم استبدل بهذا النظام فكرة الحد الادنى والحد الاقصى للعقوبة.
وقد حاول انصار السياسة التقليدية الجديدة تأسيس العقوبة على فكرتي العدالة والمنفعة الاجتماعية، لذلك لقي شخص المجرم اهتماما خاصا يتناسب مع مقتضيات العدالة، واقر انصار المذهب المسؤولية المخففة وتوسع في فكرة موانع المسؤولية .
(1) د.احمد فتحي بهنسي، موقف الشريعة الإسلامية من نظرية الدفاع الاجتماعي، دار
الشروق، بيروت، د. ت، ص 11
المسؤولية. وفي الربع الاخير من القرن التاسع عشر ظهر في ايطاليا المذهب الوضعي الذي وجه النظر إلى شخص المجرم، وارس قواعد نظرية الوقاية والحماية الاجتماعية، واكد أن وظيفة الجزاء الجنائي هو الردع الخاص، ومعياره هو خطورة المجرم، ورد الفعل القضائي أو التدبير لم يعد هو الذي يقاس بجسامة الفعل، بل هو الذي يراعي خصائص شخصية المجرم وما تفصح من خطورة على المصالح الغير مشروعة، فقد استبعدت المدرسة الوضعية العقوبة واحلت محلها التدابير الوقائية.
وبهذا المعنى أن فكرة الدفاع الاجتماعي كأساس للنظام العقابي ليست حديثة فجذورها تمتد إلى كافة المذاهب والنظريات والتشريعات الجنائية على مر العصور رغم اختلافها في المفهوم والتفسير: فالنشأة الاولى لهذه الفكرة تتحدد بظهور النظريات التي تسند إلى الدولة ونظام العقاب وظيفة للدفاع عن المجتمع ضد الاسباب والاحوال التي تؤدي إلى الاضطراب وعلى الاخص عوامل الاجرام.(1)
ولقد ظلت هذه القاعدة الاساسية من المراحل التي مرت بها الإنسانية حتى الان، وبالنسبة لكل الاتجاهات التي سادت فيها سواء الاتجاه الاستئصالي أو التركيز على الجريمة بوصفها كيانا قانونيا مجردا، أو الاتجاه إلى التفريد والاهتمام بشخص المجرم، أو التوفيق بين الاتجاهات إلى اعتبار المجرم حر الارادة والاختيار، وبين القول بالجبرية، فالخطأ دائما كان كل ما في الفرد وما حوله.
أي بعبارة أخرى الاهتمام بشخص المجرم والاهتمام بظاهرة الاجرام، كغرض يمكن أن يكون معبرا عن خلل في المجتمع ذاته، باعتبار أن هذه الظاهرة مثلها مثل أي ظاهرة أخرى، عبارة عن افراز لابد وان له مصدرا في المجتمع وهو الاولى بالتقويم لانه الاصل.
(1) د. انور على وامال عبد الرحيم عثمان. علم الاجرام والعقاب- القاهرة- 1970، ص 332
وقد شاع استعمال تعبير الدفاع الاجتماعي في عصور مختلفة على شكل تجرد به من الفحوى الدقيق، أو اقتصرت دلالته على مجرد حماية المجتمع من الاجرام، واتخذ بذلك كستار لاتجاهات وافكار متنوعة، ففي العصور السابقة على الثورة الفرنسية استعمل لتبرير اقصى العقوبات على اعتبار انها دفاع اجتماعي وقد استعمل أيضا من قبل المدرسة التقليدية الاولى على اعتبار أن الردع العام هو السبيل إلى الدفاع الاجتماعي، كما استعملته أيضا المدرسة الوضعية وقررت أنه لا موضع للعقوبات وانه يتعين أن تحل محلها تدابير دفاع اجتماعي تواجه الخطورة الكامنة في شخص المجرم.
ورغم تعدد الاتجاهات في حركة الدفاع الاجتماعي الحديث إلا انها تتفق جميعا في التركيز على مكافحة ظاهرة الاجرام،عن طريق ازالة اسبابها في البناء الاجتماعي، وتعتبر ذلك واجبا على الدولة لذلك وضعت هذا المبدأ على رأس برنامجها الحد الادنى المعلن عام 1954 والذي جاء في ديباجته “أن الجمعية الدولية للدفاع الاجتماعي بوصفها تمثل حركة ترمي إلى تطوير السياسة الجنائية تقترح على اعضائها العمل على ذيوع ونمو الافكار المبينة على هذا البرنامج، واي موقف مذهبي اخر يتخذه احد اعضائها يجب أن ينظر اليه باعتباره موقفا شخصيا له خاصة، ولايمكن بالتالي أن تتقيد به الجمعية باسرها”(1)
– اسباب ظهور حركة الدفاع الاجتماعي:
أن الصفة الاجتماعية المميزة لحركة الدفاع الاجتماعي قد عاصرت في ظهورها عام 1945 عددا من المتغيرات والتطورات الهامة والتي ادت إلى بروزها وهي:
المتغير الأول: التقدم الكبير في الاساليب التجريبية لعلم الاجتماع
(1) د. على راشد، القانون الجنائي، المدخل واصول النظرية العامة، ط1، 1970، ص 81 ،
وكذلك انظر د. اكرم نشأت ابراهيمء الدفاع الاجتماعي والنظام العقابي، بغداد، 1973 ،
ص 9
المتغير الثاني: الاجماع العالمي على حماية حقوق الانسان الفرد بعدما تعرض له البشر من احوال التسلط الذي ألبس الجريمة المنكرة الصريحة ثوب الفلسفة الوضعية
– مدارس الدفاع الاجتماعي :
أن مبادئ وافكار الدفاع الاجتماعي تتزعمها مدرستان مدرسة (جنوى) للدفاع الاجتماعي التي انشأها (جراماتيكا) الاستاذ في جامعة (جنوى) في ايطاليا عام 1945. ومدرسة باريس للدفاع الاجتماعي التي وضع مبادئها (مارك انسل) المستشار في محكمة النقض الفرنسية.
أولاً: المدرسة الإيطالية:
يقترن اسم الاستاذ الايطالي (فيلبو جراماتيكا) بحركة الدفاع الاجتماعي حيث وضع الاسس التي تقوم عليها مدرسته في المؤتمر الرابع للاكاديمية الدولية للطب الشرعي والاجتماعي المنعقد في (جنوى) في 15 تشرين الأول سنة 1955، ومن ثم في كتابه مبادئ الدفاع الاجتماعي(1)، وتنتمي مدرسة الدفاع الاجتماعي التى نادى بها الفقه الايطالي (جراماتيكا) إلى مدرسة علم الاجتماع القانوني(2).
(1) فليبوجراماتيكا، مبادئ الدفاع الاجتماعي، ترجمة د. محمد فاضل، مطبعة جامعة دمشق،
1968، ص 580
(2) يعتبر علم الاجتماع القانوني احد الفروع الحديثة لعلم الاجتماع العام. وقد واجه هذا الفرع
الحديث ومازال يواجه كثيرا من التحديات وصنوف الجدل المختلفة، وبصفة خاصة من جانب رجال الفقه القانوني،الذين يشككون في مدى صحة قيام هذا العلم.
وتتضح اوجه الاختلاف الاساسية بين القانون كعلم، وعلم الاجتماع القانوني في أن ما
يدرسه القانون باعتباره قاعدة مجردة، يدرسه، ويدرسه علم الاجتماع القانوني على
اساس انه ظاهرة اجتماعية لها وجودها في الكيان الاجتماعي فالقانون لاينشأ من فراغ،
التي ظهرت في اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على يد الفقيه
(بران) احد مؤسسي الاتحاد الدولي للقانون الجنائي.
وتنكر مدرسة الدفاع الاجتماعي المسؤولية الجنائية بانكارها لفكرة (الخطأ) أو الذنب فالمجرم ينساق إلى تصرفه المضاد للمجتمع بسبب مرضه الاجتماعي الناتج عن سوء التكيف والجريمة مظهر من مظاهر الاضطراب والخلل الاجتماعي
كما ترفض مدرسة الدفاع الاجتماعي فكرة العقوبة التي يرتبط مفهومها بالمسؤولية الاخلاقية القائمة على فكرة الخطأ والذنب، كما ترفض فكرة الخطورة الاجرامية وما تستوجبه من اتخاذ تدابير الامن.
والوقاية القائمة على تجريد الإنسان من ادميته ومعاملته على هذا النحو باستئصاله واقصائه أو عزله، لذا دعت مدرسة الدفاع الاجتماعي إلى الغاء قانون العقوبات وما يتضمنه من مصطلحات الجريمة والمجرم والعقاب ، لانها مصطلحات قد قضى عليها علم الاجرام واستبداله بقانون الدفاع الاجتماعي، كما طالب بترك التعابير التقليدية للمجرم والجريمة والعقوبة واستبدالها بعبارات المخطئ والسلوك غير الاجتماعي، والتدبير والتقويم، كما يرى أن طرق الدفاع الاجتماعي الوقائية والعلاجية غير الجزائية هي الكفيلة بتأهيل الفرد الذي هو اصل المجتمع وغايته واوجب دراسة شخصية الجاني من النواحي البايولوجية،
ولكنه ينشأ من خلال الواقع الاجتماعي، وعلى هذا فانه يعتبر انعكاسا لهذا الواقع
الاجتماعي
وعلى هذا فان فقه القانون يدرس القانون دراسة عضوية من الداخل عكس علم
الاجتماع القانوني الذي يدرس نشأة القاعدة القانونية في المجتمع. وبناء على ذلك يمكن
القول بان علم الاجتماع القانوني هو الذي يقدم التفسير العلمي للقانون فضلا عن انه
يساعد رجال التشريع في التوصل لاكثر الصيغ القانونية صلاحية للمجتمع.
– Timasheff, N. F.; An Introduction to the Sociology of Law, New York
, 1939, p. 10-13
وكذلك
– Hygo Sinzhwmer; The Task of the Sociology of Law, 1935, P.3
والاجتماعية والسايكلوجية ،اضافة الى دراسة الحالة المادية والتي لا يجوز محاسبته عليها وحدها ولايجوز معاقبته دون الجوانب المذكورة انفا.. وهكذا فان شخصية الجاني لدى (جراماتيكا) تتحدد بمدى تكيفه اجتماعيا أو مدى مناهضته اجتماعيا- على حد تعبيره ولذلك انكر على الدولة حق معاقبة الجاني، وانما اوجب عليها أن تقوم بدراسة اسباب جريمته وعوامل نشأتها من اجل علاجها وبالتالي فيكون هدف الجزاء عنده اعادة التأهيل الاجتماعي للجاني وتعديل طباعة حتى يعود سويا إلى احضان مجتمعه. (1)
مدرسة باريس للدفاع الاجتماعي:
لم تلق الافكار التي نادى بها “جراماتيكا” تأييدا لدى عدد من انصار هذه الحركة، خاصة في فرنسا حيث يسود الاتجاه الفكري الذي يمثله مارك انسل هناك، وذلك بسب بما اقترحته من تدابير اجتماعية تجاه كل صاحب فعل يتضمن انحرافا اجتماعيا وقبل وقوع هذا الفعل طالما كنا بصدد شخص مضاد للمجتمع حيث يعترف هذا الاتجاه بالقانون الجنائي، ولاينكر مبدأ المسؤولية، ويرفض مارك انسل فكرة العدالة المطلقة كهدف مجرد للقانون الجنائي، وهو ينكر الجريمة كفكرة قانونية بحتة، فالعدالة الاجتماعية تمارس في المقام الأول وظيفة اجتماعية هي تأهيل المجرم وحماية المجتمع(2) وتتلخص المبادئ الاساسية لهذا المذهب بما يلي:-(3)
(أولا) يتألف العلم الجنائي الجديد من فروع ثلاثة:
1- القانون الجنائي الذي يحدد الجرائم وعناصرها القانونية والاصول
القانونية المتبعة لمكافحة الجريمة ومعاقبة المجرمين
2- العلم الجنائي الذي يدرس الجريمة بحد ذاتها.
3- السياسة الجنائية التي تحدد وسائل حماية المجتمع من المجتمع بوضع القوانين اللازمة وباتباع الطرق العلاجية والوقائية المناسبة سواء كانت على صعيد الفرد أو المجتمع.
(1) فليبوجراماتيكا- مبادئ الدفاع الاجتماعي- ترجمة د. محمد فاضل. مصدر سابق، ص
581
(2) عبد الفتاح الصيفي. علم الاجرام والعقاب، مصدر سابق ص 102
(3) د. مصطفى العوجي- الجريمة والمجرم- مصدر سابق، ص 36
(ثانيا) : يتولى الدفاع الاجتماعي حماية الفرد باستخدام المبادئ المقررة في كل من الفروع المذكورة سابقا وتطبيقها بحق المجرم جاعلا من القانون الجنائي اداة فعالة وايجابية للحؤول دون ارتكاب المجرم جريمة أخرى أو معاودة المجرمين لافعالهم.
(ثالثا) : يتولى الدفاع الاجتماعي الحماية الاجتماعية سواء بعزل المجرم عن المجتمع وابعاده عنه مستخدما العقوبة المانعة للحرية والتدابير الاحترازية المنصوص عليها في قانون العقوبات أو باخضاعه للعلاج الطبي وللتربية المدنية والاخلاقية لهذه الغاية معتمدا على العلم الجنائي الذي يقدم له المعلومات اللازمة حول مواطن الضعف أو المرض لديه.
(رابعا) : يهدف الدفاع الاجتماعي إلى اعطاء قانون العقوبات الصيغة الإنسانية والاجتماعية حتى يتمكن من اعادة المحكوم عليه إلى المجتمع افضل مما كان عليه وذلك باعادة ثقته بنفسه وبالنظم الاجتماعية التي يعيش في ظلها.
(خامسا) : يرى الدفاع الاجتماعي أن اتصاف قانون العقوبات بالصفة الإنسانية والاجتماعية يتطلب معرفة صحيحة بالجريمة وشخص المجرم. مما تقدم يتضح لنا أن هذه المدرسة لاترفض القانون الجنائي ولاتنكر مبدأ الشرعية ولا تذهب إلى حد الغاء المسؤولية ولا الجزاء، كما لا توافق على ابتداع نظام للردع التقديري يعتبر فيه فاعل الفعل المناهض للمجتمع بطريقة غريبة مجرما من حيث الاثم الذي اتاه مريضا غير مسؤول من ناحية العقوبة، فالهدف هنا من الجزاء الجنائي هو الدفاع الاجتماعي وذلك بوسيلة التدابير الاجتماعية الوقائية والعلاجية والتربوية لشخص المجرم بما يحول دون وقوعه في الجريمة مرة اخرى.ولكن هذا الهدف وتلك الوسيلة لا يمكن ان يتحققا في اطار نظام القانون الجنائي الحالي، ومع الابقاء على مصطلحاته في الجريمة والعقوبة . (1)
(1) عبد الفتاح الصيفي – علم الاجرام والعقاب ، مصدر سابق ، ص 103 ، وممصطفى العوجي ، الجريمة والمجرم ، مصدر سابق ، ص 36 ،ومحمود نجيب حسن – علم العقاب ، مصدر سابق ص 90 .
-المبحث الثالث-
الدفاع الاجتماعي بين العقوبة والتدابير
أن الوظيفة الرئيسية للعدالة الجنائية والغاية منها هي تأهيل المجرم لإستعادة تكيفه وانسجامه مع المجتمع حماية لهذا الاخير بصرف النظر عن عدالتها. لكن النظام الجنائي ينبغي أن يدور حول محور واحد هو الجريمة وليس الفعل المناهض للمجتمع والمسؤولية الجنائية ينبغي أن يكون اساسها الخطأ القائم على حرية الارادة المقيدة بسائر العوامل والظروف الشخصية والموضوعية.
ولذلك ينبغي لكي يقوم تقدير المسؤولية على اسس واقعية استعانة القاضي قبل الحكم بملف خاص لكل مجرم تدون فيه نتائج فحص شخصية المجرم وظروفه، يقوم بأعداده جماعة الخبراء و الفنيين المتخصصين في دراسة السلوك الإنسانى كالاطباء وعلماء النفس والاجتماع والاجرام.(1) ومن هنا نجد نتائج موضوعية واجرائية تترتب على نظرية الدفاع الاجتماعي هي :
أولا: النتائج المتعلقة بالاحكام الموضوعية:
تتلخص في ازالة الفوارق بين نظامي التدابير الاحترازية والعقوبات ودمجها في نظام واحد يطلق عليه تعيبر تدابير الدفاع الا جتماعي الذي يتضمن فى فحواه مجموعة متعددة ومتنوعة من التدابير يكون القاضي مخيرا في تطبيق التدبير الذي يراه مناسبا مع كل حالة منهم.
ثانيا: النتائج المتعلقة بالاجراءات:
تتبلور هذه الاجراءات في فحص شخصية المتهم قبل تقديمه للمحكمة باتخاذ
الاجراءات اللازمة للكشف عن أحوال المتهم وظروفه ورسم معالم شخصيته لغرض اعداد (ملف الشخصية) الذي يجب ان يكون موضوعا تحت يد القاضي مشتملا على البيانات التي تسهل على القاضي مهمة اختيار التدبير الملائم .
(1) محمود نجيب حسني ، علم العقاب ، مصدر سابق ، ص 87
الدفاع الاجتماعي بين العقوبة والتدبير:
مما تقدم يبرز لنا مفهوم على قسط معين من الاهمية وهو الطابع الجديد للترتيب الذي يرى الدفاع الاجتماعي الاعتماد عليه، وهو ترتيب لا يعتمد على تصنيف للجناة، وبذلك يتداخل ترتيب الجناة وتصنيف العلاج، وبطريق القياس يقود هذا الاعتبار الى اجراء مراجعة اساسية للتصورات التقليدية لوظيفة العقاب ، وفي هذا الصدد اضطرت حركة الدفاع الاجتماعي إلى اتخاذ موقف صريح من المعركة القانونية المتعلقة بالفروق بين العقوبات والتدابير الوقائية التي احتدم فيها النقاش اثناء المؤتمر ات الدو لية للقانون الجنائي .
وفعلا فان انصار الوجود الثنائى للعقوبة والتدبير الوقائي ينطلقون من تصورات قانونية بحتة ليؤكدوا ان العقاب والتدبير الوقائي يمثلان تصورين قانونيين متباينين. فالعقاب في نظرهم زجر للخطأ وهو يحتفظ بطابعه الزجري بينما التدبير الوقائى يمثل ضمانا ضد الحالة الخطرة وطابعه نفعي.. كما انهم يعتبرون أيضا ان العقاب يصلح للوضع القانوني ، بينما النظام الاجتماعي يحمي التدبير الوقائي. وازاء هده النظرة قامت حركه الدفاع الاجتماعي بتسجيل موقفها المخالف ازاء المسألة بالنسبة اليها تقوم على اساس مغايرة ذلك والمقياس الذي تعتمده انما هو العلاج. وهذا المقياس يسمح بادماج العقاب والتدبير الوقائي في نظام عمل موحد لمقاومة الجريمة.وفعلا فان الدفاع الاجتماعي الذي يمثل حركة ترمي الى اقامة سياسة جنائية ، لا يرى اي جدوى على الصعيد التطبيقي من اجراء نظرية بين العقوبة والتدابير الوقائية اذ ان القاضي في سعيه لضمان الوقاية من الجريمة عن طريق علاج الجناة يجب أن يجد في متناوله سلسلة من الوسائل الملائمة لمختلف اصناف الجناة…. اذن الامر يتعلق بمنح القاضى كل الوسائل الممكنة التي هو في حاجة اليها لمقاومة الجريمة، وفي هذا الاطار يحتاج القاضي إلى العقوبة مثلما يحتاج إلى التدبير الوقائي على حد سواء ، والدفاع الاجتماعي لايستغني عن العلاج الزجري، بل يراه ضروريا ولازما في كثير من الحالات، وهو يقبل في اطار العلاج وفي نطاق نظرته هذه أن تقترن العقوبة بالوسيلة التربوية مثلما هو الحال في تشريع الطفولة الجانحة.(1)
(1) د. احمد محمد خليفة- مقدمة في دراسة السلوك الاجتماعي- دار المعارف، مصر،
1962 . 2 167
وحركة الدفاع الاجتماعي لا ترى إذا اية معارضة بين العقوبة والتدبير الوقائي وهي لاتحاول الجمع بينهما في تعريف مطلق ومتحد ولكنها تقرن بينهما في نطاق العمل العلاجي المتنوع خاصة وانه على الصعيد السجني لاوجود لفوارق بين العقوبة والتدبير الوقائي. يضاف إلى ذلك أن العقوبة التي اضحت ذات طابع علاجي اخذت تتدرج نحو الوسيلة التربوية الاجتماعية، وهي لا تتميز عن التدبير الوقائي إلا بما تمثله من علاج. وفي هذا النطاق لايهم تعريفها النظري بقدرما يهم مضمونها التطبيقي.
ومما تجدر الاشارة اليه أن هذا التصور لوظيفة التدبير الوقائي يقود حتما إلى امكانية قبول اتخاذ التدابير الوقائية قبل وقوع الجريمة كحالات التشرد والبغاء، غير أن حركة الدفاع الاجتماعي تسارع بالتأكيد بان اتخاذ التدابير الوقائية في مثل هذه الحالات ينبغي في نظرها اتقاء للانتقادات التي تعرضت اليها بعض التشريعات، أن يخضع لحالة من الشرعية تتمثل من جهة في ايجاد صيغة شرعية مسبقة لضبط الحالة الخطرة المستوجبة للتدبير الوقائي، ومن جهة أخرى في ايجاد نظام قضائي واجرائي يضبط بكل دقة العمل الوقائي السابق.
وعلى كل حال مما لاشك فيه أن حركة الدفاع الاجتماعي، حركة انسانية ترمي إلى ملائمة القانون الجنائي مع وسائل العلم الحديثة، وتطوره وتوجيهه نحو تنشئة المجرم وتأهيله اجتماعيا ، وهذا ما جعل حركة الدفاع الاجتماعي وخاصة الحديثة تلقى حضوه وقبولا لدى الكثير من رجال الفقه ويؤثر في بعض التشريعات ويستأثر باهتمام العديد من المنظمات المحلية والاقليمية والدولية والمؤتمرات والندوات المخصصة لبحث المشاكل المتعلق بالجريمة ، وبالرغم من انقضاء ما يقرب عن قرن من الزمان منذ ظهور حركة الدفاع الاجتماعي نجد أن المدارس التي اوجزنا الحديث بشأن بعض جوانبها بالفقرات السابقة انما يقتصر التناقض فيها بينها على ميدان التحليل النظري أما على التطبيق العملي فاننا نلاحظ أن تلك التناقضات كثيرا ما تخف حدتها فتتآخى إذ من النادر أن نجد في الوقت الحاضر تشريعا جنائيا يعتقد باعتماد مبادئ مدرسة جنائية دون اقتباس من غيرها.
السياسة العقابية في حركة الدفاع الاجتماعي ودور المؤسسات
العقابية الحديثة
أو لا: سياسة العقاب
ثانيا: المؤسسات العقابية الحديثة ودورها في عملية الدفاع الاجتماعي
أولاً: سياسة العقاب
مثلما سبق وان ذكرنا أن الدفاع الاجتماعي عبارة عن سياسة جنائية حديثة والسياسة الجنائية تعني الميزان، احدى الكفتين سياسة التجريم والكفة الأخرى سياسة العقاب. وسياسة التجريم هي التي تحدد الاوامر والنواهي لتضمن حماية القانون على بعض المصالح الاجتماعية المرتبطة بتطور المجتمع ونظامه وامنه لذا فتكون لهذه السياسة اثار عميقة على المجتمع ومستقبله وعليه فمن لوازم هذه السياسة أن لا تكون جامدة كاي عمل حسابي أو قياسي، وانما متطورة تتأثر بحركة المجتمع وتؤثر فيه في نفس الوقت، ولهذا نرى أن ما يستجد من افعال لها اثار سلبية أو خطورة اجتماعية تفرض نفسها على سياسة التجريم حيث تتابع وتضفي على هذه المصالح الحماية الكافية (كالاستغلال، والتلاعب بغذاء الناس مثلا) هذه الامثلة التي احدثت رد فعل على هذه السياسة، فادخلت لحمايتها مسائل البيع والشراء واحتكار السلع والتلاعب بالاسعار وهو ما يسمى بالجرائم الاقتصادية كل ذلك من ناحية ومن ناحية أخرى يجب أن تكون سياسة الاجرام متوازنة مع سياسة العقاب كي تؤدي السياسة الجنائية ثمارها الايجابية في كبح جماح الجريمة وبالتالي الو صول إلى أمن المجتمع وراحته واستقراره وبالتالي تطوره.(1)
(1) د. رؤوف عبيد، مبادئ علم الاجرام ، ط1، القاهرة،1974، ص 19
اما سياسة العقاب وهي التي تحدد ماهية العقوبات التي تفرض على كل الذين يخالفون الاوامر والنواهي التي حددها المشرع، وفي سياسة التجريم فان هذه السياسة والتى هي سياسة العقاب اخذت طابعا جديدا فى القوانين الجنائية الحديثة والتأهيل اضافة إلى الردع والتأديب ليس فقط لحماية المجتمع، وانما كذلك لحماية المنحرفين انفسهم ومعالجتهم لدمجهم ثانية في المجتمع واعادتهم إلى الحياة الطبيعية.. لذلك اتسمت سياسة العقاب اخيرا بالواقعية والعلمية.. فالواقعبية هذه السياسة اخذت بعين الاعتبار حاجات المجتمع ومصالحه لتحميها بشكل مناسب مع درجه اهميتها، والعلمية حيث تاخذ بعين الاعتبار درجة تطور المجتمع ووضعه الثقافي، وتكون في الحركة الواسعة بحيث تشمل سلما من العقوبات والتدابير معتمدة جسامة الفعل ودرجة خطورته وهذا ما يسمى بالتقريرالعقابي قد يكون تقرير قانونيا وقد يكون تقريرا قضائيا.(1)
ثانيا: المؤسسات العقابية_ الحديثة ودورها فى الدفاع الاجتماعي
ان تطور دور العقوبة كما اسلفنا سابقا في سياسة العقاب، ادى بلا شك الى تطور المؤسسات العقابية وتطور دورها ايضا ، حيث تحسنت بناياتها وتوفرت فيها كل الشروط الصحية من سعة في الحجم بحداثة في التصاميم وشمول في المرافق وهكذا نجد ان دور هذه المؤسسات قد تطور حيت أصبح لهذه المؤسسات دورا علاجيا، تطبق فيها البرامج التأهيلية والتدريسية العلمية والثقافية، اضافة إلى برامج العمل والانتاج ، كل ذلك هو لدمج المحكوم عليهم في المجتمع وتعويدهم على تطبيق نظح الحياة الاجتماعية الاعتيادية وذلك نتيجة الشعور بالمسؤولية تجاه مجتمعهم وتجاه انفسهم من ناحية أخرى.. اضافة إلى غرس الشعور بالامان والطمأنينة والشعور بالانتماء إلى المجتمع، وبالتالي تقليل الاثار السلبية السيئة الناتجة عن الحكم عليهم بالعقوبات أو التدابير السالبة للحرية، مع العلم أن هناك انواع من المؤسسات العقابية في العالم منها المؤسسات العقابية المغلقة وهي الاكثر شيوعا في العالم.. وتعتبر سمة عالم السجون القديمة والتي اشتهرت بها الولايات المتحدة الامريكية واليابان.. وفي ظل هذا النظام ينقطع المحكوم عليه خلال مدة تنفيذ العقوبة مهما طالت هذه المدة عن اهله ومجتمعه واصدقاءه وذويه، عدا بعض الزيارات التي يقوم بها هؤلاء للسجناء ولساعات محددة شهريا أو اسبوعيا.(2)
(1) د. فوزية عبد الستار- مبادئ علم الاجرام وعلم العقاب، دار النهضة العربية، بيروت،1975 ، ص 227
(2) د. سالم الكسواني – دور المؤسسات الاصطلاحية في الدفاع عن الجريمة، المجلة العربية
للدفاع الاجتماعي، العدد 1، 1981، ص 146
على عكس المؤسسات العقابية المفتوحة التي تعتمد على طرق التأهيل وعن طريق الاقناع كامثل طريقة للاصلاح، وعليه فيكون نظام المؤسست العقابية المفتوحة مبني على خلق روح المسؤولية لدى المودع أو النزيل، اضافة إلى تطبيق برامج الاصلاح والتأهيل الذي يجعل المحكوم عليه في ظروف تقارب حياته الحرة بما فيها من ايجابيات على معنوياته وعلاقاته الطبيعية.. وقد طبق هذا النظام في الولايات المتحدة، كذلك انتشر في السويد وانكلترا في اواخر القرن التاسع عشر ولكن هذا النظام طبق على بعض المحكومين وهم المجرمين لاول مرة والذين تتجه مبادئ الدفاع الاجتماع لحمايتهم اكثر من غيرهم بتجنيبهم من خطر العودة للاجرام.
أما النوع الثالث من المؤسسات العقابية‘ يعتمد نظام شبه المفتوح، وهذه المؤسسات تضم في الغالب المحكوم عليهم الذين يصنفون من فئة الحالات المتوسطة، وهذا النظام يسمح بمراعاة متطلبات الامن ليلا من ناحية ويعطي لذلك النزيل الحق بممارسة الانشطة المختلفة، مع استخدام انظمة متدرجة تختلف وفقا لحالات المحكومين،وبذلك اصبحت المؤسسات العقابية وفق هذا المنظور مؤسسات لاجل التاهيل والتدريب والاصلاح ،وهذه هي المبادئ التي جاءت بها حركة الدفاع الاجتماعي .
واخيرا نقول ان الحقيقة التي يجب الاتفاق عليها هو ان يكون هناك حس تخطيطي للسياسة الجنائية في كل مجتمع وان يسري هذا الحس على كل الخطط والبرامج الصحية والاسكانية.. الخ وضرورة أن تضاعف الدول جهودها في سبيل تحسين الاحوال العامة للشعب وذلك برفع مستواه وازالة البؤس وتحسين الاحوال الاقتصادية والمعيشية للافراد ومكافحة البطالة والاجر الضئيل وتشجيع اعمال البر والجمعيات الخيرية وامدادها بالمعونة ان امكن ذلك، ثم التنسيق بين مختلف المؤسسات الخاصة بحيث تأتي نشاطاتها متكاملة فلا تنصب في ميدان واحد قد
لا يكون مفيدا بمفرده من التصدي للجريمة والوقاية منها وبالتالي توزيع هذه النشاطات على مرافق متنوعة من الحياة الاجتماعية اهتماما متوازنا مما يردم الثغرات الحالية في العمل الاجتماعي.
المصادر
1- د. احمد كمال احمد- مقدمة في الرعاية الاجتماعية، النهضة المصرية، ط2، 1976
2- د. احمد فتحي بهنسي- موقف الشريعة الإسلامية من نظرية الدفاع الاجتماعي، دار الشروق ، بيروت، د ت
3- د. انور علي ود. امال عبد الرحيم عثمان، علم الاجرام والعقاب، دار النهضة العربية، القاهرة، 1970.
4- د. احمد محمد خليفة، مقدمة في دراسة السلوك الاجتماعي، دار المعارف، مصر، 1962 .
5- د. زكريا ابراهيم- الجريمة والمجتمع، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة،1980 .
6- د. سامية حسن الساعاتي ، الجريمة والمجتمع، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، ط1، 1980.
7- د. سمير نعيم احمد. الدراسة العلمية للسلوك الاجرامي، مطبعة دار التأليف، مصر، 1969.
8- د. محمد شلال حبيب- التدابير الاحترازية، الدار العربية للطباعة، ط1 ، بغداد، 1979 .
9- د. مصطفى العوجي- الجريمة والمجرم، مؤسسة نوفل، بيروت، 1980 -دروس في العلم الجنائي والمجرم، مؤسسة نوفل، بيروت ، 1981 .
10- محمود نجيب حسني- علم العقاب، مطبعة لجنة التأليف والنشر، القاهرة،1974 .
11- مقررات الامم المتحدة- المؤتمر السابع لمنع الجريمة- منشورات الامم المتحدة، 1983 .
12- د. عبود سراج- علم الاجرام وعلم العقاب، الكويت، ط2، 1983 .
13- د.عبد الفتاح الصيفي – القاعدة الجنائية ، الشركة الشرقية للنشر والتوزيع ، بيروت ، 1968 .
14- علم الاجرام والعقاب – دار المطبوعات الجامعية ، بيروت ، دت .
15- مارك انسل – نظرية الدفاع الاجتماعي الجديد ، ترجمة وتعقيب د محمد زكي ، ابو عامر ، المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ، 1970 .
16- رميس بهنام – علم الاجتماعي وعوامل الجريمة ، منشاة المعارف المصرية . الاسكندرية ،ط3 ، 1970
17- فليبوجراماتيكا – مبادئ الدفاع الاجتماعي ، ترجمة د.محمد فاضل ، مطبعة دمشق ، 1968 .
18- الاستاذ يس – السياسة الجنائية المعاصرة ، دراسة تحليلية لنظرية الدفاع الاجتماعي ، دار الفكر العربي ، القاهرة ،ط 1 ، 1973 .
19- د.سالم الكسواني – دور المؤسسات الاصلاحية في الدفاع عن الجريمة – بحث المجلة العربية للدفاع الاجتماعي ، العدد 11 , 1981 .
20- د.فوزية عبد الستار – مبادئ علم الاجرام وعلم العقاب ، دار النهضة العربية ، بيروت، 1975 .
21- د.رؤوف عبيد ، مبادئ عم الاجرام ، ط 3 ،دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1974 .
22- G.R. Jeffery;The Historical Develpment of Criminology,In H.Mannheim (Ed) Pioneers incriminology , London , 1960 , p .