اللجنة القانونية

مشروع تعديل قانون العفو العام، بين الصياغة والتطبيق

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 كثر الحديث في الآونة الأخيرة وبالذات خلال هذه الأيام على ضرورة إصدار قانون العفو العام الذي عرض مرات على مجلس النواب، ولكن دون نتيجة. إلا أنه في هذه المرة وبعد قراءته الأولى والانتقال إلى مرحلة القراءة الثانية وهذا يعني المضي قدما لصدوره.

هذا المشروع له مبررات كثيرة منها على سبيل المثال مناشدات من مراجع دينية ومنظمات مجتمعية ومهنية بضرورة أنجاز هذا القانون. إضافة إلى وجود متاعب حكومية وإدارية ومالية مكلفة تتحملها المؤسسات الحكومية. وضرورة التخفيف من زحمة السجون ومراكز التوقيف وتحقيق التهدئة الاجتماعية وتقليل النفقات الحكومية. في عام 2020 نوقش قانون العفو العام من قبل اللجنة القانونية في المجلس لعدة مرات دون الاتفاق على تشريعه. مع أن هناك تحرك أيضا بشأن الإفراج عن السجناء بالعفو الخاص الذي يصدر من رئيس الجمهورية والذي لا يتطلب أذن أو موافقة مجلس النواب.

وفي كل الأحوال والظروف والآن الكرة تحت سقف مجلس النواب جاهز لتشريع القانون وتمريره بعد تنقيته من الشوائب خلال القراءة الأولى ثم إصداره بعد القراءة الثانية وفق المادة (61 / أولا) من الدستور في أقرب فرصة. وبإمكان الحكومة أيضا اللجوء إلى العفو الخاص عملا بنص المادة (73 / أولا) برفع توصية لرئيس الجمهورية لإصدار العفو الخاص عن عدد من المحكومين لأسباب ودوافع تتضمنها التوصية. مع أن هذا العفو ليس له تأثير على زحمة السجون وتقليل النفقات. الأ أنه قد يعد استجابة لظروف إنسانية ومجتمعية فرضت نفسها على المحكوم.

ويأمل الجميع وبالذات عوائل السجناء والموقوفين والمحجوزين صدور قانون العفو العام الذي طال انتظاره سواء لدوافع أمنية أو تنظيمية أو أجراء تعديلات يمكن الانتهاء منها خلال فترة زمنية قصيرة جدا. وأن لا يرتبط قانون العفو العام بمشروعات قوانين لا علاقة لها به لشموله جميع الفئات دون استثناء. وقد يكون تداول موضوع الربط بين قانون (الأحوال الشخصية وقانون العفو العام) غير دقيق لاختلاف مقاصد وأهداف القانونين. صحيح أن القوانين قد تتناغم في بعض الحالات للمضي إلى تحقيق التكامل وليس التقاطع والاختلاف والتأخير المقصود. وعلى أي حال فأن وسائل الإعلام لها الحرية في تداول وتغطية اللقاءات ونشر ما يصل إليها شرط توفر المصداقية وحسن النية (أنها السلطة الرابعة).

خلاصة مسودة المشروع:

يلاحظ أن المسودة أتسمت بحسن الصياغة والتدرج في المواد وتضمنت مقاصد المشرع وغاياته في تحقيق الأهداف الإنسانية وأنصاف من وقع عليه الظلم.

 ـ تضمنت المسودة (إعفاء عام من جميع الجرائم الجنائي والجنح والمخالفات التي وقعت قبل (10/2/2024) وتزول كل الآثار المترتبة عليها وسقوط العقوبات الجزائية أصلية كانت أو تبعية والإعفاء من الرسوم والغرامات المفروضة).

عدم شمول الإعفاء الفاعل الأصلي أو الشريك والمتدخل أو المحرض أو الشروع التام.

 ـ الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي والداخلي.

 ـ جرائم جمعيات الأشرار والجمعيات غير المشروعة.

 ـ الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة.

 ـ الجرائم الواقعة على السلطة العامة.

 ـ  جرائم حرق وأتلاف سجلات السلطة العامة.

 ـ جرائم الاعتداء على طرق النقل والمواصلات.

 ـ جرائم القتل.

 ـ جرائم السرقة الجنائية والسلب.

 ـ جرائم تزوير البنكنوت والجرائم المتصلة بالمسكوكات.

 ـ جرائم التزوير الجنائي.

 ـ جرائم الاعتداء على العرض وتشمل الاغتصاب وهتكك العرض والخطف الجنائي.

 ـ عدد من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكري.

 ـ جرائم التجسس المنصوص عليها في قانون حماية أسرار ووثائق الدولة.

 ـ جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية.

 ـ الجرائم المرتكبة خلافا لأحكام قانون الوزراء محاكمة.

 ـ الجرائم الاقتصادية أو أي جرم يسند بدلالته.

  ـ الجرائم المرتكبة خلافا لقانون النزاهة ومكافحة الفساد.

 ـ جرائم التعامل بالرق والاتجار بالبشر باستثناء جرائم الاستغلال المتعلقة بنوع الأعضاء أذا كان لمنعة أحد أصول أو فروع المشتكي عليه.

 ـ جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب ـ الجرائم المرتكبة خلافا لأحكام قانون الإرهاب والشروع فيه.

 ـ الجرائم المنصوص عليها في قانون الأسلحة النارية والذخائر.

 ـ الجرائم المنصوص عليها في قانون المفرقعات.

 ـ الغرامات المترتبة على مخالفة قانون الدخل وقانون الضريبة العامة على المبيعات وقانون الجمارك.      ـ الجرائم المرتكبة خلافا لقانون الإقامة وشؤون الأجانب.

 ـ يشمل الإعفاء المنصوص عليه في الفقرة أ من المادة 2 الفاعل الأصلي، أو الشريك، أو المتدخل، أو المحرض كما يشمل الإعفاء الشروع في أي منها أذا اقترنت يأسقاط الحق الشخصي أو دفع أصل المبلغ المطالب به أو المبلغ المحكوم به ولو أكتسب الحكم الدرجة القطعية.

 ـ جرائم القتل والشروع فيه.

 ـ جرائم التسبب بالوفاة خلافا لأحكام المادة 343 عقوبات والمادة 27 من قانون السير.

 ـ جرائم الضرب المفضي إلى الموت.

 ـ جرائم الإيذاء.

 ـ جرائم المشاجرة.

 ـ جرائم الاحتيال والشيك وإساءة الائتمان.

 ـ جرائم الإفلاس الاحتيالي وجرائم الغش في نوع البضاعة.

 ـ جرائم الافتراء وشهادة الزور واليمين الكاذبة.

 ـ الجرائم المرتكبة خلافا لأحكام قانون سلطة المياه وقانون الكهرباء.

 ـ جرائم الحرق.

 ـ جرائم السرقة الجنائية والسلب.

 يلاحظ أننا تجاوزنا ذكر تاريخ وأرقام وأسماء القوانين التي تضمنت الجرائم. فهي معروفة بالنسبة للمشمولين بالعفو أو غير المشمولين به والضالعين في مضامين القانون الجنائي. وفي أدناه أهم الملاحظات على مسودة مشروع القانون: ـ

أولا ـ نؤيد التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27 / لسنة /1016) المقصود بجريمة الانتماء إلى التنظيمات الإرهابية وأضفتها إلى المشروع لعدم الإشارة إليها في قوانين مكافحة الإرهاب وتعديلاتها.

ثانيا ـ لا نجد مبرر لتضمين المسودة مصطلح المتدخل الذي ورد في المسودة وعدم شموله بالعفو أسوة بالفاعل أو الشريك أو المحرض فقد يكون التدخل ايجابيا لصالح المجني عليه والمشتكي.

ثالثا ـ لا نؤيد أطلاق سراح الموقوفين في دوري التحقيق الابتدائي والقضائي في جرائم الجنايات، بل نوصي بحسم الدعوى لحين اكتساب الحكم الدرجة القطعية لمعرفة شمولها أو عدم شمولها بهذا القانون.

رابعا ـ نرى أن يشرع القانون بعيدا عن السياسة دون الأخذ بنظر الاعتبار حجم الكتل والأحزاب التي في المجلس لأن قانون العفو لصالح السجناء دون تمييز.

خامسا ـ لا نؤيد الاجتهاد في تفسير الأحكام القضائية المكتسبة الدرجة القطعية استئنافا وتمييزا وتصحيحا بحجة الأخبار الكاذب أو(المخبر السري) أو الاعتراف تحت التعذيب إلى غير ذلك. وبالإمكان اللجوء إلى العفو الخاص. ولا يجوز النيل والأساة من سمعة القضاء واستقلاله والتدخل في شؤونه.

سادسا ـ أن يوثق الصلح ويصادق على التنازل عن الدعوى المشمولة بالعفو من قبل الكاتب العدل وكذلك محاضر الصلح العشائري ثم يعرض على لجنة العفو للإفراج عن المحكوم .

سابعا ـ ليس من حق لجنة تطبيق قانون العفو تصحيح أخطاء القضاء أن وجدت في عدد من الأحكام سواء من الناحيتين الشكلية والموضوعية وإنما يترك ذلك إلى أجراءات العفو الخاص في حالة صدوره.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى