العقوبات الدولية
العقوبات الدولية
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يلاحظ القارئ ان تطبيق العقوبات الدولية الواردة في القانون الدولي طالما استغلت واستخدمت بشكل سيء وكعصى غليظة للسيطرة والاستحواذ على الدول التي ترفض الاذعان وتتمسك بحقوقها المشروعة . والعقوبات الدولية وردت تحديدا في ميثاق المنظمة في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهي ملزمة ويتم تنفيذها بالقوة اذا تطلب الأمر ذلك ومن بين هذه العقوبات .
(1 ) انتزاع سيادة الدولة.
(2 ) فرض عقوبات اقتصادية جسيمة تبدأ بالحصار والمصادرة وفرض تعويضات.
(3 ) استخدام القوة العسكرية الجوية والبرية والبحرية.. (المادة 42 من الميثاق.
(4) فرض عقوبات تبعية وتعسفية بحرمان الدولة من استخدام حقوقها المشروعة.
لقد نفذت جميع هذه العقوبات على العراق بدأ من عام 1990 ـ 1994 حيث بلغت القرارات التي صدرت عن مجلس الامن ( 29 ) قرارا . بدأ بالقرار رقم 660 الذي أدان العراق بسبب انتهاكه للسلم والأمن الدوليين لاحتلاله الكويت وطالبه بالانسحاب الا ان العراق رفض ذلك ثم صدر القرار 661 الذي تضمن فرض عقوبات اقتصادية شاملة والزم بها حتى غير الاعضاء التقيد بها . أما القرار 692 فقد تضمن انشاء صندوق للتعويضات . اعقبه صدور قرار يحمل رقم 705 الذي تضمن استقطاع 3./. من صادرات العراق النفطية لغرض التعويضات. ثم صدر القرار 706 حيث سمح للعراق تصدير كميات محدودة من نفطه وبشروط لسد الاحتياجات الانسانية. وتجاوز المجلس في صلاحياته وقرر لأول مرة ترسيم الحدود بين العراق والكويت بموجب القرار 773 وصادق على نتائج اللجنة الدولية لترسيم الحدود بقراره 833 الذي الحق اضرارا جسيمة بالعراق الذي استمر يعاني منها لحد الان . ولازالت الكويت تستوفي التعويضات وكل هذه القرارات وغيرها صدرت بأوامر أمريكية منفردة بعد ان وظفت طابورا اعلاميا دوليا واقليميا مرتزقا وظالما وكاذبا يرافق صدور هذه العقوبات و يروج لشرعتنها .
لقد اعتادت امريكا على فرض العقوبات بإرادتها المنفردة على دولا واشخاص ومنذ وقت ليس ببعيد ومنها على سبيل المثال كوبا وسوريا واليمن وكندا واستراليا وروسيا والصين واليابان وايران والقائمة تطول . وهذا يعني ان الدول التي تطالها هذه العقوبات تصبح بحكم الأمر الواقع دولا ناقصة السيادة ولا تملك الإرادة الوطنية . وان استمرار التجاوز الأمريكي المتصاعد على هيئة الأمم المتحدة ومجلس الامن وبقية المنظمات الدولية نال من هيبتها وافقد الاتفاقيات والمعاهدات ثقلها القانوني واضعف درجة الالتزام بها حتى أصبحت حبرا على ورق فاصبح الانسحاب منها مزاجي وكيفي من قبل امريكا متى شاءت وارادت . وبالنسبة الى العراق لاتزال أمريكا تعتبره محتلا وناقصا للسيادة خلافا لقرار مجلس الأمن رقم 1546 لسنة 2004 والاتفاقية الامنية الموقعة سنة 2011 وان تواجد القواعد العسكرية المنتشرة في عموم العراق والاستمرار في زيادة قواتها وتحويلها من قوات تدريب الى قوات مقاتلة عدة وتسليحا خير برهان على ان العراق لازال محتلا وبالتقاسم مع ايران التي تعاونت وشاركت معه في غزو العراق واحتلاله وان من يراهن على نشوب حربا بينهما فهو واهم كل الوهم وكمن يرسم في الماء .
وان التصعيد الاعلامي بالتهديد والوعيد واستعراض القوة متفق عليه سلفا واحتمال اندلاع الحرب نتيجة فعل غير مقصود من احد الاطراف دون ارادتهما .كما ان الخلاف حول مرور الناقلات عبر مضيق هرمز هو من المسائل البحرية المبرمة سنة 1944 والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 1982 مقبولة من قبل الجميع باعتبارها تدوينا لقانون البحار الدولي العرفي . ان بقاء شريعة الغاب التي تسود المجتمع الدولي وسيطرة امريكا وسيادة قانون القوة بدلا من سيادة قوة القانون وبقاء حق الفيتو الذي ينتقص من سيادة الدول واستقلالها الوطني ويلغي مبدأ المساوات الذي اعتمدته المنظمة الدولية والذي ورد في المادة 2 من الميثاق وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1970 الذي أكد على مبدأ السيادة الوطنية للدول وتوطيد علاقات التعاون بينها . وان استمرار منطق فرض العقوبات الدولية الأحادية على الدول من قبل امريكا أمر مرفوض لا سند له في القانون الدولي ويجب ان يقاوم بشتى الوسائل المتاحة من قبل المجتمع الدولي ومنظماته الدولية والاقليمية لأن أحادية القرارات قد تؤدي بالنتيجة الى زعزعة السلم والأمن الدوليين وقد تصل بالمجتمع الدولي الى التفكك والتمزق واستمرار الحروب والذهاب به الى الهاوية شاء ام أبى .