ذكريات عن المنتدى في كتاب (من برج التكرير …ثانيةً)
ذكريات عن المنتدى في كتاب (من برج التكرير …ثانيةً)
صدر حديثاً كتاب بعنوان ( من برج التكرير …ثانيةً ) وبعنوان ثانوي “ذكريات، كتابات ومواقف” من تأليف المهندس سعدالله الفتحي عضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات. ويستند الكتاب الى الكثير مما سبق للمؤلف نشره في الصحف والمجلات والمواقع والمؤتمرات.
وفي الكتاب فصلاً عن المنتدى العراقي للنخب والكفاءات ندرجه ادناه.
(21)
المنتدى العراقي للنخب و الكفاءات
في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر 2014 تم تأسيس المنتدى العراقي للنخب والكفاءات بعد مشاورات استمرت سنتين لكي يضم الكفاءات العراقية المهنية و الاكاديمية في اطار تنظيمي ينتفع به الوطن و يستفيد من نخبه التي جرى أبعادها بالتهميش او النفي او التهجير و حتى القتل ناهيك عن انها لم تمنح الفرصة لخدمته , او علاج ازماته. وبما ان العمل في المنتدى تطوعيا فان بنائه قائم على اساس مهني عراقي وطني شامل و جامع بلا تفرقة أو محاصصة أو تمييز قائم على أي اساس .
هذا ما اقتبسته من موقع المنتدى على شبكة الانترنيت وهذا ما وجدته فعلا في الاجتماعات التي حضرتها او قدمت فيها عرضا يتعلق باختصاصي. وان كان اغلب الحضور في المناسبات التي شاركت فيها ممن هم خارج العراق، الا ان مشاركين من داخل العراق كانوا يتواجدون ايضا بأعداد ملحوظة. والحقيقة ان حضور تلك الاجتماعات تبعث البهجة في النفوس بسبب وجود تلك الكفاءات بامتياز التي اكتسبت معرفتها وخبرتها النظرية والعملية بفضل وطنهم العراق. ولكن في نفس الوقت شعرت دائما بالحزن ايضا اذ كيف يمكن لأي بلد التضحية بهكذا امكانيات اعدت اكاديميا واكتسبت خبرتها عبر سنين طويلة وخاصة ان تهميشهم واستبعادهم كان لأسباب اقل ما يقال فيها انها غير موضوعية وان بعضهم قد فقدوا حتى حقوقهم التقاعدية كلا او جزأ.
حضرت ندوة مخصصة للصناعة النفطية قدمت فيها مجموعة من الاوراق المتخصصة فكتبت عنها مجموعة من الاعمدة في كلف نيوز ومقالة مطولة بالعربية نشرت على موقع الجزيرة.نت اثبتها ادناه مع بعض التعديلات:
ما الذي يحدث في صناعة النفط العراقية؟
“عقد المنتدى العراقي للنخب والكفاءات حلقتين دراسيتين بشأن الصناعة والنفط والكهرباء في العراق عقدتا في اسطانبول , الاولى في 21 –22 مايو/أيار 2015،والثانية في 22 – 23 كانون الثاني/يناير 2016 , وشمل الجزء المتعلق بالنفط ثلاث أوراق قدمت في كلا الندوتين من قبل فالح الخياط وشريف محسن وسعد الله الفتحي، وورقة حول تسويق النفط قدمت من قبل محمد مصطفى الجبوري وهم مديرون عامون سابقون في وزارة النفط العراقية.—واشرف على المساهمة النفطية عصام الجلبي وزير النفط العراقي السابق .
وقد ركز الخياط على التطورات الحاصلة في قطاع النفط في جنوب العراق منذ ابرام عقود جولات التراخيص في العام 2009، وكيف عرضت الحقول النفطية في مزاد مفتوح تنافست فيه شركات النفط العالمية.
ففي جولتي التراخيص الأولى والثانية والتي عقدت في منتصف عام 2009 تم منح الشركات عقودا لتطوير 93 مليار برميل من الاحتياطي العراقي في 11 حقلا، بينها أربعة حقول مطورة ومنتجة و تقع ضمن إدارة شركة نفط الجنوب – طبيعة العقود هي عقود خدمة مدتها 20 عاما – مددت بعضها لاحقا الى 25 و 30 عاما — ، فتحولت شركة نفط الجنوب، وكانت من كبريات شركات النفط الوطنية في العالم، إلى متفرج أو منسق ومشارك ضعيف في لجان الإدارة المشتركة للحقول المحالة، واستمرت في إدارة حقول صغيرة هامشية تستثمروتطور وتشغل بالجهد الوطني.
وقد حدد الإنتاج التجاري الإضافي اللازم لإطلاق استعادة الكُلف واستحصال الارباح بمقدار متواضع لا يتجاوز 157 ألف برميل باليوم بالنسبة لعقود الجولة الأولى، أو بزيادة الإنتاج الأصلي , بحوالي 10% — من 1.593 مليون برميل يوميا إلى 1.750 مليون برميل يوميا. وقد تمكنت الشركات من تحقيق الهدف خلال السنة الأولى من تاريخ النفاذ الرسمي للعقود في بداية عام 2010 وبدأت باستعادة استثماراتها وارباحها فصليا مما يعني أن التطوير اللاحق أصبح في الواقع ممولا من العراق وليس من الشركات.
ومن الناحية القانونية، يرى البعض عدم شرعية العقود بسبب تجاوزها لمصادقة البرلمان والاكتفاء بمصادقة مجلس الوزراء عليها . ويضيف هؤلاء أن وزارة النفط لم تحاول حتى الحصول على غطاء من البرلمان يخولها حق التفاوض والإحالة ضمن شروط محددة. ولكن هذه المسألة لم تعد مهمة بعد التوقيع الرسمي والمصادقة، إذ كما يقول العراقيون “وقع الفأس بالرأس”.
إن المعدل السنوي للزيادة في إنتاج الحقول الجنوبية منذ 2010 لغاية نهاية الربع الثالث لعام 2015 , اي خلال الخمس سنوات الاولى لنفاذ العقود، تبلغ 260 ألف برميل يوميا، وقد كلفت هذه الزيادة المتواضعة العراق 46 من مليارات الدولارات، بحيث أصبح معدل الكلفة اكثر من عشرة دولارات للبرميل، وأكثر من واحد وعشرين دولارا بالنسبة للإنتاج الإضافي الجديد، كما يستدل على ذلك من دراسة لوزارة النفط في نهاية 2015 امام البرلمان العراقي، مقارنة بكلفة لا تتجاوز دولارين إلى ثلاثة للبرميل قبل العام 2003.
ومن الواضح أن الشركات العالمية لا تهتم كثيرا بمسألة الكلف –لأنها تسترجعها في جميع الأحوال – كاملة وفصليا وبالنفط الخام – ويبدو أنه ليس هناك من يقف لها محاسبا ومكاتبا. ويجد العراق صعوبة في دفع مستحقات الشركات كما صرح بذلك وزير نفطه، وخاصة بعد انخفاض أسعار النفط، وستصل مستحقات الشركات لنهاية العام 2015 إلى حوالي 55 مليار دولار، مما قد تضطر الحكومة العراقية لتخصيص مامعدله 850 ألف برميل يوميا ( حوالي ثلث النفط الخام المصدر) لتسديد تلك المستحقات.
لقد أعطيت للشركات مهام تنفيذ الجزء الأسهل المتعلق بتطوير الحقول، في حين أخذت الوزارة على عاتقها تنفيذ المهمات الصعبة المتمثلة في معالجة الغاز ومد خطوط الأنابيب وتوسيع طاقات الخزن والمرافئ ومشروع حقن الماء وغيرها. ان التاخر في تطوير خطوط النقل وطاقات الخزن لمواكبة الزيادة في طاقة الإنتاج، ادى الى تعويض الشركات عن إنتاج غير متحقق لا يمكن تصديره.
لقد تبخر حلم الوصول الى إنتاج 12 مليون برميل يوميا في 2017، وحتى هدف إنتاج تسعة ملايين برميل في 2020 يبدو بعيد المنال قياسا بما تحقق سابقا. لذا فالوزارة تتفاوض حاليا مع الشركات لتخفيض سقوف الإنتاج، ومحاولة جعل الشركات تتحمل جزءا من مخاطر انخفاض أسعار النفط. ومن المؤكد ان الشركات ستتمسك بصيغة عقودها إلا إذا تم تعويضها كما حدث سابقا.
وقد اختتم الخياط عرضه باقتراح تسريع المفاوضات مع الشركات ومصارحة الشعب بالواقع الصعب. كما اقترح اعتماد هدف إنتاج ستة ملايين برميل في 2025، مع محاولة عدم زيادة الإنتاج بشكل كبير في السنتين أو الثلاث القادمة إلى غاية اكتمال مشاريع النقل والخزن والتصدير ، وبذل الجهد لوقف حرق الغاز، وتأسيس شركة النفط الوطنية لإدارة القطاع النفطي والعقود، على أن تكون مستقلة وتدار من مهنيين ومجلس إدارة عالي الكفاءة. ويبقى أنه من السهل تقديم هذه الاقتراحات، ولكن من الصعب تنفيذها، وخاصة أن الوزارة لم تستمع إلى نصيحة عدد كبير من الخبراء العراقيين منذ العام 2009.
وبخصوص شمال وغرب العراق، فقد أوضح شريف محسن في ورقته أن العنف الذي تشهده تلك المناطق أفقد الحكومة السيطرة على مساحات شاسعة بضمنها عدد من حقول النفط والغاز. فحقول كركوك تقع بصورة عامة تحت سيطرة البيشمركة الكردية التي استغلت احتلال تنظيم الدولة الاسلامية لمدينة الموصل وتقدمت لاحتلال كركوك وحقولها (ولكنها عادت لسيطرة الحكومة الاتحادية نهاية عام 2017).
وينطبق الشيء ذاته على حقول شمال نينوى، حيث امتد نفوذ البشمركة غرب نهر دجلة ويقال إن حكومة إقليم كردستان تصدر النفط من هذه الحقول بالسيارات، وأما حقل القيارة فيسيطر عليه تنظيم الدولة الاسلامية وتتبادل قوات الحكومة والتنظيم السيطرة على حقول صلاح الدين المتوقفة عن الإنتاج. , كما كان عليه الحال عند تقديم الورقة ولحين تم تحريرها نهاية 2017 . وحتى الحقول التي في عهدة الشركات العالمية تأثرت وتوقفت أعمالها في حقلي القيارة والنجمة النفطيين، وفي حقلي المنصورية وعكاس الغازيين في محافظتي ديالى والانبار.
وبسبب هذه الأوضاع والمشاكل مع إقليم كردستان فإن بغداد لم تستطع اجتذاب الشركات للعمل في ست رقع استكشافية في المنطقة. وقد احتجت حكومة الإقليم حتى على دراسة فنية لحقل كركوك كانت الوزارة تنوي القيام بها بالتعاون مع شركة النفط البريطانية. وهكذا باستثناء بعض الإنتاج في كركوك الذي يغذي مصفى محليا ومحطات الكهرباء والتصدير عن طريق خط الإقليم، فلا يوجد ما يمكن متابعته هناك تحت سيطرة الحكومة.
وحتى الاتفاق بين الحكومة وكردستان العراق والذي يتم بموجبه التصدير عن طريق شركة تسويق النفط (سومو) قد تم اعتماده بعجالة لتمكين الإقليم من الحصول على 17% من الميزانية الاتحادية، إضافة إلى رواتب وتكاليف البشمركة، وذلك بالرغم من أن الحكومة لا تستطيع تحريك ولو فصيل من تلك القوات، إلا أن الاتفاق يتعرض للضغوط ويهدد الإقليم بالتخلي عنه، وتصدير النفط بشكل مستقل، إضافة إلى تصدير كميات إضافية من النفط والمكثفات بالسيارات خارج الاتفاق.
ويتساءل شريف محسن عن سبب تركيز الحكومة على الجنوب بشكل غير متوازن مع إمكانيات الشمال والغرب، ويشير إلى أن مشاريع البنية التحتية بالمنطقة متوقفة لنفس الأسباب حيث لا تستطيع الحكومة المضي بتنفيذ اتفاقياتها مع سوريا والأردن وتركيا لمد خطوط أنابيب جديدة، أو لإعمار خطوط قائمة. ويضيف محسن أن الإقليم وقع 58 عقدا لتطوير رقعه الاستكشافية باسلوب المشاركة بالانتاج دون أي تخطيط أو موافقة من وزارة النفط، علما بأن معظم إنتاج الإقليم يتم من حقول كانت مكتشفة ومحفورة من قبل الوزارة في السابق. وتعاني الشركات العاملة هناك من نقص بالسيولة مما سبب تباطأ في أعمالها، وبيع بعض أصولها وما صاحب ذلك من انخفاض في أسعار أسهمها في السوق. ودعا المتحدث إلى اعتماد أسلوب متكامل في تخطيط وتنفيذ المشاريع النفطية دون التحيز المناطقي، وأن تتصرف وزارة النفط بمهنية ووطنية لمصلحة كل العراقيين.
وأما العرض المتعلق بالمصافي فقد قدمه كاتب هذه السطور، إذ استعرض التطورات منذ العام 2003، وبين تاريخ تطور الطاقة الكلية للتكرير. فقد أخرت الحروب والحصار هذا القطاع بعد التدمير الذي لحقه في العدوان على العراق في 1991. وكان الإعمار عملا بطوليا بالرغم من تدني بعض مواصفات المنتجات بفعل الحصار، إذ لم يستطع العراق المضي بخطته المعدة لتحديث وتطوير وتوسيع المصافي. ومع ذلك فقبيل الاحتلال الأميركي كانت المصافي تعمل بـ88% من طاقتها، وكانت البلاد تصدر 150 ألف برميل يوميا من المنتجات.
وبزوال معوقات الحصار بعد العام 2003 لم تنطلق الخطة، خاصة ما يتعلق بإنشاء مصفى الوسط حيث كانت التصاميم كاملة وقد بوشر بأعمال الإنشاء في نهاية الثمانينيات وكما تدنت نسبة الاستفادة من الطاقة الانتاجية إلى 60% حتى الوقت الحاضر، مع استمرار التدني في مواصفات المنتجات وخاصة بالنسبة لأوكتين الغازولين ونسبة الكبريت في زيت الغاز.
واضطر العراق لاستيراد كميات متزايدة من المنتجات الخفيفة عبر ميناء وقتي في خور الزبير لا يتسم بالكفاءة الطلوبة . وقد بلغ معدل استيراد تلك المنتجات 88 ألف برميل يوميا، وكلفت ما يقرب من أربعين مليار دولارلحينه كانت كافية لتحديث كل المصافي، وإضافة طاقات جديدة. كما وسعت الوزارة طاقة التكرير في الدورة والبصرة دون توسيع طاقات الوحدات اللاحقة لمعالجة المنتجات وتحسين مواصفاتها.
كما أعلنت الوزارة في 2010 نيتها بناء أربعة مصافي بطاقة إجمالية تبلغ 740 ألف برميل يوميا في مواقع اختيرت حتى قبل إجراء دراسات الجدوى، وكانت بعض المواقع غير مبررة بسبب الاستهلاك المحدود في مناطقها ، والكلفة العالية في نقل المنتجات إلى أماكن الاستهلاك أو للتصدير. كما أصرت وزارة النفط على عرض هذه المشاريع للاستثمار ولكنها لم تستطع استقطاب شركات معتبرة لهذا النشاط.
وتنطبق معاناة ووضع المصافي على معامل معالجة الغاز في منشات غاز الشمال، وخاصة في غاز الجنوب. فالطاقة المتاحة في الموقعين يمكنها معالجة 16.5 مليار متر مكعب في السنة، إلا أن معدل استخدام هذه الطاقة بين عامي 2004 و2014 لم يتجاوز 44% مما ادى الى حرق تسعة مليارات متر مكعب سنويا كمعدل.
وفي سنة 2014 قدر الغاز المهدر في الجنوب بما يزيد على 12 مليار متر مكعب أو ما يكافئ 208 آلاف برميل نفط يوميا، في وقت استهلكت فيه محطات الكهرباء كميات كبيرة من الوقود السائل كان من الممكن تصديره. وقد كانت شركة غاز البصرة المؤسسة في 2011 بين العراق وشركتي شل وميتسوبيشي بطيئة في معالجة منشآت الغاز، ولم تتمكن من إنشاء طاقات جديدة تتماشى مع الزيادة في إنتاج النفط. ويستنتج من ذلك أن من الصعب تحديد أسبقيات المعالجة، إذ لا بد من الشروع بالعمل في كل الاتجاهات بزيادة الطاقة والتحديث ووقف هدر الغاز. إنه لعمل كبير ومضنٍ ولكن ليس هناك خيار آخر.”(انتهى).
وفي مراسلة حديثة مع فالح الخياط بين – مشكورا – ان مجموع سقوف الاهداف الانتاجية للعقود المحالة في الجولتين الاولى والثانية يساوي 11.705 مليون برميل باليوم (مب/ي) اي بزيادة قدرها 10.1 مب/ي عن خط الشروع (خفضت لاحقا الى 9.143 مب/ي في حزيران/يونيو 2013 بعد صدور واعتماد الستراتيجية الوطنية للطاقة) – يتم الوصول اليها في 6 – 7 سنوات من تاريح الاحالة وهذه الاهداف تبدوا مستحيلة.
كما بين ان الجولة الخامسة عقدت في نيسان 2018 حيث تم احالة 7 مواقع بين رقع استكشافية او حقل حدودي مكتشف – واحدا مع الكويت والبقية مع ايران – رفعت الى مجلس الوزراء للمصادقة ولم يتم ذلك لحينه – العقود المبرمة تمت بصيغة جديدة تعتمد على مبدا المشاركة بالانتاج. اضافة الى عقد حقل شرقي بغداد/الجزء الجنوبي – وقع بصورة منفصلة عام 2018 – وتم المصادقة عليه رسميا وبوشر العمل بتطويره.
و يتقاضى المقاول استحقاقاته الفصلية (الكلف والارباح) بما يعادلها بالنفط الخام فكلما انخفض السعر كلما زادت الكمية المستحقة وبالعكس ووصلت في السنوات مابعد 2014 الى اكثر من 25% من النفط المصدر. والمقاول يحصل على استحقاقاته من كلف وربح بموجب طاقة انتاجه المبرمجة والمتحققة فعلا التي قد لا تتماشى مع الانتاج الفعلي وهذا يعني ان تتكفل الحكومة كلفة اي تخفيض في الانتاج كالاستجابة لقرارات الاوبك مثلا.
بلغ معدل الانتاج الكلي للقطر ( ماعدا اقليم كردستان ) عام 2010 = 2.364 مب/ي , ارتفع الى 4.040 مب/ عام 2018 – اي بزيادة = 1.670 مب/ي في حين تحققت زيادة صافية في إنتاج النفط الخام من الحقول تحت عقود الخدمة مقدارها 2.858 مب/ي. أما الإنتاج الكلي من هذه الحقول فقط فهو 3.717 مب/ي – بضمنها تعويض الانخفاض السنوي البالغ 5% من الانتاج الفعلي البالغ 859 الف ب/ي خلال هذه السنوات.
وبموجب العرض المقدم من قبل المدير العام لدائرة العقود والتراخيص في وزارة النفط بتاريخ 28 اذار 2019 في ندوة جمعية الاقتصاديين العراقيين في بغداد فقد بلغت العوائد المالية الكلية لانتاج وتصدير النفط الخام خلال الفترة من منتصف عام 2010 الى نهاية 2018 = 630 مليار دولار، منها 350 مليار دولار خلال فترة ارتفاع الاسعار 2011 الى 2014 . وبلغت العوائد المالية الكلية المتأتية من حقول جولات التراخيص خلال نفس الفترة (7.4 سنة) = 571.4 مليار دولار. فيما بلغت الكلف الكلية، الرأسمالية والتشغيلية، المدفوعة فعلاً الى الشركات الأجنبية ولنفس الفترة = 74.741 مليار دولار. آخذين بنظر الاعتبار أن كلف الموجودات في الحقول قبل التعاقد (آبار، منشآت عزل الغاز، منشآت تصنيع الغاز، منشآت حقن الماء، محطات الكهرباء، منظومات الأنابيب … الخ ) هي موجودات تعود ملكيتها الى وزارة النفط .
وعن العلاقة المتأزمة بين الحكومة المركزية واقليم كردستان يستمر فالح الخياط بالقول ان عدة اتفاقات ابرمت بين الطرفين ولكنها لم تنفذ بصورة كاملة مع اتهامات متبادلة الى ان وصلنا الى اتفاق نوفمبر 2018 بين رئيس مجلس الوزراء في حينها، عادل عبد المهدي وقادة الاقليم والذي تم بموجبه دفع 500 مليون دولار نقدا كتسوية وعلى ان يقوم الاقليم , اعتبارا من 1/1/2019 , بتحويل 250 الف ب/ي من نفوطه في جيهان الى سومو لتسويقه واذا لم يسلم فسيتم استقطاع قيمة ذلك بسعر النفط المحدد في الموازنة والبالغ 56 دولارا للبرميل وقد ادرجت فقرة خاصة بذلك في قانون موازنة عام 2018. الا ان الاقليم لم يسلم اي كمية مع ان الحكومة الاتحادية استمرت بتسديد المتبقي من المستحقات للاقليم والبالغة حوالي 380 – 400 مليون دولار شهريا. اضافة الى ان الاتفاق اصلا ترك للاقليم مامعدله 180 – 220 الف ب/ي من انتاج الاقليم البالغ 430 – 470 الف ب/ي حينئذ لتسديد كلف الانتاج ومستحقات الديون المتراكمة.
وبموجب الكشوفات المالية الرسمية للاقليم حسب تقرير المدققين (Deloitte) فان كلفة تطوير وانتاج البرميل في الاقليم 15 دولار ورسوم النقل الى جيهان 7 دولار وان الأقليم يبيع نفطه باقل من اسعار النفط العراقي المسوق من سومو بمقدار 7.5 دولار اضافة الى ان دين الاقليم للشركات النفطية قد بلغ في نهاية الربع الثالث من 2020 مايقرب من 4.3 مليار دولار، لكل ذلك فان الاقليم في وضع صعب جدا خاصة بعد الهبوط الكبير في الاسعار خلال 2020.
وفي موضوع مهم اخر تحدث فالح الخياط عن مسألة استثمار الغاز حيث نصت عقود جولة التراخيص الأولى على قيام الشركات المطورة بتسليم الغاز الخام لوزارة النفط التي عليها معالجته. وهي مسوؤلية ثبت بانها خارج طاقتها فنيا وتمويليا وان التلكؤ في استلام ومعالجة الغاز المصاحب سنوات طويلة اضطر الوزارة لعقد صفقة مع شركة شل عام 2011 للقيام بذلك بالنسبة لغازات الرميلة والزبير وغرب القرنة. وفي جولة التراخيص الثانية، نصت العقود على فترة سماح لمدة سنة وبعدها تقوم الشركة المطورة بانشاء مشروع متكامل لمعالجة الغاز وتسليمه الى الشبكة الوطنية بحيت لايتم حرق اي كميات الا في حالات الضرورة. لكن لم يتم الالتزام بهذه الفقرة الا جزئيا وبتاخير كبير لغياب السياسة الملزمة وضعف المتابعة والتركيز على تعظيم الموارد النفطية وعدم الاستعداد لتقليصها بأستقطاع كلفة تمويل مشاريع الغاز. ونتيجة لزيادة انتاج النفط الخام والغاز المصاحب فان كمية الغاز المحروق هدرا قد وصلت عام 2019 الى 1510 مليون قدم مكعب قياسي باليوم (مقمق/ي) اي ما يعادل 50% من الغاز المنتج. وان الغاز المهدر مكافئ الى 273 الف ب/ي من النفط الخام كان بالامكان تصديرها لو استغل الغاز فعلا. ويجد القاريء رابط ماعرضه فالح الخياط في الملحق. أما التغيرات في القطاع التحويلي (المصافي والغاز) فقد سبق ان تحدثت عن بعضها في فصل سابق وسأتحدث في فصل لاحق عن مستجدات اخرى. وتجدون رابط كلامي في الندوة في الملحق.
***
اما العرض الذي قدمه محمد مصطفى الجبوري فقد تناول تأثير واردات النفط على الاقتصاد العراقي منذ الخمسينات من القرن الماضي وكيفية ارتباط ذلك باسعار النفط. وبين ان فقدان اوبك السيطرة على الاسعار اوصلنا الى تذبذب كبير واحيانا انهيار الاسعار الى مستويات متدنية جدا. وشرح تأثير السوق الورقية المستقبلية على اسعار النفط منذ 1986 ولحد الان وخاصة ان التسعير يعتمد نفوط اشارة غالبا ما تكون حجومها محدودة.
وقد قارن وضع شركة التسويق سومو قبل وبعد الاحتلال وكيف كانت تحظى باحترام كبير من قبل شركات النفط والمتعاملين بتجارته. قبل 2003 كان منتسبوا التسويق لا يتجاوز عددهم 64 اما الان فقد زاد هذا العدد بشكل كبير مما يقلل من كفاءة العملية التسويقية. وفي السابق كان هناك تعاون ملحوظ بين سومو والشركات العراقية المشغلة للمحافظة على نوعية النفوط المصدرة الى حد كبير الا اننا الان نجد تذبذبا احيانا كبيرا في نوعية النفط مما يضطر سومو لدفع تعويضات للمشترين بتخفيض السعر. وينطبق الشيْ ذاته بالنسبة للغرامات التأخيرية في استقبال السفن وتحميلها.
بعد الاحتلال تحول العراق من مصدر للمنتجات النفطية الى مستورد للمنتجات الخفيفة ويرصد حوالي 4 -5 مليار دولار لاستيراد هذه المنتجات سنويا. كذلك بدء استشراء الفساد من الايام الاولى للاحتلال في تجهيز المنتجات ، حيث تكرر اوراق الشحن لعدة مرات ويتم استلام اثمانها. وظهرت طبقة جديدة مستفادة من عمليات الاستيراد والتي قاومت انشاء اي مصفى جديد او اعادة تأهيل بعض المصافي القديمة.
جولات التراخيص كانت تبدو جيدة عندما كان سعر النفط الخام 100 دولار للبرميل، ولكن عندما انهارت اسعار النفط ظهرت بشكل واضح مشاكل جولات التراخيص والعيوب التي تضمنتها العقود. حيث اعطت هذه العقود الحق للشركات ان تسوق مستحقاتها من النفط الى اي جهة تشاء وبدون تحديد للاسواق، مما خلق ضغطا غير مباشر على شركة تسويق النفط في تسعير نفوطها.
واشير هنا الى رابط العرض الذي قدمه المتحدث ويجده القاريء في الملحق.
***
وما دمنا في ذكر المنتدى العراقي للنخب والكفاءات، فقد طلب المنتدى في 2018 من فالح الخياط وسعدالله الفتحي ومثنى شاكر العزي اعداد دراسة متكاملة عن “النفط في العراق، الماضي والحاضر وآفاق المستقبل” والتي كانت جامعة وتحديثا لما سبقها من دراسات او ندوات ومقالات. وقد طبعت الدراسة في كتاب صدر في عمان بنفس العنوان عن دار الايام للنشر والتوزيع 2018. وقد سبق ان أشرت الى الكتاب سابقا وسأقتبس منه لاحقا في هذا الكتاب.
***
وفي الذكرى الخامسة عشرة للاحتلال وفي 15 اذار/مارس 2018 كتبت عمودا في صحيفة كلف نيوز اثبت ترجمته ادناه:
نفط العراق وذكرى الغزو
“لطالما اعتقدت أن كلمة “ذكرى” تستخدم في المناسبات السعيدة، إلا أنه اتضح أنني مخطئ نظرًا لأن وسائل الإعلام مليئة بالمقالات التي تتناول الذكرى الخامسة عشرة لغزو العراق واحتلاله.
لا تمثل هذه الذكرى كما هو الحال مع سابقاتها أي مصدر من مصادر السعادة أو البهجة حيث أن البلد غارق في العنف والسياسة الطائفية والانقسامات الإقليمية والفساد المتصاعد والتراجع في كل جانب من جوانب التنمية والرفاهية للشعب العراقي، ويقترب العراق من مفهوم الدولة الفاشلة، وتُعد بغداد من أسوأ المدن التي يعيش فيها الناس.
ولولا الموارد النفطية لكانت الأمور أسوأ، ولعل من يريد أن يكنس قاذورات الغزو والاحتلال تحت بساط الحكومات التابعة التي أعقبت ذلك يشير إلى نجاح العراق في زيادة إنتاج النفط ، وهو لا يعني بالضرورة صناعة نفط وطاقة سليمة ومتطورة. ويُعد تعاقد العراق مع شركات النفط العالمية في 2009-2010 لتبلغ طاقته الإنتاجية 12 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2017 مخالفًا للمنطق، حيث بلغ إنتاجه الشهر الماضي 4.43 مليون برميل في اليوم ويستهدف 5 مليون برميل في اليوم بنهاية العام القادم. وينتج عن الفشل المطلق لتلك السياسة تكلفة بالملايين كتعويضات للشركات المتعاقدة، ومع ذلك، يعتزم العراق تطوير حقول نفطية إضافية من شأنها أن تفاقم الصعوبات التي تواجه العقود الحالية وكل ذلك على حساب تهميش الشركات العراقية الوطنية التي كانت عاملة منذ عقود.
وبالنسبة للتكرير، هناك تدهور في الاستخدام الأمثل بحيث لم تعمل المصافي في المتوسط وعلى مدى الخمسة عشر عامًا الماضية بما يزيد على 60 إلى 70 في المائة من طاقتها. وباستثناء إضافة 3 وحدات تقطير كبيرة في مصفاتي الدورة والبصرة، لم تتم إضافة وحدات تحويل أو معالجة إضافية، وظلت مواصفات المنتجات هي الأدنى في المنطقة. ولم تُنفَّذ خطة 2010 لبناء أربعة مصافي عبر الاستثمار الخاص في أي رقعة في البلاد، واضطرت الحكومة إلى تمويل مصفاة كربلاء بطاقة 140 ألف برميل في اليوم بتكلفة 6.5 مليار دولار، مما يجعل تكلفة الاستثمار للبرميل في اليوم 46429 دولارًا، أي ما يقرب من ضعف تكلفة مشاريع مماثلة في المنطقة. ومع ذلك، فالمشروع شبه متوقف بسبب نقص التمويل وقد يتأخر استكماله لسنوات.
وعلى الرغم من ذلك هناك الكثير من الإعلانات عن مصافي جديدة لدرجة أن طاقة التكرير في العراق قد تتجاوز مليوني برميل في اليوم، لا يعرف أحد كيف جاء ذلك أو ما هي دراسات الجدوى التي استندت إليها. كما لا يعد الأمر بمثابة استراتيجية شاملة ولكن لخدمة السياسة المحلية وليس الصناعة. وقد أدى العدد الكبير من إعلانات المصافي إلى جعل المتابعة صعبة ومربكة، لم تستند جميع المصافي المقترحة إلى أي دراسات جدوى أساسية وتعتمد على الاستثمار الخاص الذي لم يتم استقطابه رغم المحفزات.
ويستمر العراق في استيراد ما متوسطه 90 إلى 100 الف برميل يوميًا من المنتجات الخفيفة منذ عام 2004 بتكلفة مليارات الدولارات. وتُعد صناعة الغاز أسوأ من ذلك، حيث يستمر العراق في حرق كميات ضخمة من الغاز المنتج مصاحبا للنفط الخام. ففي الفترة من ايلول/سبتمبر 2008 وحزيران/يونيو 2017، أحرق العراق في المتوسط 104 الف برميل من النفط الخام يومياً في محطات توليد الكهرباء، في حين أن متوسط الغاز المشتعل هدرا في نفس الفترة يعادل 194 الف برميل يومياً بتكلفة حوالي 45 مليار دولار في الفترة قيد النظر، وهو ما يكفي لتدشين صناعة غاز جديدة تمامًا والتخلص من حرق الغاز بشكل كامل.
وبدلاً من ذلك، يختار العراق استيراد الغاز من إيران عبر خطي أنابيب وإمدادات الغاز الإجمالية البالغة 1900 مليون قدم مكعب يوميًا بتكلفة تبلغ حوالي 5.2 مليار دولار سنويًا بسعر 2015، كما لم يتم بناء أي مشاريع جديدة لمعالجة الغاز ولم يتم الانتهاء من إعادة تأهيل المشاريع القائمة خاصة في الجنوب.
تتفشى اتهامات بالفساد وسرقة النفط دون تحقيق جاد من قبل الحكومة رغم مطالبة بعض النواب بهذه الإجراءات الذين قالوا إن لديهم وثائق تثبت سرقة 300 ألف برميل من نفط البصرة من قبل مسؤولين قاموا بتعديل أجهزة القياس في الوقت الذي قال فيه أحد الأصدقاء الصحفيين الأجانب: “قلبي ينفطر على العراق، حيث كانت الصناعة العراقية مليئة بالمهنيين متقدي الذكاء وذوي الكفاءة العالية، كان هناك الكثير من الأمل في المستقبل … من المحزن أن نرى ما يحدث الآن”.
وعلى الرغم من ذلك فقد كوفئ الشعب العراقي مؤخرًا بقانون لتأسيس شركة النفط الوطنية، وهو قانون معطل يخدم صانعيه بدلاً من الصناعة، حيث تمت مهاجمته من قبل المتخصصين يمينا ويسارا ووسطا بعد الانتظار لأكثر من عشرة أعوام، وتم التصويت على القانون بسرعة كبيرة لدرجة أن هناك شيئًا مريبًا بشأنه، والتعديلات قادمة لا محالة.
إلا أن مأساة صناعة النفط لا تُقارن بالموت والبؤس اللذين سببهما الغزو والاحتلال، وفي تقرير حديث، قالت شبكة AlertNetأن “حساباتنا، باستخدام أفضل المعلومات المتاحة، تظهر تقديرًا كارثيًا لـ 2.4 مليون حالة وفاة عراقية منذ غزو عام 2003”. وتحولت العديد من المدن خاصة الموصل إلى أنقاض دُفن الآلاف تحتها وفُقد آخرون. لنأمل أن تكون هناك ذكرى سنوية سعيدة إلا أن هذه لا تبعث أبدًا على البهجة.” (انتهى).