التلوث الاليكتروني الخطر الخفي ( الجزء الرابع )
جميل ابراهيم النايلة
عضو لجنة الاسكان والبنى التحتية المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
اصبحت الأجهزة والآلات والأدوات الإلكترونية ضرورة حضارية بالملايين منها، وتمخض من جرائها كميات لا حصر لها من الإلكترونات، التي ملئت بيئتنا الداخلية والخارجية لتضاف الى التلوث الاعتيادي الذي ادى الى الاحتباس الحراري وارتفاع درجة الحرارة وكوارث طبيعية عديدة لم يسبق لها مثيل في شدتها وانتشارها اضافة الى الأمراض والنقص في الموارد الطبيعية وانقراض العديد من الكائنات الحية والنباتات ليضاف اليها التلوث الاليكتروني الخطير الذي يشكل في كونه خطراً صامتاً خفي ، وفي عودة الى تعريف التلوث الاليكتروني يمكن ان نقول ببساطة واختصار أنه كل ما يمكن أن يتمخض عن الإلكترونات أو الإشعاعات الصادرة عن الأجهزة الإلكترونية من أضرار وأخطار، بدءاً من أصغر جهاز كهربائي في البيت وانتهاءً بالفضاء اللانهائي الذي يكتظ بحشود لا متناهية من الأقمار الصناعية، حيث تنتشر فيه موجات كهرومغناطيسية لا حصر لها, وقد أطلقت جمعيات بريطانية تُعنى بشؤون البيئة عبر مواقعها على شبكة (الإنترنت) تحذيرات عديدة تنبه الى خطر الموجات الكهرومغناطيسية التي تصدرها الأجهزة المنزلية وأثرها المدمر في حياة الإنسان؛ فهي تؤثر في الخلايا العصبية للمخ وتضعف القدرة المناعية لجسم الانسان ، مسببة الإصابة بصداع مزمن وانعدام التوازن والإرهاق الفكري والجسدي والنوم المضطرب الذي كثيراً ما يعجز الأطباء عن معرفة أسبابه، ولا يقف الامر عند هذا الحد؛ فثمة مخاطر أخرى تكمن في مخلفات تلك الأجهزة التي تحوي بعض قطعها الصغيرة على مواد سامة؛ مثل الزئبق والرصاص، التي تترسب في التربة لفترات طويلة وتحيلها إلى أرض غير صالحة للزراعة،
والمشكلة الكبيرة هو ان هذا النوع من التلوث لا يتوقف بل هو في نمو مستمر ففي تقرير نشرته شبكة
Haspres في 16-Jan-2017
في تقرير “الرصد الإقليمي للتلوث الإلكتروني”، يفيد بأن التلوث الإلكتروني قفز بنسبة 63 % خلال 5 سنوات في شرق وجنوب شرق آسيا. ويضيف التقرير أن استهلاك الفرد الواحد للأدوات والأجهزة الاليكترونية المنزلية والمواد الإلكترونية الأخرى شهدت نمواً سريعاً مسجلاً أن حجم المواد الإلكترونية الموجودة في شرق وجنوب شرق آسيا قفز بين 2010 و2015 الى 33%.
مما أكد تقرير أعدّه نحو 1300 باحث بشأن مصادر التلوث في العالم أن جهوداً (غير مسبوقة) يتعين بذلها باعتبارها ضرورية لمواجهة مثل تلك الأخطار التي تهدد حياة الإنسان .وفي هذا السياق بادر البرلمان الأوروبي إلى إصدار قانونين ينظمان عملية تأهيل الأجهزة الإلكترونية المتقدمة وإيجاد آلية للتخلص من نفاياتها. بشكل سليم و امن علاوة على ذلك اتخذ قطاع صناعة الحواسيب الياباني قراراً يقضي بجمع الحواسيب المستعملة ومعالجتها للحيلولة دون تسببها في تلويث البيئة ، إلا أن حكومة الولايات المتحدة ما زالت تعتبر موضوع التلوث الإلكتروني يعود برمته إلى الشركات المصنعة، وعلى هذا الاساس بادرت كبرى الشركات المصنعة للاجهزة الاليكرونية في الولايات المتحدة الامريكية إلى اعتماد خدمات تسترجع من خلالها المواد السامة قبل الشروع في التخلُّص منها.*