لجنة الشباب و الرياضة

أحداث من ذاكرة الرياضة العراقية (الحلقة التاسعة والثلاثون)

أ . د إسماعيل خليل إبراهيم

نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

منتصف سبعينات القرن الماضي خطرت لي فكرة القيام بتوثيق الأحداث الرياضية العراقية التي لم تنل اهتمام الكثيرين ، وعلى الرغم من صدور أكثر من كتاب تناول تأريخ الرياضة العراقية في العصر الحديث من أندية ومهرجانات واتحادات ولجنة أولمبية ، ومشاركات منتخباتنا الوطنية في البطولات العربية والقارية والأولمبية ، لكن ما سواها من أحداث ظل حبيس أوراق الصحف التي نشرتها على الرغم من أن فيها الكثير من المتعة والإثارة والغرابة فضلاً عن معانيها ومدلولاتها التي تشيع في النفس البهجة والسرور ، وتسبب الألم عند مقارنتها بمثيلاتها في أيامنا هذه .

توكلت على الله وبدأت هذه المهمة الشاقة منذ اليوم الأول للعطلة الصيفية عام ( 1978 ) إذ توجهت إلى المكتبة الوطنية لأبحث في ثنايا الصحف التي تَحَول لون أوراقها إلى الأصفر وأقَلِبها بحذر خشية تمزقها إذ مضى عليها أكثر من ستين سنة حينها .

كان عليَ أن أبحث في جميع الصحف التي كانت تصدر في محافظات العراق ، وهنا لا بد لي من التوجه بالشكر والتقدير إلى الإخوة في المكتبة الوطنية الذين لولا تعاونهم لما تمكنا من إنجاز شيء ، لم تكن في صحف تلك الأيام صفحات خاصة بالأخبار الرياضية بل كانت تُنشر في أي من الصفحات وهو ما حتم عليَ البحث في جميع صفحات كل جريدة عسى أن أجد فيها خبراً . انتهت أيام العطلة بحصيلة رائعة غطت الأحداث الرياضية ما بين عامي 1900 و 1933 على أمل أن استكمل ما بدأته في العطلة الصيفية القادمة لكن وللأسف حالت مشاغل الحياة  دون ذلك .

هذه المقدمة هي البداية لتعريفكم بما سيقدم لاحقاً وسيكون لنا موعد كل يوم ثلاثاء إن شاء الله ونتوقع أن يكون ما ستطلعون عليه مفاجأة نترك لكم التعليق عليها .

 

 

الحلقة التاسعة والثلاثون

  • جريدة الأخبار ( 30 / 11 / 1931 ) :

على كأس دار السلام بكرة السلة فازت مدرسة الامريكان على الغربية المتوسطة ( 27 – 9 ) .

  • جريدة العالم العربي ( 1 / 12 / 1931 ) :

تبارت فرقة الطبية و فرقة الكمرك يوم السبت فتغلبت الطبية ( 1 – صفر ) .

  • جريدة الاستقلال ( 2 / 12 / 1931 ) :

أعلنت مديرية المدرسة المأمونية نظام الدخول لكأسها في كرة السلة والذي ستجرى السباقات عليه ابتداءً من 30 / 12 / 1931 . وينص النظام على ( يحق لكل مدرسة نهارية في العاصمة سواء كانت أهلية أو رسمية ، ابتدائية أو أولية الاشتراك بهذا السباق على شريطة أن لا يجوز أن يشترك أي معلم في الفرقة ، وأن ترسل أسماء طلاب الفرق التي توافق على الدخول في السباق إلى لجنة الكأس في ( 15 / 12 / 1931 ) مع اسم طالب احتياط ، وأن يكون الطالب المشترك مسجلاً بالمدرسة في بداية السنة ) .

أما الشروط الأخرى :

يكون الحكم ممثل اللجنة في اللعب ويحق له إخراج أي طالب من اللعب أو تسقيط أي فرقة تخالف نصوص النظام الموضوع ، وأن يقدم الحكم تقريراً عن كل لعبة إلى مديرية المأمونية ، أما إذا كان للفرقة الساقطة اعتراض على مستوى الحكم فعليها أن ترفع عريضة احتجاجية إلى اللجنة .

وستجرى المباريات على ساحة المدرسة المأمونية و ساحة الثانوية المركزية فقط ، ويكون اللعب بطريقة النقط ( الدوري ) وكل فرقة تسبق في إحدى دورات اللعب لها نقطتان أما إذا تعادلت فرقتان فلكل منهما نقطة واحدة ، وفي النهاية تنتخب الفرق الأربع الاخيرة الناجحة ويكون بينها السباق النهائي ، وساعة تكون إحدى الفرق الأخيرة أكثر من غيرها حصولاً على النقط تعد حينئذ هي الفائزة ويسلم لها الكأس على أن يبقى عندها سنة دراسية كاملة ثم تعيده إلى إدارة المدرسة المأمونية بعد ( 15 ) يوم من افتتاح المدارس ومدة اللعب هي ( 36 ) دقيقة في كل دورة ولكل لعبة ( 8 ) دقائق مع دقيقة فترة وفي اللعبة النهائية ستكون كل دورة ( 10 ) دقائق ويقدم إذ ذاك الكأس مع الأوسمة الخاصة .

( لو لم أكن أنا من نقل هذه الأخبار عن الصحف فلربما ساورني الشك في مصداقيتها فتنافس إدارات المدارس ومعلمي و مدرسي التربية الرياضية فيها على تنظيم بطولات تدعى لها مختلف مدارس بغداد وتخصص لها الكؤوس والميداليات ، وتوضع لها لوائح وشروط وتعليمات أمر قد لا يخطر على بال أحد من جيلنا و الأجيال التي جاءت بعدنا لاسيما في ظل التراجع الكبير الذي تشهده الرياضة المدرسية منذ سنوات عدة وفي ظل تنافس ادارات المدارس على إلغاء دروس التربية الرياضية وإهمال تشكيل الفرق الرياضية فيها وعجز أدارات الرياضة المدرسية عن تنظيم بطولات تشارك فيها فرق المدارس ) . وهناك الكثير الذي يستوجب التوقف عنده سواء في ما ورد في نظام البطولة أو شروطها ، ومنها :

1 – الدعوة كانت موجهة لجميع المدارس الاهلية و الرسمية للمشاركة وهذا يعني الاستعداد لتنظيم البطولة أي كان عدد المدارس التي ستشارك فيها ومن المؤكد أن هذا لم يأتٍ من فراغ بل من المعرفة التامة و المسبقة بإمكانات المدرسة على النجاح و تأمين متطلباته و مستلزماته .

2 – تحديد موعد نهائي لإرسال المدارس التي توافق على المشاركة أسماء طلاب فرقها وتحديد الجهة التي ترسل إليها ، وتداركاً لاحتمال تعذر مشاركة أحد الطلاب مما قد يتسبب بمشكلة لفريقه بات على المدارس إرسال اسم طالب احتياط لتدارك الموقف . وأن يكون الطالب مسجلاً في مدرسته منذ بداية العام الدراسي للحيلولة دون الزج بطلاب قبل بدء البطولة مما قد يفقدها عنصر التكافؤ في المنافسة والمبدأ هذا معمول به في البطولات التي تنظمها الاتحادات الرياضية في جميع دول العالم وهو ما يحسب لمن ساهم في وضعه .

3 – منح حكام المباريات سلطات و صلاحيات تطبيق نصوص نظام البطولة مما يعزز مكانة و هيبة الحكام ويضع الفرق أمام ما تم تخويل الحكام به مسبقاً .

4 – إن إقامة دور نهائي بين الفرق الأربعة التي تحصل على أكبر عدد من النقاط  لتحديد البطل طريقة مشابهة لما يعتمده اتحاد كرة السلة الأمريكي منذ عقود .

5 – الامر الأكثر غرابة أن وقت المباراة تم تحديده بـ ( 36 ) دقيقة مقسمة إلى أربع دورات – أي أربعة فترات لعب – وهذا الاسلوب تم اعتماده دولياً قبل وقت ليس بالبعيد مما يعني ان منظمي هذه البطولة سبقوا العالم في تطبيق هذا الاسلوب .

لا نملك إلا الوقوف احتراماً و تقديراً للرجال الذين سبقوا زمانهم وكان لهم شرف الريادة في قيادة الرياضة المدرسية ووضع أسسها و قواعدها والتفاني في خدمتها و إقامة بطولاتها و تعريف الناس بها ، ومن جديد نقدم هذا الخبر للسلف الذين وصلت الرياضة المدرسية في زمانهم إلى حال لا يسر أحدا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى