لجنة العلوم السياسية

محاضرة (المواطنة وتأثيرات التعدد الاثني في استقرار الدولة)

محاضرة (المواطنة وتأثيرات التعدد الاثني في استقرار الدولة)

ا.هاني الياس خضر الحديثي – المانيا-

ا. طه هاني الياس الحديثي – العراق-

Multi – Ethnic Society Affacts on outbreak of Armed Conflicts >

Kindle Edition 2019

شكر وتقدير …..

الشكر والتقدير لسعادة السفير الدكتور الشيخ سيوان البارزاني لإرساله عدد من المصادر المهمة التي تم عبرها تحديث المعلومات في الورقة البحثية التي قدمت كاملة وجاهزة للنشر في أحد مجالات النشر قريبا بأذن الله.

 

المواطنة والثقافة  والوعي عوامل متلازمة متفاعلة في قياس الولاء الوطني متلازمة مع اكتساب الجنسية كقيمة قانونية ولكنها لاتعبر يالضرورة  عن حالة تفاعل موضوعية معها لاعتبارات موضوعية .

الجنسية الوطنية وثيقة رسمية للمواطن تحدد الالتزامات والحقوق والواجبات للمواطنين يجب موضوعيا ان تقوم على اساس العدالة الاجتماعية والانصاف بغض النظر عن الجنس او العرق او الدين او اللون , بموجبها ينبغي ان تنتفي مصطلحات الاغلبية والاقلية في المجتمعات المدنية التي يحكمها القانون ويؤطرها دستور ملزم للجميع .

وبموجبها فان المساواة امام القانون وبموجب الدستور تصبح هي الاساس في جميع مناحي الحياة ومنها توزيع الثروة القومية وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والضمانات الاجتماعية وحقوق النقل والملكية وتحمل المسؤولية امام القانون عبر المساواة في تولي الوظائف العامة والخاصة ، ودفع الضرائب وخدمة العلم والدفاع عن الوطن والمشاركة في الحياة السياسية وعملية صنع القرار وغيرها التي هي حقوق طبيعية للمواطنين واجبة التنفيذ وتنميتها تصاعديا  ليتحقق التفاعل بين الانتماء والولاء الوطني المعزز بالوعي الجمعي والثقافة الوطنية من جهة واكتساب الجنسية كهوية ووثيقة قانونية .

 

 

 

و بعبارة اخرى فان ماتقدم يشكل اساسا ليس في التمتع بالحقوق والقيام بالواجبات، انما ايضا في الشعور بالانتماء و الولاء  والبذل في الدفاع عن الوطن , ولن يتم ذلك دون الشعور بالمشاركة في صناعة القرارات السياسية وادارة الدولة وفق اسس عقدية مهنية لاصلة لها بالانتماءات الفرعية .

من هنا تكمن اهمية البحث واشكاليته ، والتي تدفعنا لفرضية مؤداها : ان التعددية في التكوينات الاثنية عرقيا او مناطقيا او دينيا او مذهبيا او قبليا  داخل الدول والمجتمعات يمكن ان تكون متغيرا ايجابيا في تحقيق الاستقرار السياسي والازدهار في الابداع والتنوع الثقافي والفني والحضاري ،وذلك يستوجب مقدما تاسيس النظام السياسي بسلطاته الثلاث على احترام الاخر واحترام الثقافات والحقوق الفرعية ضمن قاعدة وطنية عامة تقوم على سيادة العام من قواعد واسس وعناصر ومصالح وطنية جمعية .

بيد انها في ظل غياب دولة القانون وسيادة منطق التمايز على اسس الاغلبية والاقلية تبعا لطبيعة التكوينات الاثنية ، فانه يمكن ان يكون سببا رئيسيا في النزاعات الداخلية والحروب الاهلية و  انشطار الدول وارتفاع اصوات حق تقرير المصير كما حصل في بلدان البلقان و يوغسلافيا وفي السودان ومرشح لذلك عدد من البلدان العربية مشرقا ومغربا بفعل غياب الناظم الوطني المشترك المتمثل بالسلطة السياسية أوطبيعة السلوك السياسي في الانظمة السياسية الشمولية .

السؤال الاساسي هنا وتتفرع عنه جملة اسئلة فرعية نسعى للاجابة عليه : كيف يمكن بناء دولة على اسس العدالة والانصاف في بلد تتعدد فيه مكوناته الاثنية ؟؟؟

ومتى ولماذا وكيف تتحول التعددية الاثنية الى عامل مزعزع للوحدات الوطنية وتهدد استقرارها أو حتى استمرارها كوحدة سياسية معترف بها داخليا ودوليا ؟؟؟                     الاجابة عندنا اننا ينبغي اولا تحديد المشكلة التي تتموضع في طبيعة النظام والسلطة السياسية وفلسفتها في الحكم .

الانظمة السياسية تختلف بين انظمة دستورية تتمأسس على اساس الاندماج الاجتماعي الذي يكرس وحدة الشعور بالمواطنة وتحقيق الولاء الوطني وفقا للشعور بالمصالح المشتركة المستدامة  التي بدورها تتأسس على اسس ضمان الحقوق واحترام الاخر اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وليس مجرد اكتساب الجنسية الوطنية كوثيقة ورقية .

 

وأنظمة شمولية تقوم على اسس التمييز على اسس اثنية وضعف اداء المؤسسات الوطنية وخاصة في مجال القضاء والتوظيف والتمتع بكل مجالات وسبل الحياة، والتعامل على اساس الاغلبية والاقلية، واقتران ذلك باستخدام وسائل القسر السلطوي في محاولات فرض هيبة السلطة بما يؤدي الى ضعف وتراجع الشعور بالولاء الوطني وتراجع قيمة الوثيقة الورقية (الجنسية).

هنا تاتي دول اجنبية ذات مصالح لاستثمار وتوظيف هذه البيئة المريضة تحقيقا لمصالح القوى الخارجية عبر التدخل بالشؤون الداخلية ومحاولة فرض وتوسيع الانقسامات الداخلية وتحت شعارات كاذبة في ضمانات الحفاظ على حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني وغيرها.

لاجله فان المشكلة هنا هي مشكلة داخلية تستدعي وتيسر التدخلات الاجنبية وليس العكس .

تاسيسا على ماتقدم ذهبت العديد من الدول لاعتماد انظمة سياسية ودستورية تؤمن عبرها الولاء الوطني كشرط اساس لابد منه في تحقيق التنمية المستدامة وعبر اشكال للأنظمة السياسية تستجيب للحاجات الوطنية مثل الانظمة الفدرالية والتي بدورها ينبغي ان تحدد وتضمن قيام سلطة سياسية اتحادية مركزية تنجز العدالة الاجتماعية للاقاليم الوطنية وفق الدستور والمؤسسات التي تنبثق عنه مثل المحاكم الدستورية الاتحادية التي تشكل الناظم الاساسي في تحقيق العدالة , ولن يتحقق ذلك دون ان تكون هذه المحاكم والمؤسسات القضائية قائمة على اسس من المهنية المطلقة والاستقلالية وهي شروط اساسية لايمكن بدونها تحقيق الرضا والقناعات الذاتية بهيبة وعدالة هذه المؤسسات ووفق شروط وقواعد مهنية تشاركية .

وهنا نستعرض تجارب العديد من الامم كنماذج من ماليزيا مرورا بتجارب اسيوية وصولا الى الانظمة الغربية والامريكية وفق منهج مقارن للدراسة  مع ترجيح للتجربة الماليزية لاعتبارات موضوعية كتجربة اسيوية مشابهة لظروف المجتمعات العربية النامية دون ان نتجاهل تجربة الهند الفدرالية .

في ضوء ذلك تعرضنا لمشكلة التعاطي السلطوي مع القضية الكوردية في العراق التي مرت بمراحل مختلفة انتقلت في ظل النظام الجمهوري من دستور 1958 الذي اقر بالحالة العراقية وان العراق يتكون من العرب والكورد مرورا ببيان حزيران عام 1966 الذي سعى لتشكيل جمعية وطنية تشريعية يشارك فيها الكورد وصولا لتجربة الحكم الذاتي للكورد عام 1970 الذي نتج عن كفاح مسلح وحروب داخلية استهلكت قدرات العراق المادية والاجتماعية

والذي استغرق تطبيقه جزئيا خمس سنوات، وما شابه من تداخلات  اقليمية من دول الجوار وقوى دولية مثل الولايات المتحدة وايران  ،حيث أفضت التدخلات الخارجية بالشأن العراقي بشكل واسع النطاق حسمت باتفاقية 1975 التي افقدت العراق السيادة على نصف شط العرب لقاء التوقف عن التدخل بالشان العراقي شمال الوطن ، دون ان تنتج حلا شاملا بل مزيدا من التشرذم الداخلي والتدخل الخارجي الذي انفجر دفعة واحدة اثر حالة غزو الكويت واندلاع المشاكل الداخلية وما تبع ذلك من غياب سيطرة الحكومة المركزية على كامل منطقة الحكم الذاتي منذ عام 1991 ولغاية الاحتلال الامريكي عام 2003م حيث الذهاب الى صياغة دستور دائم لكنه يتضمن عناصر خلافية قائمة على المحاصصات التوافقية التي تثير الاختلاف في تفسير النصوص الدستورية بدلا من الذهاب الى الاقرار بالتحول نحو نظام الدولة المركبة التي تحدد صلاحيات الحكومة الاتحادية و حكومات الاقاليم ،وهو الدستور الذي اتت به سلطات الاحتلال والذي شهد اختلافات عديدة والتي ذهبت الى نحو اصدار العديد من القوانين وتسطير نصوص دستورية من جهة ثم يتم العمل خلافها  وعبر اجراءات سلطوية قسرية تفتقر للمصداقية وهو الامر الذي ادى الى التوسع افقيا في الشعور بالتمايزحتى بلغ الاوساط العربية المختلفة طائفيا بفعل سيادة منهج تغليب لغة الاغلبية الطائفية تحت مصطلح الاغلبية السياسية والذي استخدم خلاف محتواه الحقيقي بانه الاغلبية البرلمانية للحزب او الاحزاب الفائزة في الانتخابات ، ولكن وفق منهج شمولي سلطوي مذهبي بدلا من المصطلح السياسي وتسخير القضاء بتفسير النصوص الدستورية وفقا لمصالح وهيمنة الاحزاب الفرعية الولاء الجهوي اثنيا كما شهدته حالات عديدة الحياة السياسية في العراق منذ الاحتلال الامريكي ، الامر الذي يهدد دائما بانفراط عقد الدولة كونه قام على اسس نفعية فئوية استخدمت فيها القوة المسلحة  لفرض سيطرة السلطة ،الامر الذي هدد وما يزال يهدد بانفراط البلاد نتيجة التوظيف الاقليمي والدولي لهذه الاشكاليات وغياب المؤسسات الحاكمة  الضابطة لتفسير القانون والنصوص الدستورية التي تضمن تحقيق الولاء الوطني المشترك.

لأجل ذلك ذهبنا هنا الى مناقشة وتحليل التجربة العراقية لحل مشكلة تاريخية هي مشكلة التعدد في التكوين الاثني ومنها بخاصة القضية الكوردية  تمتد الى ماقبل تاسيس الدولة الحديثة 1921 وتتواصل معها حتى الوقت الحاضر  لنتوصل الى نتيجة حاسمة تتمثل في  الفشل في بناء نظام عراقي مدني موحد  حتى مع الاقرار دستوريا بصيغة الاتحاد الفدرالي ، ولكن من

5

الناحية الفعلية سادت سياسة انتهاك الحقوق الدستورية ومساعي انتهاك حقوق الكيان الدستوري للاقليم والشعور بعودة سياسة الاستبداد ودكتاتورية الطائفة عبر الاحزاب الممثلة لها القابضة على السلطة.

في ضوء ما تقدم ننتهي الى توصيات اساسية نجملها بالآتي:

1- اهمية التحول نحو شكل من اشكال الدولة المركبة (الاتحادية) بدلا من الدولة البسيطة وفق اسس مهنية وجغرافية واقتصادية وادارية تضمن فيها السيادة الوطنية بنصوص دستورية واضحة غير قابلة للتأويلات المتناقضة.

2- تأكيد تحقق نظام قضائي اتحادي مهني مستقل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.

3.ان يحقق الدستور تأسيس دولة مدنية تحقق العدالة والمساواة الاجتماعية بما يعزز مشاعر الولاء الوطني المسنودة بتنمية الموارد الاقتصادية والبشرية غير قابلة للتمييز على اسس الولاءات الفرعية.

4. ضمانات دستورية بتحقيق واحترام الحريات الاساسية للمواطنين كافة، واحترام الثقافات الفرعية ضمن الاحترام للثقافة والمصالح الوطنية المشتركة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى