صفحات من تأريخ الألعاب الأولمبية – الحلقة الثالثة عشرة
صفحات من تأريخ الألعاب الأولمبية
الحلقة الثالثة عشرة
الدورة الخامسة عشر … هلسنكي 1952
أ. د إسماعيل خليل إبراهيم
نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة
اقيمت الدورة الأولمبية الخامسة عشرة في هلسنكي عاصمة فنلندا في الفترة من 19 تموز حتى 4 أب 1952، وهي المدينة التي كان مقرراً لها استضافة أولمبياد عام 1940 بعد تنازل مدينة طوكية عن استضافتها . جرى حفل افتتاح الدورة في ( 19 تموز 1952 ) في ستاد هلسنكي الاولمبي الذي كان بسعة 70 ألف متفرج . دخل العداء الفنلندي الشهير ( بافو نورمي ) الفائز بالعديد من الأوسمة الأولمبية الملعب الأولمبي وهو يحمل الشعلة الأولمبية وسلمها إلى عداء فنلندي شهير أخر هو ( هانس كولهماينن ) الذي قام بإيقاد الشعلة الأولمبية في البرج الأولمبي الذي بلغ ارتفاعه ( 72.21 مترا ) وهي المسافة التي سجلها رامي الرمح الفنلندي ( ماتي جارفينين ) عندما فاز بذهبية دورة لوس أنجلوس 1932 .
شارك في الدورة ( 4825 ) رياضياً منهم ( 518 ) رياضية مثلوا ( 69 ) دولة في ( 17 لعبة ) هي: كرة السلة والملاكمة و المصارعة والدراجات و كرة الماء و الجمباز و التجذيف و الفروسية وألعاب القوى و اليخوت و السباحة و الغطس و الرماية و الخماسي الحديث و رفع الأثقال و المبارزة و كرة القدم و الهوكي على العشب .
شهدت دورة الألعاب الأولمبية في هلسنكي مشاركة الاتحاد السوفياتي للمرة الاولى وكانت اللجنة الاولمبية الدولية قد اعترفت في ( مايس 1951 ) باللجنة الاولمبية الوطنية لاتحاد الجمهوريات السوفياتية وحصلت ألمانيا على اعتراف اللجنة الأولمبية الدولية باسم جديد هو ألمانيا ( الاتحادية الفدرالية أو الغربية) وهو ما أدى لاحقا للاعتراف بألمانيا ( الديمقراطية أو الشرقية ) . وشاركت دول أخرى للمرة الأولى هي غانا و جزر الباهامس و غواتيمالا و هونغ كونغ و الكيان الصهيوني و اندونيسيا و نيجيريا و تايلاند و فيتنام الجنوبية .
بسبب الحرب الباردة التي كانت قد بدأت بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ومنعا للمشاحنات بين البعثات أنشأ المنظمون قريتين أولمبيتين ، حيث أقام السوفييت وأتباعهم في قرية ( أوتانييمي ) والأمريكيون في قرية ( كابيلاي ) . كانت هذه الدورة بداية المنافسة في الألعاب الأولمبية بين البلدين و النظامين .
نجوم الدورة : من بين أبرز نجوم الدورة ( فيكتور شوكارين ) بطل الجمباز في الاتحاد السوفيتي حيث فاز في أولمبياد هلسنكي بأربع ذهبيات في الفردي العام والفرق وحصان الحلق وحصان القفز . والعداء التشيكوسلوفاكي ( إميل زاتوبيك ) عداء المسافات الطويلة الذي فاز بثلاث ذهبيات في سباقات ( 5 آلاف متر، و10 آلاف متروالماراتون )، في إنجاز هو الوحيد من نوعه في التاريخ الأولمبي حتى الآن . وأيضاً العداء الامريكي ( هاريسون ديلارد ) الفائز بذهبية ( الـ110م حواجز، وسباق 4×100م ) إذ اعتبرفوزه بالذهب في سباقي الحواجز والجري العادي انجازا خارقاً .
ومن نجوم الدورة الملاكم الأمريكي فلويد باترسون الذي أصبح فيما بعد بطل العالم للوزن الثقيل، و والت ديفيس الذي حطم الرقم العالمي في القفز العالي. ولاعب الشيش الفرنسي كريستيان دوريولا. وبالنسبة للمشاركة العربية، فقد أحرز اللبناني زكريا شهاب فضي المصارعة الرومانية لوزن الديك ومواطنه خليل طه برونزية اللعبة ذاتها لوزن الوسط والمصري عبد العال راشد برونزية الرومانية لوزن الريشة.
في حين «قبضت» السوفياتية ماريا غوردخوفسكايا على مسابقات الجمباز فأحرزت ذهبيتين وخمس فضيات، وهو إنجاز غير مألوف حتى تاريخه.
ولفتت السوفياتية ألكسندرا شودينا الأنظار في تعدد مواهبها، وكانت حصيلتها فضية في الوثب الطويل ورمي الرمح، وبرونزية في الوثب العالي. وباتت الفارسة الدنماركية ليز هارتل المصابة بالشلل في ساقها أول امرأة تشارك مع الرجال في مسابقة واحدة، إذ نافست في مسابقة الترويض وحلت ثانية.
نوادر و طرائف : شارك الفرنسي ( بواتو ) في سباق 400 م حرة سباحة وكان الاميركي من جزر هاواي ( فورد كونو ) والسويدي ( بيراولاف اوستراند ) مرشحين فوق العادة للفوز بالسباق لكن الفرنسي هو من فاز بالسباق وحقق المفاجأة ( السعيدة ) لوالده الذي وعده والده بتزويجه من فتاة أحلامه إذا ما فاز في هلسنكي ومن شدة سروره قفز والده بكامل ثيابه في حوض السباحة لتهنئته .
اختير الأمريكي ( بيل هافينز ) ضمن منتخب بلاده الذي شارك في أولمبياد باريس 1924 في رياضة التجديف لكنه اضطر للبقاء في أمريكا مع زوجته التي كانت حاملاً بانتظار ولادة طفلهما الثالث ( فرانك ) الذي شارك بعد 28 عاماً في أولمبياد هلسنكي 1952 وفاز بذهبية الفردي لمسافة عشرة آلاف متر في التجديف .
أصيب الأمريكي ( والتر دينز ) بالشلل منذ ولادته وعاش 5 سنوات على كرسي متحرك لكنه استطاع أن يشفى ويمارس الوثب العالي ولا يكتفي بالفوز بالميدالية الذهبية بل ويحطم الرقمين العالمي و الأولمبي في القفز العالي بارتفاع 4 , 2 متر .
في سباق الخماسي الحديث كان السويدي ( لارسن ) يحتل المركز الثاني لكنه تأخر عن موعد مسابقة الرماية بسبب توقف ساعته ، وتعطل السيارة التي كانت تقله فاستقل سيارة أجرة و وصل متأخرا ( 20 ) دقيقة ولم ينقذه سوى صدفة غريبة فقد كان المسؤولون مشغولين في بحث احتجاج تقدم به لاعب منافس فلم يلحظوا تأخر لارسن الذي فاز في النهاية بالميدالية الذهبية .
اعتبر فوز الامريكي ( هاريسون ديلارد ) بذهبية ( الـ110م حواجز وسباق 4×100م ) ، انجازا خارقاً لم يتحقق سابقاً . وشهدت الدورة تحقيق جنوب افريقيا أول ذهبية للسباحة في سباق 100 م عن طريق ( جوان هاريسون ) . واستطاع المجري ( كارولي تاكاش ) أن يحقق ما لم يقوم بما لم يقم به أحد في مسابقة الرماية بالمسدس السريع فاستخدم يده اليسرى على الرغم من أنه يستخدم يده اليمنى وعلى الرغم من ذلك فاز بالميدالية الذهبية .
شاركت ( تشيكوسلوفاكيا ) ببعثة صغيرة لكنها حققت ما لم تحققه دول شاركت ببعثات كبيرة إذ حصلت على ( 4 ) ميداليات حيث فاز القاطرة البشرية ( أميل زاتوبيك ) بذهبية ( الـ5000 متر وعشرة آلاف متر والماراثون ) ، وفازت زوجته بالميدالية الذهبية في رمى الرمح .
فاز منتخب المجر لكرة القدم بالميدالية الذهبية بعد فوزه على يوغوسلافيا بهدفين نظيفين وأضاع النجم المجري ( بوشكاش ) ركلة جزاء تصدى لها الحارس اليوغوسلافي ( بيرا ) الذي كان راقص باليه قبل أن يتحول الى كرة القدم وعوض بوشكاش ركلة الجزاء الضائعة بتسجيل الهدف الأول في الدقيقة ( 70 ) وأضاف زميله ( تسيبور ) الهدف الثاني في الدقيقة ( 90 ) وكان بوشكاش قد سجل أسرع هدف في الدورات الأولمبية في مرمى السويد بعد( 21 ) ثانية من بداية المباراة .
ترتيب الميداليات :
تصدرت الولايات المتحدة جدول الميداليات برصيد (40 ميدالية ذهبية و19 فضية و17 ميدالية برونزية ) امام الاتحاد السوفياتي الذي حل ثانياً برصيد (22 ميدالية ذهبية و30 فضية و17برونزية ) والمجر ثالثة بـ (16 ذهبية و10 فضيات و16برونزية ) والسويد رابعة وحصلت على (12 ذهبية و13 فضية و10برونزيات ) وإيطاليا خامسة بـ (8 ذهبيات و9 فضيات و4 برونزيات ) .