لجنة الشباب و الرياضة

صفحات من تأريخ الألعاب الأولمبية

الحلقة السابعة

الدورة السادسة … برلين 1916

أ. د إسماعيل خليل إبراهيم

نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة

    خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1912 في ستوكهولم اختيرت برلين لتنظيم أولمبياد عام 1916 ، خصصت الحكومة الألمانية أموالًا هائلة من أجل إنهاء الاستعدادات ، وفي عام 1913 تم الانتهاء من بناء الملعب الأولمبي وإعداد رسومات الميداليات الخاصة بالفائزين . وعلى الرغم من اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914التي دخلتها ألمانيا واصلت برلين الاستعدادات لتنظيم الدورة لأن الجميع اعتقد أن الحرب سوف تستمر لفترة قصيرة لكن استمرار الحرب دفع اللجنة الأولمبية الدولية إلى إلغاء الدورة السادسة للألعاب الأولمبية . ( لم تجر الدورة السادسة إنما احتسبت عددياً ) .

الدورة السابعة … انتويرب 1920

بعد أسابيع قليلة من انتهاء الحرب العالمية عقدت اللجنة الأولمبية الدولية مؤتمرها السابع عشر في مدينة لوزان في سويسرا واتخذت في 5 نيسان 1919 قراراً باستئناف الألعاب الأولمبية وفقا للجدول الطبيعي واختيرت مدينة ( أنتويرب ) البلجيكية لاستضافة الدورة .

ورغم تداعيات الحرب كانت المفاجأة أن مدينة أنتويرب لم تكن الوحيدة التي تقدمت لاستضافة الأولمبياد بل نافستها ليون الفرنسية وأمستردام الهولندية وأتلانتا الإيطالية وفيلادلفيا الأميركية وهافانا الكوبية وبودابست عاصمة المجر . استبعدت بودابست بسبب تحالف إمبراطورية ( النمسا – المجر ) مع ألمانيا في الحرب ، ومنعت بلغاريا و تركيا والنمسا و المجر من المشاركة في الدورة بسبب تحالفها في الحرب مع ألمانيا . كان على بلجيكا التحضير في غضون عام فقط وقبلت التحدي وتم بناء استاد أولمبي توفرت به إمكانية اقامة لعبات كرة القدم وألعاب القوى والغطس وغيرها. وتم إنشاء لجان للتعامل مع الشؤون المالية والإقامة والعلاقات الصحفية والدعاية والجداول الزمنية والنقل والاحتفالات.

أقيمت الدورة السابعة ما بين ( 20 نيسان – 12 أيلول ) 1920 بمشاركة 29 دولة من القارات الخمس للمرة الثانية وهي : أستراليا و نيوزيلاندا من أوقيانيا ، والهند واليابان من آسيا ، جنوب أفريقيا و مصر من أفريقيا ، الأرجنتين ، البرازيل ، كندا، تشيلي، والولايات المتحدة من الأمريكتين ، الدنمارك ، إسبانيا ، استونيا ، فنلندا ، فرنسا ، اليونان ، إيطاليا ، لوكسمبورغ ، موناكو ، النروج ، هولندا ، البرتغال ، بريطانيا ، السويد ، سويسرا ، تشيكوسلوفاكيا ، يوغوسلافيا ، و بلجيكا من أوروبا . وشهدت الدورة المشاركة الأولى لإستونيا و البرازيل و موناكو و نيوزيلاندا ( كانت تشارك بفريق موحد مع أستراليا ) ، كما حلت دول مكان أخرى فحلت يوغوسلافيا مكان صربيا وتشيكوسلوفاكيا مكان بوهيميا .

احتوى برنامج الدورة على ( 22 ) لعبة هي : ألعاب الماء (سباحة ، غطس ، كرة الماء) ، القوس والنشاب ، الملاكمة ، ألعاب القوى ، الدراجات ، الفروسية ، المبارزة ، كرة القدم ، الجمباز ، الهوكي ، الخماسي الحديث ، البولو ، التجذيف ، الركبي ، الإبحار ، الرماية ، كرة المضرب ، شد الحبال ، رفع الأثقال و المصارعة . وبلغ عدد اللاعبين واللاعبات ( 2626 ) منهم ( 65 ) لاعبة .

شهدت هذه الدورة أمران ، الأول هو اعتماد العلم الأولمبي ذي القاعدة البيضاء وعليها خمس دوائر متداخلة تمثل القارات الخمس وترمز لوحدتها وتعود فكرته لكوبرتان الذي طرحها منذ العام 1910 واعتمدت رسمياً عام 1914 وتم رفعه في أنتويرب في حفل الافتتاح ، أما الأمر الآخر فهو القَسَم الأولمبي الذي ردده في حفل الافتتاح لاعب المبارزة البلجيكي ( فيكتور بوان ) نيابة عن الرياضيين أمام ملك بلجيكا و35 ألف متفرج تواجدوا في الملعب الأولمبي أما نص القسم فهو ( نقسم أننا سوف نشارك في الألعاب الأولمبية بروح الفروسية من أجل تشريف بلادنا و لأجل مجد الرياضة ) . ومن ضمن سمات الدورة إعتبار الألعاب الأولمبية رمزًا للسلام والتضامن العالمي فكانت الأولى التي تم فيها إطلاق الحمام الأبيض رمزاً للسلام .

أبرز أبطال الأولمبياد : حصل لاعب المبارزة الإيطالي ( نيدو نادي ) على خمس ميداليات ذهبية . كما توّج أخوه ( ألدو نادي ) بثلاث ذهبيات في الفرق وواحدة في الفردي . وفي  السباحة وبالرغم من مرور 8 أعوام على أولمبياد ستوكهولم فقد نجح السباح الأميركي القادم من هاواي  ( دوك كاهاناموكو ) في الحفاظ على لقبه في سباق ( الـ 100 متر ) ، وفاز مواطنه ( نورمان روس )  بسباقات ( الـ400م والـ1500م والبدل 4×200م سباحة حرة ) . واحرزت مواطنته ( إثيلدا بليبتري )   ألقاب سباقات ( 100م ، و300م ، 4×100م ) في السباحة الحرة محطمة الأرقام العالمية في السباقات الثلاث، علماً أنها أول بطلة سباحة أولمبية أميركية .

وبرز العداؤون الفنلنديون للمسافات الطويلة في هذه الدورة وكانوا من أبرز نجوم ألعاب القوى والأولمبياد عموماً وفي مقدمتهم العداء ( بافو نورمي ) الذي فاز بذهبية العشرة آلاف متر بفئتيها الفردي والفرق وبذهبية الثمانية آلاف مترفي اختراق الضاحية وحصد أيضاً فضية الخمسة آلاف متر ، وحصل في عموم مشاركاته الأولمبية على تسع ذهبيات وثلاث فضيات . وفاز مواطنه ( هانيس كوليماينن ) بمسابقة الماراتون بعد ثماني سنوات من تألقه في أولمبياد استوكهولم 1912، واصبح العداء ( ألبرت جورج هيل ) أول بريطاني جمع بين لقبي ( الـ800م والـ1500م ) . وفي سباقات السرعة خطف الأميركي ( شارلز بادوك ) ذهبية الـ 100 متر بتقنية جديدة ومميزة وقتها حين قام بقفزة بلغت أربعة أمتار تقريباً قبل عبور خط النهاية ، وفاز أيضاً بفضية الـ200م .

برز بشكل مميز خلال الدورة رامي القوس والنشاب البلجيكي ( هوبرت إينيس ) والذي يعد الأفضل والأكفأ فى تاريخ اللعبة، حيث إستطاع تحقيق أربع ذهبيات وفضيتين ، وجاءت ذهبياته الأربع في مسابقتين فرديتين عن مسافة ( 28م و33م ) ، وفي مسابقتين للفرق عن مسافة ( 33م و50 متراً ) ، أما فضياته فجاءت في الفردي عن مسافة 50 متراً ، وفي الفرق عن مسافة 28 متراً ، علما أنه حاز على ذهبيتين وفضية في دورة باريس العام 1900 ، وهو أكثر لاعب قوس ونشاب في التاريخ الأولمبي حصدا للميداليات . وأثارت الأميركية ( آيلن ريغن ) ابنة ( الـ14 عاماً ) إعجاب الجميع بأدائها وحصولها على ذهبية الغطس عن جدارة وأمست أصغر بطلة في اولمبياد 1920.

شهدت منافسات كرة القدم في دورة الألعاب السابعة ظهور لأول منتخب تم تكوينه فى تاريخ الكرة المصرية  وذلك بعد أن دعت اللجنة الأولمبية مصر أن تشارك فى أولمبياد أنتيويرب ، ليكون منتخب مصر أول فريق عربي وإفريقي يشارك في الدورات الأولمبية ، وخرج المنتخب المصري من الدور الأول بعد أن خسر مباراته أمام المنتخب الإيطالي بنتيجة ( 2-1 ) وأحرز ( حسن علوبة ) أول هدف فى تاريخ منتخب مصر فى هذه المباراة.. ولعب بعد ذلك المنتخب المصري ،مباراة أخري أمام منتخب يوغوسلافيا وإستطاع أن يفوز فيها بنتيجة ( 4-2 ) . كما شاركت مصر بمسابقة رفع الأثقال بلاعبها المهندس ( حامد سامى ) رباع الوزن المتوسط، لكنه لم يحقق أى نتيجة متقدمة تذكر .

نوادر وطرائف :

مسيرة خارقة : تعتبر ( سوزان لينغلين ) واحدة من أبرز لاعبات كرة المضرب تاريخياً إذ فازت بذهبية الفردي بخسارتها أربعة أشواط فقط ، وعززت ذهبيتها بأخرى بعد فوزها في الزوجي المختلط مع زميلها  ( ماكس ديكوغيس ) وببرونزية الزوجي مع ( إليزابيت دايين ) .

أكبر متوّج : ( أوسكار شوان ) هو أكبر رياضي أولمبي في التاريخ يحرز ميدالية إذ تمكن في أولمبياد أنتويرب 1920 من الفوز بفضية مسابقة الرمي عن عمر 72 عاما ً، علما أنه فاز بثلاث ذهبيات وبرونزيتين في الأولمبيادين السابقين 1908 و1912، بينها ذهبيتان وبرونزية في الأولمبياد الأول عن عمر 60 عاماً، وذهبية وبرونزية عن عمر 64 عاماً . وهو ما زال حتى الآن يتصدر قائمة الأبطال الأولمبيين الأكبر سناً .

شهد الأولمبياد إنخفاض عدد المتفرجين طوال الدورة بإستثناء منافسات كرة القدم  وذلك لعدم قدرة الكثير من الناس على شراء التذاكر مما أدى إلى خسائر مادية عديدة ، لذلك سُمح للطلاب بحضور المنافسات مجانًا. في الأيام الختامية للدورة . ومن ضمن الأحداث الغريبة إجراء أحد سباقات الإبحار بين بلجيكا وهولندا لتسجل هذه الدورة الحالة الوحيدة أولمبيا التي جرت فيها مسابقة في دولتين .

حدث إستثنائي : شهدت المباراة الختامية بكرة القدم بين بلجيكا و تشيكوسلوفاكيا حدث إستثنائي غريب وذلك بعد انسحاب الأخيرة ورفضها إستكمال المباراة في الدقيقة ( 40 ) احتجاجاً على الحكم الإنجليزي ( جون لويس ) الذي قام بطرد لاعب تشيكي وكانت بلجيكا متقدمة بهدفين لتكون أول حالة انسحاب كروي في تاريخ الأولمبياد .

ترتيب الميداليات : تصدرت الولايات المتحدة الأميركية ترتيب الميداليات بـ (41 ميدالية ذهبية و27 ميدالية فضية و27 برونزية ) تلتها السويد (19 ذهبية و18 فضية و24 برونزية ) ثم بريطانيا بـ (15 ذهبية و15 فضية و13 برونزية ) وفنلندا بـ (15 ذهبيةو10 فضية و9 برونزية ) وبلجيكا بـ (14 ذهبية و11فضية و 11 برونزية )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى