لجنة العلوم السياسية

رؤية للمستقبل العربي في ضوء تداعيات الحرب الاسرائيلية في غزة

بقلم أ.د هاني الياس خضر الحديثي

استاذ السياسة الخارجية والعلاقات الدولية

عضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات – لجنة العلم السياسية

استاذ السياسة الخارجية والعلاقات الدولية- عضو المعهد العالمي لتجديد الفكر العربي

بدءا وكمقدمة عامة لابد من القول ان استشعار المستقبل للعالم العربي وقضاياه الاساسية لابد ان يرتبط بمعرفة الجذور التاريخية لتلك القضايا وخلفياتها، وذلك لطبيعة الترابط والتفاعل بين الماضي واسسه، والحاضر ومعطياته.

ارتبطت القضية الفلسطينية بقضية العالم العربي بشكل عضوي وثيق لاعتبارات استراتيجية , ولذلك ظهرت استراتيجية الغرب لاعتبارات المصالح العالمية للغرب عبر مسالتين اساسيتين :

الاول مؤتمر بازل الذي حققته الحركة الصهيونية عام 1897

الثاني مؤتمر كامبل للفترة 1905-1907 الذي عقدته كبريات القوى الغربية بهدف التخطيط لتقويض مساعي النهضة العربية أنطلاقا من رؤيتها بان السماح لامة العرب بالنهوض سيهدد مصالح الغرب العالمية ..

نتج عما تقدم اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور أثر الحرب العالمية الاولى ليبدا العالم العربي يشهد تغيرات جوهرية افضت الى تقسيم العالم العربي بين القوى الغربية المهيمنة على مقدراته كاحد نتائج الحرب العالمية الاولى وانتصار الحلفاء فيها ، و تاسيس الكيان الاسرائيلي عام 1947م وبدء مرحلة الصراع العربي – الاسرائيلي المستمرة حتى الان .

منذ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وما ترتب عليها من نتائج ، وفي ظل التقسيم الذي فرضته قوى الغرب على العالم العربي وعقود مابعد الحرب العالمية الثانية  ،شهد العالم العربي انقساما بين معسكرين :

المعسكر الغربي المتمثل بالانظمة التقليدية المحافظة التي دعمت قوى الغرب انشائها والتي خلقت لتساير المصالح الغربية في المنطقة ، ومعسكر التيارات العربية الراديكالية القومية و اليسارية والتي انتجت انظمة وصفت بالتقدمية والعروبية والتي رفعت لواء استعادة العالم العربي لوحدته القومية وتحرير فلسطين من ربقة الاحتلال الاسرائيلي المسنود من الغرب .

لذلك شهد العالم العربي انقسامات وصراعات بين هذه الانظمة المدعومة من القوى الدولية الغربية والاشتراكية  ليتوزع العالم العربي بين معسكرين غربي مساند للكيان الاسرائيلي ، وشرقي مساند لحركات التحرر فيه ضمن مساعي الشرق ( الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية ) لمساندة حركات التحرر في العالم ضد نظام الاستعمار الغربي  والذي ادى لاسناد ظهور كتلة حركة عدم الانحياز كان للعرب عهد عبدالناصر دورا رائدا فيها ..

الاشكالية التي عانت منها القوى والتيارات الراديكالية ، والانظمة السياسية التي نتجت عنها كما هو الحال للتجربة الناصرية في مصر ، وتجارب البعث في سوريا والعراق، وكذلك الانظمة الموازية لها كما هو الحال في ليبيا واليمن والجزائر وغيرها ، انها شهدت ثغرات كبرى عصفت بجدرانها و أوهنت فاعليتها  ومن اهمها : انها انظمة شمولية تم فيها شخصنة السلطة و تسيدتها اجهزة المخابرات على حساب مأسسة النظام السياسي القائم على مدنية النظام واحترام الراي الاخر وتشييد الديمقراطية واحترام التنوع الثقافي والاثني  من، جانب .ودخول هذه الانظمة في صراعات حادة فيما بينها واعتمادها وسائل تشويه مقاصد الاخر واتهامه بالتواطىء اينما اتيحت الفرصة لذلك بدلا من توجيد الجهود القومية لتشكيل معسكر قومي تحرري تقدمي يستطيع مواجهة القوى التقليدية العربية المسنودة من الغرب .

ويبدو الاخطر مافي هذه الانظمة بسبب شخصنتها,  هو الصراع على موقع الزعامة للامة ، وهو الامر الذي اضاع على الامة العربية فرصتها ليس في التحرر من الاستعمار الغربي وذيوله حسب ، انما

افقدها فرصتها التاريخية في الولوج نحو وحدة الامة ووحدة نضالها في سبيل استعادة دورها وحقوقها القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية لتتحول ساحة الامة الى صراعات بين الزعماء وفتح جبهات التسقيط للاخر .

ماتقدم الى جانب الاستهداف لهذه الانظمة ومبادئها من قبل اعدائها من القوى الاجنبية  ، تحقق للقوى المعادية ( عربية واجنبية )   فتح ثغرات كبرى في كل من هذه الانظمة استطاعت القوى الخارجية وحلفائها ان تدخل لتبدأ عملية تقويضها عبر العديد من الممارسات المباشرة وغير المباشرة  التي استثمرت الاخطاء الكبرى التي رافقت العديد من سلوكها السياسي وقراراتها الفورية الخاطئة ، حتى تساقطت على رقعة الدومينو واحدة تلو الاخرى  بدءا من التجربة الناصرية مرورا بالعراق وسوريا و ليبيا واليمن وغيرها .

ان العمل العسكري الحربي الشامل الذي خاضته قوى الاطلسي بالتحالف مع اغلب الانظمة العربية التقليدية ضد العراق عام 1991 مستثمرين الخطأ الكارثي في قرار غزوه الكويت ،كان بداية النهاية لمعسكر القوى العربية المؤمنة حقا باستعادة الحق العربي في فلسطين حيث سرعان ماادى ذلك الى فتح الابواب نحو التطبيع من قبل الانظمة التقليدية مع الكيان الاسرائيلي عقد التسعينات  من جهة ، والتهيؤ لاسقاط من تبقى من الانظمة اثر غزو واحتلال العراق عام 2003م  وايضا عبر وسائل الغزو المباشر كما حصل مع ليبيا ، ثم الاحداث التي عصفت بسوريا واليمن وعدد من بلدان العالم العربي الاخرى تحت مسميات الربيع العربي والتي تخللتها تقديم المنح السخية لقوى الارهاب والعنف ، لتفعل الافاعيل في هدم اركان الدول العربية تحت مزاعم شتى وشعارات مزيفة من بينها شعارات الحرية  .

في خضم ماتقدم من اشكاليات وصراعات و تناقضات ، صارت القضية الفلسطينية واحدة من اكبر الضحايا لهذا النظام العربي المهلهل بالصراعات والتناقضات والحروب العربية – العربية، وهو الامر الذي دفع منظمة التحرير الفلسطينية لتكون ضمن الدول المطبعة مع الكيان الاسرائيلي على ماتبقى من فلسطين وضمن حدود السلطة الوطنية الفسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

لقد زاد من الامر تعقيدا الانقسام الوطني الفلسطيني بين منظمة التجرير الفسطينية وسلطتها الفلسطينية في الضفة من جهة ، وحركة حماس ذات الايديولوجية الاسلامية في غزة من جهة اخرى والتي وجدت نفسها شيئا فشيئا تخطو نحو التنسيق ثم التعاون ثم التحالف مع ايران القوة الاقليمية الكبرى والمستفيد الاول  من  سحق العراق ، وتحقيق البرنامج والطموح الاستراتيجي لها  للهيمنة على المشرق العربي كمرحلة اولى نحو الهيمنة على مجمل العالم الاسلامي .

لقد وجدت ايران في حركة حماس ضالتها الاساسية للاحلال محل النظام العربي الرسمي  اللاهث خلف التطبيع مع اسرائيل في الدعوة لاستعادة الشعب الفلسطيني حقه في فلسطين ، خاصة انها استمكنت من عموم المشرق العربي اثر احتلال العراق ودفعه ليكون تحت مناطق نفوذها الذي امتد ليشمل الى جانب لبنان كل من سوريا واليمن حيث تدمير اركان الدولة  فيها ،واشاعة العنف المذهبي والحروب الداخلية ، ذهب ضحيتها ملايين الناس بين قتيل ومهجر ونازح .بذات الوقت الذي وجدت فيها حماس الحليف الذي يمكنها من بناء قدرتها العسكرية في مواجهة الكيان الاسرائيلي .

الاشكالية في هذه العلاقات المتبادلة قامت على اساس الفهم( الخاطىء) للاخر أو محاولة توظيف الاخر لصالحها ولكن بعيدا عن المحيط العربي وعلى حسابه حيث تحولت ايران وأذرعها في المنطقة العربية الى السند المشاغل للكيان الاسرائيلي في حرب غزة ، وهو امر بحد ذاته يعكس التغافل الحمساوي عما فعلته ايران واذرعها في عموم بلدان المشرق العربي على حساب شعوبها ومصائرها .

أن هذا ينطلق ظاهرا من اختلاف الغايات لكل من الطرفين حيث تسعى حماس لمقاصد وطنية فلسطينية ولكن ضمن ايديولوجيتها الاسلامية الاخوانية وأن كانت  تجد في  فكرها الاسلامي مايمكنها من التلاقي فكريا مع منهج ايران المعلن عبر ولاية الفقيه ، في الوقت الذي وجدت ايران في حماس وسيلة تتخادم معها لتكريس نفوذها الاستراتيجي في الشرق الاوسط والعالم العربي دون ان تكون معنية حقا فيما تعلنه من استعدادها لحرب تحرير فلسطين والاقصى .

أيران اعلنت مرارا وعلى لسان كبار المسؤولين أن مشاكلها مع الولايات المتحدة والغرب يتركز في مسألتين اساسيتين ، اعتراف الولايات المتحدة لها بمناطق نفوذها في المنطقة ( العربية) ،وتطبيع الاتفاق بينهما على برنامجها النووي. وفي سبيل الوصول الى هذين المقصدين الاستراتيجيين وما  ينتج عنهما من رفع جميع القيود على سياستها الاقليمية كقوة اقليمية كبرى ، فانها تستخدم جميع الوسائل المتاحة للضغط باتجاه انجاز الهدفين باقل الخسائر الممكنة بالنسبة لها دون اكتراث بحجم الخسائر في الجانب الفلسطيني والعربي .

أن احجام ايران عن الرد الفعلي على اسرائيل و الذي زعمته في حادث اغتيال زعيم حماس اسماعيل هنية على اراضيها وهو بين احضانهم ، وتوكيل المهمة جزئيا لوكلائها في لبنان والعراق واليمن يعكس حقيقة الموقف الايراني حيث الامتناع عن مواجهة صفرية مع اسرائيل تعرف ايران مسبقا انها ستضع نفسها في حالة مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة وقوى الناتو وهو خيار الانتحار الذي ليست مستعدة له خاصة ان امامها تجربة العراق في قراره المواجهة مع معسكر الناتو وحلفائه في المنطقة العربية واسرائيل جملة واحدة عام 1991م.

تاسيسا على ماتقدم فان لايران فضلا عن اسرائيل دور القوى الاقليمية الكبرى المتنافسة على النفوذ في العالم العربي عامة والمشرق العربي خاصة ، وهي ادوار يمكن ان تجد تخادما بينها وتوافقات ضمنية ايضا ، وفي حال انجاز الكيان الاسرائيلي مهماته في غزة والضفة الغربية فأن توزيع مناطق النفوذ ستكون واضحة المعالم .

فيما يتعلق بقطاع غزة ودور حركة حماس في حربها اثر طوفان الاقصى منذ السابع من اكتوبر ، فان انتقال حماس من السقف الاعلى المفتوح لمقاصد عملياتها المعلنة  والمنضوية تحت شعار استعادة كامل حقوق الشعب العربي الفلسطيني على كامل فلسطين وهزيمة اسرائيل ، ألى الاكتفاء بمطالب الانسحاب الاسرائيلي من غزة وفتح المعابر لدخول المساعدات الانسانية واعادة الاعمار مع القبول مستقبلا بدور سياسي ، انما يعكس واقع النتائج لكل ماتقدم الاشارة له من مدخلات ( المقدمات تؤدي الى المخرجات ).

أن ماتقدم لايغفل النتائج الكبيرة التي تحققت في حرب تقترب في زمنها من سنة كاملة  منذ اندلاعها، وابرزها اهتزاز الثقة بقدرة اسرائيل على احتلال موقع القوة التي لاتقهر في حروبها مع العرب وضمن ذلك اهتزاز الثقة داخل اسرائيل بدليل هجرة مايقارب نصف مليون اسرائيلي ومغادرتهم لاسرائيل نحو بلدان الغرب وامريكا ، واستمرار اخلاء المستوطنات الاسرائيلية شمال وجنوب فلسطين ، والادانة القانونية دوليا بارتكاب اسرائيل جرائم الابادة الجماعية ولاول مرة في تاريخ الكيان عبر المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وان جاءت متاخرة ، وعودة القضية الفلسطينية لتتصدر جدول القضايا الاهم عالميا لدى الراي العام الدولي و الجمعية العامة للامم المتحدة ، وتصاعد اصوات العديد من انظمة  بلدان الغرب السياسية  للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة ضمن القانون الدولي وقرارات مجلس الامن الدولي وخاصة القرار 242 لعام 1967 وان تكون القدس الشرقية عاصمتها ،وهو خزين استراتيجي يمكن توظيفه لصالح فلسطين في جولات المفاوضات العربية مستقبلا مع بلدان العالم ومنظماته الدولية باعتبار فلسطين قضية العرب الاولى وهم المعنيين بها بالدرجة الاساس ان كانت الانظمة العربية صادقة وقادرة على التوظيف السياسي  حيث لا  استقرار للعالم العربي دون التوصل الى حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية بعيدا عن توظيف القضية لخدمة مصالح ومقاصد قوى اقليمية تتعارض اهدافها واستراتيجياتها كلا او جزءا مع الامن القومي ومصالح العرب الاستراتيجية .

لكن من الجانب الاخر فان المستقبل المنظور وبناءا على معطيات القوة والمصلحة على الارض ، فان المتوقع والخيارات الاقرب للواقع  تبدو لنا  ،في امكانية  الانفتاح واسع النطاق على التطبيع مع اسرائيل وتوسيع مداه سيكون جزء مهم من صفقة السلام المقبلة ومنذ اليوم الاول لوقف الحرب الاجرامية التي تنفذها اسرائيل في غزة والمتوقع توسيع نطاقها لتشمل اعادة تطبيع الوضع لاسرائيل في الضفة الغربية بما يمكننا  ان نتوقع معه نسف مشروع الدولتين وفق القرار 242 وفق القانون الدولي ، والذهاب بدلا من ذلك في افضل الاحوال  الى شكل من اشكال الحكم الذاتي للفسطينيين تحافظ خلاله اسرائيل على مكتسباتها في المستوطنات التي اكلت مايقارب من 70% من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وخلافا حتى لاتفاقيات أوسلو ، هذا في حالة احجام اسرائيل عن اجتياح كامل الضفة الغربية تبعا لطبيعة المتغيرات المحيطة والمؤثرة  .

هنا سنجد الادارة الامريكية الحالية او المستقبلية التي تاتي بعد الانتخابات بغض النظر عمن ياتي، هي الراعية لهذا الشكل انطلاقا من رؤيتها الاستراتيجية لعموم الشرق الاوسط والعالم العربي ، فالولايات المتحدة ومعها الحلفاء يهمها  امران استراتيجيان يشكلان عمودي السياسة الامريكية في الشرق الاوسط : الامن الاسرائيلي المبني على ماتقدم من اسس استراتيجية ، وعدم السماح لروسيا والصين من احتلال مناطق نفوذ حيوية .

أن مشروع الطريق الرابط بين الهند واسرائيل والمار عبر بلدان عربية خليجية ( الامارات و السعودية) عبورا للاردن نحو ميناء حيفا ثم العالم الغربي ، والذي يتكامل مع مشروع قناة بن غوريون الرابطة بين البحر الاحمر ومواني اسرائيل بموازاة قناة السويس ، انما هي تاتي في اطار المشروع الشرق اوسطي الجديد الذي يضمن للغرب واسرائيل لعب الدور الاساسي في التحكم بمستقبل العالم العربي ، والذي سيدفع ايران ايضا للتناغم مع هذا المشروع وتحقيق مصالحها المتخادمة معه مقابل التنصل ولو جزئيا  عن التزاماتها مع روسيا والصين بما يحقق عند اكتماله السيطرة للغرب والتحكم بافاق ومستقبل النظام الدولي برمته ، وهنا يمكن ان نجد دورا لايران في الضغط على تركيا لدخول ذات المسارات مقابل ضمان امنها ومصالحها شمال سوريا والعراق .

عدا ذلك فان كل شيء ممكن التفاهم والاتفاق عليه ، ضمنه توزيع العالم العربي الى مناطق نفوذ تشارك به كل من ايران واسرائيل واثيوبيا وتركيا وغيرهم .ويبقى الاهم لدى جميع هذه الاطراف هو بقاء بلدان العالم العربي بعيدة عن مشروع قومي عربي يحقق التكامل وصولا نحو الاتحاد العربي كمنظومة اقليمية مهمة جيواستراتيجيا و جيوسياسيا تتحكم في طرق التجارة العالمية والطاقة ،هنا تكون مخرجات مؤتمري  بازل  و كامبل انفة الذكر قد تحققت على ارض الواقع ولمديات مستقبلية طويلة الامد ( المقدمات التي تؤدي الى المخرجات).

تأسيسا على ماتقدم فأن العالم العربي صار محط التحول نحو وضع جديد لعبت فيه بعض الانظمة التقليدية دورا فاعلا في الوصول اليه بمعنى التطبيع مع اسرائيل مقابل تحقيق قدر من الحكم الذاتي لفلسطين تحت اطار دولة فلسطينية ناقصة السيادة تضمن فيها اسرائيل امنها القومي عبر صلاحياتها الواسعة في التدخل بشؤون السلطة الفلسطينية .

بعبارة اخرى فأن الانظمة العربية القائمة معنية بالبحث عن استراتيجية عمل عربي مشترك حفاظا على وجودها بالذات بعد ان ادت ماعليها من ادوار في خدمة استراتيجات ومقاصد الغرب ، وذلك انطلاقا من تحديات ستواجهها في المستقبل المنظور تهدد وحداتها السياسية المعرضة للانقسامات الداخلية تحت اسباب متعددة منها ماهو ديني وطائفي يهدد وحدة المنظومة الاجتماعية داخل كل بلد وفق النموذج العراقي والسوري واللبناني واليمني ، أو وفق الانقسامات القبلية والمناطقية كما تشهده ليبيا والسودان ومرشحة له بلدان المغرب العربي ، او تحت اطر الدعوة لتغيير انظمة العوائل القائمة الى انظمة مدنية تتمتع بتغييرات جوهرية في اشكال الانظمة السياسية تحاكي مايدعو له الغرب في دعم الحريات السياسية والتعددية السياسية عبر انظمة برلمانية  لبرالية ( العراق وليبيا  نموذجا ) .

من جانب اخر فان التصدي لها المشروع الاستراتيجي من قبل المنظمات والقوى العربية المعنية بالحفاظ على هوية العالم العربي ومصالحه الاستراتيجية وامنه القومي ، معنية بالعمل على وضع استراتيجية مستقبلية تقوم على :

1-السعي لصياغة نظرية عمل عربي تكاملية تذهب بالعالم العربي الى توظيف العوامل المشتركة نحو مشروع مستقبلي عربي  ياخذ بنظر الاعتبار طبيعة المتغيرات والفواعل انفة الذكر .

2-السعي الجاد للتواصل والتفاعل مع شعوب العالم العربي نحو يقضة الامة واستعادة الصحوة المغيبة عبر برامج تحترم الخصوصيات الثقافية والوطنية لشعوب بلدان العالم العربي ، والتخلي عن شمولية الافكار وشوفينية النظريات القومية وعموميات الايديولوجيات الاممية الاسلامية والماركسية التي تاكد تاثيراتها سلبا بسبب الصراعات الحزبية  على الشخصية العربية والامن القومي العربي ووحدة مجتمعات العالم العربي.

3-الانفتاح على العالم والتفاعل معه على اساس الاعتمادية المتبادلة للمصالح وفق رؤية جديدة للعلاقات العربية مع بلدان العالم  ووفق دوائر للتعامل تبدأ من الذات نحو دوائر بلدان الجوار وفق قاعدة الحكمة الصينية ( الجار القريب افضل من الاخ البعيد) .

4-أن تحقيق ماتقدم لن يتم دون اعادة ترتيب البيت العربي ليكون فاعلا في تحقيق التوازن مع بلدان العالم على اساس مايفرضه الواقع ، ومن الطبيعي ان يتم ذلك وفق رؤية تشارك في احداث التغيير في النظام الدولي نحو عالم متعدد الاقطاب بدلا من البقاء في محطة الانتظار لما تجلبه تفاعلات النظام الدولي من تاثيرات سلبا او ايجابا على موقع ساحة الانتظار .ان المصالح فوق المبادىء و الحكمة الصينية تقول  ( لايهم لون القط طالما يقوم باكل الفئران).

وفق ماتقدم نؤكد وحدة قضايا الامة والعالم العربي وترابطها وعدم جواز التفريط باي منها بعد ان اثبتت التجارب ان التخلي عن قضية منها سيقود الى التخلي عن قضايا اخرى وفق نظرية الدومينو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى