لجنة الشباب و الرياضة

ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم (الحلقة السادسة)

أ . د إسماعيل خليل إبراهيم

عضو لجنة الرياضة والشباب

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

البطولة الخامسة – سويسرا / 1954

في اليوم الذي أعلن فيه الاتحاد الدولي لكرة القدم اختيار البرازيل لتنظيم كأس العالم 1950 أعلن أيضاً عن استضافة سويسرا لبطولة عام 1954 إذ كانت الدولة الوحيدة التي أبدت استعدادها استضافة البطولة التي أقيمت من 16 / حزيران لغاية 4 / تموز . في هذه البطولة تم اعتماد نظام جديد تقسم فيه المنتخبات الستة عشر المتأهلة إلى أربع مجموعات يتأهل عن كل منها صاحبا المركزين الأول و الثاني إلى دور الثمانية .

انضم منتخبا مصر و تركيا إلى تصفيات أوربا ، تعادلت تركيا و أسبانيا في المباراة الفاصلة التي جرت في إيطاليا فتمت الإستعانة بطفل إيطالي لإجراء القرعة لتحديد المتأهل منهما للنهائيات فكانت تركيا . وواجه المنتخب المصري منتخب إيطاليا ذهاباً و إياباً ، فازت إيطاليا في القاهرة ( 2 – 1 ) وسجل هدف مصر لاعبها ( الديبة ) وفي مباراة الإياب فازت إيطاليا ( 5 – 1 ) وسجل هدف مصر لاعبها ( علاء الحامولي ) وترشحت إيطاليا إلى النهائيات ، بينما واصلت الأرجنتين عدم مشاركتها في البطولة و انسحبت بولندا و الإتحاد السوفيتي و تايوان و بيرو من التصفيات . بلغ عدد الدول التي شاركت في التصفيات خمس وأربعون دولة .

ترشحت لنهائيات البطولة منتخبات فرنسا و يوغسلافيا و المجر و ألمانيا الغربية – بعد رفع الحظر عنها – و اسكتلندا و النمسا و تشيكوسلوفاكيا و بلجيكا و انكلترا و إيطاليا و سويسرا و تركيا عن أوربا و المكسيك و البرازيل و الأرغواي عن أمريكا الجنوبية و كوريا الجنوبية عن اسيا ، وكانت مشاركة اسكتلندا و كوريا الجنوبية هي الأولى لهما علماً أن الأرغواي شاركت بصفتها الفائزة بالبطولة السابقة و سويسرا بصفتها المنظمة للبطولة .

إجريت قرعة توزيع المنتخبات على المجموعات على وفق نظام غريب لم يطبق سوى في هذه البطولة بحيث تضم كل مجموعة منتخبين من المصنفين و منتخبين من غير المصنفين – تحديد المصنفين الثمانية يتم عن طريق احتساب عدد النقاط التي جمعها كل منتخب من مشاركاته في النهائيات السابقة ونتائجه فيها – على أن لا يلتقي المنتخبان المصنفان في الدور الأول في مجموعتهما أي أن يلعب كل منتخب مباراتين فقط . كان هذا اقتراح جول ريميه الذي كان يريد أن تتأهل المنتخبات المصنفة إلى دور الثمانية لتكون البطولة أكثر إثارة . وفي حال تعادل منتخبين فإن المباراة تمتد لشوطين إضافيين ، وإن استمر التعادل تعتمد نتيجة المباراة . أما في حال تساوي منتخبان في عدد النقاط  في ختام دوري المجموعات فيتأهل المنتخب الأفضل تصنيفاً .

ترشحت ألمانيا الغربية إلى دور الثمانية بعد أن احتلت المركز الثاني في مجموعتها لتلاقي يوغسلافيا وتفوز عليها ( 2 – صفر ) وتتأهل للدور نصف النهائي وبذلك تجنبت ملاقاة منتخب البرازيل القوي ، أما منتخب المجر فحل أولاً في المجموعة ليلاقي البرازيل ويفوز عليها ( 4 – 2 ) في مباراة أطلق عليها ( معركة بيرن ) لقوتها و شراستها و العنف و العراك الذي رافقها وامتد إلى غرف ملابس اللاعبين ، وتم طرد لاعبين من البرازيل و لاعب من المجر .

شهد لقاء النمسا و سويسرا في دور الثمانية تقلبات غريبة في نتيجته حيث تقدمت سويسرا بثلاثة أهداف لكن النمسا قلبت تأخرها إلى فوز بسبعة أهداف مقابل خمسة أهداف لسويسرا لتكون أول مباراة في تأريخ البطولة يتقدم فيها منتخب بثلاثة أهداف ثم يخرج خاسراً ، كذلك هي المباراة الوحيدة التي يسجل فيها لاعب من كل منتخب ثلاثة أهداف وكانت عن طريق النمساوي ( فاغنر ) و السويسري ( هوغي ) .

جرت المباراة النهائية بين منتخبي المجر و ألمانيا الغربية على ملعب ( وانكدورف ) بمدينة بيرن يوم 4 / تموز بحضور أربعة وستون ألف متفرج وكان متوقعاً فوز المجر باللقب لمستوى منتخبها الممتاز الذي لم يخسر على مدار ( 31 ) مباراة سابقة إلى جانب أنه الفائز بالميدالية الذهبية في الدورة الأولمبية في هلسنكي عام 1952 ، كما إنها فازت على ألمانيا الغربية في دوري المجموعات ( 8 – 3 ) لكن ألمانيا الغربية قلبت جميع التوقعات وفازت ( 3 – 2 ) لتحرز اللقب للمرة الأولى في تأريخها . ويبدو أن مباراتي المجر ضد البرازيل وما رافقها من أحداث عنف ، ومباراتها أمام الأرغواي التي امتدت لوقت إضافي كان لهما تأثير على مستوى لاعبيها على العكس من منتخب ألمانيا الغربية الذي خاض مباراتي دور الثمانية والدور نصف النهائي أمام فريقان أقل قوة وفاز عليهما بشيء من السهولة وهما منتخبي يوغسلافيا و النمسا . قاد المباراة النهائية الحكم الانكليزي ( وليام لينغ ) . أحرزت النمسا المركز الثالث بعد فوزها على الأرغواي ( 3 – 1 ) ، وتم في البطولة تسجيل أعلى معدل للأهداف عبر تأريخها بلغ ( 38 , 5 ) هدفاً لكل مباراة .

شهدت البطولة ولأول مرة نقل مبارياتها على التلفزيون السويسري وكان كل منتخب يأخذ شريط مبارياته قبل عودته إلى بلده . ومن المواقف الغريبة و الطريفة أن لاعبي كوريا الجنوبية كانوا ينحنون أمام لاعبي المجر بعد كل هدف يسجل في مرماهم علماً أنهم خسروا المباراة بنتيجة ( 9 – صفر ) ، أما حكم المباراة الفرنسي فقال أنه كان يصعب عليه التفريق بين لاعبي كوريا لتشابه وجوههم . شاركت البرازيل للمرة الأولى بقميصها أصفر اللون لكنه لم يشفع لها للفوز بالبطولة .

ومن أشهر و أغرب و أطرف أحداث البطولة أن مدرب منتخب المانيا الغربية ( سيب هيربيرجر ) وبعد مباراتهم مع المجر في دوري المجموعات أرسل رسالة إلى صديقه ( أدولف داسلر ) الذي كان يملك معملاً للأحذية في ألمانيا إشتكى فيها من أن هطول الأمطار تسبب في كثرة انزلاق اللاعبين على أرض الملعب ولاحظ أن أحذية اللعب كانت منبسطة من الأسفل . قام ( أدولف ) بثقب الأحذية بستة ثقوب في قاعدتها ووضع في كل ثقب مسنار و صامولة وقام بتجربته بنفسه فأعجبته الفكرة فعرضها على شقيقه ( رودولف )  – وهو شريكه في معمل الأحذية – الذي قام بتجربة الحذاء في ساحة المنزل المليئة بالطين وكانت النتيجة مبهرة فصنعا ( 23 ) زوجاً من الأحذية وأرسلاها إلى المنتخب وخاض اللاعبون بها المباراة النهائية التي هطلت فيها الأمطار بعد أن سجل منتخب المجر هدفه الثاني لتنقلب المباراة لصالح الألمان الذين فازوا في النهاية ( 3 – 2 ) بعد تغلبهم على مشكلة الأرض الموحلة . ومن الجدير بالذكر هنا ان الشقيقين انفصلا فأسس ( أدولف داسلر ) شركة ( أديداس ) بينما أسس ( رودولف ) شركة ( بوما ) وهما من أكبر شركات الملابس الرياضية في العالم حتى يومنا هذا .

ومن الطريف أيضاً أن قائد منتخب ألمانيا الغربية ( فريتز فالتر ) كان على وشك أن يفقد حياته في أحد معسكرات الإعتقال قبل أن يخوض مباراة بكرة القدم مع فريق من الجنود السوفييت الذين أعجبوا بمستواه و موهبته فكانت تلك المباراة سبباً في إنقاذ حياته ليعود بعدها لقيادة منتخب بلاده ويفوز معه بكأس العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى