لجنة الشباب و الرياضة

ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم (الحلقة الخامسة)

 

أ . د إسماعيل خليل إبراهيم

عضو لجنة الرياضة والشباب

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

البطولة الرابعة – البرازيل / 1950

بعد توقف دام اثنا عشر عاماً بسبب الحرب العالمية الثانية قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم تعويض بطولتي 1942 و 1946 اللتان لم تقاما بسبب الحرب فقام بالبحث عن دولة تستضيف البطولة لكن لم تتقدم أي دولة أوربية لإستضافتها بسبب معاناتها من آثار الحرب إلى أن تقدمت البرازيل بطلب إستضافة البطولة عام 1950 فوافق الاتحاد الدولي .

بذل الاتحاد الدولي جهوداً كبيرة لاقناع دول أوربا للمشاركة فيها ومنها إيطاليا التي تم إقناعها بالمشاركة وتَحَمَلَ الاتحاد الدولي تكاليف سفر منتخبها وإقامته ، وكان الاتحاد الدولي قد قرر تأهل حامل اللقب إلى النهائيات دون خوض التصفيات علما أن إيطاليا كانت قد فازت ببطولتي 1934 و 1938 ، ولم تتمكن المانيا و اليابان من المشاركة لوجودهما تحت الاحتلال .

نظراً لتأهل إيطاليا لكونها الفائزة بالكأس الأخيرة و البرازيل بصفتها منظمة البطولة إلى النهائيات مباشرةً بقي أربعة عشر مقعداً خصصت سبعة منها لأوربا و ستة للأمريكتين و مقعد واحد لأسيا ، بينما رفضت بعض المنتخبات المشاركة كالمجر و تشيكوسلوفاكيا ، لكن انكلترا أعلنت أن منتخبها سيشارك في البطولة بعد أن عادت للإنظمام للاتحاد الدولي قبل أربعة أعوام من إقامة البطولة بعد عزلة اختيارية دامت سبعة عشر عاماً على أن تخوض التصفيات مع منتخبات الجزر البريطانية اسكتلندا و ويلز و ايرلندا الشمالية و حل منتخب انكلترا بالمركز الأول و اسكتلندا بالمركز الثاني الذي يرشحها للنهائيات أيضاً لكنها اختارت الانسحاب لعدم حلولها بالمركز الأول .

انسحبت الاكوادور و بيرو بعد إجراء قرعة التصفيات و انسحبت الارجنتين بسبب خلافها مع البرازيل فتأهلت منتخبات بارغواي و بوليفيا و تشيلي و ارغواي عن أمريكا الجنوبية تلقائياً . وفي أوربا انسحبت النمسا بحجة عدم الجاهزية ، و انسحبت بلجيكا من الجولة التأهيلية وأدى انسحابهما إلى تأهل سويسرا و تركيا دون خوض التصفيات ، لكن تركيا المتأهلة انسحبت أيضاً بسبب مشاكل مالية فقام الاتحاد الدولي باستدعاء البرتغال و فرنسا اللذان كانا قد أقصيا من التصفيات لملء الفراغ الناتج عن انسحاب تركيا و اسكتلندا لكن البرتغال رفضت بينما وافقت فرنسا . شاركت سوريا في التصفيات لكنها خسرت ذهاباً أمام تركيا بسبعة أهداف دون مقابل ولم تخض مباراة الاياب .

بعد سلسلة الانسحابات الطويلة ترشحت إلى النهائيات منتخبات سويسرا و يوغسلافيا و انكلترا و أسبانيا وإيطاليا و السويد و فرنسا عن أوربا ، و البرازيل و المكسيك و تشيلي و أمريكا و بارغواي و أرغواي و بوليفيا عن الأمريكتين ، و الهند عن أسيا التي يبدو ترشحها إلى النهائات عن قارة أسيا غريباً لكن الحقيقة إنها ترشحت دون أن تخوض أية مباراة في التصفيات بسبب انسحاب أندونيسيا و الفلبين و بورما ، وبذلك بلغ عدد الدول التي ترشحت للنهائيات خمس عشرة دولة .

أجريت قرعة تحديد المجموعات في ريو دي جانيرو يوم 22 / 5 / 1950 و وزعت المنتخبات الخمسة عشر على أربع مجموعات ضمت الثلاث الأولى أربعة منتخبات و ضمت الرابعة ثلاث منتخبات ، لكن وبعد إجراء القرعة انسحبت الهند بسبب تكاليف المشاركة من جهة و لعدم السماح للاعبيها اللعب حفاة فتقلص عدد منتخبات المجموعة الثالثة إلى ثلاث . ثم انسحبت فرنسا بسبب تكاليف السفر و تباعد المسافات بين الملاعب التي ستخوض عليها مبارياتها ، و لضيق الوقت لم تتم دعوة منتخبات بديلة عن الهند و فرنسا أو إعادة ترتيب المجموعات فبدأت البطولة بثلاثة عشر منتخباً و بقيت المجموعة الرابعة بمنتخبين اثنين فقط هما الارغواي و بوليفيا .

كانت أبرز مفاجأة البطولة خسارة انكلترا مهد كرة القدم أمام أمريكا بهدف دون مقابل ضمن المجموعة الثانية ولم تصدق صحف انكلترا الخبر ، ولم يشرك منتخب انكلترا نجمه ( ستانلي ماثيوز ) في تلك المباراة لاعتقادهم بسهولتها . بموجب نظام البطولة ترشح أبطال المجموعات للعب في مجموعة واحدة على أن يفوز بالبطولة المنتخب الذي يتصدر المجموعة ويحرز أكبر عدد من النقاط ويحتسب ترتيب بقية فرق المجموعة على وفق عدد نقاطها لذلك لم تكن هناك مباراة نهائية ولا مباراة لتحديد المركزين الثالث و الرابع ، وعلى وفق نتائج مباريات المجموعة أحرزت الارغواي كأس البطولة بعد أن جمعت خمس نقاط و حلت البرازيل ثانية بأربع نقاط و السويد ثالثة بنقطتين و أسبانيا رابعة بنقطة واحدة ، وهذه الطريقة لم تعتمد سوى في هذه البطولة ، وبذلك أحرزت الارغواي الكأس للمرة الثانية بعد بطولة عام 1930 . تم تحديد المراكز من الخامس إلى الثالث عشر على وفق عدد النقاط التي جمعتها المنتخبات في مباريات مجموعاتها فاحتلت يوغسلافيا المركز الخامس و بوليفيا المركز الثالث عشر .

جرت المباراة الأخيرة في المجموعة بين البرازيل و الأرغواي على ملعب ( ماراكانا ) الذي يعد أكبر ملعب في العالم بحضور مائتا ألف متفرج وهو رقم قياسي في عدد حضور مباراة في كأس العالم لغاية الأن . بعد خسارة البرازيل للمباراة الأخيرة أمام الأرغواي أَغلَقَت المطاعم و الحانات أبوابها في البرازيل وعرفت تلك المباراة فيما بعد باسم ( ماراكانازو ) وتعني ( ضربة ماراكانا العظيمة ) ، واعتُبِرَ اللون الأبيض الذي هو لون ملابس المنتخب البرازيلي نذير شؤم فقرر الاتحاد البرازيلي بعدها عدم ارتدائه نهائياً وتم استبداله بالقميص الأصفر و السروال الأزرق وما زال معتمداً لغاية الأن .

بعد الإنتقادات الكثيرة التي تعرض لها حارس مرمى البرازيل ( باريوسا ) والتي حَمَلَته مسؤولية الهدف الثاني قرر حبس نفسه في منزله حتى توفي بعد خمسين عاماً . كذلك كان الظهير الأيسر البرازيلي ( بيفودي ) هدفاً للصحافة بعد أن راوغه لاعب الأرغواي ( غيغيا ) مرتين قبل أن يسجل هدف الفوز للأرغواي ، وقال ( فكرت في الإنتحار ، كان هذا الخيار الأنسب لي ثم قلت في نفسي حتى في مماتي فإن الناس ستبقى تكرهني إلى الأبد ) . أما لاعب منتخب الأرغواي ( غيغيا ) الذي سجل هدف الفوز على البرازيل فقال بعد المباراة ( سددت الكرة مباشرةً ومرت إلى الشباك من جانب القائم ، لاحظت أن الصمت قد أطبق على المكان ، و أضاف ، ثلاثة رجال نجحوا في إسكات ماراكانا ، فرانك سيناترا المغني الأمريكي الشهير و أنا و البابا يوحنا بولس الثاني ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى